الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والدور الاسرائيلي

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2019 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أضحت القضية السورية، جزءاً أساسياً من قضايا الشرق الأوسط، وأي حل للوضع السوري، صار مرتبطاً بصورة مباشرة، بالتسوية الشاملة لقضايا المنطقة، المعقدة، والتي ماتزال عصيّة على الحلّ منذ نشوئها قبل ثمانين عاماً. والواقع فإن ذلك، لا يبعث على الأمل باقتراب توصل الأطراف الدولية لإيجاد تسوية، يتوقف فيها العدوان الواسع على سوريا، والذي تنخرط فيه قوى مانعة للحل الدولي، إلا وفقاً لتصورات أستانا، والتي قادت بدورها الى وضع الشمال السوري، في أتون جحيم لا حدود له. ومع إصرار موسكو على تجاهل دعوات المجتمع الدولي لوقف عملياتها العسكرية، استطاعت إفشال جلسة مجلس الأمن الخاصة بسوريا، الثلاثاء الماضي، معطلة أية جهود في هذا السياق.
تواصل موسكو، العمل في إطار استراتيجيتها، للحيلولة دون أي تدخل للأمم المتحدة، قد يقود إلى فرض مشاركة دولية في التسوية، بعد أن عطلت مسار جنيف، وأجهضته بمساندة المبعوث الدولي السابق استيفان دي ميستورا، سيئ الذكر والعمل. واليوم، تعيد تسويق فكرة وشروط أستانا، من جديد، كقاعدة لاتخاذ " خطوات عملية لتسوية الأزمة في سوريا " وفقاً للخارجية الروسية، التي أعلنت عن لقاء مرتقب حول ذلك، يضم مستشاري الأمن في كل من روسيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل الإثنين المقبل. ويمكننا أن نلحظ في هذا التوجه، ثلاث نقاط أساسية، مهمة: مكانه، وأجندته، ودور اسرائيل في المنطقة.
تبدو القدس، مكاناً غير اعتباطي الاختيار لتعقد فيه، ما يراد لها أن تكون " قمة أمنية " تنطوي على أهمية غير عادية، بشأن قضايا المنطقة، إضافة لكونها مؤشراً دالاًّ على المضي في تكريس كل من البيت الأبيض واسرائيل، لمدينة القدس كعاصمة " أبدية لإسرائيل " تنضم إليهما موسكو في اجتماع أمني من هذا النوع، في سابقة لم تحدث من قبل، على الرغم من أن انعقاده في القدس، يخالف القواعد القانونية الدولية، التي تجرّم الاحتلال الإسرائيلي والاجراءات تهويد القدس، ولا تعترف بها كعاصمة للكيان الإسرائيلي.
يراد لهذا اللقاء، أن يشكل انطلاقة شراكة جديدة. وهذا يعني أن هذه هي الأطراف الحقيقية الفاعلة والمؤثرة في قضايا المنطقة، وفي مقدمها المسألة السورية. وفي الواقع، فإن اللقاء سوف يكون مُكرّساً لمناقشة الوضع في سوريا، والعمل على إيجاد إطار تعاون مشترك فيما بينها، دون مشاركة قوى إقليمية أخرى مثل تركيا، والسعودية، وإيران. وعلى الرغم من تناول اللقاء قضية السلام في الشرق الأوسط، فإن القضية السورية حاضرة بقوة، إذ يتضمن جدول الأعمال بنوداً تتصل بأوضاع اللاجئين السوريين، وإعادة الإعمار، ومحاربة الإرهاب في سوريا - على حدّ تعبير الخارجية الروسية - ما يجعل منها نقطة مناقشات محورية.
من الواضح، أن سنوات التفاهم العسكري والأمني، بين موسكو وتل أبيب، بموجب اتفاقيات التعاون، بشأن العمليات العسكرية في سوريا، كانت مثمرة للغاية بين الطرفين، وأن الظروف قد أصبحت أكثر ملائمة، للبدء بالعمل في إطار استراتيجية مشتركة، تضم إلى جانبهما واشنطن، كراع لهذا التحالف العسكري والأمني، وبما يقود الى تعاون أوثق في الوصول الى تسوية سياسية، موسكو هي الأحوج إليه اليوم، في ظل استمرار العدوان الهمجي الروسي، على الشمال السوري، منذ أكثر من شهرين، دون ان تتحقق أهدافها.
سوف تكون إسرائيل، بموجب أية نتائج ينجم عنها اجتماع القدس، شريكاً أساسياً، في وضع استراتيجة العمل بشأن سوريا، راهناً ومستقبلاً، وأحد صنّاع القرار الدولي فيه. خاصة وأنه يتم في سياق التباحث بشأن الاستقرار في الشرق الأوسط، واعتبار المسألة السورية، واحدة من تحديات الأمن والسلام، بالطبع بالنسبة لإسرائيل وحدها.
تبوأ إسرائيل مكانة مهمة في الملف السوري، لم يكن وليد تطورات الوضع في المنطقة اليوم، ولكنه جزء من استراتيجية القوى الدولية الكبرى، خاصة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، والولايات المتحدة بصورة أساسية، والتي أعطت لإسرائيل دوراً مهماً، ليس في وضع التصورات التي تساعد في صنع القرار الأمريكي بشأن سوريا، فحسب، وإنما أخذت بوجهات نظرها، في الحفاظ على بقاء النظام الأسدي في السلطة. كما لعبت دوراً مهما في المحافل الدولية، وعبر الإعلام في إعادة تعويم النظام الأسدي، كشريك مثالي ضامن لأمن الحدود " الشمالية " واستقرار جبهة الجولان.
يأتي انعقاد هذا اللقاء، الذي وصفه مجرم الحرب بنيامين نتنياهو" قمة مهمة جدا من شأنها ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط ، في فترة هائجة وحساسة"، تزامناً مع إطلاق ترامب حملته لانتخابات الرئاسة القادمة، ومع عدم توصل مجلس الأمن إلى أي نتائج لوقف العمليات العسكرية على إدلب، ومع استمرار ارتكاب الأسد – بوتين، لجرائم حرب مهولة، دون أية إدانة او تجريم دولي واضح، لاستهداف المدنيين، والمنشأت الصحية والتعليمية، واستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً.
الجانب الآخر، يتضمن سعي موسكو للحصول على تأييد إسرائيل والولايات المتحدة، على ما تسميه مسار أستانا، عبر قمة هرم المؤسسات الأمنية، بعد تعذر اعتراف واشنطن بذلك. وسوف تنعكس نتائج اجتماع القدس على النسخة الجديدة من أستانا، التي يتم التحضير لها، ودعوة أطراف جديدة للمشاركة فيها، مثل لبنان.
استمرار الجريمة الأسدية المنظمة في سوريا، بمشاركة روسيا وإيران، هي التي ساهمت بدرجة أساسية، في تمكين إسرائيل من لعب دور بارز في المسألة السورية. يضاف إلى ذلك، تراجع أطراف إقليمية عربية (استجابة لضغوطات البيت الأبيض)عن القيام بدورها وبواجباتها وبتعهداتها التي قطعتها على نفسها، في دعم الثورة السورية، والعمل مع المجتمع الدولي لتغيير النظام الأسدي، بسبب جرائمه الكبرى، كمدخل رئيس للحل في سوريا. أصبحت تلك التعهدات من الماضي، بعد الشروع بتعويم الأسدية، خاصة في ظل ترامب، وإصرار موسكو على القتل والتدمير، والتمسك بالنظام الأسدي.. ودعم اسرائيلي غير محدود، لكل ما يحدث للسوريين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على