الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أطلال ذاكرة -6-
العياشي الدغمي
2019 / 6 / 1الادب والفن
فجأة وجدتني في أعلى شجرة البلوط "فرنانة كما نسميها محليا" تلك الشجرة العجيبة ذات المكانة الخاصة والمميزة لدى جميع أبناء الدوار، المكانة التي اكتسبتها نتيجة لعطائها الوفير لأجود وأحلى وأطيب أنواع البلوط، الأخضر منه والبني، غير أن الاستمتاع بنكهته ولذته لم تكن بالسهولة التي قد يعتقدها أي مفتتن بمقولة "الخيرات الطبيعية للجميع"، لقد كان الوصول إلى ثمارها لا يؤتى إلا لمن يعشق مغامرة ممزوجة بمخاطرة واندفاع وتهور أطفال قرسهم الجوع قرسا، لقد كانت شجرة مميزة ومميزة بمعنى الكلمة، ذنب الأطفال المفتتين والمغرورين الوحيد بما تقدمه ليس سوى لكونها قررت ذات يوم أن تنبت وتنمو بقطعة أرض خاصة ومملوكة ل"رداد ولد الشعيبية"، الذي اتخذ من نفسه ومعه ابنه العسولي وكيلا عليها ومالكا لظلها وعطائها وثمارها، فعقيدتهما البدوية المؤسسة على ملكية الأرض وما فيها ومن عليها من أحجار وتراب وأعشاب وزهور وطبعا شجرة البلوط توحي لهما أن ما ينبت بقطعتهما الأرضية تلك هو ملكهما الخاص والخاص جدا ولا يحق ﻷي كان وكيفما كان نوعه أو أصله أو فصله أو تصيلته أن يطأها أو يستفيد من خيراتها، حتى وإن تعلق الأمر بتلك الشجرة البلوطية المشاكسة، لكن هيهات هيهات هيهات، لكما أيها الرداد وإبنه العسولي الذي لازلت لا أعلم لحين الساعة ما إن كان ذلك إسمه أم هو لقب مخصص له، هيهات أمام إصرار الطفولة وخفتها وجوعها إذا ما تحرك ، نعم لقد كنا نصل لبلوط "الفرنانة" رغما عن أنف الرداد وابنه، لقد كنا نخطط ببراءة ونحدد طكتيكات لبلوغ البلوط، كنا نختار الوقت المناسب والكيفية المناسبة، كنا نقسم الأدوار فيما بيننا ونشكل تحالف النفعية الطفولي، كان أسرعنا وأقوانا يتسلق ليقطف البلوط ويسقطه بينما الباقي من المجموعة يلتقط بسرعة ما تم إسقاطه وجمعه في أكياس بلاستيكية، أو في المحافظ مباشرة أو حتى في معاطفنا المهترئة التي لم تعد في الواقع تصلح إلا لمثل هذه المهمات، دون أن ننسى تكليف جاسوس أو جاسوسين يراقبان أي حركة قد تشكل تهديدا من منزل الرداد وابنه العسولي، وهكذا يتم الأمر مفرا مكرا حتى نشبع جوع بطوننا، وشغفنا الطفولي في تسلية أنفسنا بهرولات الرداد في جلبابه الصوفي الأسود وصراخه الجنوني ووعده ووعيده الذي لا يخرج عن لازمة "وبلاتي على بوكم حتى نشدكم"، هذا إن تمكن منا فعلا، وأؤكد لكم لم يسبق له يوما أن فعلها ولو لمرة واحدة، اللهم هذه المرة المشؤومة التي سيقبض علي فيها متلبسا إبنه الشرير "العسولي" دون اكتراث بوضعي المزري وحالتي النفسية المأساوية في مواجهة تلك الكلاب ...
... "يتبع"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح