الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى [ ج2]

الطيب آيت حمودة

2019 / 5 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


…./….
نهاية حقبة تركية ... وبداية استعمار جديد ! .

°°الحقبة العثمانية التركية بما فيها من سلبيات وايجابيات رسخت قيم الجهاد البحري الذي حول المحروسة إلى ( بازار كبير ) للسلع المنهوبة في عرض البحر المتوسط ، وهيمن الأتراك بجيشهم الإنكشاري و فرقته اليولداشية بقوة الحديد والنار على الجزائريين الذين لم يصلوا إلى المناصب العليا في بلادهم ( كالباي أوالداي) ، وبانكسار الأسطول في واقعة نافارين البحرية 1827 تحول الأتراك إلى سياسة التضييق على الجزائريين بالضرائب والمكوس لتعويض مداخلهم من عائدات البحر ، فالأتراك لا يختلفون عن المستعمرين الآخرين سوى في كونهم مسلمين تربطهم مع الجزائريين القرابة الدينية وعقيدة الإسلام ، غير أن تمردات وثورات واستقلالات عديدة سجلها التاريخ ضدهم وضد سلطتهم المستبدة مثل استقلال إمارة بن القاضي ( إمارة كوكو ) ، وإمارة إث عباس ببلاد الزواوة ، وثورة أحمد بن الأحرش الدرقاوي بالبر الوهراني ، وثورة أحمد التيجاني بأولاد ماضي ، وغيرها كثير . وقد لخص محمد يوسف الزياني وصف الأتراك في كتابه [دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران ] قائلا :
[... واعلم أن الأتراك لما تمهد لهم الملك بالجزائر كثر ظلمهم وفسادهم وعتوهم في الخلق ، وعنادهم بحيث لا يليق أن يُذكر ما كانوا فيه من الظلم والمناكر ، وتواتر ذلك على الألسنة بغاية المتواتر ، فاشتغل العلماء في ذكر ذلك في نثرهم ونظمهم ....] [1]
°°لاشك وأن الأتراك استعانوا ببعض القبائل أو عائلات منها كقبائل مخزنية تخد مهم بالمعلومات و جمع الضرائب و التجنيد في صفوفها لقمع الخصوم والمتمردين في جهات مختلفة من القطر الجزائري ، فقبائل المخزن عديدة ففي جهة وهران مثلا خمسة أعراش جالية: ( الدوائر ، والزمالة ،والغرابة ، والبرجية ، والمكاحلية ) ، وفي كل بلاد الجزائر كانت قبائل مخزنية تخدم لسلطة التركية وتقدم أبناءها كجيش احتياطي لها ،وفي بلاد الزواوة يُروى بأن فيها فرقة من الزواوة كانت في خدمة الأتراك جعلوها منطلقا لتأسيس [جيش الزواف ]، فقد أشار المؤرخ Henri Aucapitaine بأن أخطاء ارتكبت في القول بأن الأتراك كان لهم فيلق نظامي من القبائل باسم الزواوة ، والحقيقة هي أنه كانت لهم قوة من المشاة تحمل هذا الإسم ( لكن جنودها من العرب ) ، ويقول كذلك بأن إسم الزواوة يتكرر باسم فرقة أخرى مساعدة غير دائمة تقبع على مشارف مدينة الجزائر يقودها آغا تركي كان عدد الزواوة القبائل فيها قليل جدا . [2]
ونفس الشيء يؤكده المؤرخ ) Gaston GANGLOFF بقوله لا يجب الخلط بين الزواوة وايقاوون الكبرى ، و قبيلة صغيرة أخرى منها تسمى بنفس الإسم كانت تقوم بدور المخزن في ضواحي دالي براهيم وكان رجالها يعملون مرتزقة عند الدّاي ) [3]
°°فالجزائريون الذين انخرطوا في صفوف الجندية التركية عربا كانوا أو أمازيغ ، كانوا جيشا احتياطيا في خدمة الإيالة التركية مهمتها الأساس استخدامها في جمع الضرائب وكبح جماح المتمردين لنفس جنسهم ، مصداقا للقول القائل [من أجل اصطياد ذئاب بلوشستان يجب الإستعانة بكلاب بلوشستان ] ، والأتراك رغم طول مدة حكمهم لبلادنا لم يستطيعوا اختراق البلاد و كسب ود ساكنتها واكتفوا بعلائق نفعية متينة مع قبائل المخزن وهو ما يفسر سهولة سقوط هذا النظام وفرار الداي حسين بعد تسلمية العاصمة بما خف وزنه وغلا ثمنه باتجاه قبرص ثم الأسكندرية ،كما فر جند الأتراك الإنكشاريين باتجاه تركيا تاركين الجزائريين يجابهون القوة الإستدمارية بأنفسهم .
°° فالجزائريون الذين انخرطوا في صفوف القوات الفرنسية الغازية آنذاك لهم دوافعهم أكثرها وضوحا انتقامهم من نظام استعماري تركي جائر بان عوره في الكثير من المواقف ، أو لحاجة للوظيفة بعد حل الجيش الإنكشاري وهو ما أظهرته دعاية الماريشال دو بورمون بوعود مغرية وعلاوات كبيرة الأمر الذي جلب 500 متطوع بأوضاع مختلفة ومن أصول متباينة كراغلة وسود بساكرة قبائل ....[4]

°°جيش إفريقيا . Armée d Afrique
الجيش الفرنسي الغازي للجزائر في صائفة 1830 أصطلح على تسميته بجيش إفريقيا . Armée d Afrique وهو على صنفين :
1) تنظيم أوربي خالص ( ضباطه وجنوده كلهم من الفرنسيين ) يتشكل من:
أ : الزواف جيشه أوربي خالص لا وجود فيه لعناصر جزائرية منذ 1841.
ب : اللفيف الأجنبي Légion étrangère.
ج: القناصة الأفارقة Chasseurs d Afrique
د : فيالق الهندسة الخفيفة الإفريقية Bataillons d infanterie légère d Afrique
فالتنظيمات العسكرية أعلاه فرنسية/ أوربية لا وجود فيها للجزائريين ، ورغبة منها في تلبية حاجياتها للقوة فقد عمدت لتجنيد الجزائريين في وحدات أخرى لكن بأمرة ضباط وقادة فرنسيين .

وجيش من الجزائريين لقتل جزائريين مثلهم ؟ !

2) تأسيس جيش من ألأهالي الجزائريين .
الجيش الفرنسي الغازي لبلادنا لم يكن بمقدوره السيطرة على المناطق التي احتلها أو كسب أراضي جديدة ، فهو يحتاج إلى مساعدة من أهالي البلد ، وهو ما فعله ويفعله كل المستعمرين عبر التاريخ القريب والبعيد ، وفي كل القارات والبلدان ، لهذا فكر المارشال دو بورمون [ 5 ] في اشتخدام الأهالي الجزائريين ضد الجزائريين خاصة وأنه لاحظ قوات جاهزة وفرها حل الجيش (الإنكشاري / اليولداشي) واتساع ظاهرة البطا لة بينهم ، فبدأ يفكر في الإستفادة منهم ، وهو ما جسده وحوله خليفته [ كلوزيل ] كما سنعرفه لاحقا ـإلى واقع بتأسيس جيش افريقيا الثاني مشكل من الأهالي الجزائريين هي :

أ) تنظيم زواف ZOUAVES من الأهالي الجزائريين بداية ( قبائل ، عرب ، كراغلة ، أندلسيين فلاحين ناقمين على قسوة الحكم التركي ) ثم مختلط فرنسي جزائري وقد استبعد الجزائريون من هذا التنظيم نهائيا بأمرية 1841 , نشاط فرق الزواف ووحداتها سواء في الجزائر أو خارجها لم يشارك فيه الجزائريون لا كضباط ولا كجنود وإنما شاركوا في تنظيمات أخرى هي :
ج)القناصة الجزائريون Tirailleurs algériens ويعرفون اختصارا ب (Turcos) ثم بعدها قناصة المغرب وتونس .
د) الصبايحية ( السبايس) Spahis التنظيم الذي اسسه ( يوسف ) بعد سقوط العاصمة مباشرة ، وهو التنظيم الذي اعتمدت عليه فرنسا في ضبط وقهر الأهالي إلى غاية 1870 ، ، مع ظهور تنظيم المكاتب العربية من الباشاغاوات والقياد مثل بن قانا ، وبن علي الشريف ، والمقراني ، وبوعكاز ..... وهو التنظيم الذي قهرت به فرنسا الجزائريين وأذلتهم بأيادي جزائرية . فالسبايس spahis استمر تنظيمه وتطور حسب الظروف إلى وقت الثورة التحريرية .
ه) القومية المغاربة Goumiers marocains
و) فرق المهاري الصحراوية ( المهاريست الشعانبة )
ز) وحدات المدفعية والهندسة والصيانة والخدمات .

°°كل هذه التنظيمات لها (اسمها الرسمي) ، و( قوانينها )، و(ضباطها )و(شاراتها) و (أعلامها الخاصة التي ترمز لها ) .
°°فالجيش الفرنسي العامل في الجزائر إذا هو على صنفين ، [ فرنسي /اوروبي ] و [ محلي عميل وخائن ] ، وفرنسا نجحت في ضرب الجزائريين بالجزائريين تحقيقا لنزعتها الإستدمارية .

°°من خلال تنظيم الجيش الإفريقي في شقه الثاني ، يتضح أن فرنسا لم تكن قادرة على السيطرة و الهيمنة إلا بمساعدة من هم أهل البلاد الذين تذكرهم المراسلات العسكرية باسم ( العرب ، أو الأندجينا ) ولا أدري لماذا يركزون على تخوين منطقة الزواوة و الخيانة طافحة ظاهرة وبشدة في تنظيمات عسكرية أخرى هي أشد بأسا و أكثر هولا.... كالسبايس ، والتيرايور الجيريان ، و المكاتب العربية !؟ .

الهوامش-----------------------------------------------------------------------
[1] أنظركتاب( طلوع سعد السعود في أخبار وهران والجزائر واسبانيا للآغا عودة المزاري ص 360.)
[2] أنظر Henri Aucapitaine ، les kabyles et la colonisatoin de l’algérie الصفحات 126 ,127 .
[3] أنظر كتاب le corps des zouaves. Le regiment des zouaves 1830 -1852 Gaston GANGLOFF année -1893 pages18 ،
[4] أنظر ) المرجع السابق Gaston GANGLOFF ص 13 . )
[5] Maréchal de Bourmont قائد الحملة لفرنسية لاحتلال الجزائر ، قائد القوات الفرنسية لمدة شهرين ، سقط بسقوط لويس العاشر ، تولى منصبه خلفه (الجنرال كلوزيل) الذي أسس رسميا فرق الزواف العسكرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزواف الجدد
سعيدو ( 2019 / 5 / 30 - 19:22 )
ولمذا أنت تكتب بنفس عنصرية واضحة جدا ضد اخوانك في الوطن من العرب في الوقت الذي تحاول أن تبرئ طائفتك من كل ما اتهمت به تأريخيا وكان الأحرى بك أن تكون على الاقل شبه محايد في موضوع تأريخي كهذا

اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة