الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعيينه نائباً لرئيس الوزراء

سعد سوسه

2019 / 5 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اعداد الدكتور : سعد سوسه
شكل عبد الرحمن البزاز وزارته الثانية في الثامن عشر من نيسان عام تولي عبد الرحمن البزاز منصب رئاسة الوزراء لاول مرة في أيلول عام 1965 ، وعند وفاة عبد السلام محمد عارف قدم أستقالة وزارته لعبد الرحمن عارف الذي عهد اليه بتأليف الوزارة مرة أخرى . 1966 ، والتي شكلت بعد مصرع الرئيس عبد السلام محمد عارف في حادث طائرة في القرنة شمال البصرة في الثالث عشر من الشهر نفسه ، واختيار شقيقه عبد الرحمن عارف خلفاً له ، واستهلت تلك الوزارة عملها بإصدار أمر ألغت فيه قرار ابعاد فؤاد عارف وجماعته، الذين وضعوا تحت الاقامة الجبرية في قضاء عين التمر في كربلاء، وكان ذلك في السادس والعشرين من الشهر نفسه ، إذ اراد عبد الرحمن البزاز طمأنة الكرد بشأن نياته تجاه المسألة الكردية، فقد كان اكثر السياسيين العراقيين تفهماً لتلك المسالة، وأكثرهم وعياً بضرورة حلها بشكل سلمي .
استؤنفت المفاوضات بين الحكومة العراقية والقيادة الكردية، وكان فؤاد عارف من المشاركين في تلك المفاوضات في الجانب الكردي ، وبعد ان افضت المفاوضات عن إعلان عبد الرحمن البزاز لبيان التاسع والعشرين من حزيران، عبر تلفزيون وإذاعة بغداد والذي تضمن خمسة عشرة نقطة لحل تلك المسالة ، ومن أبرز تلك النقاط الاعتراف بالقومية الكردية ضمن العراق، ومنح الكرد حقوقهم القومية، فضلاً عن ذلك وعد البزاز بأقامة اللامركزية في عموم العراق ، وبالنسبة لفؤاد عارف فأنه أشترك في المفاوضات التي جرت بعد اعلان البيان ممثلاً للكرد، واشتركت معه كذلك شخصيات كردية معروفة، ومن ضمنهم بابا علي الشيخ محمود الذي طلب من فؤاد عارف أن يتولى زمام المفاوضات، بعد ان حصل خلاف بينه وبين رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز، وفي اول لقاء جرى بين فؤاد عارف وعبد الرحمن البزاز، في مبنى المجلس الوطني، عاتب فؤاد عارف علي حيدر سليمان باللغة الكردية قائلاً له : كيف يتجاوز البزاز على بابا علي ؟ ، وكان عبد الرحمن البزاز قد فهم ما قاله فؤاد عارف، فأدرك أنه مستاء من أسلوبه مع بابا علي، فقام بتغيير مجرى الحديث مباشرة قائلاً : ماذا تريدون ؟ ، فاقترح عليه فؤاد عارف ان ترحل مقررات بيان التاسع والعشرين من حزيران الى قيادة الحركة الكردية، إذ هي الجهة الوحيدة التي تقرر الموافقة على تلك المقررات أو عدمها. بعدها سافر فؤاد عارف الى لبنان كعادته ، فيما انقطعت المفاوضات بعد أن تقوض مركز عبد الرحمن البزاز القوي في الدولة، أثر محاولة الانقلاب الثانية والفاشلة لعارف عبد الرزاق، والتي جاءت كرد فعل على حكم البزاز المدني ، وفي السابع من آب قدم البزاز استقالته لرئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف ، وبدوره قبل الاستقالة وكلف ناجي طالب بتأليف الوزارة الجديدة، الذي لم يبذل جهداً كالذي بذله عبد الرحمن البزاز تجاه حل المسالة الكردية .
وإزاء تباطؤ الحكومة في تطبيق مقررات بيان التاسع والعشرين من حزيران، والتي سبق ان تبنته في منهاجها الوزاري، قدم فؤاد عارف ومعه بابا علي الشيخ محمود تقديم مذكرة الى رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف في التاسع عشر من كانون الثاني عام 1967 ، عرضا فيها دوافع تقديمها اليه، والتي من بينها غياب الحياة النيابية في البلاد، التي تتيح للمواطنين التعبير عن رأيهم بكل حرية، لذا فأنهم لم يجدا سبيلاً غير تلك المذكرة لعرض وجهة نظرهما بشأن الأوضاع في العراق ، لاسيما ما يتعلق بالمسالة الكردية والوضع في كردستان العراق، من تباطؤ في تطبيق بنود بيان حزيران، الأمر الذي سيؤدي الى حدوث المشكلات هناك، وقد شددا في تلك المذكرة على انهما اقدما على كتابتها بوصفهما مستقلين لا يمثلون أية فئة أو حزب أو تيار سياسي محدد .
أصبح فؤاد عارف نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً لوزارة شؤون الشمال في العاشر من آيار عام 1967 ، في الوزراة التي شكلها رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف بعد تقديم ناجي طالب أستقالة وزارته، بسبب الخلاف على التعديل الوزاري الذي كان ينوي اجراؤه ، وحين لم تستطع أي من المجموعات السياسية التي قامت بتغيير الوزارة من طرح مرشح يستطيع النهوض بتأليف وزارة ائتلافية يرضى بها الجميع، تقرر أن يتولى ذلك المنصب الرئيس عبد الرحمن عارف بنفسه، الذي عين له أربعة نواب كان فؤاد عارف احدهم ممثلاً عن الكرد فيها .
سافر فؤاد عارف مع الوفد العراقي الذي توجه الى مصر ضم الوفد العراقي نواب رئيس الوزراء طاهر يحيى وفؤاد عارف ووزراء الدفاع والخارجية والوحدة ، عقب قيام الاخيرة بالسيطرة على شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء، وسحب قوات الطوارئ الدولية منها في الرابع عشر من ايار، وقيام مصر بغلق مضيق تيران المدخل الوحيد لخليج العقبة ، وفي اللقاء الذي جرى بين الرئيس جمال عبد الناصر والوفد العراقي، تحدث فؤاد عارف مع عبد الناصر، وسأله عن مدى توقعه لقيام الحرب، فأجابه الرئيس المصري أنه يتوقع قيامها بنسبة 85% عندها اقترح عليه فؤاد عارف أن تأخذ مصر زمام المبادرة وتنقل المعركة الى ارض العدو، مادام الجيش المصري متحشداً وهو ضعف القوات الإسرائيلية، غير ان عبد الناصر قال له : لا أريد ان اكون معتدياً بادئاً في الحرب ، عندها عبر فؤاد عارف عن توقعه بقيام الحرب مؤكداً ضرورة مباغتة إسرائيل في تلك المعركة ، لكن جمال عبد الناصر كان يتوقع قيام حرب صغيرة تكون عبارة عن مناوشات هنا وهناك ، بعد ذلك حلت الكارثة بمصر في الخامس من حزيران 1967.
قدم فؤاد عارف في العاشر من تموز عام 1967 استقالته من منصبه ، وكان السبب المباشر لتقديمه الاستقالة هو الجدل الذي دار بشأن تسمية وزارة
( اعمار الشمال ) ، التي شغلها فضلاً عن منصبه كنائب لرئيس الوزراء ، ويشير فؤاد عارف أن فكرة وجود وزارة دائمية معنية بشؤون الشمال من خلال عدد من المديريات العامة المرتبطة بهذه الوزارة، نوقشت من قبل بعض الشخصيات السياسية الكردية، مثل بابا علي الشيخ محمود الذي جرت النقاشات في منزله في بغداد، وفؤاد عارف وسكرتير الحزب الوطني الكردستاني آنذاك
( حبيب محمد كريم ) حبيب محمد كريم كردي فيلي ، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني (تموز 1964-1975) ، انضم للحزب عام 1957 ، وكان ممن وقعوا على طلب تأسيس الحزب في عام 1960، غادر العراق بعد انهيار الحركة الكردية المسلحة عام 1975 الى إيران ثم القاهرة ، وبعدها عاد الى بغداد ، وشخصيات كردية اخرى مثل ( مسعود محمد ) مسعود محمد : شخصية كردية معروفة ، ولد في كويسنجق عام 1919 ، من أسرة علمية عريقة ، التحق بكلية الحقوق في بغداد وتخرج عام 1945 ، عمل قاضياً في السليمانية عام 1953 ، وأنتخب نائباً عن أربيل خلال عامي 1953-1954 ، اصبح وزير الدولة لاعمار الشمال عام 1964 ، ثم عضواً في مجلس الخدمة العامة عام 1966 ، فعضواً ونائباً اولاً في المجمع العلمي الكردي عام 1971، له مؤلفات مطبوعة باللغتين العربية والكردية . ، وعرضت تلك النقاشات على ذوي الخبرة القانونية مثل المحامي ( زيد أحمد عثمان ) زيد أحمد عثمان : ولد في السليمانية عام 1925 ، تخرج في كلية الحقوق عام 1954 ، انتخب نائباً عن لواء أربيل في آخر دورة أنتخابية في العهد الملكي ، كما كان أحد ممثلي العراق في مجلس الاتحاد الهاشمي الذي ضم العراق والاردن قبل ثورة عام 1958 . توفي في باريس عام 1978 ، ودفن في أربيل ، وهو شخصية كردية معروفة ايضاً، إذ توصلوا الى ان التسمية المناسبة لتلك الوزارة هي ( وزارة شؤون الشمال )، الا أن اعتراض وزير الوحدة في حكومة عبد الرحمن عارف على تلك التسمية ، دفع الاخير أرسال اسم الوزارة الى وزارة العدل للبت في التسمية بشكل قانوني، فكان رد وزارة العدل بأن غيرت التسمية من ( وزارة شؤون الشمال) الى ( وزارة اعمار الشمال)، الامر الذي أثار حفيظة فؤاد عارف، إذ وجه عتاباً الى وزير العدل مصلح النقشبندي على ذلك التصرف، الذي برره بقوله لفؤاد عارف : والله انا موظف ورئيس الجمهورية هو الذي أكد هذه التسمية . الامر الذي جعل فؤاد عارف يستغرب من موقف رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف الذي كان موافقاً على التسمية الاولى ( وزارة شؤون الشمال ) .
وجه فؤاد عارف خلال عقد جلسة مجلس الوزراء، السؤال الى وزير العدل بشأن تغيير اسم الوزارة دون الرجوع أليه بصفته نائباً لرئيس الوزراء، وحين لم يجب الوزير على سؤاله وجه اليه السؤال مرة ثانية طالباً منه أن يكون صريحاً في اجابته، إذ اجاب الوزير ان رئيس الجمهورية هو الذي طلب تغيير اسم الوزارة من ( وزارة شؤون الشمال ) الى ( وزارة اعمار الشمال )، الامر الذي ادى الى انفعال فؤاد عارف خلال تلك الجلسة، إذ قام مزق الاوراق الخاصة بهذا الشأن امام رئيس الجمهورية، كما منع وزير البلديات والاشغال العامة
( احسان شيرزاد ) ولد في أربيل عام 1925 ، حاصل على شهادة الماجستير في الهندسة من جامعة ميشغن والبكالوريوس في الحقوق واللغات ، شغل اول منصب وزاري عام 1967 ، ثم تقلد المنصب نفسه عام 1968 قبل وبعد انقلاب السابع عشر من تموز ، تقلد المنصب من عام 1970 الى عام 1974. ، الذي اراد مناقشة الموضوع من ذلك، معلناً استقالته امام الحضور.
وإزاء ذلك الموقف المتوتر طلب طاهر يحيى الذي يشغل نائب رئيس الوزراء ايضاً، استراحة لمدة عشر دقائق ، حاول خلالها رئيس الجمهورية عبد الرحمن عارف ثنيه عن قرار الاستقالة، بعد ان اعتذر ووافق على اعادة تسمية الوزارة بـ( وزارة شؤون الشمال ) ، غير ان فؤاد عارف اصر على موقفه، كما قدم وزير البلديات والإشغال العامة احسان شيرزاد هو الاخر استقالته تضامناً مع موقف فؤاد عارف .
كان قرار فؤاد عارف بالاستقالة من منصبه هذه المرة متسرعاً، لاسيما وان الرئيس عبد الرحمن عارف قد اعتذر منه وتراجع عن موقفه في سبيل ارضائه، كما انه قام بطلب فؤاد عارف مرة ثانية في مقر الرئاسة، إذ قال له : لا يجوز يا فؤاد أن تستقيل، أرجو ان تسحب الاستقالة ، غير أن فؤاد عارف رفض العودة الا اذا وافق الرئيس على اعلان الانتخابات النيابية، وقيام مجلس نواب منتخب من قبل الشعب، وعلى الرغم من مشروعية ذلك المطلب، الذي يعد مطلباً وطنياً تنشده كل القوى والاحزاب الديمقراطية في العراق آنذاك، بل حتى ان الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يرفع شعار ( الحكم الذاتي لكردستان والديقراطية للعراق ) في ذلك الوقت، الا انه فوت فرصة شغله هذا المنصب لايجاد حلول مناسبة للمسالة الكردية، دون ان يقصد من وراءه عرقلة جهود التوصل لحل تلك المسألة.
استقالت وزارة الرئيس عبد الرحمن عارف بعد ذلك مباشرة، إذ اتضح للرئيس عدم أمكانية الجمع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ، ثم تكليف الفريق طاهر يحيى بتأليف الوزارة الجديدة، والتي أطيح بها في السابع عشر من تموز عام 1968.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف