الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي الصيني وخط الجماهير

ابو منصور حرب

2019 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


-1-

" الشعب هو حائطنا البرونزي " ماوتسي تونغ

تعتبر الثورة الصينية من أعظم الثورات التي عرفها تاريخ البشرية ، لقد استطاعت هذه الثورة بقيادة الحزب الشيوعي أن تشق شرخا وسط الرأسمالية المحتضرة بعد أن أنارت ثورة أكتوبر 1917 المجيدة بروسيا الطريق لكل شعوب العالم وفي مقدمتها الطبقة العاملة من أجل النهوض وقبر الاستغلال الرأسمالي وافتكاك السلطة من يد بقايا الاقطاع و البرجوازية وبناء الاشتراكية وتوطيدها .
لقد تميزت الثورة الصينية بمجموعة من الخصائص ، ميزتها عن باقي الثورات التي قادها الشيوعيون ـ ات في باقي ارجاء العالم ، من حيث شكل تنظيم الجماهير وشكل الاستيلاء على السلطة و القوى الرئيسية التي اعتمدت عليها من أجل بلوغ أهدافها ، سوف نحاول في هذا العمل الاجابة على السؤال التالي : كيف استطاع الحزب الشيوعي الصيني ان يبسط هيمنته السياسية على ما يقارب 400 مليون شخص ويستنهضهم للقيام بالثورة ؟ وبعبارة اخرى كيف استطاع الحزب عبر مسيرته الطويلة أن يبني خطه الجماهيري ويبقى محافظا على صلاته مع الجماهير ؟

أ‌- الاعلان عن تأسيس الحزب الشيوعي الصيني : الى من سنتوجه ؟

في ماي 1921 تأسس الحزب الشيوعي الصيني ( مؤتمر تأسيسي حضره 12 مؤتمر) ووضع على عاتقه تعبئة الطبقة العاملة من أجل توعيتها بمهامها على نهج طريق ثورة أكتوبر ، إن أولى المهام التي وضعها الحزب على جدول أعماله هو تأسيس العمل النقابي (حيث تشكلت أول نقابة عمالية في خونان) واجراء تحقيقات حول وضعية العمال-ات رغم ضعف تعداد الطبقة العاملة بالصين أنذاك ( حوالي 2 م من أصل 400 م نسمة ) وكان الحزب يخترق العمل النقابي بخلقه خلايا حزبية داخل المعامل و المناجم، مهمتها تعبئة العمال للالتحاق بالحزب ، وقد توج الحزب عمله النقابي بتأسيس الفيدرالية العمالية للصين سنة 1922 ، كانت بمثابة مركزية نقابية نتاج اندماج 20 نقابة من مختلف البلاد، وقد عاد هذا العمل على الحزب بانتقال عدد أعضاءه ما بين سنتي 1924 و 1927 من 500 عضو الى 58000 عضو .
لقد ولد الحزب الشيوعي الصيني وهو يعاني من ضبابية هدفه الاستراتيجي، فقد كان قادة الحزب يعتبرون أن الطريق الذي ستسلكه الثورة الصينية هو الطريق نفسه الذي سلكته ثورة أكتوبر بروسيا ، أي العمل باستراتيجية الانتفاضة المسلحة في المدن الكبرى ، وكانت هذه النقطة تعتبر نقطة خلاف بين شن دو كسيو الامين العام للحزب وماوتسي تونغ الذي كان يولي اهتمام كبير بحركة الفلاحين ، حيث نادى ماو بالتوجه نحو الفلاحين وجلبهم للثورة و التركيز عليهم باعتبارهم القوة الرئيسية للثورة (80% من التشكيلة الاجتماعية في الصين ) و الاهتمام بالمسألة الزراعية لما لها من أهمية في تعبئة وتأطير الجماهير الفلاحية التي تعاني من بطش النبلاء الاقطاعين وملاكي الاراضي . لقد سافر ماوتسي تونغ لمدة 32 يوما وجمع معطيات عن تمرد الفلاحين في خونان وقد ضمن خلاصاته حول هذه الحركة في دراسة مهمة " تقرير عن تحقيقات في حركة الفلاحين في خونان " حيث إعتبر ماو أنه " بدون الفلاحين الفقراء ، لن تكون هناك ثورة ،ونفي دور الفلاحين هو نفي للثورة " وقدمها للحزب كرد على الانتقادات التي كانت توجه لتمرد الفلاحين في الارياف الصينية ، غير أن هذا التقرير لم يلقى أذانا صاغية وعادت وجهة النظر اليسراوية التي تعتبر أن الطبقة العاملة ولوحدها قادرة على حسم الصراع في الصين ،على الحزب بالقمع وشن حملات تطهير في صفوفه وإعدام قادة النقابات و العمال وكوادر الحزب من طرف الحزب الوطني للكيومنتانغ الذي كان يعبر عن مصالح البرجوازية الصينية الكبيرة ، لقد كان ح ش ص معزولا عن أكبر قوة رئيسية في البلاد مما جعله مقوقعا في المدن بدون سند جماهيري حيث أجبر على العمل السري .
رغم الانتقادات التي كانت توجه لماو حول المسألة واصل هذا الاخير عمله مع الفلاحين معتبرا الريف قلب الحركة الثورية الصينية حيث هاجر مع مجموعة من قادة الحزب نحو الارياف وهبوا يعبؤون الفلاحين ، حيث تم انشاء اتحادات للفلاحين ـ ات وأسس أول فرع حزبي فلاحي سنة 1925 لقد استطاع الحزب بناء سلطة مستقلة للفلاحين عبر خلق الاتحادات الفلاحية، بحيث تم انشاء تعاونيات للاستهلاك المشترك وشبكات جديدة لتوزيع المنتوجات بين القرى وانشؤوا الطرق وأقاموا القناطر ووضعوا برامج التربية الشعبية وفي فترة وجيزة اختفت كل اعمال القمار و الدعارة و قطع الطرق واستهلاك الافيون من المناطق التي كانت تسيطر عليها الاتحادات الفلاحية وبدأت تبرز البذور الاولى للاشتراكية .
أ‌- الحزب يبتكر شكلا جديدا لتنظيم الجماهير

بعد المذابح التي راح ضحيتها الالاف من الثوريين و العمال في المدن والتي نظمها الجيش الوطني التابع للكيومنتانغ بدعم من الامبريالية الامريكية وأمراء الحرب الشمالين وجيش النبلاء الاقطاعيين الذين تم مصادرة أراضيهم من طرف سلطة الفلاحين ، حيث تم ابادة حوالي 80% من الحزب الشيوعي نظرا للاخطاء القاتلة التي ارتكبها بالمدن ( تنظيم عصيان مسلح في كانتون ...) لجأ من تبقى من الحزب نحو جبال تسينغكانغ ، لقد فرضت الظروف الموضوعية الجديدة على الحزب التراجع نحو الارياف مرغما تحت ضربات جيش الحكومة الوطنية بزعامة الكيومنتانغ ، وتحت هذه الظروف دعى الحزب بقيادة ماو الى تأسيس جيش مكون من العمال و الفلاحين مهمته اطلاق الكفاح المسلح ضد حملات التطويق و الابادة التي يتعرض لها ، لقد حافظ الحزب على صلاته بالجماهير في المدن عبر اللجان السرية قرب المعامل و في المناجم ، أما بالارياف فقد شكل الجيش الاحمر الشكل الرئيسي لتنظيم الملايين من الفلاحين و العمال و المثقفين .
فقد اعتبر ماو أن الجيش الاحمر الصيني هو منظمة مسلحة مكلفة بنفيذ المهمات السياسية للثورة ، حيث لا يقتصر دوره في خوض عمليات القتال و فقط ، بل يتولى أيضا مهمة الدعاية وسط الجماهير وتنظيمها ،وبناء السلطة الثورية وخلق منظمات الحزب الشيوعي وسط القرى و المداشر. وبهذه الفلسفة التنظيمية الجديدة خلق جيش مقاتل من العمال و الفلاحين لم يجد في التاريخ مثله ، فقد كان يقوم بمهمة تعليم الجماهير الكتابة و القراءة عن طريق المسرح و نشر الفنون وشرح دستور الجمهورية السوفياتية الصينية ، وكان من بين الكلمات الاولى التي يتم تعليمها للفلاحين هي كلمة : لنقضي على التوهاو - أي النبلاء الاقطاعيين ، ولنقتسم الارض . وفي المناطق المحررة التي خلقها الجيش الاحمر تم تطوير البرامج التعليمية حيث تم تلقين الاطفال و الفلاحين الاميين و الجنود دروسا في الصراع الطبقي بشكل بسيط حيث كان أول درس يعلم للاطفال في المدراس هو : " ما هو العلم الاحمر ؟ العلم الاحمر يرمز الى الجيش الاحمر ؟ ومن هو الجيش الاحمر ؟ الجيش الاحمر هو جيش الفقراء جيش الثورة الصينية...
يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة