الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطهر الجسدي تقليد وتراث

دينا سليم حنحن

2019 / 7 / 4
الادب والفن


ذاكرة مكان
التطهر الجسدي تقليد وتراث – سنبقى في ولاية فكتوريا أستراليا
بقلم: دينا سليم حنحن

سبعون رحلة وربما ثمانون
سبعون وربما تسعون
فلكل قصة داء ودواء
كل ما أعرفه هو أنني أحفل بذاكرة زاخرة بالمشاهد الصورية لأماكن زرتها، وحتى لا تضيع مني الذاكرة أصحب أجندتي حيثما أكون فلولاها لذابت المشاهد كما يذوب الثلج في قارورة ماء.
لقد أخذت خطوي نحو منطقة تدعى Fingal وهي منطقة ريفية تقع في شبه جزيرة Mornington الواقعه في تتاخم مضيق Bass على طول شاطئ Gunnamatta الواقع بين ضواحي Rye and Cape Schanck في ولاية فكتوريا الأسترالية، وتبعد عن مدينة ملبورن 90 كم.
في Fingal توقفنا ومن هناك بدأ يومنا داخل منتجع يسمى Peninsula Hot Springs.
أنشيء المنتجع فوق ينابيع حارة من المياه المعدنية المتدفقة من باطن الأرض يبلغ مساحته 637 مترا، تدفقت المياه الحارة بقوة بدرجة حرارة 50 سلسيوس من باطن الأرض من عدة بؤر على المساحة المذكورة، مما أدى بالجهات المختصة التفكير في تطوير المكان ليصبح مكانا للاستجمام والراحة والتشافي من أمراض مثل التهاب العظم وترويض الأقدام بالسير على نتؤات صخرية مختلفة الملمس.
تخرج المياه ساخنة من الينابيع الحارة الجوفية وترتفع درجة حرارة الصخور داخل الأرض مع ازدياد العمق. وتقوم الجهات بضخ المياه الباردة لتناسب ما يتحمله الإنسان أثناء الاستحمام، كما طورت المنطقة بشكل جميل وقسمت المساحات وبنيت البرك فوق البؤر المتدفقة كما وساهمت الجهات المعنية بترتيب السبل المؤدية إلى كل بؤرة وأقيمت الحمامات التركية والجاكوزي وكذلك صممت غرف مصنوعة من الثلوج كرياضة بدنية يعتمدها الغرب وهي الاستحمام بالمياه الحارة ثم النزول في المياه المثلجة. ولن ننسى طبعا المطاعم والمرافق الصحية والحمامات المجهزة بجميع المكونات وحتى النشافات التي تنشف ملابس البحر المبللة، وذلك تسهيلا على المستجمين من حمل متاعهم مبللا.
لم تنته الحكاية هنا وأظنها سوف تبدأ من هنا، لقد أعادني هذا المكان إلى التفكير بتقاليد الشعوب واحتفالاتها بالغسل وذلك في ولادتها ومماتها.
لقد اعتمدت الشعوب على مدار التاريخ طقوسا تتعلق بالمياه، إن كانت طقوسا دينية أو تقاليدا اجتماعية، استخدمها المقلدون في العصر الحديث وأضفوا عليها نوعا من الحضارة أو لنقل نوعا من التجديد والتطور من أجل الاستجمام والترفيه وجذب السياحة، لنتحدث عن الحمام التركي مثلا، لماذا وكيف بدأ هذا التقليد وأين؟
الحمام الروماني والذي يعود تاريخ بنائه إلى 525 للميلاد يخص الإمبراطور الروماني "ثيادور" ويقع في مدينة بورصة التركية، وعند الفتح الاسلامي تحولت الحمامات للسلاطين الأتراك، وأول من استخدم الحمام السلطان سليمان القانوني، وفي فترة ما كان وفي اسطنبول وصل عدد الحمامات إلى أربعة عشر ألفا، منها 155 فقط لعامة الشعب ويسمى بحمام السوق، والبقية كانت خاصة بالسلاطين والأمراء حيث تتواجد قصورهم.
وجميعنا يعلم أن الأتراك حكموا بلادنا ما يزيد عن أربعة عقود وتركوا لنا تقاليدا لا غنى عنها، وهي الاستحمام في الحمامات، بما أن شبكة المياه لم تكن موجودة في بيوتنا إلا في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين.
كيف استحم الفقراء وعامة الناس؟ سؤال في محله طبعا، ولندرة المياه استحم المواطنون مرة أو مرتان في السنة وذلك في المناسبات، أعياد أو زفاف.
في فلسطين، هناك عادة يتبعها الريفيون حتى الآن وهي عادة مستمدة من تقليد قديم، ارفاق قطعة صابون مع الطفل إن حصل ودخل بيتا لأول مرة في حياته، وتطورت هذه العادة لتصبح هدية للمولود إن لم يتوفر شيء آخر في حينه، فكيف نشأت هذه العادة يا ترى؟
لقد عرفت العروس فلقة الصابون في الحمام التركي فقط عندما قامت القابلة بتدليك جسدها جيدا وتحفيفه من الزغب والشعر الزائد تهيأه لمرحلة جديدة من حياتها، من هناك تدربت الفتاة والتي أصبحت امرأة فيما بعد على استخدام الصابون كلما اجتمعت بزوجها أو عند انتهاء الدورة الشهرية أو الولادة، وأصبح حمام العروس من الأحداث الهامة وكذلك حمام العريس وطقوس الحلاقة المرفقة بالموسيقى الراقصة، فالفرح بالحمام والنظافة يزيد فرحة العائلة بالزفاف، لقد كرست الشعوب مكانا هاما للطقوس التي تتم بالماء.
وانتقل التقليد القديم إلى داخل البيوت الفخمة مبنية من فيلات ضخمة لا ينقصها لا شبكات المياه ولا الحمامات والتي أصبحت تضاهي قصور السلاطين أحيانا.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا