الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا ودور الطبقة العاملة!

عادل احمد

2019 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ان الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين الشعبية بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة بعد فشل المفاوضات بينهما حول التبادل التجاري.. وخلقت هذا الحرب الاقتصادية أزمة سياسية واقتصادية وقلق في أوساط الشركات والمؤسسات المالية العملاقة حول العالم. ان الرأسمالية العالمية متشابكة تشابكا تاما بحيث من الصعب جدا التميز حول انتماء الشركات او المؤسسات الصناعية والمالية تبعيتها الوطنية او المناطقية.. وان هذه الخاصية هي احدى سمات الرأسمال العالمي تقريبا في العقدين الأخيرين وخاصة بعد انهيار الكتلة الشرقية واندماج سوقها في الأسواق العالمية.. ان معاقبة الصين اقتصاديا من قبل امريكا هي ايضا مرحلة جديدة في تعميق الأزمة الاقتصادية العالمية و انحدار الاقتصاد الأمريكي (والذي كان يعرف بالاقتصاد غير المتزعزع وغير المتأثر مهما تغير الاقتصاد العالمي!! والاقتصاد المدعوم بالدولار القوي بلا منازع) .. وأيضا بروز العملاق الاقتصادي العالمي في الصين والتي على وشك ابتلاع اقتصاد أفريقيا واسيا وأمريكا الجنوبية وعلى وشك ان تبتلع الأسواق الامريكية والأوروبية ببضاعتها الرخيصة وغير القابلة للمنافسة ودور الدولة الصينية في توجيه حركة كل الرأسمال في الاستثمارات بقبضة من الحديد ومخطط بمشاريع الدولة . ان الاقتصاد المتنامي والضخم قد اضعف دور ومكانة امريكا عالميا وخاصة في المجال الاقتصادي وهذا بدوره قد تضعف المكانة السياسية ايضا وخاصة بعد فشل سياسات امريكا في ميادين عديدة ومناطق مختلفة كما في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وشرق اسيا وحتى في أوروبا الشرقية .. ان جنون امريكا من الاقتصاد الصيني بلغ حدا عليها القيام بشيء من اجل وقفه وان تحاول إعاقته او الأصح تأخير نموها وسيطرتها العالمية.. وان الحرب الاقتصادية هي الشر الذي لابد من إشعالها من قبل السياسيين الأمريكان بشطريهما الديمقراطييين والجمهوريين لوقف زحف الصين واحتلالها السوق العالمية.. ان هذه الحرب الاقتصادية هي حرب مدمرة لكلا طرفي الصراع وحتى للاقتصادلرأسمالي العالمي بمجمل حركته غير القابلة على ان تجيب على متطلبات المجتمع المعاصر من جهة تراكم الرأسمال بمقدار خيالي وغير القابل للتصور حيث انحصر في عدة شركات وحتى في عدة أشخاص ، ومن جهة اخرى تراكم الفقر والحرمان على سائر المجتمع البشري وعدم وجود الاستقرار النسبي في حياة ومعيشة المواطنين على الرغم من العمل الشاق ووجود التكنولوجيا في مجال الصناعات والإنتاج . وان هذه الحرب الاقتصادية هي ضربة ايضا لجميع الشركات والمؤسسات الصناعية العالمية الأخرى والتي تتشابك مع الاقتصاد الصيني متلاصقة برساميلها وإدارتها .. وفي التحليل النهائي ربما تؤخر هذه المحاولة تفوق الصين عالميا لفترة من الزمن كما اشار دونالد ترامب اليها عندما قال لا تستطيع الصين ان تصبح الاقتصاد الاول في نهاية العشرينيات من العقد القادم بهذه الإجراءات والمعاقبة الاقتصادية… ولكن عالم متعدد الأقطاب اقتصاديا وسياسيا وعسكريا هو من نتائج حركة الرأسمال العالمية.
ان تأثير هذه الحرب الاقتصادية على الحركة العمالية والشيوعية كبيرة جدا ، حيث تفضي هذه الصراعات الاقتصادية الى فقدان الوظائف العديدة وتعمق أزمة البطالة والتي رافقت الأزمة الاقتصادية منذ عام 2008 وازدياد حرمان المواطنين من شراء حاجياتها الضرورية .. وأيضا لها تأثير اخر والتي هي اكثر ضرورية ومهمة وهي خوف الحركة العمالية والشيوعية من الانتقام الرأسمالي عندما تحاول استلام السلطة السياسية.. اي ان الخوف من الحصار الاقتصادي ومعاقبة الدول وحكومات عمالية بحرمانها الاستيراد وتصدير البضائع وتبادلها عندما تحاول الاستلام السلطة السياسية اي خنقها اقتصاديا.. وان هذا الخوف من قبل العمال والكادحين على الرغم من انه في محله ولكنه يثقل كاهل التفكير في النضال العمالي وان هذا الخوف سوف يكون مثل كابوس كلما حاول العمال الاستيلاء على السلطة السياسية. ان تخيل حرمان مجتمع ما بسبب سياساته هي اكبر قلق تواجهه النضال الطبقة العاملة بالضد من النظام الرأسمالي.
ان اانهاء هذه الصراعات والحروب الاقتصادية هي من مقدرة الطبقة العمالية العالمية.. لان الصراع بالأصل هي من اجل تقسيم الثروة وحصة الأغنياء من سرقة عمل العمال اي سرقة نتاج قوتها ودمها والتي حرمت منها بسبب ملكية البرجوازية لوسائل الإنتاج .. ان العمال ينتجون البضائع في أنحاء العالم ويتم تبادل هذه البضائع في الأسواق بين الرأسماليين والطبقة البرجوازية وتتحول الى النقد وتتراكم في البنوك وتتصارع الطبقة البرجوازية بينهما حول سرقة اكبر مقدار ما يمكن من نتاج عمل العمال .. الصين معروفة برخص اجور العمال واستثمار طاقة وقوة العمال في اكثر الشروط غير الانسانية وبحقوق متدنية ومعروفة بقمع كل الحركة العمالية إذا أرادت الاحتجاج والمطالبة بحقوقها .. وان استخدام أطفال العمال والايدي العاملة النسوية الرخيصة وشروط العمل البائسة هي التي مكنت من كون البضائع الصينية اقل تكلفة وان تدخل في منافسة الأسواق والبضائع عالميا بلا منازع .. وان امريكا اصيبت بجنون رخص البضائع الصينية وتطالب بحصتها من هذه السرقة والتي تتوفر لدى حكومة الصين الشروط السياسية لخلقها.. ان الصين تمر بفترة تشبه ما مر به الاتحاد السوفيتي في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي عندما اجتاح نمو الصناعة العملاقة في الاتحاد السوفيتي السابق اكبر مقدار من قوة العمال الرخيصة وتراكم اكثر الرأسمال بيد الدولة لاستثمارااكثر في الصناعة والإنتاج . والصين الحالية تحتاج الى اكبر مقدار من العمل الرخيص واستثمار اكبر مقدار من هذه الثروة في صراعاتها ومنافستها في الأسواق العالمية لكي تصبح صاحب اكبر اقتصاد في العالم.. وان الطبقة العمالة في الصين وحركتها السياسية بامكانها تغيير مسار هذه الحركة وبإمكانها حد حكومة الصين من سرقة نتاج عملها مقابل اجرة رخيصة وان استرداد قسم اعظم من نتاج عملها وتحسين ظروف عملها ومعيشتها كفيلة لوقف الحروب الاقتصادية العالمية .. ان كلفة الإنتاج في امريكا عالية نسبيا مقارنة ببقية الدول في العالم بسبب النضال العمالي والاحتجاجات العمالية اليومية والمطالبة الدائمة بحقوقهم ..وان هذا النضال ضروري في كل مكان وفي كل الدول من قبل الطبقة العاملة العالمية لاسترداد جزء من عملها وحقوقها من الجيوب الرأسمالية والبرجوازية .. واليوم يحتاج النضال العمالي الى بناء حركة اممية اكثر من اي وقت اخر بسبب تشابك وصراع الرأسمال عالميا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن