الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من الممكن هزيمة الولايات المتحدة ووكيلها الإسرائيلي؟

سلام موسى جعفر

2019 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


السؤال يطرح نفسه كلما تلبدت سماء منطقتنا بغيوم الحرب على أوطاننا. وهي حروب مستمرة وحتمية ولا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تستغني عنها لا بسبب طبيعة النظام العدوانية المكتسبة منذ أن وطأت أقدام أول مهاجر أوربي وحتى وقتنا الحالي، وانما لكون الحرب مصدر دخل متجدد في جيوب تجارها وخصوصاً حروبهم في منطقتنا التي تتميز بوفرة الغنائم. أما الحرب عند الإسرائيليين فتمثل تجسيداً للدور الوظيفي المناط بها وأداة لتحقيق المشروع الصهيوني ووسيلة لإبعاد الخوف بالوقاية من أعداء محتملين.
إذا كانت التهديدات بالحرب على فنزويلا وقبلها كوريا الشمالية شكلت مؤشرا على مستوى الانحطاط الأخلاقي للرأسمالية، فان قرع طبول الحرب على إيران أسقط آخر قناع أخلاقي كانت قد ارتدته الرأسمالية العالمية، بسبب انعدام مبررات الحرب قانونيا ولأن الحرب أو التهديد بها يهدف، علاوة على الأسباب التي أشرت اليها، الى محاولة اشغال الشعوب العربية بأجواء الحرب لتمرير "صفقة القرن" الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية أم كل القضايا في منطقتنا.
ماهي احتمالات الحرب على إيران؟
من وجهة نظر أمريكا وكذلك اسرائيل فان تنفيذ التهديدات بالحرب من عدم تنفيذها يتوقف على إدراك السياسيين لحجم الخسائر البشرية التي من الممكن أن تلحقها إيران وحلفائها بهم، أما بالنسبة لي فان الحرب على إيران من عدمها يتوقف على الإجابة على سؤال: هل من الممكن هزيمة الولايات المتحدة ووكيلها الإسرائيلي؟
دعونا نمر أولاً على ما يراد أن ينتشر في أحاديثنا وكتاباتنا ليترسب في العقول ثم نتعرف معاً على العدو في بيته، كي نفهم طبيعته وكيف يفكر
لا تخفى عليكم المحاولات المتعددة الأشكال والأوجه التي تقوم بها جمهرة واسعة من المتصهينين الدونيين لنشر اليأس بين الناس عبر الترويج لفكرة "استحالة هزيمة المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة". ولأجل تحقيق هذا الهدف تجري المبالغة بقوة العدو وخلق هالة اسطورية حول امكانياته العسكرية وقدراته التقنية التي تقف الشعوب بسببها عاجزة ليست فقط عن هزيمة مشاريعه وانما عاجزة أيضا عن إمكانية مقاومتها. "المقاومة مجرد عبث وتضحيات لا معنى لها، والامتناع عن مقاومة الخصم المنتصر في كل الأحوال ليس استسلاما وانما واقع سياسي" هذا ما يتردد في كتابات هذا الصنف المهزوم من حثالات النخب الثقافية والسياسية. وهو صنف مغشوش، ضل البعض منهم طريقه يوما ما فانتمى عن طريق الخطأ او بالصدفة الى الماركسية، يوم كان الانتماء اليها لا يقتصر على المناضلين فحسب وانما فرصة للانتفاع والادعاء أيضا. لن أحاول الإجابة المباشرة على سؤال " هل من الممكن هزيمة الولايات المتحدة ووكيلها الإسرائيلي؟" وسيقتصر دوري على تنشيط ذاكرة القارئ بصدد حقائق مغيبة واحداث يراد لها النسيان واترك مهمة الإجابة على السؤال للقارئ نفسه.
فيما يتعلق بثقافة المجتمع الإسرائيلي فان قتل الاخر هو قيمة اجتماعية وجزء من المنظومة الأخلاقية للمجتمع الإسرائيلي. للقتل في نظر الإسرائيلي وظيفة مزدوجة، فهو، من ناحية، يحقق التوسع الضروري المطلوب لتحقيق الفكرة الصهيونية، ومن ناحية أخرى يحقق الأمن عبر التخلص من احتمالات انتقام صاحب الأرض او أي عدو محتمل آخر. المجتمع الإسرائيلي تشكل من لمامات من مختلف اصقاع الأرض تتباين فيما بينها في اللغة والثقافة والأفكار والأطماع والطموحات، ولا يجمعها الا فكرة التوسع واللجوء الى القتل كأداة لا مفر منها للسيطرة على الخوف الذي يطارد الإسرائيلي من اعمال انتقامية محتملة للضحايا. المجتمع الإسرائيلي غير مستعد في نهاية المطاف لتحمل خسائر بشرية، لان الخسائر البشرية تنفي فكرة تحقيق الامن. ولقد أدرك الطفل الفلسطيني المقاوم هذه الحقيقة وبنى استراتيجية المقاومة انطلاقا منها.
اما فيما يخص الولايات المتحدة الامريكية فمن المفيد الاطلاع على طبيعة النظام السياسي في الولايات المتحدة الامريكية، لغرض الوقوف عند، والتعرف على المعايير المحركة للسياسة الخارجية. ولكن قبل ذلك لا بد لنا من الوقوف على طبيعة المجتمع الامريكي نفسه والتعرف على ثقافته الحالية المتأثرة في جزء منها من ارث الأجداد. سلسلة الأجداد لا تمتد الى عمق الماضي وانما تتوقف عند مجتمعات المهاجرين البيض المغامرين المستعدين لارتكاب أبشع الجرائم من اجل الحصول على الثروات الجاهزة دون الاستعداد للتضحية بالدم. وعندما يتعلق الامر بزهق أرواح الآخرين فان الغطاء الأخلاقي متوفر. بينما مفهوم التضحية بالنفس من اجل الآخرين، أو حتى من اجل الربح نفسه فليست جزء من القيم الاجتماعية او الأخلاقية للمغامرين. لذا تولدت لدى المجتمع الامريكي حساسية من الأرواح الامريكية التي تزهق في الحروب. ورغم ان مجد الرؤساء الأمريكيين يرتبط الى حد كبير بالحروب التي يشعلونها، لكنهم يحسبون طويلا لحساسية الشعب الامريكي اتجاه اعداد القتلى. فالحروب ناجحة وعادلة، بنظر أغلب الأمريكيين العاديين، إذا كانت بدون خسائر في أرواح الجنود الأمريكيين، وهي فاشلة وغير عادلة إذا تسببت في وقوع خسائر في صفوف الجنود الأمريكيين. حساسية الامريكي من سفك دم جنود بلاده هي واحدة من الاعتبارات العديدة التي وقفت وراء اطراد الزيادة في اعتماد الادارات الامريكية على تجنيد المرتزقة من محترفي القتل من الدول الأخرى أو اللجوء الى خدمات الشركات الأمنية التي صارت تنافس الجيوش الحديثة في القدرات التسليحية والقتالية أو اللجوء الى الوكلاء المحليين في مناطق العالم المختلفة لشن الحروب بالنيابة.
اما فيما يتعلق بطبيعة النظام السياسي الامريكي، من الضروري الالتفات الى واقع تاريخي يتمثل بان الشركات الرأسمالية هي التي أسست الدولة الامريكية، لذا فان هذه الدولة تجسد بشكل مباشر مصالح هذه الشركات، وثقافة الدولة ونظامها السياسي تجسد ثقافة الشركات الرأسمالية. ففي مجال السياسة الخارجية، وهو الساحة الرئيسية التي تعمل وتتحرك فيها الشركات الامريكية، فان حساب الأرباح والخسائر هو المعيار المحرك لهذه السياسة ولا مكان فيها للكبرياء او الكرامة. وربما يتذكر بعضنا ذلك اليوم الذي قرر فيه الرئيس نيكسون الانسحاب بطريقة مذلة من سايغون عاصمة جنوب فيتنام بعد الهجوم الفيتنامي الأخير في العام 1975 إثر سقوط مئات الجنود الأمريكيين في مبنى القيادة الامريكية. وصل الاذلال بالأمريكيين الى درجة استعمال طائرات الهليكوبتر التي كانت تحط وتقلع من سطح مبنى السفارة وهي تخلي الهاربين الذين كانوا يتنافسون فيما بينهم بفوضى عارمة للصعود الى الطائرات.
ولعلنا نتذكر ذلك اليوم من عام 1983عندما هوجم جنود المارينز وقتل وجرح منهم المئات. وقتها لم يتردد الرئيس رونالد ريغان لحظة واحدة في سحب القوات الامريكية الى آخر رجل من لبنان خشية تعرضها لمزيد من الهجمات وبالتالي تصاعد اعداد القتلى.
وفي سنة 1993 تعرضت القوات الامريكية التي نزلت في العاصمة الصومالية مقاديشو، بحجة التدخل الإنساني، الى مذبحة حقيقية. حينها قرر الرئيس الامريكي كلينتون سحب قواته من الصومال فورا (بلا إنسانية، بلا وجع راس).
كما اضطر الامريكيون الى الانسحاب من العراق بعد ان ازدادت اعداد قتلاهم من الجنود، رغم استخدامهم المكثف للجنود المرتزقة من افريقيا وبلدان أوربا الشرقية ووحدات الشركات الأمنية (بلاك وتر). وفي حالة العراق فان انسحابهم الاضطراري لم يسبب لهم خسائر كبيرة من الناحية السياسية والاقتصادية، ويعود الفضل في ذلك طبعا الى الوكلاء العراقيين من المشاركين في العملية السياسية الطائفية والاثنية التي أسسها المحتل قبل انسحابه. فقد تولى وكلاء المحتل من العراقيين، استكمال انجاز اهداف الاحتلال عبر توفير الشروط اللازمة وخلق الظروف الضرورية لتحويل البنية الاقتصادية للبلاد الى بنية اقتصاد ريعي.
وفي لبنان أيضا اضطرت القوات الإسرائيلية التي "لا تقهر ابدا" الى الانسحاب من جانب واحد من الجنوب اللبناني في العام 2000 في محاولة من قادة هذه الدولة العنصرية لإيقاف نزيف الدم في صفوف جنود جيشها على أيدي نساء وشباب المقاومة اللبنانية. والذاكرة لا زالت طرية وهي تستعيد وقائع الالحاح الإسرائيلي على مجلس الامن الدولي في نهاية حرب تموز من عام 2006 وتوسيط أطراف عربية ودولية على موافقة المقاومة اللبنانية على طلب وقف إطلاق النار، ليتمكن العدو من تامين سحب جنوده الجرحى وجثث القتلى الذين بلغت اعدادهم المئات بعد التورط في عملية برية كانت نتيجتها وقوع مجزرة بحق خيرة وحداته العسكرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر