الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأريخ وعاطفة المنبر

محمد الأحمد

2019 / 5 / 18
الادب والفن


تقول؛ جدتي وهي تعلم الفتيات، إذ تشرح لهنَّ الدرس الشيّق، بمحبة.. كاشفة عن تلك المسافة القريبة ما بين الحكاية التي فيها سمّاً، أو درساً.
يومها كانت تقول كنا نقرأ في الكتب التي فيها المعلومة المتسلسلة، وكلما كانت متواصلة بلا اي حلقة مفقودة، لأن الحلقات المفقودة سكن تفاصيلها الشيطان، وأننا لا نسمع من الذين لا يعرفون القراءة، يوم كان المنبر متواصلا مع المكتبة، ووينتفع منه بالسمع من لا يعرف القراءة، ولانه رافداً دقيقا للمعلومات.
واليوم بقيت تقول: بينما تستمع الى محاضرة منبرية، ستجدها، دون استناد علمي، خصوصا تلك التي تتحدث عن التوثيق العربي. دائما الكلام، في التوثيق يشوبه الحس العاطفي، أكثر من الحس العقلي، وما بين العاطفة، بمسافة القلب/القمر عن العقل/الأرض..
"كلنا نحب القمر، والقمر بيحب مين".
حيث ذكر "ابن عساكر" في كتابه الرائع تاريخ مدينة دمشق في خبر "هشام بن مروان"، ان الرجل ان اراد إرسال كتاب ما كان عليه ان يرسل معه من يشرحه. وإن ذلك كان في عام ١٢٠هجرية.. إذ تبين لنا )، سنة وضع النقطة على الحرف العربي. وكل من ذكر في عام (٤٠ هجرية لم يكن صحيحا حيث تلك الفجوة التاريخية العميقة، بقيت تغرقنا في يمّ الخطأ الفادح، وإلا كيف لم يصلنا تدوينا من تلك الفترة، الأخطاء هي الخانة التي تزيد في توتر قضايانا. لان من تعامل بعاطفة ذكر "ابو الأسود الدولي" بينما كان الرجل معاصراً للخلافة العباسية، وهو المتهم زورا بوضع النقطة على الحرف العربي.
الحرف ذاته لم يكن عربيا حتى وان استخدمه العرب أهل الحجاز، إذ بقيت العرب حتى القرن الأول للهجرة، تحرم الكتابة، ولذلك لم يصلنا منهم اي تدوين، ولم يقع بين ايدينا الي مخطوط للرسول (ص)، والجزم بلم يصلنا منهم حتى القرآن الكريم، بإستثناء ان تلك الفترة كانت هناك نسخ خاصة بالمحفظين، تلك كانت مخطوطات في عهد عثمان تم حرقها، لانها لم تتطابق مع بعضها البعض، المشكلة ان العرب كانت أمة تنقل أخبارها شفاهيا، ولم تعرف الكاتبة قط.
فالتعليم العربي هو أن يجلس شيخا حافظا مع الاولاد لينقل لهم اخبار أجدادهم، وتلك هي العنعنة..
جدتي جادة في شرحها؛ بقيت تقول لمن لم يعلم..
ثمة محاولات قام بها الحجاج في العراق، لفرض نسخة شفوية من القرآن
التاريخ الصحيح انه في عام ١٢٠ هجرية في عهد "هشام بن عبد الملك الأموي". ضاع الذي أتى بعدها، اذ اختفت المخطوطات الرئيسة، غير مدونة في المناهج الدراسية، باتت من الخيال وليس عليها دليل مادي. تعود اغلبها الي الثقافة الشفاهية، وتداخل فيها السهو، والنسيان، والطمس، والتدليس، وغير تابعة للتمحيص، تخرج من شفاه المتكلم.. كأنها من رأس عالم. تلك الشفاهية المنبرية لم تذكر رقم الصفحة، لانها وفق الاهواء، لا تعتمد دون ثبات علمي، بخار إلى الهواء، مادة غير راسخة، لم تعتمد التوثيق... بدليل عدم وجود أي مخطوط عربي يعود إلى تلك الفترة، وإن سنة التدوين ١٢٠ هجرية ذكرتها مقدمة سيرة بن هشام. عن البكاء، بالأصل عن ابن إسحق المعاصر للعباسيين، وهكذا تمّ الأمر، وهذا ما تؤكده جدتي من منبرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير