الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ريم تشحذ الفكر

دعد دريد ثابت

2019 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


بالرغم من أن الأفكار تنهش وعيي بشكل مستمر، وهي لاتكل عن ذلك حتى أثناء النوم، وأنسى معظم الأحيان دقائق تلك الكلمات، ولكني أعلم بأنها هناك، لن تنفك عن مداهنتي ليلة بعد أخرى، لأنها تعلم أنها ستكون ذاكرتي البعيدة في يوم ما، التي لن أنساها بعد أن هزلت القريبة مني.
بعد كل هذا، لم أعد اشعر بما يحفزني أو يتحدى غضبي، تمردي وثورتي، على الكتابة. وأتأمل بل أدعو بالرغم من أنني في سري أتمنى بأن تلك الأفكار لن تتركني الا إن تركت هذا المحتوى ونسيت ربما، تأنيب الضمير بأنني تجاهلت وجودها الحي الناضج تماماً لقطفه وتذوقه.
أحياناً نادرة، يدور حوار بيني وبين أصدقاء، قد يكونوا بعمر أبنائي، كما ريم ( وهي بالصدفة نفس إسم إبنتي)، ولكن بأسئلتها المشوشة العطشى لمعرفة ماهيتها ولم هذا ولم ذاك، وإعتقادها بضعفها وجهلها مقارنة بي، كما تقول، وهي تنسى أن للعمر والتجربة والعزلة سواء إن كانت قسرية أو إختيارية، حوبة ( مكانة أو فضل) في إلهامي. بالتأكيد لن يستفاد أو يتغير كل إمرئ من هذه الجواهر. نعم إنها جواهر سود، لأن بكل تعاساتها تحمل شعاع يضئ ولو قليلٌ في كل خطأ وتجعيدة ووهن عظام طريقي العابث.
وهي تفهم ذلك بلا وعي، وتصر على إنها لاتفهم، لأن وسطها ومجتمعها مبني على أساس خاطئ، يفرض على بشره بأن كل بديهية يقين وإن لم يتوفر البرهان، ويربي أجيالاً من قطعان مسوخ مشوهة، لترعى وتتكاثر ويلحقها أسلاف أُخر.
تحفز فيّ أحياناً الغضب وأحياناً الألم عليها، ولكني أعشقها، لأنها تسأل وتناقش ولا تستكين وتعديني بتيارها وشحنات التساؤل التي تطرق رأسي بين سنديانها، لتجرفني أفكاري مرة أخرى في محاولة مستميتة لأنقذني من براكين الهدوء الخامل الكاذب الذي يبطن نار مستعرة في أحشاء رأسي. وأرد على تساؤلاتها المستغيثة بآخر قشة لها كي تنقذها من لجة أمواج القطعان هذه.
دار حديثنا عن الحب، وكيف لايكون الحب الموضوع الرئيسي لفتاة رقيقة جامحة لم تلق في حياتها مذ ولادتها ولليوم، غير أنها إمرأة عليها أن تكون ضعيفة، فهي لم تخلق غير للزواج وللإنجاب. أما الحب والدراسة ووضع بعض المكياج فهي برستيج ومكملات للعروض المرغوبة للإختيار في سوق عكاظ.
كانت أسئلتها كيف يكون الحب مكتملاً؟ هل عليها أن تضحي تضحية كاملة؟ هي تود إظهار ضعفها، ولكن هناك مايمنعها عن ذلك، لأن الرجال يحبون المرأة القوية، ولذا فهي لاتظهر ضعفها. أجبتها، بأن ليست المشكلة أن تظهري ضعفك وأن تخبريه بأخطائك، ولكن المشكلة أنه إن جعلك تخطئين نفس الأخطاء بسببه، ولم يستوعبك كإنسانة تحوي كل هذا ويحترمك ويحبك لضعفك الذي هو قوته لو وعى ذلك.
أناسنا إن أستطعت تسميتهم بذلك، مصابون بعقد إنفصامية لأسباب مزمنة، لا حل لها، على ماأعتقد. فمنذ الولادة تكون هناك أم لاتعرف ماهيتها بغير أن وجودها مرتبط بوجود ذكر يثبت أنها هنا. ومن هنا تبدأ العلة والتناقض المزدوج بالتربية، سببه الدين ومجتمع أبوي ذكوري لم يبق غير على بقايا مهلهلة من إمرأة.
وبنفس التناقض تستمر العلاقة، فالرجل يعجب بل يعشق المرأة القوية، المدركة لذاتها، ولكن علاقته بها، سيسمح لها فقط في الخفاء أو بعد إجراء التعديلات والرتوش اللازمة لها، لتكون ملائمة، هذا في أحسن الأحوال، أما واقع الحال، فهو لن يختار شريكة له، الا من تختارها له والدته، من طباخة ومطيعة وبنت أوادم لم يمسسها ولا خيال رجل.
إنه صراع، أن تكوني إمرأة تعشق وحدويتها، وتجدي رجلاً يسقي ذلك بنبع الحب. علينا أن نحب، حين لانكون بحاجة، حين نكون مكتفين بل ممتلئين بكل شئ، ولا أعني بهذا المرأة فقط.
وأعقبت بأنها سابقاً كانت تعتقد بأن الحب هو مفهوم سامي للتعبير عن إحتياجاتنا. فأجبتها: أن الحب كما نعيشه، هو مفهوم سامي للتعبير عن نواقصنا، لاغير.
وفي خاتمة حديثنا سألتني ماهو الشئ الذي أنصحها به، عدا مانصحتها سابقاً، بأن تتقبل ذاتها وتتصالح معها.؟
أجبت: ابق على شكك وتسائلي دائماً، ولا تتقبلي الثوابت، حتى تصلي لبرهان، وإن أقتضاك ذلك وقتاً طويلاً، أو عمراً بأكمله، فهو صراع الأضداد......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإيراني يحتفل بيومه الوطني ورئيسي يرسل تحذيرات جديدة


.. زيلينسكي يطلب النجدة من حلفائه لدعم دفاعات أوكرانيا الجوية




.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 14 جنديا جراء هجوم لحزب الله الل


.. لحظة إعلان قائد كتيبة إسرائيلية عن نية الجيش اقتحام رفح




.. ماذا بعد تأجيل الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية؟