الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الافتراضية(4)

حسن الشرع

2019 / 6 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يندر أن نجد رجلا أو امرأة في عصرنا الحديث في عالمنا العربي عامة وفي العراق خاصة ممن يحمل هم شعبه عارفا بظواهرالأمور ملما ببواطنها مدركا لتطوره عليما واثقا بما يجعل أتباعه مطمئنين لقيادته ..
لم اكن انوي ان اكتب في السياسة وقيد قيل عنها وفيها ما قيل الشيء من قبيل فن الممكن الى المراوغة والهلامية والدهاء والخداع والتملص والكذب الى وجوب طاعة ولي الامر، لكن مشاهدتي لاحد البرامج التليفزيونية اثار في نفسي كلام اختزنته في نفسي وكتمته في خاطري
الضيف البرلماني راح يتحدث بنبرة عالية عن بيع وشراء المناصب الوزارية ومناصب الوكالات وما دونها من مناصب الدرجات الخاصة ذاكرا ارقاما واسعارا مما حدا بمقدم البرنامج ان يعلق على الانر متهكما وساخرا حين علق على كلام الضيف بان هذه هي(علوة ) وليست عملية سياسية.
كثيرا ما نرى من المتحدثين في وسائل الاعلام من النخب السياسية يطرحون مظلوميات اراها غريبة منها شكاوى تتعلق بعدم الاستيزار من منطقة معينة او محافظة معينة او حتى من طائفة ...انا اتساءل : ماالذي سيجنيه المواطن البسيط في محافظة ما او منطقة ما او طائفة اذا استيزر شخص يشترك معه في تلك الحيثيات..وفي حالة كون ذلك الرجل البسيط استفاد من ذلك الاستيزار بموجب تلك الحيثية فهل يصح ذلك.
هموم المجتمع هي ذاتها صورة المجتمع السالبة والسلبية من حالات الفقر والجهل والمرض والبطالة وتعاطي المخدرات والعنوسة والطلاق والترمل واليتم والانتحار والتنمر الاجتماعي وسوء الخدمات وتدني مستويات الوعي الفكري والثقافي والفني بل وحتى التربوي والتعليمي ومن المؤكد ان المستويات الاخيرة وردت لاحقا ليس من باب تقليل الشان اوالاهمية او باعتبارها ترفا فكريا بل انها وردت في اخر القاىمة لتحظى بتركيز اكثر على اعتبار ان الوعي والثقافة والفنون هي معيار ومقياس للحركة الاجتماعية هبوطا او صعودا
الموضوع برمته متعلق بالشرعية الاخلاقية لقيادات البلاد قضائيا وتشريعيا و اداريا..اذ ان السؤال الذي يدور في اذهان الناس : ما هو المسوغ الاخلاقي للمسؤول الذي يعرف ان وجوده لايقدم شيئا للناس قياسا الى امتيازاته وانما يضيف الكثير الى ماله وجاهه وتاثيره..
من ناحية الشرعية الدستورية والقانونية فانه لاغبار على مشروعية وشرعية وجوده باعتبارها افرازا سياسيا دستوريا لعملية سياسية شكلها انتخابي.
في الخامس عشر من تشرين الاول من عام 1995 ارادت قيادة البلد انذاك ان تضفي قبولا دوليا ومحليا ولو من الناحية الشكلية على نظام الحكم البعثي انذاك..لقد قيل عن ذلك بان القيادة تنوي نقل حالة الدولة والسلطة من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية اي بعبارة اخرى العمل على الدعوة لانتخابات عامة لانتخاب رئيس للجمهورية ،لكن القيادة ارتأت انذاك بعدم جدوى وعدم احقية ترشيح اي شخص قبالة شخص السيد الرئيس القائد. لقد فكر البعض بالتعاطي مع تلك الرغبة بحل مبتكر وعملي يحقق هدف القيادة في حينهاة دون المساس المعنوي بعلوية مقام السيد الرئيس، اذ لايمكن لمخلوق مهما بلغ مقامه ان يضع نفسه ندا باي شكل من الاشكال مقابل ذلك المقام الاسطوري في ذهن الانباع .لقد ذهب البعض الى ان احدى الاشخاص جازف بالترشيح وانتهى المطاف به في مستشفى الرشاد للامراض العقلية والنفسية وقيل انه لايزال قابعا هناك الى هذه اللحظة اذ يعاني من الجنون كما يدى البغض ممن يدعي زيارته بعد التغيير الذي حصل عام 2003.لقد تضمن ذلك الحل المبتكر اجراء استفتاء عام على منح الرئيس مدة حكم وفق الدستور امدها 7 سنوات قابلة للتجديد..ذهب الناس للمشاركة في ذلك الاستفتاء بالملايين بدوافع الخوف من عدم المشاركة ولم تجرؤ الا القلة القليلة من تلك الملايين على الاشارة بعلامة (لا) ..لقد اثارت تلك القلة البالغ عددها ثلاثة الاف ونيف فقط غضب الرئيس في حينها اذ اتهمهم بالسير خلاف منطق الثورة وتوجهاتها التقدمية القومية الاشتراكية والتحررية ،في حين لم تثر اهتمامه تلك الحشود المليونية التي وضعت( نعم ) لاستمرار حكمه مدى الحياة من الناحية العملية. الانتقال من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية حصل بهدوء بغض النظر الى الجانب الاخلاقي ..هذا الفعل يطرح مجددا اشكالية الجانب الاخلاقي في العمل السياسي.
في الانتخابات الاخيرة عام 2018 حصل العكس.
انتخاباب عامة قيل ان نسبة المشاركة الجماهيرية فيها تجاوزت 44%،في حين شكك الكثيرون في تلك النسبة وتداولوا نسبة بديلة لا تتجاوز 20% في افضل التقديرات مما يدل بوضوح على مقاطعة جماهيرية واسعة لتلك الانتخابات لظن الجمهور بان تلك الانتخابات لا يمكنها انتاج طبقة سياسية جادة يمكنها تغيير الامور نحو الافضل.لقد رافق تلك النتخابات لغط كثير حول حصول تزوير كبير رافقته وتلته احداث كثيرة منها بث تسجيلات بيع وشراء المراكز والاصوات وحرق مراكز واتهامات لمفوضية الانتخابات .حتى نسبة 20%مطعون فيها بموجب هذا المنطق.
لقد اغضبت الرئيس القلة القليلة التي لم تصوت له اما السلطة الحاليه فلم تغضبها الجماهير المليونية التي لم تصوت لها بدعوى ان المشاركة فية الانتخابات ليست عملا اجباريا وانه لاوجود لنصاب الحدى الادنى للمشاركة..وبالنتيجة فلو قاطع الشعب كله الانتخابات وصوت النرشحون لانفسهم فان ذلك يكفي اذا اجتازوا العتبة الانتخابية التي صوتوا عليها ضمن قانون الانتخابات لسانت ليكو المعدل...واذن فاين الشرعية الاخلاقية ضمن ما ذكر.
لقد جرى حرف المسار الاخلاقي باتجاه المسارات الدينية والمذهبية والقومية وهو مسار تباركه الفتوى ويهيمن عليه التاريخ والجغرافيا احيانا كما حصل في توجيه الجمهور لانتخاب قائمة الشمعة في الانتخابات الاولى على سبيل المثال.
وبالعودة الى مقدمة المقال فهل يوجد رجل او حزب او تشكيل او جهة تنطبق عليه كارزما القيادة بما يتماشى مع طبيعة الشعب العراقي وهمومه وماضيه وحاضره ..الجواب نعم فلا يوجد ما ينفي ذلك لكن اين هو ولماذا لم يظهر.. وكونه لم يظهر فذلك ليس من العقيدة فهو ليس مهديا ولا هاديا ولا مخلص ولا منتظرا ولا معصوما وقد لايكون عربيا او مسلما او شيعيا او سنيا..هو مجرد وجود حقيقي وليس افتراضي واغلب الظن انه لو ظهر لاتهمه قوم بانه بعثي واتهمه اخرون بانه ملحد واخرون بانه اسلامي وغيرهم بانه عميل ...تهم يطول قائمتها..ثم لسيق الى القضاء فسلم القاضي امره الى لجنة خبراء فيكتب احدهم تقرير الادانة بعد قراءة اوراق الدعوى ضد صاحبنا بعلم اوبغيرعلم بحيادية او انحياز ...ليضع الباقون تواقيعهم الكريمة دون ان يعرفوا فتلقضية بمجملها اجراء روتيني ..من الافضل له الا يظهر وان يغترب غربة الى الداخل..الى الباطن الى خيالات الماضي المتعب الذي هو افضل من الحاضر حسب قرارات العملية السياسية المباركة .
في كل وقت هناك رجال ونساء يحسنون لسياسة والقيادة بعضهم علماء وبعضهم الاخر خبراء..افضلهم هو من يجعل المنظومة تعمل بشكل جيد. منظومة العمل الوطنية بخلفيتها الاخلاقية ..يقال ان فرض الحال ليس بالمحال...لن تفترض معصوما بيننا لكنني سافترض ثلة او نخبة من الرجال الصالحين والملمين بشؤؤن العراق وشعبه وشجونهما ،قد لا نعرفهم لكنهم موجودون بيننا .لقد عرفنا امثالهم بمدئية الامام على وثباته على الحق وشجاعته الى حد الشهادة في عدة ميادين حتى نالها..كما عرفنا عفة عبد الكريم قاسم ونزاهته ونظافة يده وحبه للفقراء (من الطبيعي ان يكون للبورجوازيين والاقطاعيين و كثير من رجال الدين موقف أخر منه،كما هي الحال مع الامام علي) وهناك الكثير من الاسماء التي ذكرت تستدعي التبجيل ..عبد الرحمن عارف،غبد الرحمن البزاز..السيد محمد الصدر وحتى ان بعضهم من وزراء النظام السابق..اشخاص حقيقيون رغم اانا نتحدث عن حكومة افتراضية لا تسرق اموال شعبها ولا تهرق دمائه ولا تمس عقيدته ومقدساته. حكومة افتراضية لكنها ممكنة جدا في ارض الواقع ولو لدرجة تقترب من المفهوم النظري والتنظير الفكري ..ان مفهوم الحكومة الافتراضية قد تم تناوله سابقا بمقالة من ثلاثة اجزاء نشرت على صفحات بعض المواقع المعتبرة
العراقيون مقبلون على الانتخابات المحلية في العام القابل. اتمنى ان يبلغ وعيهم الجمعي والفردي الدرجه التي تنهي تشاؤم المتشائمين وتطيح بمشاريع الفاسدين ..حتى لو اقتضى الامر الاعتزال الشامل عندما يرون عدم جدوى تنصيب الحكومات المحلية او عندما يرون ان تلك المجالس تدعم منظومات الفساد ..مازالت القوانين الانتخابية وضوابطها تعاني من شح كبير في جوانبها الاخلاقية..وما دام الانر كذلك فان العراقيين احوج ما يكونوا لانموذج حكومة افتراضية قد يقتربون منه بنسبة ما ..الحل يكمن في الوعي ولا شيء غير الوعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ