الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تصالح

عدنان العريدي

2019 / 7 / 3
الادب والفن


لا تصالح
--------
ظروف النص:ولدت القصيدة في (1976)في ظل ظرفين متناقضين ,جاءت بعد حرب 73 والتي شكلت عاملا في رفع العوامل المعنوية بعد هزيمة حزيران67 , وقبل زيارة السادات التي تم الترتيب لها مسبقا بسنة واحدة عام77 ,وقبل هذا كان التيار القومي في حالة تصاعد وكانت القضية الفلسطينية عامل تجمع وفي سلم الأولويات وقضية مركزية ,عدى عن الظروف الاجتماعية النابعة من أصول فلاحيه محافظة , في فترة حرجة قبل هزيمة العرب عام 48 حيث ساهمت في تشكيل الوعي العام للكثير من الكتاب .وسنرى كيف ظهر ذلك من خلال النص.
الملحمة الأدبية
--------
من التوقعات التاريخية لتطور مراحل العمل الروائي التي عدها الكثير من النقاد ,تحولها للمرحلة الملحمية في آخر تجلياتها,ولذا نجد أن أمل دنقل ,قد اتكأ على عمل روائي متجذر,ولد قبل أكثر من قرن ونصف ولا زال تأثيرها ممتدا في الوعي العربي,وهي رواية الزير سالم وحرب البسوس ,بسبب ناقة ودامت نحو أربعين عام ,واعتمد الكاتب في عملية البناء على الوصايا العشر التي كتبها أخو الزير(كليب)على حجر بدمه كرسالة لأخيه الزير معنونة بلا تصالح ,وهذا ما سيدعم تحليلنا للقصيدة بعد هذا التساؤل الذي سنجيب عليه ,إذا العرب تقاتلوا أربعين عام من أجل ناقة ,فكيف تذهب لإسرائيل مصالحا ؟بعد ضياع فلسطين.
في ظلال النص
-----------
لا تصالح
(ولو قيل الصلح حيلة ......فالصلح معادلة بين ندين ...فلا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام)
لا حرف نفي ونهي إذا دخلت على الحال حولته للحال الماضي والحاضر الحالي والمستقبل.
تصالح:فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة السكون والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
وهذا بناء قوي جدا حيث لو تتبعا غرض الشاعر والمعاني التي يرمي إليها من خلال نفي الجملة الفعلية في التركيب والتي تحول الخبر في معناه من صيغة خبرية لصيغة إنشائية ,فمن شروط معان الخبر انطباق الصدق والكذب عليه .ودخول لا الناهية هنا تعطيه معنى الأمر .وكان الشاعر يقول :لمن يفكر في زيارة إسرائيل لا تذهب للزيارة فإنك إن ذهبت ستصالح,فخذ العبرة من ملحمة الزير سالم الذي رفض (السفارات)من أجل شخص سبب قتله ناقة فكيف تذهب لعدو سلب أرضا واعتدى على أمة واغتصب أرضا لأربعة دول فلا تصالح وما عنونة الأقسام العشرة ب لا تصالح تأكيد الأمر المتوخى من نهي الجملة والتي هي أقوى في تركيبها من فعل الأمر مفردا في اللفظ الذي لا يمكن أن يكون سلبي في حالة الإفراد اللفظي ,وحتى يكون سلبي لا بد من نقيضه(حارب)ولم يستعمله الشاعر لسبب فقدان الأمل ..فإن كنت لا تريد الحرب فاقل ما فيها لا تصالح.
المقطع الأول(1)
حسن الاستهلال
لقد استهل الشاعر معانيه بالأمر ب(لا تصالح)وجعل منه عنوانا لقصيدته وتبعه يلو :حرف امتناع لوجوب وبطريقة ذكية أساسها الربط ما بين الإنشاء والخبر, وفي الربط ما بين الظاهر والباطن في عملية قصر الألفاظ لترك مجال استنباط معان واسع النظير لدى المتلقي ,ويحدث هذا لأمر جلل ولذا اقتضى مخاطبة فئات عدة ...لا تصالح ولو منحوك الذهب ....فالذهب ليس بالثمن الأغلى مما ستقدم عليه ,فلو دققنا النظر لوجدنا الواقع الإنشائي في مخاطبة الجماهير بالإنشاء والخبر, ومخاطبة الرئيس بالخبر, فبناء الإنشاء يشكل عملية جذب عاطفي, تبعها بناء تعليلي بالخبر يدعم تعزيز الرابط وكأن الشاعر يقوم بعملية تحريضية توصل إلى استحالة التحق ,والفعل (تصالح) فعل إنساني قيمي ومطلب ذا قيمة كبيرة ولذا حوله الشاعر لصيغة طلبيه ضدية (صالح إلى لا تصالح)وهذا يقتضي أن يتبعه خبر عقلي (منح)فالمنح بلا مقابل وهو فعل قيمي انساني وللربط يحتاج إلى أداة ربط فاعلة تساهم في ترسيخ الخبر أداة تقنع سبب نفي الطلب وعدم حدوثه ...لا تصالح ولو منحوك....ولذا نرى الشاعر ينمي التعليل المستمر ,والهدف عملية استنهاض واسعة النظير ...
لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
والاستفهام هنا ليس بحقيقي وفيه خروج عن مقتضى الظاهر لإفادة الإخبار والسبب :أنه معلوم الطلب ,لأن الغرض من الاستفهام هو جهل العلم بالمطلوب ,وترى فعل مضارع وهو حسي من أفعال الحواس يشترط سلامة الأداة الحسية وإذا تلفت الأداة الحسية (فقئت) فالجواب هنا يكون بالنفي المعلوم مسبقا المؤكد(بلى لا أرى) وهذه قضية أشاكت الشاعر..وكان الأفضل الاستفهام بالهمزة (أ)التي تجوز تصورا وتصديقا في حال الاستفهام الحقيقي التقريري,فالعين فقئت بفعل وفاعل, فلو ثبت جوهرتين رغم جمالهما ورغم ثمنهما الباهظ النتيجة واحدة أنك لن ترى وفي الباطن تمثيل ضمني فالطائرات الإسرائيلية هي عين الاحتلال التي فقأت عيون الجيش العربي الجاثمة في المطارات وقتلت أطفال المستقبل عيوننا في مدرسة بحر البقر ....وسرقت فلسطينينا ,نعم هذا قصر إيحائي قيمته وضع القارئ أمام مقابلة حسية مستنبطة عقليا للتنبيه لخطورة تنفيذ فعل الطلب وهو السفر أساسا...
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
وتستمر عملية الإخبار العقلي بالخبر الثابت والخبر المتحرك ..هي أشياء كالمباديء ثابتة قيم لا تتغير ولا يجوز المقايضة عليها وللتأكيد على أن الإبداع قيمي يسير باتجاهين تتم عملية التقاطع مع التراث الممتدة جذوره,للتدليل على قيم راسخة ثابتة بصورة فنية مستمدة فلا يجوز أن نذهب للبقال لنشتري مباديء وذكريات طفولة فهذا ليس من العقل ولا الرجولة,وليس هذا الفعل من الحياء بل خيانة تكبت الشوق إليك, تبحث عنه فلا تجد من يعانقك شوقا والشوق عملية شعورية ليس مجسم نعانقه والصمت دليلا على العدم ,فلن تجد أما تعانقك وهنا ربط ما بين الأرض والإنسان فأمنا يا سالم هي مصر واحدة (وكأنكما)أداة تشبيه واقعين من مشبه ومشبه به ووجه الشبه يعدنا إلى الطفولة التي تعيدنا للجهل وعدم التمييز وإدراك قيمة الأشياء.
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

فلتنسى أمر المصالحة وعد إلينا فنحن سيوفك وصوتك ,وإلا فإنت ميت مقبل على الإنتحار وخطايانا في رقبتك كما أن دم كليب كان بين عيني الزير فلك العار ولمصر ربا و شعبا والإستفهام هنا تقريري يفيد التوبيخ والأفضل لو جاء بالهمزة لانه يستفسر عن الفعل الظاهر وينقله عن مقتضى الظاهر إلى التصور ليفيد التوبيخ,إنك بعملتك هذه تتناسى دمائي وتغرب نفسك عنا من خلال تناسيك لمجازار ارتكبها الإحتلال بحق اخوتك ,وتفتش عن مصالح شخصية على حساب دماء إخوتك التي سفكت,فما البديل ,لاتصالح ولو لم تفكر بالحرب التي وقعها ثقيل بخسائرها وعليك الخيار بين أمرين الحرب أو إلحاق العار بنا والهرب يعني التنحي الذي لا نريده لك
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
وتستمر عملية الربط الموضوعي من صور بسيطة تتطور إلى صور مركبة ويتم التركيز على القافية المركبة لإيجاد وعي يترسخ في الذهن بإيقاع ونسق متكرر حرب,عرب,هرب ...فالحرب بمدلولاتها التاريخة عند العرب والتي كانت جزء من حياة العرب وهي أساسا وجه اختصاص لهم فلا تصالح تريد الهرب من بطولاتها فالهرب ليس من شيمهم,ويستمر الربط لفظا ومعنا وتصويرا إلى الجزء الثاني لنلاحظ أن الشاعر يتنامى مع الرواية بطريقة تيار الوعي من خلال استدعاء الشخوص ومحاورتهم في محاولة تنموية ليتم اسقاطها على الواقع بشخوصه الحالية ,فبعد تكرار النهي التوجهي من السالب للإجاب والتحول من الإنشاء إلى الخبر بشقيه اليقيني والمتحرك ونلمح هنا الإيجاز القصري لأجل تكثيف المعنى ,فإذا الزير قبل ألف وخمس مئة عام لم يصالح على الدم بدم .فعلى ما تصالح يا سادات الآن؟
لا تصالح على الدم ...بدم!
لا تصالح ولو قيل رأس برأس
ولا على الرأس برأس فليس كل الرؤوس سواء ولنلاحظ تتابع الإستفهامات بعد عملية النهي المعللة هذه,نرها استفهامات تقريرية توبيخية تراكيب عقلية سيقت أسماء ثابتة كحقائق يتم ترسيخها في ذهن المتلقي ,كل: لفظ من ألفاظ العموم سبق باستفهام وتلته الإضافه وهو لفظ تأكيدي والإستفسار عن المبتدأ لتأكيد الخبر ونفي تساوي الرؤوس لإثبات إجابة مقررة أن ليس كل الرؤوس سواء فالهمزة حرف لا محل له من الأعراب فالرؤوس ليست سواء ,كذلك ليس قلب الغريب كقلب أخيك ولا عينه كعين أخيك ولا سيف كان بين يديك كيد أثكلتك بسيفها وهنا نرى أنه كان أوجب لو جاء بالهمزة بدل من هل...فللننظر للمعنى اللذي يفيده التكرار والمقابلة والصور التشبيهية التركيب وطبيعة نموها وحركتها الثابتة ..
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
فجاء التكرار للتأكيد والمقابلة للمقارنة بين وضعين والتشبيه لترسيخ الصور المتخيلة في الذهن لإثبات تشابه وتلازم الروي والحدث رغم الفوارق الزمنية فلا يجوز أن تجعل من الغريب قريب بل تفضله على القريب وهذا خطاب عقلي المضمون لا يمكن لعاقل أو عربي أن يتصرف بعكسه فما بالك يا دكتاتورنا تضع إخوتك في السجون وتمد يدك للعدو الغريب,فلا يجوز أن تفعل ذلك حتى لو استمالوك بخبث الأساليب,وحاولوا أن يفهموك,أنهم إنسايين يسعون للسلام وحقن الدماء ,ولنلاحظ فعل الحال المتبوع بنحن أبناء عم...
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
سيقولون:السين سمي بالتسويف وهو حرف إن دخل على الفعل المضارع نقله من الحال للإستقبال ,يقولون:فعل روائي لنقل القول تررد في رواية الزير سالم وكأن الشاعر يستبق الحدث وينبيء السادات بأنهم سيقولون لك نحن نريد السلام وحقن الدماء ألسنا أبناء عمومة؟فلا تسمع لهم ولا لخبثهم ,وقل لهم أنهم لم يراعوا العمومة ....
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
نجد أن وتيرة تراسل الحواس تتعالى هنا بدءا بالتجسيد الذي أضفى صفة الإحساس على من لا يحس فشبههم بالصحراء القاحلة التي وجب أن يغرس سيفه في جبينهم ويردهم على أعقابهم فلا مجال لمواجهتهم سوى بالسيف حتى ينتهوا,وفي هذا تمهيد للمقاطع التالية لإضفاء وحدة الموضوع ,من خلال تكرار لا تصالح واستدعاء شخصيات الرواية القديمة وإصقاطها على الواقع الحالي حيث يستدعي اليمامة ليستقيد من شخصيتها العنادية وتصميمها على الثأر ليحاورها ,هذه الفتاة الجميلة التي لبست الحداد في بداية عمرها .
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحدادمن أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
لو نظرنا هذه الفقرة وتمعنا في أحداثها الدرامية المتقلبة والتي شكلت عملية القتل فيها نقلة سريعة في واقعها,من فتاة جميلة مدللة ,تماما كما حدث لفتاة اسمها فلسطين انقلبت حياتها فجأة وتغيرت خارطتها,فانتزعت من بين أخواتها ,ولا تزال قابعة فوق الرماد ,من غير ذنب تم هذا القطع فحال دون عملية التطور الطبيعي .
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
إن الإستفهام التصوري هنا ينقلنا لمتابعة تلك الأحداث المتسلسلة والربط ما بين توالي الأحداث للتذكيربأسباب تحول دون الصلح ولو توجوك جائزة نوبل فلا مبرر لدوسك وتناسيك جثث القتلى من اخوتك ستكون فرحتك مستعارة ليست حقيقية ,لأنك حينما تصافحهم ستستذكر كم سفكت أيديهم دماء,أتهنأ بكرسي الرآسة؟بعد المصافحة
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
نرى عملية تتابع الأسئلة التصورية التي لايمكن تصديق أخبارها بسهولة والإجابة عنها يكمن في عملية الإثارة العقلية والهدف العام لمثل هذا البناء تحرضي لعدم فعل ما لا يمكن توخيه من الفاعل فلا يمكن تخيل شخص يضع يده في من هدم البلاد وسفك دم العباد وغدر ببلاد حوته من براثن أوربا النازية فكانوا له آوين وحامين ليجازيهم بسهام من الخلف.
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
ولنتمعن في هذه الصور الجميلة الرائعة-إن عرشك سيف- وسيفك زيف وكأن الشاعر يقول:إن جلوسك على سدة الحكم عقاب لنا وهو سيف سلط على رقابنا في حين أنه مزيف أمام الأعداء الحقيقين وليس لحميتنا بقدر ما هو سليط على رقابنا ونصرك مزيف لم يحفظ لنا شرف نرجوه وما حربك إلا مسرحية لتحقيق أحلامك.
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
كل هذه الصور المختتمة لفعل الحركة المستقبلي كانها تسعر الروي تقودنا لمتابعة المقطع الخامس بالنهي عن الإتيان بالخبر لنرى المشهد بعد عمليات ومداولات ما بين خبر واستخبار بدْا بفعل قال الماضي مختوما بفعل الحال يخرس وما بينهما صورة إرشادية كناية عن الحرب التي تخرس الألسنة التي تحدثت بالخيانة صراحة ,في حركة دائرية معبرة عن التواصل المقطعي وتفاسير تبرر عدم التصالح والإستكانة للعدو,واللجوء للحرب التي جاءت بتعابير مجازية كأن الشاعر يستبعدها عن السادات الذي أخذ يوضح معالم توجهه .
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
وينتقل الشاعر مرة أخرى من الخبر إلى الإستفهام الطلبي التصوري باستفهامات متتالية بتداعيات الحوار مع الشخصية المركزية في الرواية التاريخية ليثير التساؤلات الحاثة التي توقظ الصخر ,ولم توقظ قلب السادات واستعمل فيها عدة أنواع وطرق بناء إنشائي من استفهام ونهي بالخبر إلى الطلب الصريح بفعل الأمر لما قبل نهاية المقطع حيث ينتقل للإخبار ويبدا المقطع الذي بنهي ثم اخبار ويستمر على نفس الحركة التي تشكل وحدة موضوعية مترابطة رغم عن تعدد المقاطع المرتبطة لفظا ومعنا.
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمست??بلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
إن عملية التنقل السردي رغم تعدد المقاطع لم تصب بخلل ولا تقصير واستلهام الواقع التاريخي رغم طولها إلا أن الشاعر جعلها شيقة تثير الإمتاع رغم العلم المسبق لدى القاريء بتفاصيل الحدث الغير منقطع ويعود عنصر التشويق لسببين أساسين أولهما :ربط الوقائع رغم البعد الزمني فجعل من الواقع الحالي مرتبطا بالواقع القديم بحيث خلق عند القاريء شعور متجدد وكأنه لا زال ماثلا أمامنا بشخوصه وطقوسه ومسرحه يشكل ترابط وحدة شبه مندمجة بصلة الدم والقبيلة وتشابه الواقع وطرق الحل والتشابه الحدثي كأريد أبي حيا ..أريد الكرامة العربية حية ويتم ذلك لا بالمصالحة بل بعودة الحقوق الشرعية .والثاني:في القدرة التطويعة للغة,من خلال الألفاظ السهلة وأساليب البناء التي جاءت لتخدم الغرض العام للشاعر الذي أخرج عملا مميزا بوحدة موضوعية متماسكة ونلمس تلك القدرة من خلال الإنتقال السلس وربط الكلام ما بين خبر واستخبار وإنشاء القليل ممن يتمتع بهذه المقدرة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أشرف زكي: أشرف عبد الغفور كان من رموز الفن في مصر والعالم ا


.. المخرج خالد جلال: الفنان أشرف عبد الغفور كان واحدا من أفضل ا




.. شريف منير يروج لشخصيته في فيلم السرب قبل عرضه 1 مايو


.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح




.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار