الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقفه من انقلاب 8 شباط 1963

سعد سوسه

2019 / 5 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اعداد د . سعد سوسه .
أصبح فؤاد عارف بعد استقالته من منصبه من المعارضين لحكم عبد الكريم قاسم، لاسيما بعد موقفه الأخير من المسألة الكردية كما ذكرنا سابقاً. وخلال المدة التي تلت استقالته من الحكومة، كان فؤاد عارف على اتصال مع زملائه الضباط ممن عارضوا عبد الكريم قاسم من قبل، لاسيما عبد السلام محمد عارف الذي زاره في منزله بعد الإفراج عنه في الخامس والعشرين من تشرين الأول عام 1961 أحمد فوزي ، المصدر السابق ، ص32 . ويذكر أن عبد الكريم قاسم توجه في الساعة الحادية عشرة مساءً إلى سجن معسكر الرشيد وطلب إحضار عبد السلام محمد عارف ، ثم أخذه وأركبه سيارته الخاصة إذ توجها نحو قناة الجيش وبعد ساعتين عاد الى وزارة الدفاع وجلسا يتحدثان حتى الساعة الرابعة صباحاً ، ثم غادروا نحو الاعظمية إلى دار عبد السلام محمد عارف ، وطرق أحد المرافقين باب منزله ، فخرجت أحدى قريبات عارف التي أنذهلت وصرخت أن عارفاً مع اللواء قاسم قد جاء إلينا ، ثم خرجت زوجة عبد السلام وأطفاله وتعانقوا ، وقبل عبد الكريم قاسم أطفال عبد السلام محمد عارف ، كما كان على اتصال مستمر بطاهر يحيى الذي تربطه به علاقة وطيدة، فضلاً عن قيام أحمد حسن البكر بزيارته في منزله مرتين خلال تلك المدة ، ومن خلال تلك اللقاءات أطلع فؤاد عارف على ما كان يخطط من انقلاب للإطاحة بعبد الكريم قاسم، كما اطلع على دور حزب البعث العربي الاشتراكي في التخطيط للانقلاب، ويشير فؤاد عارف أنه خلال تلك المدة كانت أجهزة الأمن تراقبه وترصد تحركاته ، دون ان يتعرض لأيه مساءلة او تحقيق.
أعتقد فؤاد عارف أن التخلص من حكم عبد الكريم قاسم، سيسهم في أيجاد جو سياسي يختلف عما كان سائد في عهده، لذا أيد فكرة الإطاحة بعبد الكريم قاسم، لاسيما أنه كان يرى ان مخططي الانقلاب خليط من المدنين والعسكر، سيساعد في تقليص احتمالات انفراد العسكر بالحكم، لأنه توصل إلى أن العسكر لا يصلحون للحكم ، فاقترح على طاهر يحيى ان تتولى الحكم في حالة نجاح الانقلاب شخصية سياسية مدنية، ذات خبرة وتجربة سياسية، ويشير إلى أن طاهر يحيى قد طلب منه ترشيح شخصية لتولي رئاسة الوزراء، فأقترح عليه ان يتولى حكمت سليمان هذا المنصب، وفاتحه فؤاد عارف بهذا الشأن، فأبدى موافقته على تولي المسؤولية بشرط ان لا يمكث في المنصب أكثر من ستة أشهر ، غير أن تلك الفكرة جوبهت بالرفض من احمد حسن البكر، الذي أعرب عن خشيته من عدم مقدرة حكمت سليمان بالنهوض بأعباء الوزارة لكبر سنه، ولكن فؤاد عارف أصر على مقترحه معبراً له أن حكمت سليمان شخص جدير بالمسؤولية ، كما ان طاهر يحيى زار حكمت سليمان للتأكد من موقفه ، ويبدو أن مخططي الانقلاب كانوا لا يحبذون تلك الفكرة بالأساس، وما ابدوا تجاوباً معها إلا مجاراة لفؤاد عارف ليس الا، كما سنلاحظ ذلك فيما بعد.
التقى فؤاد عارف أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي آنذاك ( علي صالح السعدي )، الذي طلب اللقاء بفؤاد عارف لتوضيح وجهة نظر حزب البعث تجاه المسألة الكردية في العراق، وحصل اللقاء في دار زعيم الجو المتقاعد كاظم عبادي في منطقة العلوية ببغداد، وكان الأخير من الضباط المناوئين لعبد الكريم قاسم، تناول اللقاء أوضاع البلاد والظروف التي دفعت فؤاد عارف للاستقالة، كما تحدثا بشأن المسألة الكردية، إذ تطرق علي صالح السعدي الى سبل حلها في حال نجاح الانقلاب، ومن جانبه أوضح فؤاد عارف له أن المسألة الكردية تهمه، لكن من الأفضل الاتصال بممثلي الحركة الكردية بشكل مباشر، فتم الاتصال عن طريق فؤاد عارف بعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ( صالح اليوسفي ) الذي كان متخفياً في بغداد آنذاك، واجتمع مع علي صالح السعدي في كانون الثاني عام 1963، وأسفر الاجتماع عن شبه اتفاق بين الطرفين على حل المسالة الكردية وتحقيق الحكم الذاتي في المنطقة الكردية . كان فؤاد عارف في منزله حين شرعت الوحدات العسكرية المناوئة لعبد الكريم قاسم بتنفيذ الانقلاب، ففي صباح يوم الثامن من شباط علم فؤاد عارف بالانقلاب من خلال سماعه للبيان الذي أعلن فيه قيام الانقلاب عن طريق المذياع، إذ تم توجيه الدعوة له للالتحاق بقيادة الانقلاب التي اتخذت من مبنى الإذاعة في الصالحية مقراً مؤقتاً لها، فارتدى ملابسه العسكرية وحمل مسدسه متوجهاً إلى دار الإذاعة، التي وصلها بعد عناء كبير في التخلص من العقبات التي واجهته في الطريق ، وحين وصل كان يعتقد أنه سيرى بعض الشخصيات السياسية المعروفة مثل حكمت سليمان وآخرين كان من المفترض تواجد شخصيات سياسية مرموقة في دار الاذاعة كالشيخ محمد رضا الشيبي ومحمد مهدي كبة ، فضلاً عن حكمت سليمان .
، بناء على مقترحه الذي ذكرناه سابقاً، لكنه تفاجأ حين لم يجد أحداً من السياسيين العراقيين المعروفين من ذوي الخبرة والتجربة السياسية، ولم يجد الا القادة العسكريين للانقلاب وقادة حزب البعث العربي الاشتراكي، لذا سأل عبد السلام محمد عارف عن أولئك السياسيين، وبحضور أحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش، فأجابه عماش بقوله : أبو فرهاد أحنا نسوي ثورة ونجيب الأفندية، ليش أحنا شبينا ؟ . وأيد عبد السلام محمد عارف ذلك بقوله : شنو أحنا شبينا ؟ ليش ما نجي للحكم ؟ ، ثم طلب عبد السلام محمد عارف منه تأييد الحكم الجديد.
أدرك فؤاد عارف في تلك اللحظة أن قادة الانقلاب - لاسيما العسكريون – قد تنصلوا من وعدهم له بقيام حكومة مدنية يرأسها حكمت سليمان، تمهيداً لإعادة الحياة النيابية في العراق، لذا كان حذراً ومتردداً في إعلان تأييده للانقلاب، إذ تذرع بعدم تمثيله لأيه جهة او قوة سياسية لتأييدهم ، ثم توجه نحو علي صالح السعدي مذكراً إياه بالاتصالات التي جرت بينه وبين ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني عن طريقه، وانه – علي صالح السعدي – يستطيع الاتصال به، ثم اتصل فؤاد عارف بصالح اليوسفي ممثل الحزب الديمقراطي الكردستاني، وابلغه ان يحضر إلى دار الإذاعة، وعند وصوله أوضح فؤاد عارف له أنه لا يمثل الحركة الكردية والحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو – صالح اليوسفي - الشخصية الكردية التي يمكنها التصرف في مسألة تأييد الحكم الجديد غيران صالح اليوسفي أخبر فؤاد عارف أنه لا يتصرف من دونه، ولما لفؤاد عارف من احترام وتقدير لدى الزعماء السياسيين الكرد، لاسيما في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وذلك لمواقفه تجاه المسألة الكردية، إذ أنه يحظى بثقة الملا مصطفى البارزاني ، لذلك قاما بكتابة تأييد الحركة الكردية للانقلاب، الذي أذيع في اليوم الأول للانقلاب الذي أنطوى على طلب الحكم الذاتي
وتجدر الإشارة إلى أنه في مساء ذلك اليوم حصلت مشادّة كلامية بين فؤاد عارف وعبد السلام محمد عارف، إذ طلب فؤاد عارف أعادة مسدسه إليه الذي سلمه بيده إلى أحد الضباط عند دخوله دار الإذاعة، غير أن عبد السلام محمد عارف استفزه بقوله : أبو فرهاد، أعطني مسدسي الذي أخذته مني، كي أعطيك اليوم المسدس الذي أخذوه منك ، فاستاء فؤاد عارف من كلام عبد السلام محمد عارف، إذ رد عليه بأسلوب قاس ومباشر حين ذكره بما حدث في مكتب عبد الكريم قاسم، فقال له : لا يا عبد السلام، لم يأخذوه مني، أنما أنا الذي أعطيتهم إياه بمحض ارادتي. أني لست ممن ينزع المسدس من أيديهم، وأنت تعرف كيف انتزعت أنا المسدس من يدك في حينه ، فتراجع عبد السلام محمد عارف عن موقفه، وأمر مرافقه بإعادة المسدس لفؤاد عارف .
وفي اليوم التالي أرسلت سيارة خاصة لمنزله، لنقله الى دار الإذاعة، وعند وصوله إليها كان عبد الكريم قاسم قد استسلم للقوات المشاركة في الانقلاب ، إذ اخبروه أنهم سوف يجلبون عبد الكريم قاسم إلى دار الإذاعة لإعدامه، الا أن فؤاد عارف أعتذر عن البقاء طالباً ان يرجعوه إلى منزله، فبالرغم من تعاونه مع خصوم عبد الكريم قاسم للإطاحة به، لكنه لم يستطع رؤيته أسيراً ثم مقتولاً ، ومهما يكن من أمر فأن تلك المشاعر لا يمكن تبرر عدم قيامه بأيه محاولة لإنقاذ حياه زميله وصديقه عبد الكريم قاسم، ولاسيما ان فؤاد عارف شخصية اشتهرت بجرأتها وصراحتها، التي طالما اعترضت على أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة الشعب (المهداوي) أيام حكم عبد الكريم قاسم، كما رأينا ذلك في اعتراضه على الإحكام التي صدرت بحق الضباط مثل ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري، فضلاً عن اعتراضه على إعدام وزير الداخلية في العهد الملكي محمد سعيد قزاز، إذ بذل كل ما في وسعه لثني عبد الكريم قاسم عن تنفيذ تلك الاحكام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتقاما من مدرسيه.. ممثل تركي شهير يشتري مدرسته التي تعلم في


.. للهروب من ضغوطات الحرب.. أهالي غزة يجدون في شاطئ رفح متنفساً




.. عاصفة ترابية تجتاح مدينة أثينا في اليونان وتحول السماء إلى ا


.. بتهمة الازدراء.. ترمب مهدد بدخول السجن




.. فيديو لتضرر مبانٍ في مستوطنة -أفيفيم- شمال إسرائيل جراء إطلا