الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغريدات امريكية في غابة التويتر

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2019 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تغريدات امريكية في غابة التويتر
ردا على تغريدة جديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب على "تويتر" قال فيها " أن الولايات المتحدة "أصبحت بالغة" ولا تنوي تكبد الخسائر والهزائم في الحروب التجارية بعد اليوم". شككت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في ديمومة الدولار الأمريكي، متسائلة: كيف سيصبح الدولار لو فرضت عقوبات على الولايات المتحدة يوم واحد فقط؟ وأضافت زاخاروفا: "عشنا على خرافة وجود مملكة بعيدة.. اقتصادها لا يتأثر بأي شيء وعملتها عالمية ودائمة".
أمريكا بديونها الهائلة ومقومات انتاجها التي تعاني انحسارا كبيرا في مجال تصنيعها المدني، بما فيها الصناعات التكنولوجية العالية الدقة والنوعية، والتي فضحها الرئيس الامريكي دونالد ترامب بكشفه عن اختلال الميزان التجاري مع معظم الدول الصناعية الكبرى، لا تملك، كما قالت زاخاروفا مقومات الصمود امام أي حصار دولي عليها. ولو ان الصين لوحدها قررت خوض حرب اقتصادية عليها، فمن غير المعلوم كيف سيكون مصير الاقتصاد الامريكي حينها.
اضاف ترامب في تغريدته السابقة "بدأت الحرب التجارية الحقيقية قبل 30 عاما، وخسرناها. الآن بدأ عصر جديد مشرق، عصر من البصيرة. لن نخسر أكثر!". ولكن كيف، وما هو السبيل الذي اختارته امريكا لنفسها كي تتجنب الخسارة؟
امريكا بلا شك ما زالت دولة قوية وليست كما قال عنها الرئيس الصيني السابق ماو تسي تونغ "نمر من ورق" ولكن اقتصادها في نفس الوقت يقوم في جزئه الاكبر على انتاج وتطوير الاسلحة الفتاكة بكافة انواعها، والاتجار بها. ووصلت ميزانية وزارة الدفاع الامريكية الى حدود خيالية تفوق 700 مليار دولار.
اختارت امريكا لنفسها كي لا تخسر الحرب التجارية، كما يغرد ترامب، ان تكون المصدر الاول للسلاح في العالم. وبالمناسبة فانها بالتهديد والوعيد تفرض على الاخرين شراء سلاحها (تركيا مثالا)، كما انها وبنفس الاسلوب تتحكم اليوم "بحرية" التجارة العالمية.
وبالتالي فان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد الدولة الاولى ذات المصلحة بنشر الحروب والكراهية في كل انحاء العالم فقط، بل والدولة التي وضعت في اولويات مهامها التحكم في النمو الاقتصادي للدول الاخرى والمستفيد الاول من تدمير اقتصاد الدول الطامحة للنمو وتحويلها الى سوق لشراء منتجات الدول الصناعية، وعلى رأسها السلاح، مع الاكتفاء باقتصاد ريعي قائم على تصدير الخامات الطبيعية.
في ثمانينات القرن الماضي كانت ليبيا، مثلا، تنتج مواد غذائية بتقنية وخبرة غربية ونوعية عالية، ومن عاش هناك يذكر مثلا الشوكولاته العالية النوعية التي كان يصنعها الليبيون، الا ان انتاجها بقى مسنودا من قبل الدولة لعدم توفر فرص التصدير والعراقيل التي وضعتها الدول الغربية امام استيراد المنتجات الغذائية الليبية.
في روسيا، وانا مستمر في الحديث بنفس الموضوع، في بداية الالفية الثانية، دعاني السفير العماني في موسكو لتكريمي على جهودي في تطوير العلاقة في مجال الصناعات الحرفية بين عمان وروسيا، وكان مدعوا للمشاركة في هذه الاحتفالية عدد من سفراء الدول العربية، بما فيهم السفير السعودي الذي قرر الحديث معي على هامش الاحتفالية على انفراد، وصارحني بأنهم في السعودية ينتجون العديد من انواع المواد الغذائية بتقنيات وخبرات غربية وهي مناسبة بأسعارها نظرا للدعم الذي تحصل عليه من الدولة، وسألني عن امكانية التعاون مع روسيا في مجال استيراد منجاتهم.
احسست عندها، وكنت حينها رئيسا لمكتب استشاري روسي يهتم بالشؤون الاقتصادية، كم تعاني الدول المنتجة للخامات الطبيعية من مشكلة تصدير منتجاتها الصناعية الاخرى، بينما هناك تساهل تلمسته بنفسي مع السلع المصدرة من دول اخرى لا تملك تلك الخامات الطبيعية مثل المغرب وبنغلاديش وغيرها. فعن أي حرية للتجارة وعن أي اقتصاد حر يمكن الحديث في عالم تسوده قوانين الرأسمالية المتوحشة وايديولوجية الليبرالية الحديثة.
كل شيئ، كما تقول اغنية روسية "تحت السيطرة"...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصانان طليقان يركضان وسط العاصمة البريطانية لندن


.. مشاهد لسيارة تسير عكس اتجاه السير في بريطانيا




.. «الأيام» تزور المرحلة الأولى من السجون المفتوحة في «سجن جو»


.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ




.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها