الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه الحرب لن تقوم

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2019 / 6 / 28
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


شهورٌ مضت ، لحد الآن ، ووسائل الإعلام مكتسحة الساحة العالمية ، وبالأخص ساحة بلدان الشرق الأوسط ، وتُشغل أفكار الشعوب ، وتحرف توجهات أذهان المثقفين والساسة ، بموضوع حرب " ستقوم " بين إيران والولايات المتحدة . إنها خدعة إعلامية ، إستخدمتها ، بذكاء ، إدارة ترمب ، لإلهاء الرأي العام العالمي وتوجيه الأذهان إلى " حرب سوف لن تقوم " ، حربٌ ، يعرف كل مًن له إلمام بسيط بقياسات الظروف الذاتية والموضوعية الواجب توفرها ، لكي تجد مجالاً لقيام الحرب . الظروف الذاتية في الولايات المتحدة بالنسبة إلى ترمب ، لا تسمح له بالمجازفة في الدخول في حرب ، وهو الذي وعد في برنامجه الإنتخابي العمل على عودة الجنود الأمريكان إلى أهلهم ، و حياة جندي أمريكي عنده أثمن من أي شيء ، ولذلك ليس فقط الشعب الأمريكي يطلب منه تحقيق ما وعد بل وقيادة الحزب الديمقراطي المعارض في الكونكرس وحتى أعضاء قياديون في حزبه الجمهوري . فعلى الرغم من إمتلاك الولايات المتحدة أضخم ماكنة حربية عالمياً ، فإن ترمب لا يملك الصلاحية المطلقة في إتخاذ القرار لإستخدامها كيفما يشاء . أما بالنسبة إلى إيران التي لما تزل تلعق جراحها من حرب السنوات الثمان مع العراق ، وتحاول لملمة وضعها الإقتصادي الذي أدخلتها فيه الحرب تحت ديون ثقيلة ، بالإضافة إلى التململ الحاصل داخل الشعب الإيراني تجاه نظام حكم الملالي ، مما أجبر النظام ، في محاولة للسيطرة على الشارع ، على توجيه الرأي العام المحلي إلى الخطر الخارجي من جهة وتخديره بالشعارات الدينية من جهة ثانية . على الرغم من إظهار القادة الإيرانيين الصلابة والتحدّي فإنهم يدركون ضعف قوتهم تجاه القوة العسكرية لعدوّهم ، وأنهم غير قادرين من إيصال أذاهم إلى الولايات المتحدة ، ولذلك يقصرون تهديداتهم على المصالح الأمريكية في المنطقة وعلى إسرائيل ، بإعتبارها الطفل المدلل لأمريكا . أما الظروف الدولية وضغوطها ، سواء من روسيا والصين أو الإتحاد الأوربي ، وحتى مواقف جميع الحركات السياسية التقدمية المناهضة للهيمنة الأمريكية على العالم ، ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان فهي موجهة إلى الطرفين ، فهذه الجهات ، جميعها ، لا تريد حدوث حروب قد تؤثر على وضعها الدولي سواء من ناحية نفوذها أو مصالحها الإقتصادية ، أو مسيرة حركتها . إن أي حرب تقع في العالم تؤدّي ، بنتيجة واحدة ، ألا وهي إعادة تقسيم العالم بين القوى العالمية الكبرى ، فيتم تحويل دول من نفوذ دولة كبرى إلى ظل دولة كبرى أخرى ، وحرب الخليج الثانية نموذج ما زال حيّاً في الذاكرة ، كيف تحوّلت الكويت من نفوذ بريطاني إلى نفوذ أمريكي . إن تعكز بعض الساسة وبعض المثقفين على حجة كون مصلحة إسرائيل تكفي لدفع أمريكا للمجازفة والدخول في حرب ضد إيران إنما تحليل يدلّ على سذاجة ، فهؤلاء يهملون ما سيكون عليه موقف روسيا أو الصين تجاه مثل هذا القرار الأمريكي . كذا يذهب البعض إلى القول أن إيران مندفعة للحرب بأسرع وقت وقبل أن يتهالك إقتصادها بفعل العقوبات الإقتصادية الأمريكية ، وأصحاب هذا الرأي مخطئون أيضاً لأن القيادة الإيرانية تعرف ، جزماً ، أن أي حرب ، وفي أي زمان ، سوف تودي ليس بالنظام الإيراني فقط بل بمجموع دول المنطقة ، ولذلك ، فإن هذه القيادة ، على الرغم من إظهارها القوة والعزم ، في وسائل الإعلام ، فإن واقع سياستها يختلف جذريّاً عن الذي يعلنه قادتها .
المراقب لسياسة الولايات المتحدة للفترة الممتدة من إنتهاء الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الراهن ، يلاحظ قيامها باشغال الرأي العام الدولي في قضية معينة ، ثم تقوم بعمل ثان في موقع آخر غير محسوب له :
1. إستغلال التظاهرات " الشعبية المصطنعة " في إيران في أوائل خمسينات القرن الماضي ، ودعمها وإسنادها ، وإسقاط حكومة مصدّق .
2. إستغلال حادثة " الهجوم الإرهابي المصطنع " على السفارة الأمريكية في بيروت ، وغزوها بنما وإلقاء القبض على رئيسها نورييغا ونقله إلى أمريكا .
3. إستغلال إنتفاضة الشعب التركي ضد حكومة عدنان مندريس ، في ستينات القرن الماضي ، وتكليف رئيس الأركان جمال كورسيل بتدبير إنقلاب ، لإجهاض ثورة الشعب التركي .
4. إستغلال غزوة صدام للكويت ، وتغيير هوية دولة الكويت من دولة تحت النفوذ البريطاني إلى النفوذ الأمريكي .
كل هذا يثير الإنتباه إلى أن هناك مواضيع عديدة ضمن مخططات الولايات المتحدة ، أكثر نضوجاً للبت فيها ، ولها أولوية على الموضوع الشائك بينها وبين إيران والمتعلق بإمتلاك إيران للسلاح النووي من عدمه ، مثل قضية فنزويلا ! ترى كيف يتحوّل الرأي العام العالمي من قضية الحرب الأمريكية الإيرانية الملتهبة إعلاميّاً ، إذا غزت أمريكا فنزويلا ، وقضت على حكومتها الوطنية ؟ وكذا ، ألا ننتبه كم إنشغل الرأي العام العربي والإسلامي بهذه " الحرب " مما جعل إنعقاد المؤتمر الإقتصاي ( صفقة القرن ) ، في البحرين ، والذي يُرادُ منه تشريع تصفية الحق الفلسطيني وبيع فلسطين ، يمر بدون تركيز الضوء على صوت الشعب الفلسطيني الرافض له ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة