الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المتدين -المتشدد- والفلاح البولوني .. أية علاقة؟
العياشي الدغمي
2019 / 5 / 26الارهاب, الحرب والسلام
المتدين "المتشدد" والفلاح البولوني .. أية علاقة؟
.................
أرى أن مشكلة الإنسان المتدين "المتشدد/السلفي" في علاقته بالتحولات الاجتماعية التي صار يفرضها نمط الوجود المعاصر؛ والتي تبدو له من وجهة نظره وبناء على "مواقفه الخاصة" ses propres attitudes، ضربا من "الفجور، والفسق، وعدم السواء، أو المرض الاجتماعي" ترجع بالأساس إلى كيفية "تعريفه لوضعيته" sa définition de situation، في مقابل ما يطرحه الواقع الموضوعي من قيم وأنماط للسلوك والتواصل والعيش ... كيف ذلك؟
في دراستهما لظاهرتي التحضر والهجرة وتناولهما لنموذج الفلاح البولوني في أوربا وأمريكا، يصل كل من وليام إسحاق طوماس وفلوريان زنانيكي إلى خلاصة مفادها أن مدى اندماج/انصهار المهاجر الوافد البولوني Immigrant، يرجع إلى كيفية إدراكه لوسط الاستقبال/الوصول الذي هو مدينة شكاغو، من حيث إن هذا الوسط الجديد يختلف جذريا عن وسط الانطلاق "قرى بولونيا الفلاحية". اختلاف في القيم والعلاقات ونمط العيش ككل؛ اقتصاديا واجتماعيا، وتنظيميا/سياسيا، .. الأمر الذي يخلق نوعا من الصدمة الحضارية/الثقافية le choc بين معايير وقيم الأصل/الأسرة/القرية ونمط السلطة السائد فيها والذي يُسبق الروابط العائلية والرمزية على قيم "النقد" والموضوعية والمال السائد في الميتروبول المديني/الحضري لشيكاغو .. إن هذه الصدمة تخلق شكلا من اللاتنظيم اجتماعي une désorganisation sociale لدى الوافد الجديد، و هنا يكون هذا المهاجر أمام خيارين :
الأول : إما إعادة التنظيم la réorganisation لحياته وأفكاره وتقاليده حتى تتوافق مع ما هو سائد في الوسط الجديد، وبمعنى آخر ؛ إعادة ترتيب وبناء "تعريف جديد لوضعيته" ومواقفه وأحكامه وتمثلاته، انطلاقا من معطيات الواقع المستقبِل، وفي المقابل التحرر كليا أو جزئيا من معتقداته السابقة .. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى الاندماج والانصهار.
الثاني : وإما التشبث "بتعريفه السابق لوضعيته السابقة" وبالتنظيم الأول، أي بتقاليد الأسرة وأعرافها وسلطتها، وهو ما سينتج عنه عدم القدرة على الاندماج في التنظيم الجديد/الثقافة الجديدة .. ويعني ذلك بشكل أو آخر الانحراف la déviance والجريمة ...
هكذا .. إذا ما كان المهاجر البولوني يهاجر من مكان لآخر ويحمل ثقافة بلده/قريته الأم باعتبارها الوضعية الأصل ليجد نفسه أمام وضعية جديدة حين الوصول إلى بلد الاستقبال "شيكاغو" فيضطر إما للاندماج أو الانحراف وغالبا ما يكون مآله الاندماج حسب الباحثان المذكوران سلفا، فإن هجرة المتدين "المتشدد" هي هجرة زمنية وروحية، يحاول من خلالها تجاوز الصدمة، لا بتعديل "تعريفه لوضعيته" ولإدراكه للعالم وللآخر ولمعطيات العصر ورهاناته، وإنما على العكس من ذلك يحاول إعادة ترتيب الوضع/الواقع الخارجي ككل حتى يتماشى مع معتقداته ومواقفه الخاصة .. الأمر الذي يؤدي غالبا به إلى الإقصاء والتهميش من طرف المجتمع، معتقدا أنه هو من أقصى المجتمع وليس العكس، وعندما يدرك الحقيقة فإنه يلجأ إلى الانتقام أو بمعنى آخر الانفجار... شأن ذلك من نماذج بعض أبناء المهاجرين المغاربيين "المسلمين" (الجيلين الثاني والثالث) بدول الاستقبال الأوروبية والذين تشبعوا بثقافة المسلم المتفوق أو الناجي، أو من يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة وما دونهم على "باطل" ... يتبع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا