الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظهيرة 1984.

يس الضاحي

2019 / 5 / 18
الادب والفن


ظهيرة 1984.

تجلس بتململ على بساط ملون من منسوجات الريف العراقي فوق الارض بينما تعد احداهن الشاي على وقع ضجيج الصغار و اناشيد الحرب من فوهة الراديو،
:ام عباس تعالي لي جاي تحت الطرمة خاف تقصف المدفعية الايرانية هسه، خيه.
تزحزح عجزها الصغير الملفوف بعباءة سوداء كراس باذنجانة ذابلة ،اي .. صار
تعدل نظارتها العملاقة بإطار أسود ، تتراصف مع ام جواد التي كانت تعبث بضفائرها البرتقالية اللون نتيجة الحنا والشيب،
:قلنالك تعاي يمنا يا ام عباس بحديتج وليل وحشه و قصف مايرحم
تبتعد عن كلماتهن كسلحفاه وهي تلملم عباءتها و تعدل من تهدل نظارتها ،تعلك هيل أخرجته من جزدان بلاستيكي قديم
:الدجاجات يمه ، الدجاجات امس خطية مانامن من الخوف ماعوفهن بحدهن يمه، بس هن الباقيات لي.
يضحكن النسوة بحزن مبطن يدور حديث عن اخر هجوم في شرق البصرة وعن ام عدنان الذي اعاد لها الوطن ابنها الشهيد تجميع تبين ان اطرافه الاربعه تعود كل واحدة لجندي من جهات العراق،تفترض احداهن سيناريو ان تكون احدى او كل الاطراف لجندي ايراني، :يقولوا الزلم بالحرب تصير الارض الحرام خلاط فواكة مونلكس من اوصال الجنود، تغمزها الأكبر سنا بينهن ام عبيد أن تصمت فتفعل احتراما لمشاعر جارتهم ام الشهيد .
يغيرن الحديث ولكنه لا يبتعد كثيرا عن ما يجري ، دائما الاحاديث في وقت الحرب كاكية اللون ومرقطة كملابس القوات الخاصة العراقية ،ينتقدن الملايه التي لم تبكيهن بحراره رغم انها استلمت عشرة دنانير عن ثلاثة ايام العزاء
: الملايات يتعززن شغلهن ما يخلص صارن احوال من الفواتح، اي اكيد يندعون ليل نهار متخلص الخرب خية.
منذو ثلاث والحرب انتقلت الى قصف ممنهج للمدن بعد ان توقف كلا الطرفين في مواضعهما في الجبهات الامامية
:انا اليوم طابخه باميا الديرة ،ام جاسم بلكي توديلي فص ثوم
:اي صار، من عيوني ، زعمك اليوم سمعت راح يذيع مقداد عبد الرضا بيان عسكري، وليداتي اثنيوين ما سمعنا عنهم شي من شهر يكولون بالحواجب الامامية ، قالت ام جاسم بينما تبتسم احداهن وتصحح :خية الحجابات مو الحواجب ، الحجبات مو مال الشعر خية خاف سمعتيها غلط
ينسبن كابلام عشارية في الاحاديث اليومية ثم
يركد ماء الوقت فجاءة بسكون ممزوج بصوت الفاخت في اعالي النخيل، تنتصف الظهيرة
بعودة الأولاد من المدرسة
:ها ام عباس وين، اتغدي يمنا
:يما اروح اشوف الدجيجات خاف ماعدهن ميه
الجو مشبع بالكسل والرتابة تعود كل واحدة لبيتها بهدوء
تتثائب ام عباس وعي تقلب طعامها في قدر صغير موضوع على مدفئة علاء الدين النفطية
صوت صاعق مضخم الف مرة ترتج له النوافذ والجدران
يهرع الجميع وهم يلهثون الى مصدرة يتبعون خيط الدخان
:ها وين طاحت القذيفه
:بغرفة الطين مالت المكروده ام عباس
ابو حمود النجار يخرج من الدخان عيونه جاحظة يتعثر وينحب بحرقة
تتلقاه الوجوه بهلع وصفرة يحمل بكفيه راس ام عباس الدامي بنظارتها العملاقة السميكة وقد التصقت بوجهها بلا عدسات يتعالى صراخ النساء بينما يلطمن خدودهن بالم ،تفر الدجاجات الى الشارع يجري وراءها الاولاد بفرح غامر.

يس الضاحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا