الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب الوظيفي والقيمي لاثداء النساء!.(1)

ماجد الشمري

2019 / 6 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مقاربة الجسد،جسد"الانثى"بالذات(وليس جسد الذكر-الرجل طبعا،لان جسد"الذكر"البشري-وكما يعتقد وسائد ثقافيا واجتماعيا وتقليديا-هو ذات فاعلة،ومقتدرة،وبأمتياز،وتكوين عقلي-روحي ومتحكم بجبلته الطبيعية،وهو كيان سيادي تاريخي متجبر بحكم تفوقه البيولوجي،وارادة خالصة ومهيمنة.اما جسد "الانثى"-وايضا كما يعتقد ومتداول،ومرر هذا الاعتقاد لعقل المرأة لتتبناه-مشاركة مع الرجل- كحقيقة فطرية قارة لاتناقش-)هو موضوع منفعل،طبيعة برية غير قابلة للتمدين والارتقاء،منزوعة الذاتية والتفرد،كتلة كاملة من اللاعقلانية والمشاعر الهشة المنفعلة،والاهواء الغامضة،مادة حية من الغليان والخضوع والاستجابة.ببساطة..الانثى:مجرد جسد،وجسد فقط لااكثر،مسلع،مشيء،موضوع ايروسي برسم الاستعمال،وقيمة للاستهلاك الشبقي المتجدد،مع غياب شبه كامل للذاتية،وضمور الشخصية الفردية،والانثى مجرد ظل تابع لذكر(ها)!.هذه القولبة العقلية والثقافية والعرفية لجسد الانثى،في التصور والمخيلة،في الثقافة والسلوك،في التقاليد الاجتماعية الثابتة والمتوارثة من ذكورية-بطرياركية مستحوذة،اختزلت جسد الانثى الى مجرد لحم،لحم شهي ينبض بالاثارة وشبق الغريزة!.انه وليمة عامرة ومفتوحة ودائمة يسيل لها لعاب الافواه الجنسية الشرهة والجائعة لقبيلة الذكور!
فجسد الانثى-المرأة،وبلا تحديد او تخصيص متفاوت،هو عبارة عن لوحة-خارطة ايروسية غرائزية بلا ضفاف،لاتستنفذ حدودها او مجالها،ادغالهاوتفرعاتها ومجاهلها غير المكتشفة وطياتها الصاخبة والضاجة والمتوهجة بجمر جحيمي متقد من الاثارة،ومولد جبارلايهدا بفوران الرغبة،ومشعل حرائق لاتنطفيء لغرائز الذكر الدائمة،ومن قمة شعرها حتى اخمص قدميها،فهي لاتكف عن ارسال اشاراتها الملتهبة،وفحيحها الساخن،وشواظ شراراتها المحملة بالنداء الصارخ!.وليس ذلك غريبا طبعا فهو طبيعي واعتيادي جدا مع التطور في ثقافة الجنس والعلاقات الحميمة.اضافة الى ان الطبيعة البايولوجية للكائنات الحية،ومن اجل استمرارها وبقاءها،ومن اجل تحقيق ذاتها وتخليد اجيالها بأعادة انتاج دورة حياتها وتجددها بزرع بذورها وتمرير جيناتها،فلابد من حقن الغريزة الجنسية بتلك الجبرية القاهرة والاحتياج الملح،وبتلك الطاقة الهائلة،والقسر المندفع والتفجر الجبار،والذي ينصاع له وباستسلام العمالقة من ذكور البشر والحيوان،حتى الارانب والفئران وانتهاءا باصغر الحشرات.ولاننا الارقى في سلم الانواع نجد ان ميكانيزمات نشاطنا الجنسي الغريزي كما ونوعا اكثر تنوعا وثقافة ورقيا ووضوحا في العنف والرقة من بقية سائر الحيوانات.،فمن لاتتلظى جنواحه بنار الشهوة لمرآى جسد المرأة وخاصة في عريها الكامل؟!لقد جعل الرجل من جسد المرأة جهازا ايروتيكيا محدثا ومفتوحا لخدمة نزعاته الشبقية بالغة الغرابة والشذوذ والتنوع في بحثه المسعور عن مكامن وبؤر جديدة توسع وتعمق وتلهب مخياله الجنسي المنفلت نحو مزيد ومزيد من التكثيف والتركيزوالاحتواء لبلوغ التخوم القصوى لليبيدو.فكان اكتشافه المعاصرلمناطق شهوية مجهولة من جغرافية وامتدادات الجسد الانثوي،وكأنه جنرال فاتح في ميدان معركة،او اركولوجي جنسي يحفر منقبا لاعن الآثار واللقى القديمة،بل عن مكنون وخبايا ومراكز الاثارة والتهيج في جسد المرأة،ليكتشف ماغاب عنه او اهمله او لم يعرفه الانسان القديم الذي اكتفى بالممارسة الجنسية الميكانيكية التلقائية ومن موردها الطبيعي،وكما ورثها من اسلافه وابناء عمومته الغوريلات و القرود!.وجد الرجل(رقمه)و(الواحه)الايروسية تحت الركام في:البظر،نقطة الg،الشفران المزدوجان،الشرج،الفم كمهبل فوقي مضاف،يد الانثى كأداة استمناء،الثديان بحلمتيهما المدببة،وغيرها من مناطق الاستجابة العصبية المثارة باللمس والفرك او الدغدغة او اللحس والمص وخلافه من ممارسات!.فصار جسد المرأة مشروعا دائما لحفريات الجنس،والبحث الدؤوب عما يزود ويضاعف من الشبق والاشباع الاوركازمي الكامل كأرتقاء ثقافي-جنسي متواصل..يوصف جسد المرأة-الانثى عادة بالجمال المدهش والمثير بكل مرتفعاته و منحنياته وطياته ومندلقاته،الخ.وهذا ليس يالمعنى الذوقي-الفني-الثقافي كتكوين بصري مبهر ومادة للتأمل الانطباعي الشكلي المنظور،كتناسق اجزاءه،ومافيه من قيمة جمالية وابداع طبيعي في تكوين وتطور الانسان. كل هذا بعيد عن عقل وغرائز الرجل-الذكر فجمال المرأة عند الرجل هو بالمعنى الجذبي الغريزي الشهوي البايولوجي التناسلي.هذا هو معنى وقيمة الجمال الانثوي لدى الذكر-الرجل،وهو مايحرك المخيلة في نسج الصورة البورنوية،وتدفق هرمونات الذكورة والانتعاض!.لسنا معنيين في مقالنا هذا بجاذبية وشبقية كل اجزاء وتضاريس ومكامن الجسد الانثوي،بقدر اهتمامنا بعضوخاص هو اصلا ليس عضوا جنسيا بقدر ماهو عضوا بايولوجيا وبأمتياز-ولكن الثقافة والتطور الحضاري المدني المعاصر جعلت منه عضوا شبقيا ومهيجاوعلامة،مادية ورمزية،ودالة جنسية!-هذا العضو الاساسي والحيوي في تصميمه وتكوينه وتطوره الطبيعي،وتخصصه من اجل البقاء،واعادة انتاج النوع،وتغذية الولائد البشرية بعد خروجها الى العالم،ولكونها كائنات هشة وضعيفة،وبحاجة ماسة للرعاية والتغذية،بأعتمادها على الام التي تمتلك الاثداء وتلبي تلك الضرورة.فالثدي هو ذلك الجزء المخصص لديمومة الحياة واستمرارها،وعليه يتوقف الحفاظ على حياة الاجيال الوليدة المتعاقبة.هذا-الثدي تحول من خزان بايولوجي لسائل الحياة الابيض-الحليب-وحصرا للوليد-الرضيع،عندما تنضج الانثى البشرية والحيوانية ويتم تلقيحها،ويتكون الجنين في احشائها،ثم يخرج للحياة مولودا،فيمده الثدي المهيأ والمعد لتلك الوظيفة الطبيعية الخاصة والمحددة بأرضاع الوليد واشباعه لحين نمو اسنانه،ليتمكن من تناول ومضخ الطعام الصلب الذي يتناوله الكبار.تحول هذا الثدي والحلمة ذات المسامات الى وظيفة مغايرة ومختلفة وطارئة هي بعيدة عن خاصيتها ودورها المعروف!.فكيف،ولماذا تحول الثدي ،هذا العضو المادي بدالته الاكثر بيانا وتعبيرا عن:الامومة-الطفولة-الحياة-الديمومة-الخصب-النماء،والاكثر ارتباطا بانتاج النوع وتجدد الحياة وورعايتها وديمومتها الى اكثر اجزاء الجسد الانثوي البشري جذبا ومدعاة للتهيج والشبق والرغبة وعلامة مركزية مميزة للغريزة الجنسية،وايقونة دالة،وواجهة معبرة عن تجليات الليبيدو؟!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اثر التطور الصناعي على الانسان
محمدعبدالجبار ( 2019 / 6 / 26 - 13:52 )
استاذ ماجد..تحية طيبة . شكراً على هذا المقال المتميز و على هذه اللغة الرصينة و الطرح الجديد .نلاحظ من خلال تماثيل الحضارات القديمة و اثارها كيف كانت تصور اثداء المرأة كرمز للامومة و العطاء و مصدر لاستمرار حياة الجيل الجديد وكانت تظهر الاثداء بشكل وااضح حتى في رسومات اوروبا عصر النهضة كرمز للانثى لا رمزاً للاثارة الجنسية . لكن بعد التطور الصناعي و قيام الرأسمالية كوحش يريد ان يلتهم كل شيء ( و قد التهم) و يوظف الانسان و يسلعه لصالحه ولتحقيق أرباح و تعظيمها ، فقد سعت كبرى الشركات من خلال دعاياتها و توجيهها للرأي و تركيزها على اهمية هذا الجزء من جسد المرأة باعتباره مركز اثارة و رغبة جنسية يجب الظفر به ، ولاستغلال المرأة و لتحقيق اعلى انتاجية من جميع اجزاء جسدها سيما الاعضاء البارزة منه ( ينجذب الانسان لكل ما هو بارز بطبيعته) ولم يتوقف الامر على ذلك فقد تم توجيه الرأي لمركز الاثارة هذا من خلال تصنيع حمالات تكبر من حجمه و تجعله اكثر بروزاً و اثارة ، و تصنيع مراهم و عقاقير لغرض تكبيره باعتباره جاذباً للجنس الاخر . فقد تم توجيه رأي المرأة قبل الرجل بأهمية هذا العضو كمصدر للاثار