الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قُتل إرهابيًا.. فنعاه القطري والسعودي والتركي معًا!

السيد شبل

2019 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن لعاقل تجاهل حالة النحيب المتواصل التي سادت في الإعلام الطافي على المستوى العربي، والممثل في: "الإعلام الممول قطريًا وسعوديًا وتركيًا، أو الغربي الناطق بالعربية كالبي بي سي والدوتشيه فيله وفرانس24.. إلخ"، وهذا بعد وفاة عبد الباسط الساروت في تركيا (نكرر: في تركيا)، بعد أن كان قد أصيب بجراح في ريف حماة، ليس وهو يُنشد أو يُطرب، وإنما وهو يقاتل ضد الجيش، ويطلق النار باتجاه صدور الجنود والضباط العرب السوريين، ويُسقط منهم القتلى والجرحي.

تلك الحالة من النحيب ليست ردة فعل عشوائية على مقتل "الساروت"، بل هي مخطط تتكامل من أجل تحقيقه العديد من المحاور، حتى ولو كانت تلك المحاور متعارضة أو متبارية فيما بينها، فالمباراة هي في العمالة، وعلى أي محور هو الأفضل خدمة الصهيوأمريكي ومشروعه التخريبي.. لذا ففي وقت الجد تجتمع القلوب والعقول على هدف واحد: وهو أن تمتليء محركات البحث الإليكتروني والفضائيات بتمجيد جنود المشروع التخريبي لحظة مقتلهم أو وفاتهم، وهذا حتى لا يُترك المجال لفضح هذا المشروع عبر تناول سيرة هؤلاء المخربين من جهة، وحتى يتم تشجيع آخرين، من جهة ثانية، على الاستمرار في القتال، مع وعد بأنهم في حال قُتلوا سيجدون حفلة ضخمة لتأبينهم مثلما حدث مع غيرهم.

أي أن الهدف من هذا المسار هو تعويم وتجميل النموذج "الجهادي" وعدم ترك أي مساحة للحديث عن جرائمه، وجعله بالزور والكذب نموذج مرغوب وثوري ومرادف للبطولة والشهرة ويستحق التعاطف!، وسيلعب هذا الهدف الخبيث دور لاحق في جذب عناصر شابة/مراهقة إلى ميادين قتال أخرى سواء في الوطن العربي أوخارجه.

الحقيقة أنه لا مفر من الاعتراف بأن تلك الآلة الإعلامية التي تدافع عن الإرهاب والتخريب في بلادنا قوية ومؤثرة إلى حد كبير، وتقف خلفها المليارات من عوائد النفط، والتي مكنتهم من توظيف الكوادر المهنية من بلدان عربية غير خليجية في الواقع، كما لا تجد رادعًا يمنعها من استغلال الدين والتجارة بالعواطف والتلفيق، كما تسندها العواصم الغربية بكل ما لها من خبرات وثقل (ولا يُنسى أن الجزيرة القطرية اعتمدت بالكلية في بنائها على طاقم وإدارة البي بي سي بالإضافة للمساهمات الفرنسية)، كما لا مفر أيضًا من الاعتراف بأن الوسائل الإعلامية التي تسكن الضفة الأخرى والتي يفترض فيها أن تواجه تلك الآلة الإعلامية التخريبية، تبدو في كثير من الأحيان بين نوعين: الأول، فقير أو متوسط من حيث الأداء العام والحرفية والتقنيات المستخدمة، والثاني، محترف لكن خجول عند المواجهة ويحتاط لنفسه كثيرًا، لدرجة أن مواجهته تصبح أقرب للدعم، مما يثير الشكوك والتساؤلات حول ودّ كامن لدى هذا النوع تجاه الفكر الإخونجي وما انبثق عنه!.

بالعودة إلى "الساروت"، نجد أنفسنا بصدد محض شاب من مواليد عام 1992 تم استغفاله واللعب بعواطفه وعقله اتكاءًا على الخلفية الدينية السلفية/الطائفية لديه، واعتمادًا على محدودية ثقافته وتجربته وحداثة سنّه (والشاب في السن الصغير يكون متحمس بالطبيعة، وعلى استعداد للانجراف بسهولة، وتسحره الشهرة والتأثير في محيطه)، فأضاع حياته وأفنى شبابه في خدمة مشروع تخريبي بامتياز، ولصالح السادة في واشنطن أو تركيا أو الخليج.

أبرز ما لدينا عن بدايته، هي فيديوهات في 2012 من ساحات حمص في السنوات الأولى من الحرب، وهو يردد هتاف طائفي بامتياز: (( كلنا جهادية .. بدنا نبيد العلوية))، ثم على مدار سنوات اللاحقة:

- أسس عصابة مسلحة قاتلت ضد الجيش العربي السوري في حمص،

- صوّر فيديو من حمص في أواسط عام 2014 ممتليء بالعبارات التكفيرية والطائفية والعنيفة، ويتودد فيه لجبهة النصرة وداعش، ويُيشّر بالتكاتف معهما، ويؤكد وحدة الهدف، بعد أن كان أعضاء في التنظيمان قد هاجموا وكفروا عصابته (وهو أمر مألوف بين الحركات السلفية الجهادية)،

- بايع داعش بالفعل في ديسمبر 2014، لكن التنظيم لم يقبل بيعته واعتبرها غير كاملة،

- قفز على البيعة ونفاها، وحاول بعصابته دخول أراضي تسيطر عليها جبهة النصرة القاعدية، لكنها كانت عصابة أكبر ولم تقبل بوجود شريك مسلح لها، وتعاركا، فهرب إلى حاضنة الإرهابيين: تركيا، ثم عاد لاحقُا، وبعد فترة ضمّ تنظيمه الجديد "ألوية حمص العدية" إلى تنظيم "جيش العزة" (: وهو تنظيم إخواني متسلف ناشط في حماة وموالي لرجب أردوغان وتابع للجيش الحر، وكان قد استقبل سلاحًا أمريكيًا في أوقات سابقة من غرفة "الموم/الموك" التي تديرها الولايات المتحدة في تركيا، وهذا ثابت ومؤكد وانفضح على كافة المواقع الإخوانية، عندما اشتكى قادة الجيش من وقف الأسلحة الأمريكية نهاية عام 2017).

- قاتل الساروت مع "جيش العزة" ضد جنود وضباط الجيش السوري في ريف حماة دفاعًا عن واحد من آخر معاقل العناصر السلفية التخريبية، وجُرح أثناء المعارك، وتم إرساله لتركيا للعلاج، ومات فيها.

نحن إذن بصدد عنصر تخريبي تقليدي، حاول الإعلام الخليجي/التركي/الغربي إلباسه ثيابًا "ثورية ونضالية"، واستقبلت تلك المحاولة دعمًا من عدد من الناشطين الذين يتخفون خلف شعارات ليبرالية، ولا ندري هل تعرف المدافعات "الليبراليات"، تحديدًا، كيف سيكون حالهن، في حال لم تواجه الجيوش العربية أمثال الساروت، فتمددوا للهيمنة على المنطقة، وطبقوا أجندتهم السلفية المعادية لعمل المرأة ومظاهر الحداثة عمومًا والتي تميز بين الناس على أسس طائفية وتتدخل في نوع ثيابهم بل وأفكارهم؟!، هل يعرفن ما سبق؟ أم أن المصالح الاقتصادية، وجوازات السفر التي ستسهل عليهن الهروب حين تقع البلاد في قبضة القاعدة والداعش، قد دفعتهن لتجاهل ما يعرفن؟، وهل يعرف عموم هؤلاء الناشطين أن انتصار هذا النوع من الحركات السلفية لا يعني سوى دخول البلاد في حالة احتراب داخلي مسلح دائم، لا ينتهي؟، ولينظر من لا يعرف إلى واقع أفغانستان بعد دخول "المجاهدين وأمراء الحرب" إلى كابول في عام 1992، وكيف أن الحرب بينهم استمرت لأربع سنوات لاحقة (وحتى ظهرت طالبان فكسحت معظمهم نحو الشمال)، وتدمرت العاصمة خلال الحرب حرفيًا، وسقط عشرات الألوف قتلى، وترك الملايين منازلهم وهربوا، أو فلينظر إلى واقع المعارك التي تحدث كل حين بين الحركات التي تقاتل في سورية، وليتابع إلى أي حدٍ تقوم تلك الحركات بتكفير بعضها البعض، واستباحة دم المخالفين لها، حتى لو كانوا يشاركونها ذات الأهداف ونفس الأيدولوجيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران