الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة : هو والبحر والأوغاد

فضيلة معيرش

2019 / 6 / 19
الادب والفن


بزغتْ خيوط تلك الليلة الشتويّة الباردة باكرا على أحلامه المؤجلة ، تتعانق ظلمة حالكة في رهبة غير مألوفة تمتزج فيها رهبة دكنة البحر بوجه ظلمة السماء ، تظل عينا أكرم في زحمة التأمل شاردتين تحدقان بكثافة الألم
والأمل،ترسمان خلف جدار الصمت ملامح التردد. رُكِنَ قاربٌ تقليدي صغير التف حوله هو ورفاقه الذين تجاوز عددهم الخمسة عشر شابا تبدو مشاربهم مختلفة وخيباتهم مشتركة ، تتأهب أمواج الشاطئ الساكنة لتعانق محرك
القارب، يزداد صراخ بعضهم يستعجلونه للالتحاق بهم يزداد نبض
تردده : اصعدْ أكرم لا مجال للتردد، سندخل أدغال المجابهة نكون هناك بعد أيام ،التفتوا لصاحب القارب بعدما أخذ ثمن رميهم للمجهول كما ارادوا تعلوا محياه ابتسامة مودعة قائلا : ودعت العشرات من هنا ...أغلبهم هناك .
كتم أكرم حشرجة دمع مباغت وقال لرفيقه طارق: وبعضهم التهمه وجه الجحيم صمت طارق ثم قال:هذا خيارنا يارفيق المحن، سبع سنوات ونحن نطرق أزقة الهوان والذل لم نحصل حتى على ثمن ما نلبس ، يسير بنا قطار
العمر للعقد الثالث تاهت بنا بوادر الأمل ، سنصير شيوخا يارجل ولا مستقبل يفتح بابه لنا ...فتح اكرم باب التذمر وهو يتذكر دعوات والدته له كل صباح قال: باعت
مجهوراتها اوهمتها أانني سأبدأ تجارة مع أحدهم ستطاردني دموعها .
تخرج زفرات متباعدة من شفتي الشيخ لخضر والد أكرم، سكبت زوجته رشيدة زفراتها ككل مرّة بوجه التذمر، قالت وهي تقبض على زناد التربص والحيرة :خرج أكرم منذ يومين من البيت ولم يعد من عادته مهاتفتنا،
راح الشيخ لخضر دون أن يحرك ساكنا يغير قنوات التلفاز بجهاز التحكم وكأنه لم يأبه لما قالته . صب اهتمامه على نشرات الأخبار وما تبثه من حوادث متفرقة ،التفت إليها معقبا : هاتفيه لنطمئن عليه، عزلته هذه الأيام لا تروقني
ردّت بصوتها المشجون : هاتفه لا يستجيب واكملت :اخبرني أن رحتلة الأولى للتجارة قد تكون لمكان بعيد ومعزول .
ثقبت صرخة الشيخ لخضر وجه السكون وهو يشير بسبابته كمن أصيب على حين غرة بصعقة كهربائية ارعشت كل جسده :الأوغاد في كل مكان ...بقت أعين الأم رشيدة شاخصة في شاشة التلفاز ترصد حركات شرطة السواحل
وهي تعلن غرق عديد الشبان من حيهم والأحياء المجاورة ، واسم اكرم وحيدها يتصدرهم .اسندت جسدها الجامد المتهالك من صدمته كجبل جليدي تهاوي بلحظته دون ما مؤشرات اسندتها اكف عزاء بنتيها بشرى وابتهال ، وقد نُقِلَ
الشيخ لخضر لمشفى قريب ، لتهدئته بحقن مخدرة...وهو يردد دون هوادة : الأوغاد في كل مكان ...قتلوه ..قتلوهم ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد