الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبيع يزحف إلى تونس.. والمقاومة حاضرة

السيد شبل

2019 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بدرجة ما.. لفت المجال السياسي التونسي الأنظار إليه خلال الفترة الماضية، وذلك بسبب الاحتجاجات التي وقفت خلفها أحزاب وجماعات قومية ويسارية، وكانت موجهة ضد حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد (الحليف لحزب النهضة الإخواني)، والسبب كان ما اعتُبر اختراق صهيوني جديد لتونس من بوابة السياحة.

ما فجّر القضية برمتها، وأثار غضب المعارضة الوطنية التونسية كان تقريرًا بثته القناة 12«الإسرائيلية»، وأعادت فضائية الميادين عرضه، ويظهر فيه مجموعة من السياح الصهاينة أثناء زيارتهم معبد الغريبة اليهودي في مدينة جربة جنوب شرقي البلاد، ثم قيامهم بجولة سياحية في تونس، رافعين شعارات «تمجد إسرائيل وجيشها»، وتظهر في التقرير سائحتان، لتقولا: "فليبارك الله جميع جنود الجيش الإسرائيلي"، "تحيا إسرائيل وتحيا تونس"!!.

ثم ما زاد من معدل الغضب هو تداول أخبار تفيد بتجول الفوج الصهيوني قرب المنزل الذي اغتيل فيه القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد)، وكانت عناصر من "الموساد" قد اغتالته في بيته بتونس عام 1988، بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

هذا الأمر كان طبيعي أن تراه المعارضة التونسية إهانة صارخة للشعب، ومؤامرة صريحة على مستقبله وتطوره.. وقد توجهت صيحات الإدانة باتجاه وزير السياحة التونسي روني الطرابلسي (يهودي الديانة)، وتم اتهامه بتأمين رحلات لصهاينة للمشاركة في موسم "حج الغريبة"، وكان فرع "لائحة القومي العربي" بتونس، قد نبه مبكرًا في بيان بنوفمبر 2018 إلى أن: ((الطرابلسي، والذي يحمل الجنسية الفرنسية، طالما كان جسرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني منذ عهد زين العابدين بن علي، وإنّ ما كان يُمارَس سرّا من تطبيع أصبح يُمَارَس اليوم في العلن، وأن تعيينه كوزير يأتي في إطار "ديموقراطية" رأس المال، وكثمرة لربيع برنارد هنري ليفي))، وأشار البيان أيضًا إلى أن: ((رونيه الطرابلسي هو صاحب وكالة أسفار تنشط في فرنسا وتونس، وأنه ينظّم رحلات ذات طابع تطبيعي، ويؤمّن رحلات من مطار بن جوريون إلى مطار جربة جرجيس الدولي، وأن ذروة نشاطاته عندما استقدم وزراء صهاينة أشهرهم وزير الخارجية سيلفان شالوم، كما لـ"رونيه" مواقف داعية للتعايش مع الصهاينة، ويعتبر من يطالبون بالتحرير الكامل لفلسطين عنصريين!! كما أن تواصله مع قيادات حركة النهضة الإخوانية جليّ، ورئيس النهضة هو من اقترح اسمه كوزير بطلب من أطراف خارجية )).

ورغم محاولة الحكومة التونسية التلطيف من الواقعة، عبر نفي "الجنسية الإسرائيلية" عن اليهود الذين زاروا المعبد وقاموا بالجولة، إلا أن صحفيين ونشطاء تونسيين أكدوا "إسرائيلية" السائحين اليهود، وأن بعضهم يحمل جنسيات مزدوجة، وأن الحكومة تُغمض عينيها -عامدة- عن "الجنسية الإسرائيلية"، أو أنها متهاونة أو أجهزتها الاستخبارية ضعيفة، كذلك، وفي إطار دفاع الحكومة التونسية عن نفسها، أوضحت أن المنزل الذي تم التجوال بالقرب منه ملك لرجل أعمال تونسي، ويبعد عنه قرابة 4 كيلومترات عن المنزل الذي اغتيل فيه أبو جهاد، لكن العجيب في موقف الحكومة التونسية وعدد من داعميها، هو توجيه سهام الغضب نحو الفضائيات العربية التي نبهت إلى هذا السقوط في الوحل التطبيعي، الأمر الذي وصل بأحد مؤيدات الحكومة إلى اعتبار ما يجري من تنديد عربي بالتطبيع: "هجوم على الثورة التونسية"!، كما كانت فرصة لتتصاعد الأصوات المدافعة عن التطبيع أساسًا، لتحاول تبرير الأمر، ولوم الحكومة على نفيها!.

ومن المعروف أن الزيارة «الدينية االيهودية» لمعبد جزيرة جربة في تونس ليست بالحدث الجديد، وهي فرصة يسعى الكيان الصهيوني للاستثمار فيها بهدف إحداث ثغرة في الجدار الصلب الذي تمثله المقاطعة الشعبية العربية للتطبيع، وهذه عادة "تل أبيب" أن تستغل تلك الأحداث لتكون بمثابة الجسر الذي يوصلها إلى الشارع العربي.

المعارضة التونسية رفضت بشكل قاطع كل التبريرات الحكومية، وطالب نواب كتل المعارضة بمجلس نواب الشعب، باستدعاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ومساءلته.. وما منح المعارضة الثفة في نفسها ووهبها الإحساس بإمكانية كسب المواجهة، هو موقف الشارع العربي في تونس الرافض للتطبيع والمناصر بقوة للقضية الفلسطينية.

وقد نظمت أطياف المعارضة التونسية، أول الأسبوع الجاري، يوم غضب، تنديدا بـ"محاولات التطبيع مع إسرائيل"، وتضمن البرنامج وقفتين احتجاجيتين، بالإضافة لمسيرة بشارع الحبيب بورقيبة، وردد خلالها المشاركون هتافات تدعو الى إقالة وزير السياحة وإصدار قانون يجرم التطبيع، وتؤكد على عروبة تونس.

كما دعا مرصد "الهيئة الوطنية لدعم المقاومة ومناهضة التطبيع" إلى التسريع في سن قانون يجرم التطبيع.

المؤكد أن ثمة مقاومة حقيقية في تونس لأي توجه من الحكومة في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومعارضة لأي اتجاه نحو تعميق التعبية الاقتصادية والسياسية للقوى الغربية (مثال: معارضة اتفاقية الأليكا التي ستحول البلد إلى محض سوق للبضائع الأوروبية، وستعزز من هيمنة الشركات الغربية على تونس)، لكن المؤسف أن هذا التوجه المقاوم والمعارض في تونس، يتم التعمية عليه حاليًا، ولا يحظى بالاهتمام الكافي من جانب الإعلام المهيمن عربيًا، والذي تموله العواصم الخليجية، كما أن هذا التوجه المعارض بالطبع لا يلقى دعمًا من جماعة الإخوان (التي تؤثر بشكل قوي في مواقع التواصل)، كونها ركن أساسي في حكومة يوسف الشاهد اليوم، ومن ذات الباب فات على كثيرين متابعة أخبار المظاهرات التي حصلت في تونس مع انطلاقة العام الماضي 2018، بسبب قضايا تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب، وتوفي فيها المتظاهر "خمسي اليفرني".. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على أن المؤسسات الإعلامية التي تزعم دعم انتفاضات والنشاطات الجماهيرية، لا تفعل ذلك إلا عندما تتسق تلك الأحداث مع أجندتها هي للتغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في