الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية العاشق!!

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2019 / 6 / 26
الادب والفن


يسيطر عليك شعور وانت تقرأ برواية العاشق للكاتبة الفرنسية مارغريت دوراس بأنك امضيت ساعات عند مجهولين في حضور مدعوين كانوا مجهولون وفي الحالة نفسها، وانك عشت لحظة من دون مستقبل ومن دون دافع انساني ولا غير انساني كما لو انك قد اجتزت حدودا ثالثة.
تقول الكاتبة مارغريت دوراس في استهلال روايتها العاشق: ( ذات يوم، في بهو مكان عام، وكنت قد تقدمت بالسن، اقبل نحوي رجل عرّفني بنفسه وقال لي: " اعرفك منذ زمن بعيد. يقول الجميع إنك كنت جميلة وانت شابة، وقد اتيت لأقول لك إنني اجدك الآن اجمل مما كنت في شبابك، وليس وجهك وانت امرأة شابة بأحب إليّ من وجهك الآن، هذا المكتسح". في هذه الرواية تصور لنا الكاتبة رصد لاثار الزمن على ملامح الانسان، وتقر بأن الشيخوخة لم تكن ترعبها بل على العكس كانت ترى فيها بأنها تجري في وجهها بنفس الاهتمام الذي كانت توليه لمجرى قراءة كتاب. تعود الكاتبة بفصول الرواية الى عاشقها الصيني حين كانت تقيم في فيتنام الصينية ابان كانت مستعمرة من الاحتلال الفرنسي. سردت لنا قصة حب غير متكافئة اذ كانت هي ما تزال طفلة في الخامسة عشرة من عمرها وهو بمنتصف العقد العشرين. كانت ترتدي حين شاهدته لأول مرة بسيارته الليموزين! ثوبا شفافا من فساتين امها وتضع احمر شفاه فاقع لا يناسب عمرها ولكنه كان يناسب فقرها وحاجتها! وحين سألها لماذا رافقته الى شقته قالت له انه الواجب! وحكت له عن معاناة والدتها في تدبير مصاريف البيت مع اخويها ومعها، وتابع حديثه اذن مالي وليس الحب ما جمع بيننا قالت له: حين رأيتك كنت في تلك السيارة، في المال، وبالتالي لا اعرف ما كان يمكنني ان افعل لو كان الامر خلاف ذلك. اذن هي قصة حب مستحيلة. تقول بأن ما كان يؤرقهما معا، انهما عرفا منذ الايام الاولى لقصتهما ان لا إمكانية لتصور مستقبل مشترك بالرغم من العواطف الجامحة التي جمعت بينهما.
رواية العاشق التي نالت عنها الكاتبة مارغريت دوراس جائزة غونكور، سرد جميل لفصول من حياة الكاتبة في مراحل الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة حيث تنقلت بين كل هذه المراحل بخفة وصدق. ووصفت بشفافية حالها حين رأت الشاب الذي احبته وهو برفقة فتاة اخرى مذعنا للتقاليد العائلية التي رفضت مثل هذا الزواج ولو ان امر الفراق كان ماثلا منذ اللقاء الاول بينهما.
يبحث الانسان بشكل دائم عن الحب والاهتمام وهذا امر فطري خلقه الله تعالى عليه، اذ ليس هناك ثمة مركز قط، لا درب ولا خط، ولا رأي يمكن ان يكون غالبا، لأن جميع الحقول مفتوحة لا جدران بينها، حتى لم نعد نعرف اين نضع انفنسا ولا اين وكيف نختبئ! لا يخفى على احد ان معظمنا يمتاز بوجه المتعة! من دون ان نعرف طريقها! اذ يمكن فجأة ان نرى انفسنا شخص اخر وكأننا نرى اخر لحظة من حياتنا.
معظم البنات يعتقدن انهن يعشن فصل في فصول روايتهن، يحتفظن من اجلها بالعديد من اثواب الانتظار، ويمر الوقت ولا يٌحدث الصمت الا ضجة الصفعة حين يكون قد فات الوقت ولا يصبح للاعتراف بالخطأ معنى!.
بطلة رواية العاشق لم توجد لتنغلق بل لتقاتل وتقتل، افكارها ليست ثابتة في الليل والنهار، لا يعنيها ان تصل الى شيء ما، بل يعنيها الخروج من حيث تكون! من سيطرة الام التي لا تريدها ان تكون كاتبة قصص ومسرحيات بل استاذة في الرياضيات. لم تخفي فرحها حين استطاعت الافلات من المستقبل الذي ارادته لها والدتها.
في نهاية الرواية او السرد تتلقى اتصالا من العاشق الصيني يخبرها فيه انه يتصل فقط ليسمع صوتها وانه سيبقى يحبها حتى الموت. تنحاز للحب رغم تعدد الزيجات ومرور الزمن. هل هناك احد ما لا يشاركها هذا الانحياز؟.
رواية العاشق من تأليف الكاتبة الفرنسية مارغريت دوراس وترجمة صالح الاشمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد