الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية تحت عنوان الدلال حسن للدكتور احمد عرفات الضاوي والتعبئة المتواصلة لانطلاق الثورة الفلسطينية ضد الانجليز والصهاينة .

حسن ابراهيمي

2019 / 5 / 27
الادب والفن


لقد ارتأى السارد أن يبدأ أحداث الرواية تحت عنوان الدلال حسن لصاحبها الدكتور أحمد عرفات الضاوي بأحداث عادية ,تندرج ضمن صميم الحياة اليومية للشعب الفلسطيني ,ولذلك جاءت كل الأحداث في البداية على لسان الشخصية الرئيسية في النص ,أو الشخصيات الثانوية أحداثا لا تخرج عن دائرة الهم اليومي للشعب الفلسطيني .
قد يعود السبب في ذلك إلى كون السارد أراد أن يهيئنا كقراء للغوص في الحياة اليومية للشعب الفلسطيني من اجل معرفة طبيعة العلاقات الاجتماعية والأعراف والتقاليد التي تتحكم فيه عبر السيرورة التاريخية لنمط هذه العلاقات ,وطبيعة الوعي الذي أفرزته البنية الاقتصادية التي سادت بفلسطين قبل الاستعمار الانجليزي له ,والتحولات الاجتماعية التي لحقت هذه الحقبة بسبب الاستعمار الانجليزي له ,ومن هنا جاءت الأحداث ذات الصلة بهذا الاستعمار لاحقا ,إن سبب هذا التأخر إنما أراد السارد من خلاله تهيئتنا لمعرفة قضية شعب بالإشارة إلى بعض تفاصيلها ,ويتعلق الأمر بالتأسيس للمقاومة المسلحة بفلسطين والتي انطلقت من بعض الجبال ,والقرى لتعم كل أرجاء فلسطين .
ومهما يكن من أمر فان السارد من خلال ما سبق قد توفق في سرد مجموعة من الأحداث ذات الصلة بالموضوع أي بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية وطنية على السنة كل الشخصيات ,كما اختار لها أماكن تختلف من حدث لأخر,ثارة يختار مدينة ,وثارة يختار قرية ,وثارة يختار جبلا من الجبال الفلسطينية وفقا للمواقف التي يريد تمريرها .
ومنذ البداية نعتقد بان السارد أيضا توفق في اختيار هذه الشخصيات ,واختار الأماكن التي دارت بها الأحداث ,ولعل السبب في هذا النجاح راجع إلى الرغبة في التأريخ من منظور فني لانطلاق المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد الانجليز بسبب احتلالهم لفلسطين ,هذه الانطلاقة التي وإن كانت عسيرة بسبب ضعف الخبرة بهذا المجال ,وانعدام الدعم لها في البداية من قبل الشعوب التي عانت من الاستعمار ,على الرغم من ذلك فإنها توفقت في حشد الشعب الفلسطيني من اجل الدفاع عن أرضه ,وعن نفسه ,بل عن حقه في الاستقلال .
ولعل شخصية جد حامد سوف تلعب دورا فيما يتعلق ببلورة فكرة الشرارة الأولى بخصوص بلورة الوعي الوطني ,وتمريره إلى الأجيال اللاحقة وتبني خيار المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي لمقاومة الاستعمار الانجليزي ,والاستمرار في اعتناق هذا الخيار لمقاومة الصهاينة ,باللجوء إلى مجموعة من الخدع من اجل التمكن من نقل السلاح إلى الجبال ,واستعماله من قبل الثوار من اجل ردع الانجليز ووضع حد لسياساتهم الاستعمارية ,نفس الخيار سوف يستعمل من اجل مقاومة الصهاينة من بعد ,أي بعد انسحاب الانجليز من فلسطين واستعمارها من قبل العصابات الصهيونية التي يزداد فتكها للشعب الفلسطيني يوما عن يوم في إطار الاستعداد للهجوم على أرضه بمجملها واستعمارها بعد انسحاب الانجليز منها .
نفس الموقف سوف يتبناه زريق الشخصية الأكثر وزنا بمدينة حيفا ,هذه الشخصية التي تمتلك فندقا يستعمل من اجل مساعدة الثوار بتوفير المبيت لأبي حميدي التاجر الذي جال أرض فلسطين من أجل ممارسة الموقف من القضية الفلسطينية .
هكذا تمكن السارد من تهييئنا شيئا فشيئا بتمرير مواقف بسيطة تندرج في إطار العلاقات الاجتماعية للشعب الفلسطيني ,ومن خلالها تمكن من تمرير موقفا مشرفا ,ويتعلق الأمر بعدم الرضوخ للانجليز وسياساتهم الاستعمارية ,بإقدام هذه الشخصية على تقديم تضحيات قدمها فداء للشعب الفلسطيني من اجل تحريره من براثن الاستعمار الانجليزي .
نفس الموقف سوف يتلقفه أبو حميدي الذي تمكن بفضل خبرته في الحياة ,وحنكته من الاستمرار في ممارسة الموقف بالتدخل من اجل توعية الشاب حامد للدلالة على تدخل المقاومة لتوعية الشباب ودفعه لاعتناق نفس الموقف ,وممارسته فيما بعد ,بل أكثر من ذلك فانه يمثل المقاومة المسلحة باللجوء إلى استعمال خدعة التجارة من اجل دفع الشعب الفلسطيني للاستمرار في اعتناق الموقف والدفاع عنه ,ومواصلة المقاومة من اجل تحرير كل فلسطين .
وعليه نلاحظ أن هذه الشخصية مارست الترحال من بعض القرى إلى بعض المدن الفلسطينية ,ومن هذه الأخيرة إلى قرى أخرى في سبيل ممارسة الموقف من القضية الفلسطينية ,على أساس ممارسة التجارة لكن ليس بالقضية الفلسطينية وإنما من اجلها ,إن الهدف الحقيقي هو كسب المال من أجل تأجيج المقاومة ,وعليه يتضح ان هذه الشخصية تمكنت من النجاح في التخطيط ,والتنفيذ بخصوص ربط الاتصال بين الثوار ومحيطهم الخارجي , بدفع الشعب الفلسطيني للانخراط في هذه المقاومة إيمانا منه أن لاخيار لتحريره من هذا الاستعمار الغاشم الا بسلك طريقها .
ولما كان هذا الخيار خيارا صحيحا بدأ أبو حميدي في التجول عبر فلسطين من أجل رد الاعتبار للشعب الفلسطيني المقاوم ,ومن ثمة البحث عن تأسيس خلايا المقاومة في كل مكان ومدها بالوعي والسلاح كخيار لابد منه لردع الانجليز .
وعليه ومن خلال التجارة التي تمارسها شخصية أبو حميدي اتضح من خلال هذه الخلايا أنها لا تقتصر فقط على أفراد الشعب الفلسطيني ,بقدر ما احتوت أيضا على بعض العناصر من الشعوب العربية ليضح من خلال ذلك الدعم والمساندة اللدنين تقدمهما الشعوب العربية للشعب الفلسطيني من اجل تحرره بناءا على الوعي المبكر لهذه الشعوب تجاه أهداف الاحتلال الانجليزي لفلسطين ,وما سوف يترتب عن ذلك من قمع للشعب الفلسطيني وتردي أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية بسبب نهب خيراته .
واضح مما سبق كيف ان المقاومة الفلسطينية لم تنطلق من فراغ بقدر ما انه كان لها أسس في العلاقات الاجتماعية ,وفي البنيتين الاقتصادية ,والاجتماعية الفلسطينيتين ,وبالتالي ضحى الشعب الفلسطيني بالغالي والنفيس من اجل تحريره ,وما الترحاب الذي يجده الثوار من قبل سكان القرى وإمدادهم بالطعام إلا خير دليل على ذلك .
إذا كان الأمر كذلك فهل ستواصل المقاومة نفس المسار من خلا ل ما سوف يرد من أحداث على السنة بعض الشخصيات الأخرى ؟
.
من هذا المنطلق سوف تواصل شخصية أبو حميدي مهام التوعية للشعب الفلسطيني ,ولعل ما يقدمه من معلومات ذات صلة بالتاريخ العربي الفلسطيني لحامد إنما يريد بذلك حفظ الهوية الفلسطينية خوفا من ضياعها بسبب الإقدام على طمسها من قبل المستعمر الانجليزي ,ومن هنا يقدم ابو حميدي على توعية حامد في انتظار نضجه وإقدامه على ممارسة الموقف في إطار مواصلة مهام التاطير ,وفي هذا ينجح السارد على لسان ابو حميد في وصف دقيق لطبيعة العلاقات الاجتماعية الفلسطينية من حيث التضامن وما الى ذلك من القيم التي سادت الشعب الفلسطيني في إطار تأسيس الموقف عند حامد ومن اجل ان يشمل كل الخلايا التي يتم إعدادها من اجل مقاومة هذا الاستعمار ,في إطار استقطاب المزيد من المناضلين ,ودفعهم للاستمرار في تبني خيار المقاومة المسلحة للدفاع عن أرضهم.
ضمن هذا الإطار يلغي السارد الحدود الجغرافية التي صنعها الاستعمار نفسه بين الشعوب العربية ,ومن هنا ياتي التنسيق بين خلايا المقاومة الفلسطينية وخلايا بعض الدول العربية الأخرى وتزويدها بالوعي والعتاد الشيء الذي يفسر تدخل أبو حميدي للتعريف بجغرافية فلسطين بتعريفه لبعض القرى وبعض الجبال الفلسطينية .
ولعل الهدف من ذلك هو تحصين المقاومة بها ما دامت بعض الخلايا العربية لاتعرف جغرافية فلسطين ,وبالتالي من اجل منع الكشف عنها من قبل الانجليز أنفسهم , او من قبل بعض الجواسيس الذين يسخرهم جنود الاستعمار الانجليزي .
ان موقف المقاومة المسلحة هذا سوف يتم التراجع عنه ,وسوف يتضح ذلك من خلال موقف حامد الذي اهتم في الأخير بالتجارة ,وكسب المال ,وسوف يترتب عن ذلك إقدام الانجليز على ارتكاب مجازر في حق الشعب الفلسطيني .
وكما يعود السبب في ذلك بالدرجة الأولى إلى بعض الفصائل التي تخلت عن خيار المقاومة المسلحة أيضا يعود إلى خيانة بعض الأنظمة العربية التي تخلت عن القضية الفلسطينية ,كما يعود السبب في ذلك الى تفوق الانجليز من حيث امتلاك العتاد ,وما يفسر ذلك هو انه وان انسحب الانجليز عوضتهم عصابات الصهاينة لممارسة نفس السياسات الاستعمارية. .ومع ذلك فالمقاومة سوف تستمر بإشكال أخرى بحشد الفلسطينيين وتنظيمهم وتاطيرهم في إطار تنظيمات سياسية تختلف من حيث التاكتيك عن سابقتها ,تختلف بمرجعياتها السياسية والفكرية والإيديولوجية ,لكن الهدف هو الاستمرار في النضال من اجل تحرير فلسطين .
هكذا تنجح الرواية في التاريخ لقضية شعب مازال يقاوم الاستعمار الصهيوني في العمل على تناقل الوعي الوطني من جيل الى جيل ,ومد المقاومة بدماء جديدة ما دام العدو يرفض الانسحاب من أرض فلسطين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا