الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلافه مع عبد الكريم قاسم واستقالته

سعد سوسه

2019 / 5 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اعداد الدكتور : سعد سوسه
بدأت بوادر الفتور تعتري العلاقة بين فؤاد عارف وعبد الكريم قاسم، منذ قيام الاول بالتصدي لاعمال ونشاطات الشيوعيين ( الاستفزازية ) في كربلاء، عندما كان متصرفا لها كما ذكرنا سابقا، اذ امتعض عبد الكريم قاسم من تصرف فؤاد عارف تجاه الشيوعيين، الذين كانوا على علاقة جيدة بعبد الكريم قاسم ، كذلك اثرت شهادة فؤاد عارف امام المحكمة العسكرية الخاصة العليا ( محكمة الشعب ) في قضية عبد السلام محمد عارف، على علاقته بعبد الكريم قاسم، الذي كان يطمح بأن تكون الشهادة اكثر انحيازا له، ويشير فؤاد عارف الى ذلك بقوله : ان عبد الكريم قاسم لم يكلمه لاكثر من شهر بسبب شهادته امام المحكمة .
كما ورد اسم فؤاد عارف ضمن قائمة الوزراء الذين ستشكل الحكومة منهم، فيما لونجحت ما عرفت بـ ( مؤامرة ) رشيد عالي الكيلاني للاطاحة بحكم عبد الكريم قاسم، والتي كان من المؤمل القيام بها في التاسع من كانون الاول عام 1958 ، لقد تفاجأ فؤاد عارف بذلك، لانه لم يكن على علم ودراية بالموضوع، حتى انه الح على عبد الكريم قاسم بأن يطلب من هيئة التحقيق في القضية، الافصاح عن اية صلة له ان وجدت، وفعلا لم تكن له صلة بالموضوع، وانهم اختاروه لمجرد كونه " رجل طيب " حسب تعبيرهم ، ولم يبد عبد الكريم قاسم اهتماما واضحا بذلك، اذ قام بتعيين فؤاد عارف وزيرا بعد مدة قصير ة، ما يدل على ايمانه بعدم وجود علاقة لفؤاد عارف بتلك القضية .
اخذت ملامح حالة الفتور بين الرجلين تتضح بعد ان صار فؤاد عارف وزيرا للدولة، ولعل من اهم الاسباب التي ادت الى اتساع حجم الهوة بين عبد الكريم قاسم من جهة وفؤاد عارف من جهة اخرى، هي كثرة الانتقادات التي كان يوجهها فؤاد عارف للطريقة التي كان يتبعها عبد الكريم قاسم في معالجة بعض القضايا، فكان فؤاد عارف يتعامل مع عبد الكريم قاسم بأسلوب المصارحة والنصح وعدم المجاملة في الأمور التي كان يعتقد انه من الضروري ان يكون صريحا فيها معه، لا سيما انتقاداته للاسلوب الذي تتعامل به المحكمة العسكرية العليا الخاصة ( محكمة الشعب ) مع المتهمين . ومن ابرز المحاكمات التي اعترض فيها فؤاد عارف، كانت محاكمة وزير الداخلية الشهير في العهد الملكي ( سعيد قزاز )ولد محمد سعيد قزاز في السليمانية عام 1904، واتخذ لقب القزاز من مهنة اجداده الذين كانوا يربون دودة القز، تولى مناصب ادارية عدة في العهد الملكي، من ابرزها منصب وزير الداخلية بين عامي 1953-1958، كما يعود له الفضل في انقاذ بغداد اثناء فيضان نهر دجلة في عام 1954، وقوله المشهور: (( لا انام حتى ينام دجلة )). ، الذي صدر بحقه حكما يقضي إعدامه شنقا، وذلك في الرابع والعشرين من شباط عام 1959 ، فتأثر فؤاد عارف كثيرا لذلك، كما استاء من الممارسات التي قام بها الشيوعيون داخل قاعة المحكمة تجاه سعيد قزاز، فذهب في اليوم التالي لصدور الحكم على عبد الكريم قاسم، لثنيه عن تنفيذ ذلك الحكم وتغييره، الا ان فؤاد عارف كان حادا في كلامه مع عبد الكريم قاسم، فيذكر انه قال له بالحرف الواحد : لقد فقدت العدالة من هذه المحكمة، باتت محكمة المهداوي مهزلة ليس الا ، وكان رئيس المحكمة العقيد ( فاضل عباس المهداوي ) ولد في بغداد عام 1915، تخرج في الكلية العسكرية عام 1939، اشترك في انتفاضة عام 1941 وحرب فلسطين عام 1948، انيط اليه منصب امر اللواء الاول بعد ثورة 14 تموز، ثم اختير رئيسا للمحكمة العسكرية العليا الخاصة ( محكمة الشعب ) التي شاعت تسميتها باسمه ( محكمة المهداوي ). قتل مع عبد الكريم قاسم في مبنى الاذاعة والتلفزيون ظهيرة يوم 9 شباط عام 1963، بعد انقلاب 8 شباط، الذي اطاح بحكم عبد الكريم قاسم، وزارة الارشاد، دليل الجمهورية لسنة 1960، حاضرا في ذلك اللقاء، فقال فؤاد عارف له متسائلا عن تلك الجلسة : (( أمحكمة كانت الجلسة التي حضرتها امس ام مهزلة ؟ )). فلم يجبه المهداوي بأية كلمة ,ويذكر ان عبد الكريم قاسم قد وعد فؤاد عارف بعدم تنفيذ الحكم ضد سعيد قزاز، الا انه لم يوف بعهده ، ويبدو لضغوطات الداخلية والخارجية التي خضع لها عبد الكريم قاسم خلال تلك المدة الخطيرة من حكمه، جعلته يقدم على اعدام سعيد القزاز ويخل بوعده لفؤاد عارف اعدم مع سعيد قزاز ثلاثة من رجال العهد الملكي، وهم بهجت العطية مدير الامن العام، وعبد الجبار فهمي متصرف لواء بغداد، وعبد الجبار ايوب مدير سجن الشيوعيين، ولم يكن في مقدور عبد الكريم قاسم مواجهة الدعاية المصرية ضده، والتي كانت تتهمه بقتل رفاقه من الضباط الاحرار والابقاء على رجال العهد السابق، كما استفز الشيوعيون عبد الكريم قاسم لدفعه لتنفيذ حكم المحكمة، فيذكر انهم عملوا لافتة كبيرة عليها: (( عبد الله الشاوي وكامل قزانجي تحت التراب وسعيد قزاز وبهجت العطية ينعمان بالحياة ))، وقد وضعوها على واجهة المقهى امام باب وزارة الدفاع لاستفزاز عبد الكريم قاسم وتذكيره بشكل يومي.
واتخذ فؤاد عارف موقفا مماثلا في قضية الضباط القوميين، الذين اتهموا بالمشاركة في ( حركة الشواف ) قام العقيد الركن عبد الوهاب الشواف الذي كان يشغل منصب آمر اللواء الخامس في الموصل، بمحاولة للاطاحة بعبد الكريم قاسم في 8 / اذار / 1959، الا ان الاخير تمكن من القضاء على عبد الوهاب الشواف وحركته ، ولا سيما معارضته لاعدام كل من الزعيم الركن ناظم الطبقجلي، والعقيد رفعت الحاج سري اذ كانت تربطه بهما علاقة ودية تمتد الى ما قبل ثورة الرابع عشر من تموز، فيذكر فؤاد عارف، انه قد علم بقرار تنفيذ حكم الاعدام بهما في مساء يوم الثامن عشر من ايلول عام 1959، حين حضر الى مبنى وزارة الدفاع لحضور اجتماع مجلس الوزراء، فوجد كلاً من رئيس مجلس السيادة الفريق محمد نجيب الربيعي والزعيم الركن محي الدين عبد الحميد جالسين في غرفة الحاكم العسكري العام انذاك ( احمد صالح العبدي ) احمد صالح العبدي: ولد ببغداد في عام 1912، تخرج في الكلية العسكرية عام 1934، تخرج في كلية الاركان عام 1941، حاز على شهادة الحقوق في عام 1950، اصبح رئيسا لاركان الجيش وحاكما عسكريا عاما بعد ثورة 14/ تموز / 1958، وبقي في منصبه حتى انقلاب 8/ شباط / 1963 ، الذي كان حاضرا معهما، وقد بدا الحزن والالم على وجوه الثلاثة فاستفسر فؤاد عارف منهم عن سبب ذلك الحزن المخيم على تلك الجلسة، فاخبروه ان عبد الكريم قاسم قرر تنفيذ حكم الاعدام بناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري، وحين علم من محمد نجيب الربيعي انه لم يستطع عمل شيء لثني عبد الكريم قاسم عن قراره، بادر فؤاد عارف بالدخول الى مكتب عبد الكريم قاسم في محاولة منه لثني الاخير عن ذلك القرار، وسط ترحيب من محمد نجيب الربيعي، ويشير فؤاد عارف انه عندما رجا عبد الكريم قاسم أن لا يقدم على هذا العمل قال له : (( لا تتدخل في هذا الموضوع، هؤلاء خونة وانا قررت اعدامهم، وهؤلاء متآمرون ويريدون اغتيالي ويريدون ان يهدموا الثورة ) ، ثم احتد النقاش بينهما الى الحد الذي جعل عبد الكريم قاسم يمسك بياقة فؤاد عارف ودفعه خارج الغرفة مؤكدا رفضه للنقاش بالموضوع .
كما عمل فؤاد عارف على تحسين العلاقات بين عبد الكريم قاسم من جهة، وزملائه من الضباط الاحرار من جهة ثانية، وانعاشها بعدما شهدته من فتور بسبب الخلافات التي دبت فيما بينهم، فقام فؤاد عارف باقناع عبد الكريم قاسم بزيارة كل من العقيد طاهر يحيى الذي وضعه عبد الكريم قاسم تحت الاقامة الجبرية، بعد احالته على التقاعد بسبب موقفه من محاولة رشيد عالي الكيلاني واتصالاته بالضباط القوميين ، والزعيم الركن ( ناجي طالب ) " ولد عام 1917 في الناصرية، تخرج في الكلية العسكرية في عام 1938 , انهى دراسته في كلية الاركان عام 1946، عمل مرافقا للملك فيصل الثاني في عام 1954، كما عين ملحقا عسكريا في لندن ثم آمرا للواء الخامس عشر في اواخر حزيران عام 1958، عين وزيرا للشؤون الاجتماعية بعد الثورة ثم استقال من منصبه في شباط عام 1959، وعين وزيرا للصناعة بعد انقلاب 8 / شباط / 1963، ووزيرا للخارجية عام 1964، ثم اصبح رئيسا للوزراء في اب عام 1966، ولغاية ايار عام 1967،الذي استقال من منصب وزير الشؤون الاجتماعية في السابع من شباط عام 1959، فضلا عن اعتقاله مع بقية الضباط القوميين، الذين اتهموا بالمشاركة او تأييد حركة الشواف ، لكن عبد الكريم قاسم آمر بأطلاق سراحه بعد يوم واحد من اعتقاله ، ويذكر فؤاد عارف انه طلب من عبد الكريم قاسم زيارة طاهر يحيى الذي كان مريضا بقوله : ( ان لطاهر يحيى حقا عليك، وهو زميلك وضابط من الضباط الاحرار، وله حق في ان تزوره، ) ، وفعلا ذهبا معا لزيارة طاهر يحيى ,الذي فرح كثيرا وشكرهما على زيارته، كما قاما بزيارة ناجي طالب بعد ذلك، وكان لتلك الزيارتين وقع طيب في نفس عبد الكريم قاسم، الذي بدوره شكر فؤاد عارف على مبادرته تلك ، لقد كانت تلك المبادرة بمثابة خطوة باتجاه محو الخلافات بين عبد الكريم قاسم وخصومة من الضباط الاحرار، والتي لو استغلت بشكل افضل لساهمت في تقليص دائرة الاعداء لعبد الكريم قاسم، واعطت المزيد من الوقت لاستمرار حكمه فيما بعد .
ومن جانب اخر، فقد اسهمت التقارير السرية المكتوبة ضد فؤاد عارف في تأزم العلاقات بينه وبين عبد الكريم قاسم، لكن بشكل محدود حين كان في الوزارة، اذ يشير فؤاد عارف ان بعض الشيوعيين كانوا يكتبون تقارير ( ملفقة ) ضده، لا سيما اثناء جولته التفقدية في الموصل وبعض الألوية الشمالية، والتي جاءت بتكليف رسمي من مجلس الوزراء بعد انتهاء حركة الشواف فيها، اذ ذهب فؤاد عارف لغرض تقصي الحقائق وتهدئة الاوضاع في تلك المناطق ، ويشير فؤاد عارف الى انه لاحظ تغيرا واضحا من قبل عبد الكريم قاسم تجاهه بعد عودته من تلك الجولة، فقد استقبله الاخير ببرود ولم يسأله عن نتائج الجولة ولا عن انطباعاته عن الاوضاع هناك والجهود التي بذلها، بينما كان يعتقد ان عبد الكريم قاسم متلهفا لسماع اخبار تلك الجولة . الامر الذي جعله يبادر بالحديث وحين لم يجد اذنا صاغية له قال لعبد الكريم قاسم متعجبا : ( لماذا تتجاهل جولتي في الشمال ؟ وقد ذهبت بقرار من مجلس الوزراء ) فرد عليه ان يكتب تقريرا ويقدمه الى مدير الخطط العسكرية الزعيم الركن ( طه الشيخ احمد ) طه الشيخ احمد: ولد عام 1917 في العمارة وهو من اصل بغدادي، احيل على التقاعد في عام 1953 لميوله الشيوعية، اصبح بعد الثورة مديرا للخطط العسكرية بوزارة الدفاع، وكان من اخلص ضباط عبد الكريم قاسم الذي جعله مديرا لاستخباراته العسكرية الخاصة، وعرف عنه تعاونه مع الشيوعيين، الا انه اختلف معهم في عام 1960، أعدم مع عبد الكريم قاسم بعد انقلاب عام 1963، ، فامتعض فؤاد عارف من ذلك وطلب من عبد الكريم قاسم ان يتحقق من صحة ما قاله عن الوضع في الشمال بنفسه
وفي السياق ذاته قام عبد الكريم قاسم بعد اشهر عدة من تلك الحادثة، بإطلاع فؤاد عارف على احد تلك التقارير السرية التي كتبها احد القياديين في الحزب الشيوعي في كركوك، وهو الرئيس المتقاعد (فاتح ملا داود الجباري) فاتح ملا داود الجباري: من مؤسسي الجبهة الوطنية وسكرتير لجنة انصار السلم في كركوك، يعد احد ابرز مخططي احداث العنف التي وقعت في كركوك في ( 14-16 ) تموز عام 1959. وهو كردي وكان صديقا لكل من عبد الكريم قاسم وفؤاد عارف، اذ يصف فؤاد عارف ذلك الموقف أنه كان طريفاً ومؤلماً في ان واحد، فيشير الى انه ذهب الى وزارة الدفاع للتوسط لدى عبد الكريم قاسم لاطلاق سراح فاتح الجباري، الذي اعتقل بعد الحوادث الدامية التي حدثت في كركوك بين يومي ( 14-16 ) تموز عام 1959 ، اذ اتصل أهل الاخير بفؤاد عارف لغرض مساعدته، وحين طلب فؤاد عارف من عبد الكريم قاسم اطلاق سراحه فتعجب الأخير لموقف فؤاد عارف، فلما سأله عن سبب تعجبه، جلب عبد الكريم قاسم من غرفة السكرتير رسالة مكتوبة بخط يد فاتح الجباري موجهة الى قائد الفرقة الثانية في كركوك الزعيم ( داود الجنابي ) داود الجنابي: ولد عام 1918في بغداد، عضو في الحزب الشيوعي، اصبح قائدا للفرقة الثانية في كركوك، في 17 / اذار / 1959، خلفا لناظم الطبقجلي، اودعه عبد الكريم قاسم السجن في 19/ حزيران / 1959، قتل يوم 11 / شباط / 1963. ، كتبها اثناء جولة فؤاد عارف في المنطقة الشمالية، فقام عبد الكريم قاسم بقراءة بعض فقرات تلك الرسالة بحضور احمد صالح العبدي، وورد فيها مايلي : ( ان فؤاد عارف سيأتي الى كركوك بعثه عبد الكريم قاسم بتأثير نجيب الربيعي واحمد صالح العبدي للقيام بجولة في المنطقة الشمالية لتهدئة الاوضاع فيها .. اعرف يا داود ان فؤاد عارف اذا جاء المنطقة فانه سيؤثر على الديمقراطية الموجهة التي تبنيناها .. ثم من هو فؤاد عارف ؟ انه عميل الرجعية والاستعمار والإقطاع والأغوات، والشيوخ الإقطاعيون والرجعيون كلهم متهيئون لاستقباله . كما انه صديق عبد الكريم قاسم وسيؤثر عليه، لذلك يجب ان نعمل لإفشال هذه الجولة .) ، ويبدو ان داود الجنابي قد حرض عبد الكريم قاسم ضد فؤاد عارف قبل عودته الى بغداد، ما جعل عبد الكريم قاسم يعامله بالطريقة التي ذكرناها سابقا، وعلى الرغم من سماع فؤاد عارف لتقرير فاتح الجباري ضده، لكنه اصر على موقفه المطالب بأطلاق سراح الاخير .
يتضح مما تقدم، ان تلك التقارير ضد فؤاد عارف لم تجعل ثقة عبد الكريم قاسم به تهتز كثيرا، وان الخلافات التي حدثت بينهما خلال تلك المدة، كانت نتيجة للإرهاصات التي رافقت مسيرة ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، لذا فان تلك الخلافات لم تؤدي بالعلاقة بينهما الى حد القطيعة، كما حدث فيما بعد .
اثرت التطورات السياسية التي رافقت المسألة الكردية في العراق بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، على طبيعة العلاقة بين فؤاد عارف وعبد الكريم قاسم، اذ دخلت تلك المسألة مرحلة جديدة من مراحل تطورها في تأريخ العراق المعاصر، بعد ان حظيت باهتمام الاوساط السياسية في العراق خلال الحكم الملكي فيه، وشغلت المؤسسة العسكرية العراقية بها طيلة تلك المدة، لذا كانت مسألة معالجتها وحلها من ابرز المبادئ التي اتفق عليها الضباط الاحرار قبل الثورة، الذين عدوا ايجاد حل عادل لها من اهم مرتكزات تعزيز الوحدة الوطنية في العراق ، وبدوره كان فؤاد عارف يؤمن بضرورة ايجاد حل مناسب لتلك المسألة، يضمن الحقوق القومية للكرد ضمن اطار الجمهورية العراقية ، وهو بذلك لم يبتعد كثيرا عن مبادئ الثورة .
اخذ فؤاد عارف على عاتقه منذ الأيام الأولى للثورة، القيام بدور الوسيط بين الحكومة العراقية من جهة، والحركة الكردية من جهة ثانية . لا سيما بعد ان وجدت الاخيرة فيه المؤهلات للقيام بذلك، لكونه جزءاً من الحكومة الجديدة ومن المؤسسة العسكرية التي ترتكز عليها من جانب، فضلا عن انتمائه القومي الكردي وتعاطفه مع ابناء جلدته وقضيتهم من جانب آخر، لذا سعى بعض القادة الكرد لاقناع فؤاد عارف بالقيام بتلك المهمة، وفي هذا السياق يشير فؤاد عارف الى الزيارة التي قام بها ( إبراهيم احمد ) ابراهيم احمد: ولد في عام 1914 في السليمانية، ونال شهادة الحقوق في عام 1937 من بغداد، وهو محام و كاتب صحفي معروف ناصر الحركة القومية التحررية ايام دراسته الجامعية وتعرض للملاحقة بسبب كتابه ( العرب والاكراد ) اصدر في عام 1939، مجلة ( كلاويژ ) بالكردية، وهي مجلة سياسية وادبية، في عام 1947 انتمى للحزب الديمقراطي الكردي، الذي انتخبه سكرتيرا له في مؤتمره الثاني في عام 1951، وبعد اندلاع الثورة الكردية في عام 1961، اضطر لمغادرة بغداد الى الجبال ليقضي حياة سرية هناك، ثم استقر في لندن بعد انهيار الحركة الكردية في عام 1975، حتى توفاه الأجل فيها في 8/4/2000. سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني ( البارتي ) بارتي( (Party: مصطلح انكليزي يعني حزب استخدم في اللغة الكردية، اذ شاع استخدامه على الحزب الديمقراطي الكردي الذي تأسس عام 1946، واختير الملا مصطفى البارزاني رئيسا له في مؤتمره الاول الذي انعقد في بغداد بتأريخ 16 اب 1946، بشكل سري، ويعرف حاليا بالحزب الديمقراطي الكردستاني، بعد تغيير تسميته السابقة في المؤتمر الثالث للحزب في عام 1953، ويرأسه الان مسعود البارزاني نجل الملا مصطفى. له في كربلاء، في الثامن عشر من تموز أي بعد قيام الثورة بثلاثة ايام، برفقة احد اعضاء اللجنة المركزية للحزب ، وخلال تلك الزيارة طلب منه ابراهيم احمد ان يقوم بنقل رغبة الحزب الديمقراطي الكردستاني الى عبد الكريم قاسم، بضرورة ضمان حقوق الشعب الكردي في الدستور الجديد للبلاد، وبعد ان طلب فؤاد عارف منه ان يكتب الصيغة التي يعتقد انها تضمن تلك الحقوق، قام بإيصالها وعرضها على عبد الكريم قاسم، بعد اخذه الموافقة المبدئية من رئيس مجلس السيادة محمد نجيب الربيعي في ذلك .
وتجدر الإشارة الى ان الدستور العراقي المؤقت، الذي صدر في السادس والعشرين من الشهر نفسه، نصت المادة الثالثة منه على ان العرب والاكراد شركاء في الوطن، كما اقر الدستور حقوق الكرد القومية ضمن الوحدة العراقية ، وفي اليوم التالي من صدور الدستور رحب ابراهيم احمد به مؤكدا تمسك الكرد بالإخوة الكردية – العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر