الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غبار الاحتلال العربي (1)

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)

2019 / 5 / 19
المجتمع المدني


في هذا الموضوع سنلتقي في عدة مقالات نلقي فيها نظرة من مسقطٍ رأسيّ على المجتمع العربي ‏من منظور سيكولوجي. فيدور هذا المسقط حول الفوارق الاجتماعية والسيكولوجية بين كلا الشعبين المصري والعربي، وما إذا كان النسيج الذهني ‏لكلاهما مختلف وراثياً (جينياً) عن الآخر ما يؤدي لاختلاف طريقة التفكير والإبداع، حيث نجد الشعب العربي جميع إبداعاته أدبية ‏شعرية، بينما السيرة الذاتية للشعب المصري على مدار خمسة آلاف عام تحفل فقط بإبداعات علمية عملية تطبيقية.. مع قصورٍ ‏واضح في الجانب الأدبي إذا ما قورن بالشعر العربي.. فهل بإمكان الشعب المصري أن يفكر بطريقة أدبية؟ وهل بإمكان العرب أن يفكروا بطريقة علمية؟ ...
‏ ‏
فيما قبل منتصف القرن الماضي لم تكن صفة العروبة تطلق على شعوب مصر وبلاد الشام والعراق وبلاد المغرب, التي أطلق عليها ‏‏"بلاد المغرب العربي" لأول مرة عام 1947م.. أما قبل ذلك التاريخ فكانت مسلمة فقط مع احتفاظها بقومياتها الخاصة، ولم تسري ‏عليها قومية العرب، حيث بدأت في خمسينات القرن الماضي صيحة عبد الناصر بالقومية العروبية. والواقع أن العرب الحقيقيين هم أبناء ‏الجزيرة العربية من نسل العرب المستعربة والعاربة (قبائل عرب قحطان) وغيرهم من القبائل والأنساب والسلالات العربية الأخرى، أما ‏أجداد العرب الأوائل فهم العرب البائدة، وقد محق الله بهم الأرض ولهذا سُموا بالعرب البائدة لأنهم أبيدوا عن بكرة أبيهم مثل قوم عاد ‏وثمود وجديس وطسم، فأما جديس وطسم فقد قتلوا بعضهم بعضاً حتى هلكوا جميعاً.. وأما عادُ فاستكبروا في الأرض وقالوا من أشد منّا ‏قوة، وأما ثمود فاستحبوا العمى على الهدى، فأخذهم الله جل وعلا وأهلكهم جميعاً، فقال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4)‏‎ ‎فَأَمَّا ثَمُودُ ‏فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ‎ (5) ‎وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ‎ (6) ‎سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ ‏كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ‎ (7) ‎فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ‎ (8)‎‏/الحاقة: وثمود هم قوم صالح، وعاد هم قوم هود. هذه هي أصول الفصيلة ‏العربية من جذرها، أما العرب الموجودة الآن فهم فروع من السلالة العربية.‏
وفي مقابل العرب البائدة هؤلاء نجد أصول المصريين الفراعنة، فالمصريون لهم أصول مصرية فرعونية مختلفة تماماً عن السلالة العربية ‏بفروعها البائدة والباقية، جميع الأصول المصرية سكنت أراضي مصر على طول امتداد وادي النيل ودلتاه، وقد رحل الفراعنة جيلاً وراء ‏الآخر وتركوا حضارة عظيمة، تركوا خيراً كثيراً لأحفادهم. أما العرب البائدة فقد تركوا لأحفادهم آثار الدمار الإلهي.‏‎ ‎‏ مقابل أهرامات ‏الفراعنة المصريين.. فمنطقة شبه صحراء الجزيرة العربية منذ قديم الزمان وهي مليئة بالكائنات البرية، وتمت الإبادة الإلهية فيها مراتٍ ‏عديدة.‏
فكل شعب من الشعوب له قومية تحتفظ بخصوصيته. والقومية كمفهوم شامل لجوانب كثيرة من حياة الشعب، وهي تبدأ بالجغرافيا ‏والحضارة الضاربة في عمق التاريخ وترابط السلالة العرقية لهذا الشعب بروابط اجتماعية وثقافية متينة لا تقف عند حدود اللغة والدين، ‏فالقومية هي (أرض وشعب وحضارة وتاريخ وجغرافيا وثقافة). وقد أرتبك سياق التاريخ عندما ظهرت فكرة القومية العروبية كأيديولوجية ‏سياسية تجمع أوطان غير عربية, تختلف حضاراتها وعاداتها وأعراقها وتاريخها, فأبنائها من أصول مصرية فرعونية وشامية وأمازيغية وأشورية ‏بابلية وفينيقية..إلخ.. وإن كانوا يتحدثون العربية ويدينون بالإسلام إلا أنهم ليسو عرب، بل مختلفون جذرياً عن العرب.. لأن العرب ‏شعوب صحراوية تدمن السادية والسيادة والتسلط، وهي تختلف عن شعوب الحضارات المدنية التي تستوطن أودية الأنهار وتُدمن العمل ‏والبناء والإنتاج، وتعمر المدن، مثل شعوب نهري دجلة والفرات والنيل وبردي ويانغتسي.‏
وبرغم أن الدين الغالب في هذه الأوطان هو الإسلام, ولغتها هي العربية منذ ألف عام، لكن شعوبها هي الأكثر تصارعا بل وتآمراً ‏على بعضهم البعض مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي التي تعيش في سلامٍ ووئام، فهي وإن كانت وطناً عربياً فقد انحصر مفهومه في حدود ‏السياسة فقط، وليس القومية، فهذه الشعوب تظل مختلفة ومحتفظة بخصوصياتها القومية، وربما لم تعد رابطة الدين واللغة كافية لدمج هذه ‏القوميات في قومية واحدة. ولو سألت معظمهم تعريف ما يعنونه بالأمة العربية، لبادروا إلى القول بأنها تشمل جميع الناطقين بالضاد، ‏وليس فقط أولئك العرب القاطنين لشبه الجزيرة العربية، مع أن اللغة ليست كافية لتشكيل النسيج القومي. في الواقع ارتبطت هذه ‏القوميات بالعرب منذ عصر التوسع العربي الاستعماري الذي طال هذه الشعوب، أو ما يسمى عصر الفتوحات العربية، حيث بدأ تحول ‏هذه الشعوب عبر مئات السنين لاعتناق الإسلام والتحدث بلغة العرب، ولا يربط هذه الشعوب في العصر الحالي فعلياً سوى التحالفات ‏السياسية الهيكلية المتمثلة في جامعة الدول العربية، مع أن التحالفات السياسية تسير حسب المصالح الاقتصادية المؤقتة وليس مع الروابط ‏التاريخية والقومية.‏
وفي هذا المسقط سنعود مع التاريخ لنرى كيف قامت حضارات في شعوب مختلفة حملت ملامحها وسماتها القومية الخاصة بها، وكيف ‏اندمجت هذه القوميات في قومية عربية واحدة مع أنها انحصرت في حدود علاقتها بالإسلام واللغة العربية، لكننا نتساءل عن علاقة العرب ‏أنفسهم بالحضارة؟، ومتى قامت حضارة العرب لتدمج أو تطمس كل هذه الحضارات أو تجب كل هذه القوميات في قومية عربية باسمهم؟ ‏هل لمجرد أنها تحدثت لغة العرب؟ وإلى أي مدى يرتبط مفهوم الحضارة بمفهوم القومية، وهل قامت بالفعل حضارة عربية أم إسلامية أم هما ‏معاً أم لا شيء على الإطلاق؟. فحضارة العرب قامت خمسمائة عامٍ فقط، بينما حضارة الفراعنة خمسة آلاف عام، فكيف استطاعت ‏حضارة العرب على قزامتها أن تسطوا على الحضارة الفرعونية وتقحم اسمها على المصريين؟ هل كانت حضارة العرب أقوى من حضارة ‏المصريين كي تطمسها؟ ولماذا ترك المصريين اسمهم وأجدادهم وهويتهم وحملوا هوية العرب واسمهم مع أنهم الأقزم؟.. دعنا نعتبرها لحظات ‏مختلسة من عمر الزمان، وعلينا أن نطويها وننظر إلى الغد.‏
قي الواقع إن كان الاستعمار العربي للشعوب المجاورة قد امتد لبضعة مئات من السنين تم خلالها نهب ثروات هذه الشعوب ‏واغتصاب سلطة الحكم في بلادها عنوة، ثم انحسرت سلطة العرب الفعلية عن هذه الشعوب وصعد أبناؤها الأصليين وتولوا مقاليد ‏السلطة في بلادهم تدريجياً، إلا أن الاحتلال الفكري العربي ما زال مستمراً إلى اليوم، ليس في صورة الإكراه الفكري ولكن في تمسك هذه ‏الشعوب بثقافة العرب التي غاصت في عقولها جيلاً بعد جيل دون وعي، حتى اعتبروها جزأً من دينهم وقوميتهم. ولن تنهض هذه ‏الشعوب مرة أخرى إلا إذا تخلصت من الغبار الثقافي للاحتلال العربي وحققت ذاتها بنفسها وقوميتها وثقافتها؛ لأن العرب بطبيعتهم ‏وفطرتهم ليسو شعب حضارة. وليسو من شعوب الحضارات التي تدمن العمل والبناء والإنتاج على أودية الأنهار، إنما هم شعب البادية، ‏ورؤيتهم للحياة مختلفة تماماً وكلياً عن شعوب الحضارات، ومن ثم لا يمكن تبني ثقافتهم ورؤيتهم للحياة في بناء حضارة كتلك التي أقامها ‏الفراعنة والبابليين والأشوريين على أودية النيل ودجلة والفرات.‏
إن الرابطة التي ربطت هذه الشعوب بالقومية العربية الحجازية تقف على دعامتين اثنتين فقط؛ الدين واللغة، فهذه الشعوب اعتنقت ‏الدين الإسلامي منذ ما يقارب ألف عام، وتعرفت على الثقافة الدينية للعرب والتي جاءت من معين الرسالة المحمدية، مع ما اختلط بها ‏من مؤثرات ثقافية عربية تمثلت في التراث والتاريخ العربي المتصل بها وما علق بها من شوائب ثقافية نابعة من تقاليد وأعراف المجتمع العربي ‏وليست نابعة من الرسالة المحمدية. وبمرور الوقت كي تتعرف هذه الشعوب على الدين الإسلامي أكثر وبصورة أعمق، تحدثت لغة العرب ‏ليسهل عليها استيعاب الدين، وتنازلت عن هويتها وقوميتها لصالح العرب.. فقط مجموعة من الشعوب احتفظت بهويتها مثل الشعب ‏التركي والشعب الإيراني. وبما أن اللغة هي كيان ثقافي قائم بذاته، وليست مجرد جانب من جوانب الدين، فاللغة هي عنصر ومكون ‏أساسي في ثقافة الشعوب، ولذلك عندما تعرفت هذه الشعوب على اللغة العربية أخذت آدابها ومعارفها الأدبية والنثرية والشعرية ثم ‏غاصت في عمق الصحراء لتتعرف أكثر على تاريخ هذه اللغة من تاريخ شعبها وثقافته القديمة حتى فيما قبل الإسلام. ومن هنا بدأ ‏الاندماج بين ثقافة هذه الشعوب وثقافة العرب، وهنا يكمن الخطر.. حيث تتقيد ثقافة هذه الشعوب بنطاق واسع من ثقافة العرب التي ‏شملت الدين واللغة والتاريخ والأدب شعراً ونثراً، ومن حيث الدين فلا خطر، ومن حيث اللغة كعنصر فردي فلا خطر من العرب، لكن ‏الخطر يأتي من باقي المنظومة الثقافية العربية ((المعرفة الأدبية الملحقة باللغة – والمعرفة التاريخية الملحقة بالدين )) ‏
ذلك ليس تحيزاً ضد العرب ولكن لأن الجانب الثقافي الملحق باللغة فارغ من كل معاني الحضارة؛ لأنه قام على الشعر والنثر ‏الجاهلي، وهي محض ثقافة نظرية بدوية تفتقر إلى كل ما له صلة بفكرة الحضارة والمدنية، فالحضارة لا تقوم على الشعر والزجل والفخر ‏والهجاء والفروسية، بل تقوم على سواعد شعب يدمن العمل والبناء والإنتاج والفكر والإبداع العملي التطبيقي، أما قصائد الشعر والزجل ‏فلا تتجاوز قيمتها المعرفية قيمة مزحة على المصطبة أو مسلسلات الدراما في رمضان، والتي تأتي فقط في ركن الشاي أو التسلية بعد يوم ‏عملٍ شاق.‏
وأما الخطورة الثانية فتأتي من جانب المعرفة التاريخية الملحقة بالدين الإسلامي، فالعرب صدروا لنا تاريخهم ملحقاً بالدين، برغم أنه ‏تاريخ بدوي دموي عنيف ويفتقر إلى كل قيم الحضارة والنبل، لكنهم دمجوه في تاريخ الصحابة ودمجوا تاريخ الصحابة في الدين، وصوروا ‏صحيفتهم بطولية مثالية بيضاء كما صحف الأنبياء سواءً بسواء، وضخموا وبالغوا في الجانب الحربي للتاريخ الإسلامي (غزوات الرسول) ‏فتغيرت حقيقته وانتقل من خانة الدفاع إلى خانة البطولة الهجومية، فانقلبت المبادئ مع استمرار انحراف التاريخ.. وهكذا تشكل التاريخ ‏وأصبح خلفية دينية للدين الإسلامي. ومن كثافة الارتباط بين الدين والتاريخ أصبح التاريخ هو المؤثر والموجه وكأنه نموذج تطبيق عملي ‏لمبادئ الدين، وهذا مكمن الخطورة الثانية.‏
ولذلك، على هذه الشعوب إن أرادت أن ترتقي سلم الحضارة والمدنية، أن تتخلص من الخلفية الثقافية للغة العربية، أو تدعها في ‏أضيق الحدود التي تسمح باستمرار دعائم اللغة ومقوماتها فقط، إنما أن نجد قسماً كاملاً بجامعاتنا لدراسة الشعر الجاهلي، وهيئة تدريس ‏وميزانية وطلاب وباحثين ورسائل، فهذا لن يثمر سوى مزيداً من الشعر الجاهلي الحديث، ولن يساعد في استنبات جديد لحضارة الفراعنة ‏وإنجازاتها، فلا الشعر الجاهلي يساهم في فهم الذرة ولا في تنمية الموارد البشرية ولا استخدام التكنولوجيا الحديثة. وعلى هذه الشعوب أن ‏تتخلص من الخلفية التاريخية العربية الملحقة بالدين الإسلامي كي تصبح مبادئ الدين نابعة من الدين ذاته ومن النص القرآني المعجز، لا ‏من الخلفية الثقافية والتاريخية للمجتمع العربي، حتى لا تصبح صورة المجتمع العربي القديم خلفية للدين ومعياراً له، فيصبح حجاباً على ‏العقل مانعاً له من الحياة في الحاضر والارتقاء نظراً لتقيده بملايين الصور الذهنية المطلية بلون الماضي العربي، ويجب أن ينحصر تاريخ ‏الإسلام فقط في حقبة الدعوة المحمدية التي استمرت ثلاثة وعشرين عاماً فقط كخلفية تاريخية تفسر لنا الكثير من القصص القرآني الخاص ‏بالنبي محمد، فلكي نأخذ الإسلام من العرب ليس مطلوباً منّا أن نندمج كلياً ونغوص في المجتمع العربي لأن ذلك من شأنه أن يشكل ‏عقولنا غصباً بملامح المجتمع العربي القديم، وهو في الأصل مجتمع بري متوحش وليس من شعوب الحضارات ولم يكن لديه المؤهلات ‏العقلية والفكرية لأن يكون كذلك، فعندما نقرر أن نأخذ الدين الإسلامي من شبه الجزيرة ينبغي علينا أن نبحث فقط عما هو نظيفٌ ‏كزهرة اللوتس حول الكعبة... لا أن نلملم نفاياتهم الثقافية.‏
ذلك لأن شعوب العالم متعددة وليست شعباً واحداً، أنسجة متعددة وليست نسيجاً واحداً، وكل نسيج اجتماعي له طريقته في ‏الأداء، وله طريقته في الحياة والثقافة والفكر والحضارة، فليست كل أنسجة الجسم تعمل بنظرية واحدة، إن كل نسيج يتشكل وفقاً لنظرية ‏الملاءمة الوظيفية، أي يأتي تركيب ذراته وخلاياه ملائماً للوظيفة التي يقوم بها، حتى وإن كانت كل الأنسجة ترتبط في النهاية بنسيج الدم ‏لتحصل على غذائها المستمر منه، لكن في النهاية يظل الكبد متصلاً بالدم لكنه يقوم بوظيفة مستقلة عن البنكرياس، وتظل الكُلى ‏مرتبطة بالدم لكنها تقوم بوظيفة مستقلة عن الطحال، فكل نسيج يستقل بتكوينه الذاتي ومؤهلاته الذاتية حتى وإن ارتبط بغيره من ‏الأنسجة، فيظل هذا الارتباط في حدود المصلحة والضرورة فقط، إنما اختلاط أنسجة الجسد على بعضها لهو نوعٌ من التقلصات المعوية.. ‏
وهكذا الشعوب أنسجة اجتماعية مستقلة لكنها مرتبطة في حدود ما يحقق مصالحها، وبالتالي من غير المفيد أن يتبنى الفراعنة ثقافة ‏المجتمع الجاهلي في شبه الجزيرة، أو يحدث اندماج بين الثقافتين، وإلا كان ذلك محض تقلصاتٍ معوية مقلقة للطرفين، فلا بد أن يبقى ‏الاستقلال، وينحصر الارتباط في حدود الاحتياج الضروري كي تستمر الحياة بشكلها الطبيعي. لأن الفراعنة لهم طريقة مختلفة في الحياة ‏والعمل والبناء والإنتاج، هذه الطريقة تختلف كلياً عن حياة المجتمع العربي ولا يمكن أن يحدث بينهما اندماج وتستمر الملاءمة الوظيفية ‏بالشكل الصحيح؛ لأن كل شعب له ملامحه ومكوناته النفسية التي تنسجم مع معطياته وتؤهله للحياة بطريقة مستقلة كما يستقل القلب ‏عن الكبد عن القولون الغليظ، وإذا انفتح القولون الغليظ على القلب أو الرئة حتماً ستحدث كارثة صحية كما الكارثة الثقافية التي نعاني ‏منها اليوم نتيجة انفتاح الثقافة العربية الصحراوية على المجتمع المصري المدني، فأجهزة الجسم وأنسجته تظل منفصلة ومستقلة تماماً عن ‏بعضها ويفصل بينها الغشاء البريتوني لحفظ قوامها وقوميتها، برغم اتصالهم جميعاً بشبكة الشرايين الدموية، بل إننا نجد القلب والرئة ‏يستقلان وينفصلان عن باقي الأحشاء المعوية بحجاب حاجز ممتد إلى جدران القفص الصدري، أي أن القلب لم يكتفي بالغشاء البريتوني ‏كحماية لخصوصيته بعيداً عن الأحشاء، مع أنه سمح للمريء باختراق هذا الحجاب الحاجز للوصول إلى الأحشاء، لكنه ظل محتفظاً ‏بخصوصيته وطبيعة تكوينه السيتولوجي والفسيولوجي (نظرية الملاءمة الوظيفية للأعضاء). ‏
وبما أن هناك نعين من الغذاء العقلي؛ معرفة سائلة ومعرفة طبيعية تمثل العمود الفقري للحضارات، فإننا نتساءل حول فرضية ‏‏"الانحياز العقلي" أو الجنوح العقلي" ، وهي أن يتركز محور العقل على المعرفة السائلة ويزهد المعرفة الطبيعية فيصبح العقل الجمعي ‏للمجتمع مترهلاً كما كائن الفقما البحري الذي يترهل جسده ولا يظهر له عمود فقري أو هيكل عظامي دعامي واضح.. فالله تعالى خلق ‏المجتمعات البشرية أنسجة متنوعة وليست نسيجاً واحداً، وبالتالي قد نجد في مجتمع من المجتمعات جنوحاً إلى نوعٍ معين من المعرفة، وفي ‏مجتمعٍ آخر جنوح إلى نوعٍ آخر مختلف من المعرفة، فإن كان الأصل أن العقل البشري يتغذى على المعرفة السائلة بقدر ما يتغذى على ‏المعرفة الطبيعية العقلية، لكن هل نجد هناك مجتمع يفضل المعرفة السائلة دون المعرفة العلمية الطبيعية؟ وهل نجد مجتمع يفضل المعرفة ‏العلمية الطبيعية دون المعرفة السائلة؟ فكما قلنا أن العقل المتزن الحيادي يحتاج النوعين من الغذاء بذات القدر، لكننا بالفعل سنجد أن ‏هناك مجتمعات على بعضها يعشق عقلها الجمعي المعرفة العلمية الطبيعية ويزهد المعرفة السائلة ويدعها في أضيق الحدود الضرورية، ‏وسنجد هناك مجتمعات على بعضها تنفر من المعرفة العلمية الطبيعية وتعشق المعرفة السائلة حصراً. كما يمكننا أن ندخل الحرم الجامعي ‏بجامعة القاهرة لنرى أن هناك من الطلاب شعبتين؛ شعبة علمية وشعبة أدبية، والشعبة العلمية تنحصر كلياتها في (الطب والصيدلة ‏والهندسة والعلوم..إلخ) أما الشعبة الأدبية فتشمل كليات (الآداب والفنون واللغات والقانون ...إلخ) والفئة الأولى من الطلاب يصعب ‏عليها دراسة الشعبة الأدبية رغم بساطتها لا تتمكن هضم المعرفة، والفئة الثانية من الطلاب يصعب عليها دراسة الشعبة العلمية لأنها ‏تقنية معقدة ولن تتمكن من هضمها. ‏
هذان مثالان لمجتمعان، لكن هل نجد شعب بأكمله يهوى المعرفة السائلة الأدبية وشعب آخر يهوي المعرفة العلمية ؟ فإذا قلنا أنه في ‏نطاق المجتمع المصري فإن الشعبة العلمية والشعبة الأدبية من الطلاب تكملان بعضهما بعضاً بما يحفظ توازن المجتمع فكرياً. لكن ما الحل ‏إذا كان الشعب بأكمله من نوعية الشعبة الأدبية أو الشعبة العلمية، هل يستورد طلاب علم من الخارج؟ فالعلوم الطبيعية هي العمود ‏الفقري للحضارات ولا تقوم حضارة بدون علوم طبيعية وهندسة معمارية وميكانيكية وفلكية وعلوم اقتصادية وتقنية ..إلخ. وما الحل إذا ‏وجدنا العقل الجمعي لشعب بأكمله خلال حقبة من حقب تاريخه وليكن ألف عام يجنح في اتجاه دون آخر- وهذا وارد- فيميل إلى ‏المعرفة السائلة دون العلمية، فهل تنهار الحضارة ؟ هل ينحل عمودها الفقري؟ وهل يصبح الكيان الحضاري مترهلاً أم ستظل الأجهزة ‏والعضلات محتفظة بكيانها رغم سقوط العمود الفقري؟ .. وللتوضيح العاجل سنذكر أن هناك أشجار ذات سيقان خشبية تنمو رأسياً ‏بأفرع وأغصان، وهناك نباتات زاحفة تتمدد وتنمو أفقياً على الأرض دون قدرة على النمو رأسياً لأنه ينقصها نسيج الخشب الصلب، ‏ومنها ما يتمكن من التسلق على الأشجار، وهذه النباتات الزاحفة مثل المعرفة السائلة الأدبية إن لم تجد عمود فقري يرفع قوامها تظل ‏مترهلة منبطحة على الأرض .‏
كان المصريون الفراعنة في أوج ازدهارهم يتغنون بالعلم.. كانت أشعارهم علماً قطعت البشرية شوطاً كبيراً في اكتشافه.. وأذكر عالم ‏النبات (بارتليت ‏‎ (Bartlett‎‏ حينما جاء في زيارة لمصر وقرأ على أحد جدران هرم أوناس إحدى رسائل المصريين المقدسة، وكان يقرأ ‏اللغة الهيروغليفية، فأصبح مليارديراً بعد قراءة هذه الرسالة، وتقول كلماتها ؛
كما أن النهر يفيض ويغيض .. لكنه يفيض من جديد .‏
والشمس تشرق وتغرب .. لكنها تشرق من جديد.‏
كذلك الإنسان يولد ويموت.. لكنه يبعث من جديد
فعليه أن يُبعث نظيفاً كزهرة اللوتس..‏
وقد ذكرها هيرودوت أثناء زيارته لمصر في القرن الخامس قبل الميلاد، حيث وصفها بأنها نوع من زنبق الماء يدعى اللوتس، يزرع من ‏أجل طعم جذوره الحلوة, وأزهاره المجففة التي كانت تطحن مع الدقيق لصناعة الخبز‎.‎‏ وقد حظيت هذه الزهرة بالاحترام في كل أنحاء العالم, ‏ولم تحظ أي زهرة بالقيمة التي حظيت بها هذه الزهرة الرائعة كونها مزروعة من قديم الزمان، وكانت زهرة اللوتس شعارً للجيش المصري في ‏العصور الفرعونية.‏‎ ‎
استغرب بارتيليت من هذه العبارات التي دونها الفراعنة على جدران الهرم منذ قديم الأزل، وكان يعلم يقيناً أن هذه الرسالة مقدسة ‏وصادقة، ليست كقصائد الشعر والمعلقات التي علقها العرب على أستار الكعبة، لأن المصريين كانوا صادقين حتى في أشعارهم.. وكان ‏بارتليت عالماً متخصصاً في علم النبات، قطف واحدة من زهور اللوتس النامية على وادي النيل، وذهب بها إلى معمله ليكتشف سر هذه ‏الزهرة العجيبة، أو حتى يعرف لماذا قدسها المصريون، ولماذا تحديداً وصفوها بالنظافة وجعلوها قدوة ومثال للإنسان الطاهر من الذنوب ‏والمعاصي.. قام بارتليت بتكبير زهرة اللوتس 6000 مرة تحت الميكروسكوب فوجد أن سطحها يختلف عن الزهور الأخرى، كانت بتلات ‏الزهور الأخرى تبدوا تحت المجهر بأشكال غريبة وخشنة، أما بتلة اللوتس فظهرت تحت المجهر عبارة عن كرات صغيرة ملتصقة تؤدي ‏لانزلاق الأشياء من على سطحها، فإذا وضع الماء عليها ينزلق، وإذا وضع أصماغ مائية تنزلق، وإذا وضع الطمي ينزلق، فتظل الزهرة ‏نظيفة لامعة طول الوقت بسبب هذا التشكيل الفريد لسطح بتلاتها، فقام بتصنيع ملعقة بشكل مماثل لسطح زهرة اللوتس، وغرسها في ‏العسل فخرجت نظيفة، فاستغلت شركات الطلاء والبويات العالمية هذا الكشف العلمي في تركيبات مواد الطلاء والدهانات، واستغلته ‏شركات الأدوية والمواد الطبية في صناعة صمامات القلب كي لا يلتصق بها الدم عند مروره في الأوردة..‏‎ ‎
أما العقلية العربية، فلا يمكن أن تدرك ذلك، وكما وصفها ابن خلدون تستقل بسمات وخصائص نفسية مختلفة عن سائر شعوب ‏الأرض، ولها تكوين عقلي مختلف جذرياً عن شعوب الحضارات، فالعقلية العربية ليست منظمة في الأساس، ولذلك لم يحتاجوا إلى قانون ‏يديرون به دولتهم، فكافة الشعوب التي بنت حضارات قامت على جهدها وبسواعدها، وبتنظيم دقيق لكافة جوانب الحياة، سواء ‏الاقتصادية أو السياسية أو القانونية والعلمية، لكن العقلية العربية من حيث التكوين النفسي مختلفة تماماً.. حتى أنهم استقلوا بظاهرة ‏الشعر المقفى، فالأدب معروف في كافة الشعوب، سواء كانت الأساطير والروايات أو القصص الخيالية والنصوص النثرية الأدبية، أو حتى ‏الشعر الحر غير المقفى، لكن العرب تفردوا على شعوب العالم بظاهرة الشعر المقفى " البيت والوزن والقافية " واستطاعوا تطويع اللغة ‏والتلاعب بالألفاظ والمعاني والمرادفات بشكلٍ رهيب.. واستقلوا بقدرة عجيبة في التعبير المجازي ولوي عنق الحقائق لتتلاءم مع البناء ‏اللغوي الشعري، وقرض الشعر وتلحينه على أوزان موسيقية وبحور شعرية متعددة ومتنوعة، هذه الظاهرة الشعرية لم نجدها في أي شعب ‏في العالم، ولم يستطع أي شعب منافسة العرب في أشعارهم، لكن لا ننس أن أعذب الشعر عند العرب أكذبه.. بينما أعذب الشعر عن ‏المصريين أصدقه، فهم لم يكذبوا حينما قالوا بأن الإنسان يولد ويموت، ثم يبعث من جديد.. فعليه أن يُبعث نظيفاً كزهرة اللوتس..‏
هكذا تفوقت العقلية العربية. ولذلك كانت معجزتهم كلها لغوية أدبية نظرية بحتة، وهو ما يعتبر إبداعاً في الفوضى بالميزان العلمي؛ ‏لأن من يستطيع أن يقرض بيتاً شعرياً بهذه الطريقة العجيبة لا يمكنه أبداً أن يتأمل في قوانين الحركة التي وضعها نيوتن، ذلك لأن الشعر ‏يعتمد كلياً على المسح المعرفي، بينما العلوم تعتمد على التنقيب المعرفي والتأمل واعتصار الذهن بحثاً عن الفكرة.‏
وسنطرح هنا مثالين متماثلين يمكن للقارئ رصدهما معاً في لحظة واحدة ليستطيع التفرقة بين العقل الأدبي والعقل العلمي، وهذان ‏المثالان نراهما في رصد حركة الحصان أثنا الجري.. فحينما لاحظ امرؤ القيس جري الحصان في الصحراء مشغلته وملأت قلبه شغفاً فشبه ‏حركة الحصان أثناء الجري بأنه يندفع كما الصخرة الهادرة من فوق الجبل على أثر السيول.. وعبّر عن تلك الظاهرة بقوله :" مكرٍ مفرٍ ‏مقبلٍ مدبرٍ معاً .. كجلمود صخرٍ حطه السيل من علٍ ". فالعرب قد تفوقوا على شعوب العالم في كتابة الشعر بهذه الطريقة العجيبة، ‏ونسجوا خيالهم في ضفائر كلامية عجيبة، وهذا يعني أن القدرة العقلية العربية ترتكز على هذا النمط من الفكر، وهو المسح الضوئي ‏السطحي لكل ظاهرة، وهو نمط المعرفة غير الإنتاجية أو المعرفة غير المنتجة عملياً ولا أثر لها على الإنسان لأنها مثل الشهوات، فهذا يعني ‏حتماً أن هذا الشعب مستحيل أن يبني حضارة عملية علمية. بل إنهم تلاعبوا بكلمات القرآن ومعانيه ومضامينه بقدر قدرتهم على ‏التلاعب بألفاظ الشعر ومعانيه وألحانه، لأن هذه لعبتهم.‏
بينما كان ليلاند ستانفورد يتحدى بعض أصدقائه حول ما إذا كان الحصان أثناء حركته يرفع أقدامه الأربعة عن الأرض أم لا، لكن ‏ليلاند لم ينتظر كثيراً‎. ‎‏ وأوعز ليلاند إلى إدوارد ميوبريدج باستخدام 12 كاميرا لالتقاط مجموعة من الصور لحصان يجري بأحد حقوله، ‏ودمجها معاً لعمل أول فيلمٍ صامتٍ قصير يصور حركة شيء ما، ويؤكد بالفعل أن الحصان يرفع حوافره الأربعة عن الأرض أثناء الجري، هنا ‏ربح ليلاند الرهان، وبدأ عصر جديد للعلم حينما طور ميوبريدج سرعة كاميراته لتصل إلى واحد من ألفي جزء من الثانية، كان ذلك رائعا، ‏لكنه لم يكن كافيا كالعادة، شكلت هذه الفكرة نواة لنظرية التصوير السريع في عصرنا الحالي والمعروفة بــ "‏Snapshot‏ " والتي ‏استخدمها الدكتور أحمد زويل فيما بعد لرصد حركة الذرات داخل الجزيئات الدقيقة.‏
إذن العقل الأدبي عندما يرصد ظاهرة يبحث عن أقرب مثيل لها ويتوقف. بيمنا العقل العلمي عندا يرصد الظاهرة يضع علامة ‏استفهام. ونحن للأسف لم نتلق من العرب (الدين واللغة) ولكن رشحت في نسيجنا العقلي ثقافتهم كاملة؛ شاملة الدين بخلفياته التاريخية ‏العربية وجرائمه واقتنعنا أنه الإسلام وأن هذا تاريخ الإسلام وهو جزء من الدين حتى أن كثير من الأحكام الفقهية لدينا مصدرها التاريخ ‏وليس الدين، حتى أنهم أقنعونا بأن جرائم خطف الأطفال والنساء في الحروب من الدين، واقتنعا !! ثم تلقينا اللغة العربية، ليس بصفتها ‏أداة التواصل الفكري والثقافي، ولكن تلقيناها بشحمها ولحمها وخلفياتها بشعرها ونثرها نتاج العقلية العربية البدوية، حتى وإن كان ذلك ‏حضارة أدبية، لكنها بالفعل فلسفة نظرية بحتة ولا يمكن أن يتقدم بها شعب من الشعوب وإلا كان تقدم العرب أيام أبدعوا معلقاتهم ‏الشعرية.. هذا فضلاً عن وباء النوستالجيا العربية القديمة، لأن الخلفية الثقافية تأتي محمولة على ملايين من الصور الذهنية التي تجسد ‏معانيها ومضامينها، وجميعها مشتقة من الصحراء المعادية للحضارات بالفطرة. فكل شعب يبنى ثقافته ولغته على أساس النسيج العقلي ‏له، فالنسيج العقلي للشعب اليهودي مختلف تماماً عن أي شعب في العالم، ولذلك اختلفت لغته وطريقة تفكيره، وكذا النسيج العقلي ‏الفرعوني مختلف تماماً عن النسيج العقلي في منطقة الصحراء الليبية، ولهذا اختلفت لغته وأفكاره، والنسيج العقلي العربي مختلف تماماً عن ‏النسيج الفرعوني ولهذا اختلفت لغته وأفكاره.‏
فالعرب لم يكن لديهم أفكار وإنما فقط معاني وتصورات، هذه المعاني والتصورات هي المعين الخصب للشعر والنثر والأساطير ‏والخرافات، ولهذا لم يتجسد نتاجهم المعرفي في البناء والهندسة والعمارة بل تجسد فقط في الشعر والنثر وتطويع اللغة والتلاعب بمفرداتها، ‏ولهذا جاءت لغتهم غنية جداً بالمفردات والمرادفات، وهي أغنى لغات العالم على الإطلاق إذ تجاوز عدد مفرداتها 12 مليون كلمة، ذلك ‏لأن النسيج الذهني العربي نشاطه هو الشعر والتلاعب بالكلمات والمعاني، ومن الطبيعي أن يعمل طول الوقت على اشتقاق الكلمات من ‏بعضها لتكوين كلمات جديدة، حتى أننا نجد اللغة العربية بها 16000 جذر لغوي، وجميعها مصطلحات وألفاظ أدبية (ولهذا فهي تعتبر ‏نصف لغة لأنه ينقصها الجانب العلمي، لأن البيئة العربية ليست بيئة خضراء بل هي بيئة صحراء صخرية وليست غنية بمفردات الحضارة ‏ومعانيها ..)، وتم اشتقاق مفردات منها حتى وصلت إلى 12 مليون كلمة ، فالحاجة أم الاختراع، وجميع الاشتقاقات جاءت أدبية شعرية ‏وليست علمية، وهذا ما مثل مادة خصبة وفيرة للشعر، ولهذا أيضاً نزل القرآن بلغتهم متحدياً حرفتهم وصنعتهم الوحيدة، وتحداهم بأن ‏يأتوا بآية من مثله.. فعلى مدار تاريخهم كان الإبداع بالنسبة لهم هو البناء اللغوي وليس المعماري. ‏
فالحضارة المصرية القديمة تجسد النسيج العقلي المصري، وهو مختلف جذرياً وعرقياً عن النسيج الذهني العربي، لأن العربي حينما رسم ‏تصوراته وخيالاته رسمها بالكلمات والألفاظ وتلاعب بمفردات اللغة، وهي فلسفة نظرية بحتة، بينما المصري حينما فكر في رسم تصوراته ‏وأفكاره أمسك بالريشة والألوان والأزميل والمساطر ونحت بأنامله الدقيقة على جدران المعابد والقصور أروع آيات الفن .. ثم جاء الغراب ‏الصحراوي ليضع بيضه في بيت النعام.. فنثر غباره.. ونشر العدوى.. ونسخ اللغة وحطم الأقلام وكسر الإزميل والمساطر، ولهذا نسينا ‏اللغة المصرية ألف عامٍ كاملة ودفنت ذكريات أجدادنا في التراب وحل محلها الشعر والزجل العربي، وذبل نسيج العقل المصري.‏‎ ‎
والتمييز بين الحضارتين المصرية والعربية في هذا السياق ليس نابعاً من نزعة عنصرية ولا من غرور أو تعالٍ وإنما من باب التخصص ‏والملاءمة الوظيفية للنسيج العقلي، وهو صرخة استغاثة لرفع الظلم الذي وضعه العرب على المصريين في الماضي واستمرت آثاره في الحاضر، ‏فالعرب حضارتهم أدبية لغوية، بينما المصريون حضارتهم علمية عملية تطبيقية، وتاريخهم خير شاهد على نوعية الفكر والإنتاج الحضاري، ‏والذي ظهر فيه بجلاء قصورٌ في الجانب الأدبي والفلسفي مقارنة بالحضارات الأخرى، أو مقارنة بحضارة العرب الأدبية الشعرية الخالصة، ‏بل إننا نرى أن نتاج العقلية والحضارة المصرية انحصر في العلم والحكمة فقط دون الأدب الزجلي بالمعنى العربي، فكل شعب هو نسيج ‏اجتماعي متماثل من حيث التكوين العقلي والنفسي ومتماثل من حيث النشاط الثقافي والحضاري، وما يتلاءم مع العقلية المصرية قد لا ‏يتلاءم مع العقلية العربية، وما يتلاءم مع العقلية العربية قد لا يتلاءم مع العقلية المصرية... فهذا التمييز بين النسيجين الاجتماعيين ‏العربي والمصري ليس من باب التفرقة العنصرية ولكن من باب رفع غشاوة العقل التي وضعتها حضارة العرب على عقول المصريين، وتحرير ‏العقل المصري من القيود الفكرية التي هاجرت إليه من شبه الجزيرة، والتي جاءت منغمسة في أمور الفقه الديني فحصلت على قدسية دينية ‏بينما هي في الأصل جرائم ارتكبها العرب ضد المصريين أنفسهم وضد ثقافتهم وقوميتهم.‏
كانت اللغة الفرعونية لغة علم وليس أدب، بينما اللغة العربية لغة أدب وليس علم، لأن كل نسيج عقلي لكل شعب يؤسس لغته ‏ومفرداته بما يجسد ملامحه الذهنية، وكانت اللغة الفرعونية تستخدم رموزاً من البيئة المصرية مثل الحيوانات الجميلة والعصافير وحركة مياه ‏النهر والفراشات والزهور والنباتات والمحاريث والأدوات التي كان المصري القديم يستخدمها في بيئته، كان المصري يستخدم رسومات ‏بسيطة لهذه الكائنات في لغته المكتوبة، أي أن حروف اللغة مشتقة من النماذج العملية والتطبيقية في حياته اليومية، بينما العرب اخترعوا ‏للغتهم حروف صامتة عبارة عن علامات مجردة بلا معنى في ذاتها، ولا تحمل أي ملامح من البيئة العملية وليس فيها أي إشارة تطبيقية ؛ ‏‏( أ ، ء ، ا ، ب ، ت ، ث ، ج ، ح ، خ..إلخ) وبدون تنقيط ، إنما كلها إشارات رمزية بلا معنى في ذاتها ولا تجسد البيئة والحياة ‏العملية المحيطة بالإنسان.. حتى اللحن الصوتي كان غنياً مقارنة باللغة العربية، وبل ويُقال أن الكتابة العربية ليست من ابتكار العرب وإنما ‏اقتبسوها عن الكتابة السريانية، لأن العرب بطبيعتهم شعب استهلاكي وليس إنتاجي، لا إنتاج صناعي ولا إنتاج معرفي.. هذا من حيث ‏النشأة، وذلك يؤكد أن لغة المصري تحمل الملامح والسمات الذاتية لنسيجه الذهني. ‏
غير أن اللغة العربية برغم أن حضارة العرب قائمة على الإبداع النظري والشعر وصناعة الكلام إلا أن لغتهم ظلت حتى العصر ‏العباسي بدون تنقيط ولا تشكيل، وهو ما يعني استحالة فهمها بواسطة شخص غير عربي حتى وإن تعلم اللغة العربية، ذلك لأن العقلية ‏العربية مستقلة بسمات فسيولوجية تجعلها تفهم بعضها بطريقة مختلفة عن كل شعوب الأرض، وبمعايير الذكاء (‏IQ‏) فالعقلية العربية هي ‏الأكثر ذكاءً بين شعوب العالم، لكن معايير الذكاء هذه أدبية وليست علمية، أي تبتعد كلياً عن حالة الفضول والتنقيب المعرفي. فكانت ‏اللغة حتى هذا العصر ما تزال بدائية جداً ولم تعرف تشكيلها النهائي ولم تُعرف قواعدها إلا عندما دخلت الشعوب الأعجمية ولم تستطع ‏فهم اللغة والقرآن، هنا بدأ ضبط وتشكيل حروف الكتابة العربية للأعاجم وليس العرب، وهذا ما يؤكد اختلاف العقلية العربية عن غيرها ‏من الشعوب حتى في بنيان اللغة لأن اللغة هي وعاء الفكر.. غير أننا نلاحظ اختلافاً جوهرياً بين اللغة العربية وكافة لغات العالم من ‏حيث الكتابة والحروف، فجميع لغات العالم ما زالت محتفظة بحروفها مفككة مستقلة، كل كلمة تتكون من عدة حروف متراصة دون ‏التحام، ويتم رسم الحرف بذات الهيئة سواء كان منفرداً أو ضمن كلمة، بينما الحروف العربية يتم رسمها بطريقة مختلفة عندما تكون ‏منفردة، ثم عند دمجها في كلمة يتغير رسمها ويتم حذف الكثير من أطراف الحرف ودمج رأسه فقط، وليس ذلك كسلاً في الكتابة، وإنما ‏نابع من مهارة العرب في اشتقاق الكلمات وتحوير وتطويع المعاني من بعضها بطريقة سائلة دون ضبط وإحكام دقيق. ‏
وبرغم أن الأصوات التي تمثلها هذه الحروف مستقلة ومفصلة عند خروجها على اللسان إلا أن العرب استطاعوا دمجها وتسييلها عند ‏الكتابة، كما استطاعوا كذلك دمجها وتسييلها عند النطق لدرجة أن ثقافتهم كلها جاءت غنائية سائلة، فدمج وتسييل الحروف هو نموذج ‏من دمج وتسييل المقاطع الصوتية في الغناء والشعر والزجر.. وعدم تركيزهم على ضوابط للكتابة يؤكد عدم اهتمامهم بضوابط فكرية ‏علمية، ما يعني في النهاية عقلية سائلة ليس بها عمود فقري يحفظ قوامها.. وهذا بخلاف كل لغات العالم، ما يعني تميز العرب بعقلية ‏أدبية سائلة لا مثيل لها في العالم، لكنها في المقابل ليست عقلية علمية، وليست نهضوية، إنما فوضوية.. فالعقلية العلمية مختلفة حتى في ‏طريقة اشتقاق الكلمات والمصطلحات العلمية، نجد الشعراء ماهرون في تطويع الكلمات واشتقاقها من الأفعال والجذور والأسماء بطريقة ‏سائلة ولينة تناسب الشعر، بينما العلماء عند ابتكار المصطلحات العلمية يعتمدون على تقنية الصب الهيكلي للفظ والكلمة.. ولذلك ‏نجد عدد كلمات اللغات العلمية قليل جداً مقارنة بعدد كلمات اللغات الأدبية، ونسبة الاشتقاق والتحوير والتمويع والتسييل أعلى ‏بكثير جداً في اللغات الأدبية، وكذلك نجد اللغات العلمية ما زالت تحتفظ بشكل حروف الكتابة كاملاً سواء كان منفرداً أو مندمجاً ‏ضمن كلمة، بينما اللغة العربية سالت حروفها واندمجت في بعضها، فاللغة هي وعاء الفكر وتحمل ملامح النسيج الذهني، وطالما كان ‏الفكر أدبي فلا بد أن تحمل اللغة ملامحه، وإذا كان الفكر علمي منضبط ستحمل ملامحه وسماته.‏
بل إننا سنجد من اللغة ما يمثل القومية العربية بكامل ملامحها، يقول الأستاذ محمد عابد الجابري؛ أن فقهاء اللغة العربية عندما ‏بدؤوا تدوين (أو بالأصح اختراع) اللغة العربية في العصر العباسي، كانوا يعتقدون أن اللغة العربية الأصلية هي لغة " الأعراب" في البوادي ‏البعيدة، ولهذا كانوا يسافرون طويلاً وبعيداً لجمع الكلمات والمفردات شراءً ! وهذا السوق اللغوي دفع بعض الأعراب إلى الارتزاق ‏بتلفيق كلمات غريبة والادعاء أنها ألفاظ عربية أصلية وبيعها لجامعي اللغة.. واعتقد أن 1500 اسم للأسد اخترعها الأعراب الجائعين ‏وباعوها لجامعي اللغة، فعاد اللغويون بأسماء لم يعرفها العرب ولا قالوها عن حيوان لم يعرفوه ولا شاهدوه، وعاد الأعراب بالنقود والذهب، ‏وورثنا نحن وهماً لغوياً ثرياً. وهذا هو السبب في الثراء غير الطبيعي للغة العربية في المترادفات (20 إلى 30 اسماً للشيء الواحد) لكنه ثراء ‏يعتمد على نقود مزيفة " . ‏
وهذا ما درسناه في كتبنا التعليمية، أن الشعراء كانوا يجوبون البوادي ويحتكون بالأعراب في الصحارى البعيدة القاسية مثل المتنبي ‏وغيره، كي يلملموا مفردات اللغة الفصحى التي هي ذخيرة الشعر بالنسبة لهم، وهي مصدر الثروة اللغوية.. (إذن وفق كلام العرب ‏وبلسانهم أن الأعراب الجهلاء المنافقين والأشد كفراً ونفاقاً هم مصدر اللغة العربية الفصحى)، ثم في يومٍ من الأيام أصبح الفراعنة ‏يتحدثون لغة الأعراب... هذا الثراء فيما بعد ساهم في أكبر مشكلة نعيشها في عصرنا وكل عصر، وهي تشابه وتعدد واختلاط المعاني، ‏وظهرت مذاهب شتى في تفسير القرآن، كل مذهب يتبنى وجهة ومعنى واستخدام مختلف للكلمة أو العبارة، فالمعاني وفق هذا الثراء ‏الفوضوي لا ضابط لها، وتصبح متعددة وكلها صحيح على لسان العرب الأعراب. ذلك لأن هذه اللغة لم تتربى على لسان منضبط وذا ‏ضمير حي أو عقلية علمية منظمة، وإنما نبتت وترعرعت على لسان الأعراب المنافقين بشهادة أشقائهم العرب.‏
أما اللغة المصرية فكانت لغة علمية منضبطة بمعايير الحضارة المدنية وليست بمعايير الأعراب في الصحارى، وأما الأبجدية الفرعونية ‏فكانت معقدة جداً بمنظور الحضارة العصرية، إذ أنها لم تكن ساذجة كأبجدية العرب بل إنها دمجت نظامين للأبجديات في نظامٍ واحد، ‏فاللغة العربية مثلاً تعتمد علي نظام الحرف المفرد، والأبجدية كلها 28 حرف وتتشكل الكلمة من مجموعة حروف بعد ضمها لبعضها.. ‏أما اللغة اليابانية فتتشكل من حوالي300 ألف كلمة ثابتة بتشكل ثابت ولا تخضع لنظام تجميع الحروف لتكوين كلمة، فكل كلمة رمز ‏واحد معقد وثابت، وعلي من يتعلم اللغة أن يحفظ كل الــ 300 ألف رمز، هذين نظامين مختلفين في الأبجديات، العربية والانجليزية ‏واللاتينية تتبع نظام الحروف، بينما اليابانية والكورية والصينية تتبع نظام الكلمات المرمزة.‏
أما الفراعنة فقد دمجوا النظامين معاً في ثلاث أبجديات، فاللغة الفرعونية غنية جداً باللحن الصوتي ما جعل حروفها 32 صوت أي ‏‏32 حرف منفرد ، ولمن يريد الكتابة أن يقوم بتجميع الحروف المناسبة لتكوين الكلمة مثل اللغة العربية والانجليزية .. ثم قاموا بتأليف ‏تجميعات لغوية رمزية لكل كلمة، بما يمكنك اختصار مجموعة حروف كلمة (سلسبيل مثلاً ) في رمز واحد مختصر مثل نظام اللغة اليابانية ‏والصينية.. وهذا ما صعب في عملية اكتشاف اللغة الفرعونية لأن فيها رموز تقرأ حرف، وفيها رموز أخرى تقرأ كلمة كاملة ، وهو نظام ‏الاختصارات المتبع في اللغة الانجليزية حالياً مثال كلمة يونسكو ‏UNESCO‏ هي رمز واحد مركب، يشير إلى عبارة كاملة أو عدد ‏أكثر من الحروف لو عددناها ستملأ سطر كامل (منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتعليم) (‏The United Nations ‎Educational, Scientific and Cultural Organization‏).‏
وكانت اللغة الفرعونية تُكتب بثلاث خطوط مختلفة، أي ثلاث أبجديات مختلفة، الأبجدية الأولى شعبية لكافة الناس، والأبجدية ‏الثانية للكهنة والمعرفة الدينية حصراً، والأبجدية الثالثة للدولة وشؤون الحكم، وبعد دخول اليونان مصر، تأثرت الأبجدية المصرية اليونانية ‏فأصبحت الأبجدية القبطية المعروفة حالياً، مع بقاء الصوتيات والألفاظ والجمل والتراكيب اللغوية مصرية صرفة، كامتداد للغة الفرعونية ‏القديمة، إنها فقط صورة الكتابة "طريقة رسم الحروف بالقلم" التي تغيرت.‏‎.‎‏ وصارت اللغة المصرية بأبجدية واحدة هي التي مازلت سارية إلى ‏يومنا هذا بمسمى اللغة القبطية، حيث أطلق العرب على المصريين مصطلح" القبط" ولغتهم " القبطية " وأبجدية الكتابة " قلم الطير " .‏
وفي كافة الأحوال كان الاختلاف في الأبجديات لا يتجاوز 20% في طريقة رسم الحروف بين الهيروغليفية والديموطيقية والهيروطيقية ‏والقبطية.. كانت الاختلافات بذات معدلات اختلاف الخط العربي ما بين خط النسخ وخط الرُقعة والخط الديواني والخط الكوفي ‏وغيره.. وفي جميع المراحل تبقى اللغة الصوتية وتراكيب الكلمات والعبارات والنطق ثابت، فقط تتغير أبجدية الكتابة. وبعد مرور ألفي عام ‏جاء شامبليون لمحاولة فك شفرات الأبجدية الفرعونية، وكانت ثلاث أبجديات قديمة وواحدة يونانية، وكانت الأبجدية الأولى الهيروغليفية ‏معقدة جداً نتيجة الترميز المركب، وهذا ما صعّب من عمليات اكتشاف هذه الأبجدية..‏‎ ‎
وعند دخول العرب مصر اصطدموا بهذه الحضارة العجيبة، وبدأ تغيير جديد على لغة المصريين، قام الخليفة الأموي عبد الملك مروان ‏سنة 85 هجرية بتعريب الدواوين أي بمنع اللغة المصرية من الكتابة في السجلات الإدارية المصرية، وهي سجلات الأملاك والأموال ‏والأراضي والتقسيمات الإدارية للقرى والمدن والأقاليم.. تم تحويلها إلى اللغة العربية، حتى يسهل على العرب تجميع الضرائب والجزية ‏والخراج،‎ ‎واستغرقت عملية الترجمة فترة طويلة، ولم تكن عملا سهلاً، ولم تكن ترجمة في الحقيقة، بل كانت تعريب لأن اللغة العربية كانت ‏فقيرة في هذا الميدان، وليس لدى العرب أي خبرة فنية عن العلوم الإدارية والمالية، فتم نقل المصطلحات كما هي ونطقها وكتابتها بحروف ‏عربية، وتعلم العرب من الموظفين المصريين أصول هذا العلم... ‏(انتهى المقال الأول بتصرف من كتابنا: غُبار الاحتلال العربي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلة ليست في الاعراب
س . السندي ( 2019 / 5 / 20 - 18:02 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد وتعقيبي

1: مقال أكثر من رائع يستحق الشكر والثناء ، يرتكز على وقائع وشواهد تاريخية ؟

2: ليست اللغة وحدها المسروقة بل حتى الاسلام -كدين- فبالمنطق والعقل {كيف يجتنى من الشوك عنب أو من العوسج تين} ؟
فحتى الخلق النبيل والرفيع والكرم كان للعرب الحضر ولميس للإعراب اللصوص الرحل ، وشتان ما بين الاثنين ؟

3: عجلة التاريخ لا تعاد للوراء إلا بعقول المتنورين والعقلاء وليس بعقول الغوغاء والجهلاء ، فاذا كان جمال عبد الناصر قد فرض عروبته وتخلفه على مصر وسوريا والمنطقة فألاولى باهلها وعقلائها التحرر من عفنه وتاريخها ، لأنهما رمزان للاستحمار البدوي وإرهاب الاسلامي ؟

4: المؤسف أن يستغل الجهلة والغوغاء طيبة العقلاء والبسطاء للسيطرة عليهم ، فهؤلاء الغزاة لم يأتو لنا الا بعفنهم وتاريخهم الأرهابي مغلفاً بغلاف الدّين ، والذي لم يكن إلا حصان طروادة لخداع شعوبنا والتمكن منها ، والذي اثبتت الاثار والعملات أنه مسروق ، وهى أولى مهن الاعراب الرحل ؟

5: وأخيراً ..؟
صدق ابن خلدون عندما قال { أذا تمكن الاعراب من أوطان أسرع الخراب إليها} سلام ؟


2 - جزيل الشكر
محمد مبروك ( 2019 / 5 / 30 - 18:03 )
أشكرك سيدي القارئ النبيل ، وقد فاجأني تعليقك بدهشة إذ كانت أتوقع هجوماً على هذه السلسلة من المقالات، لم أتوقع أن يستوعبني القارئ بحسن نية أو أن تتفح مداركه لاستيعاب الورطة التي عاشت فيها شعوبنا أكثر من ألف عام وسلمونا عقولاً مغيبة مغطاة بآلاف الكتب والمراجع التي هي محض غبار ثقافي عربي... ونحن نريد أن نبني بلادنا من جديد بفطر وطني محلي وليس مستورد من العرب أو الغرب .. وشكراً جزيلاً لمرورك الكريم.

اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ