الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهيدة انتفاضة آذار 1991 في الديوانية الملة طيارة علوان عودة

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2019 / 6 / 14
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


شهيدة انتفاضة آذار 1991 في الديوانية الملة طيارة علوان عودة
نبيل عبد الأمير الربيعي
بعد فشل الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في مطلع آذار 1991م , وفي يوم الجمعة 19/4/1991م الرابع من شوال وأول(1) يوم بعد عيد الفطر المبارك , امتدت يد الغدر من قبل رجال الأمن وأزلام البعث الآثمة المجرمة إلى دار الملة طيارة علوان (أم عبد الزهرة) , فبعد أن اقتادوها صباحاً الساعة السادسة إلى مديرية أمن الديوانية ثم إلى سجن التسفيرات , عادوا إلى دارها الساعة الواحدة بعد الظهر , ليقتادوا ولديها (سهيل عبد الله حسين التميمي طالب مرحلة الرابع كلية الطب) والشاعر نجم عبد الله حسين التميمي , وكان يقود مفرزة إلقاء القبض عليهما أمين سر الشعبة ضامد شاكر الفتلاوي من آل بشير من سكنة المشخاب(2) , وبمعيته مفوض الأمن فتحي الركابي , والعنصر البعثي محمد حمد حميد , ومفوض الأمن نجاح (ابن عيوشة , من أبناء مدينة الكوت) , وعضو فرقة حزب البعث عدنان حبيب العرداوي , ورائد الأمن ومسؤول الشعبة السياسية في المديرية ناجي مظلوم , ومقدم الأمن (مدير الجوازات) صبار الدليمي , وملازم الأمن رائد مكي نزال , وملازم الأمن رعد جودي العبودي (الذي شارك فعلاً بإعدام ملّة طيارة وبشهادة شهود وموثقة).
تمَّ اقتياد كل من ( سهيل ونجم التميمي) إلى مديرية أمن الديوانية بعد عصب أعينهم , فضلاً عن استخدام السباب والشتائم التي لا تطاق بحقهما , لكن صبار الدليمي رغبًّ أن يعذبهم (نجم وسهيل التميمي) , فطلب التأخير في اقتيادهم قائلاً : ((حتى نريكم كيف نزيل بيتكم)) , ثم بعد تجريف الدار وضعوهم في صندوق سيارة الأمن نوع لشفروليت / كابرس بيضاء اللون , وهم يستهزئون ويشتمون.

منذُ الليلة الأولى من اعتقالهم في محاجر مديرية أمن الديوانية , لم يتصور أحد بأن نجم التميمي صاحب الجسم النحيل , الضعيف البنية , يكون بهذه الشجاعة والقوة والمنطق , فقد خرج لهم من أحد المحاجر بعد أن تركت بابه مفتوحة لغرض التهوية , انقض على أحد الحراس وانهال عليه ضرباً , وعندما انتبه الحرس الآخر ضربه كذلك , فحصل شجار وجلبة الأصوات بين عناصر الأمن , وكان همهُ أن يحصل على بندقية أحد الحراس ليقتل منهم عدداً , ولكن باءت العملية بالفشل وعرفت غايته من قبل بقية حرس المديرية , وتكالبوا عليه من كل حدب وصوب وأوسعوه ضرباً وتمزيقاً , وهنا عمَّ الهدوء وانهار نجم.
لكن عناصر الأمن كانوا مرعوبين من صوته الذي هزَّ جدران مديرية أمن الديوانية وهو يهتف وبصوتٍ عالٍ (الموت لصدام , يسقط صدام , الموت للبعث والبعثية , يسقط البعث المجرم) , أرعب وأبكى صوته جميع سجناء مديرية أمن الديوانية , كان موقفه هذا في وقت كان فيه السجناء يستجدون الحياة ويجهلون مصيرهم , وهم يتساءلون : (هل يحالوا للمحاكم أم سيتم إعدامهم فوراً؟) , الكل يعلم أن مصيرهم التصفية الجسدية , لكن العروق جفت والدموع توقفت والأفواه مفتوحة من الموقف المرعب والخوف الذي يعمً محاجر الحجز , لقد تعبوا رجال الأمن من الرعب , ومن ضرب نجم التميمي , واستمر نجم يهتف بأعلى صوته متحدياً لهم (أعدموني , الموت لصدام , يسقط صدام , الموت للبعثية , يسقط حزب البعث) , كان رائد الأمن ناجي مظلوم المشرف على تعذيبه.
لكن عناصر الأمن تعبوا وهم يحاولون معه لأن يسكت قائلين له : (ولك كافي , بس , اسكت , خلينة أنام , تعبتنه) , وأخيراً وضعوه في محجر لوحده , بينما بقية المحاجر كانت ممتلئة بما لا يقل عن (20) معتقل لكل محجر , كانت دشداشته البيضاء قد اصطبغت باللون الأحمر من دمه وشدة التعذيب والضرب.

بعد أسبوع من اعتقالهم تمَّ عرضهم على بعض المندسين بين السجناء من أعضاء حزب البعث وهم كل من (مفوض دفاع مدني رعد حسان الجناحي عضو فرقة , وعضو حزب البعث ستار كموش) , لتشخيص المشاركين فعلاً بانتفاضة آذار 1991م . ثمَّ تمَ نقلهم إلى بغداد في سيارة نوع ريم تحمل (57 معتقل) , وقد أطلق عليهم بعد ذلك في مديرية الأمن العامة (مجموعة الـ57) , في منتصف الطريق (ديوانية – بغداد) وعلى الخط السريع ثار نجم التميمي وضرب أحد الحراس وقفز من السيارة وهو يهتف (فلتحيا الحرية) , لكن الحرس عالجوه بإطلاقات نارية من بنادقهم فاردوه قتيلاً وهو حالماً بالحرية , بعد وصولهم محاجر أمن بغداد تمَّ إعدام كل من اعتقل من المشاركين في انتفاضة آذار , وبقي الشاهد الحي الوحيد على عمليات الإعدام سهيل عبد الله التميمي , الذي أطلق سراحه فيما بعد وأكمل دراسته في كلية الطب , ليصبح طبيباً في مراكز الصحة في مدينة الديوانية.
إلى نجم الشاعر الثائر , لقد قَلّت الرجال , ولم يفعلوا ما فعلت , رحمك الله وأسعدك بجنان الخلد , نُم قرير العين في أحضان والدتك وأغفوا بحجرها.

المصادر
1- رسالة الدكتور سهيل عبد الله التميمي التي وصلتني بتاريخ 24/6/2015م يصف واقع حال عائلته وكيف تمَّ اعتقالهم من قبل عناصر أمن الديوانية بتاريخ 19/4/1991م بعد فشل الانتفاضة.
2- تمَّ اغتياله عام 1993م من قبل تنظيم إسلامي داخل مدينة الديوانية, كتبت عن التنظيم في صفحات لاحقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري