الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منابع الإسلام - الحلقة الأخيرة

كامل النجار

2019 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عِدة المتوفي زوجها:
ويفهم من بعض روايات الأخباريين أن من عادة الجاهليين حجز المرأة عند وفاة زوجها في بيت صغير، قد يكون خيمة أو بناء يسمونه "الحفش"، لتقضي فيه مدة العدّة. فإذا كانت في هذا البيت، لبست شرّ ثيابها، وامتنعت عن الطيب وعن تزيين نفسها مدة عام. فإذا انتهت المدة افتضت عدّتها "بمس الطيب أو بغيره كقلم الظفر أو نتف الشعر من الوجه أو دلكت جسدها بدابةّ أو طير، ليكون ذلك خروجاً عن العدّة. أو كان من عادتهم أن تمسح قُبلها بطائر، وتنبذه فلا يكاد يعيش (67)
وجاء محمد وجعل عدة المتوفي زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، ويجب عليها ألا ترى أي رجل غير أبيها، وإخوانها، وإخوان زوجها، وأطفالها. والغرض من العدة هو التأكد أن المرأة غير حامل.
ونفس العدة فرضها محمد على المطلقة، ولكن عدتها ثلاثة قروء، أي ثلاث حيضات. ولا نعلم كيف يتأكد الناس من عدم حمل المطلقة بعد ثلاثة شهور من طلاقها، بينما لا يتأكد عدم حمل المتوفي عنها زوجها إلا بعد أربعة أشهر وعشرة أيام.


الحيض:
وقد كان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض في بيت ولا تؤاكلهم في إناء، "وكانوا في أيام حيضهن يجتنبون اتيانهن في مخرج الدم، ويأتونهن في أدبارهن". وكانوا يتجنبون أن تصبغ المرأة رأس زوجها، أو ان تؤاكله طعامه " أو ان تضاجعه في فراشه، ولا يسمح للحائضة بدخول الكعبة أو بالطواف بها أو بمس الأصنام، لأنها غير طاهرة. بل كان منهم من يعتزل زوجه في بيته، فلا يقترب أو يدنو منها. فهم في ذلك على أمر شديد. وذكر بعض علماء التفسير "أن العرب في المدينة وما والاها كانوا قد استنوّا بسنة بني اسرائيل في تجنب الحائض ومساكنتها ".
ونلاحط وجود بعض التناقض في روايات أهل الأخبار في موضوع الحيض واقتراب الرجل من المحيضة، فبينما هم يذكرون أن الرجل كان لا يؤاكل زوجته ولا يقترب منها، ولا يسمح لها أن تصبغ رأسه أو ان تضاجعه، نراهم يذكرون أنهم كانوا يجتنبون اتيانهن في مخرج الدم، ويأتونهن في أدبارهن، وهذا ما يتفق مع ذلك التشدد المنسوب اليهم، إلا أن يكونوا قد قصدوا به قوماً آخرين غير أهل يثرب، كأهل مكة، فنقول عندئذ إنهم لم يكونوا على تشدد أهل المدينة في موضوع الحيض، وإنما امتنعوا فيه من اتيان أزواجهم من حيث امر الله: إلى اتيانهن في أدبارهن لعلة الدم (68)
ولما جاء محمد وافق على ما كان يفعله عرب ما قبل الإسلام مع تعديل بسيط، فقد منعها أن تصوم، أو تصلي، أو تمس المصحف، أو تدخل مسجداً، وقال في قرآنه (يسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) (البقرة 222).

الحج:
الحج نوع من العبادة مارسه الإنسان منذ القدم، وفي كل المجتمعات. كانوا يحجون إلى طواطم معينة كانت القبيلة تعتبرها مقدسة وبإمكانها أن تجلب لهم الخير وتبعد عنهم الشر. ومنذ ظهور المسيحية ظل الغربيون يحجون إلى القدس، وعندما سقطت القدس للمسلمين في خلافة عمر بن الخطاب ضحى المسيحيون الغربيون بأرواحهم في سبيل الحج إلى القدس التي أصبح الطريق إليها محفوفاً بالمخاطر، مما دفع بابوات الفاتيكان لبدء الحروب الصليبية لاستعادة الأماكن المقدسة لهم. والهندوس ما زالوا يحجون كل عام بالملايين إلى نهر الجانجيز ليغسلوا ذنوبهم به. وفي ديانة السيخ فإن الحاج يحج إلى مدينة أمرستار المقدسة حيث توجد مزارات رجالات ذلك الدين المقدسين بالنسبة لهم.
وعرب ما قبل الإسلام كانوا يحجون كل عام إلى الكعبة وإلى أكثر من عشرين كعبة أخرى منتشرة في شبه الجزيرة العربية. وبما أن حياة قبائل الصحراء كانت تعتمد على الغزو والنهب مما يعرّض حياة الحاج إلى الخطر، جعل العرب موسم الحج في الأربعة أشهر الحُرم التي يُمنع فيها القتال. وقد كانت الكعبة محاطة بأصنام القبائل المختلفة التي كانت كل قبيلة تحج إلى الكعبة تطوف بصنمها سبع مرات. وكانوا يتنسكون بها: من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة، والوقوف على عَرفَة ومزدلفة، واهداء البدن، والإهلال بالحج والعمرة، مثل قولهم (لبيك اللهم لبيك).
وقد ميزّ الشهر الذي يقع فيه الحج عن الأشهر الأخرى بتسميته " ب "شهر ذي الحجة" وب "شهر الحج". وذلك لوقوع الحج فيه. وهذه التسمية المعروفة حتى الآن في التقويم الهجري، هي تسمية قديمة، كانت معروفة في الجاهلية، وردت في نصوص الجاهلية. فبين اسماء الأشهر الواردة في نصوص المسند اسم شهر يعرف ب "ذ حجتن" أي "ذي الحجة"، ويدل ذلك على أنه الشهر الذي يحج فيه. وقد وردت كلمة "حج" في نصوص المسند كذلك.
ويستعد الجاهليون للحج عند حضورهم موسم "سوق عكاظ". فإذا انتهت ايام السوق، وأراد منهم من أراد الحج، ذهب إلى "مجنة"، فأقام بها إلى هلال ذي الحجة، ثم ارتحل عنها إلى "ذي المجاز"، ومنه إلى "عرفة"، فإذا كان يوم التروية، تزودوا بالماء وارتفعوا إلى عرفة. هذا بالنسبة إلى التجار، الذين كانوا يأتون هذه المواضع للتجارة. أما بالنسبة إلى غيرهم، فقد كانوا يقصدون الحج في أي وقت شاءوا، ثم يذهبون إلى "عرفة" للوقوف موقف عرفة، يقصدها "الحلة"، أما "الحمس" فيقفون ب "نمرة"، ثم يلتقون جميعاً بمزدلفة للإفاضة.
ويبدأ حج أهل الجاهلية بالإهلال. فكانوا يهلّون عند أصنامهم، ويلبون اليها، فإذا انتهوا من ذلك قدموا مكة، فكان الأنصار مثلاً يهلون لمناة في معبده، أي انهم كانوا يغادرون "يثرب" إلى معبد الصنم، فيكونون فيه لمراقبة هلال ذي الحجة، فإذا أهلّوا لبوّا، ثم يسير من يسير منهم إلى مكة، لحج البيت.
والطواف بالبيوت وبالأصنام، ركن من أركان الحج، ومنسك من مناسكه. وكانوا يفعلونه كلما دخلوا البيت الحرام، فإذا دخل أحدهم الحرم، واذا سافر أو عاد من سفر، فاًول ما كان يفعله الطواف بالبيت. وقد فعل غيرهم فعل قريش ببيوت أصنامهم، إذ كانوا يطوفون حولها، كالذي كان يفعله أهل يثرب من طوافهم ب "مناة".
وقد ذكر الأخباريون أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون حول الرجمات، وهي حجارة تجمع فتكون على شبه بيت مرتفع كالمنارة، ويقال لها الرجمة. وكان الجاهليون يطوفون حول الأصنام والأنصاب كذلك. وذكر "نيلوس" Nilus أن الأعراب كانوا يطوفون حول الذبيحة التي يقدمونها قرباناً للالهة. وكانوا يطوفون حول القبور أيضاً: قبور السادات والأشراف من الناس (69)
وكان الحلة يطوفون عراةً بالكعبة لأنهم كانوا يعظمون الكعبة لدرجة أنهم لا يطوفون بها في ملابسهم التي أذنبوا فيها. وجاء محمد واعتمد الحج بكل تفاصيله الجاهلية، بما في ذلك "لبيك اللهم لبيك" والوقوف بالرجمات أي الحجارة لرمي الجمرات. وحتى طواف العراة فقد اعترف به محمد مع بعض الرتوش القليلة مثل ملابس الإحرام التي يكون الحاج عرياناً تحت ذلك البشكير الذي يلفه حول خصره. ولأن العرب قبل الإسلام كانوا يحجون في الأشهر الحرم التي كانت أربعة أشهر، جاء محمد بقرآن يقول (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّـهِ وَأَنَّ اللَّـهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ) (التوبة، 2). ثم قال (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّـهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة 197). وما زال رجال الدين الإسلامي يطوفون حول هذه الآية ليجدوا لهم مخرجاً من قوله (الحج أشهر معلومات) والحديث الذي يقول (يوم صيامكم يوم نحركم). فأصبح الحج أياماً معدودات بدل الأربعة أشهر الجاهلية. والغريب في الأمر أن المسلمين الأوائل قالوا لمحمد إنهم يكرهون الوقوف بالصفا والمروة لأنهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية، فأتاهم محمد بآية تقول (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّـهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة 158). فقد صعُب على محمد أن يتخلى عن جزءٍ من الحج كان يفعله في صباه. ولكن الغريب في الآية أنها تقول إن الصفا والمروة من شعائر الله، إلى هنا والأمر واضح، ولكنه يقول فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما. نحن نقول للشخص إن هذا الشيء غير مستحب ولكن إن فعلته فلا جناح عليك، أي لا ذنب. وإذا لم يفعله فهذا هو المطلوب. ولكن محمد يقول إنهما من شعائر الله ولكن من حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما. كان المفروض أن يقول "الصفا والمروة من شعائر الله فطوفوا بهما تؤجرون".
والغريب في الأمر أن محمداً حطم الأصنام ومنع المسلمين من الطواف حول الأصنام، ولكنه في نفس الوقت طلب من المسلمين أن يحتضنوا الحجر الأسود ويقبلوه. إنها عبادة الأصنام في نسختها الجديدة.

الخراج:
كان عرب ما قبل الإسلام يأخذون الخراج على الأرض. ويعبر في عربية القرآن [...] عن الشيء الذي يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم ب "الخرج" و ب "الخراج"، فهو إتاوة تؤخذ من أموال الناس. و "الخرج" كما يقول علماء اللغة أعم من الخراج، وجعل الخرج بازاء الدخل. والخراج مختص في الغالب بالضريبة على الأرض. وقيل: العبد يؤدي خرجه، أي غلته، والرعية تؤدي الى الأمير الخراج. وقد خصصت لفظة "الخراج" في الإسلام بما وضع على رقاب الأرض، وخصصت الجزية بما يدفع عن الرأس. و "الخرج"،مما يدفعه الرقيق إلى سيده وماله عن خراجه. وقيل: هو الأجرة، وان الخرج من الرقاب، والخراج من الأرض. وأرض الخراج تتميز عن أرض العشر في الملك والحكم.
ويقابل "الخراج" بالمصطلح الإسلامي لفظة pnoros في اليونانية، فهي ضريبة الأرض عند اليونان. وقد كان البيزنطيون قد فرضوا "الخراج" على غلة الأرض يدفعها كل من خضع لهم. وكان يدفعها عرب الشام لهم أيضاً، لأنهم كانوا في حكمهم. وأما عرب العراق، فقد دفعوا "الخراج" إلى الفرس. ويقال للخراج "خرجا" في لغة بني إرم،ووردت في "التلمود" بلفظ: "خرجه" و "خرجا". وهي عند الساسانيين خراج الأرض، أي الضريبة الخاصة بحاصل الأرض. ولكن الفرس القدماء لم يكونوا في القديم يفرقون بين الخراج والجزية، أي ضريبة الرأس، بل كانوا يطلقونها على الضريبتين. وقد وردت لفظة "خرجا" في التلمود بمعنى ضريبة الرأس، وأطلق "التلمود" على ضريبة الأرض اسم "طسقه" "طسقا" Taska "ط س ق". وهي بهذا المعنى عند الفرس. وقد أخذ العبرانيون اللفظة من الفرس. وقد كتب "عمر" إلى "عثمان بن حنيف" في رجلين من أهل الذمة أسلما: "إرفع الجزية عن رؤوسهما، وخذ الطسق من أرضيهما". وعرف علماء العربية "الطسق" بأنه شبه الخراج، له مقدار معلوم، وما يوضع من الوظيفة على الجريان من الخراج المقرر على الأرض. وقد ذكروا أن اللفظة فارسية معربة (70) وكانت قيمة الخراج على الأرض عُشر المحاصيل.

وقد كان الجاهليون يأخذون الجزية من المغلوبين، وكانت عندهم الضريبة التي تؤخذ عن رؤوس المغلوبين، يدفعونها إلى الغالب. فدفعتها القبائل المغلوبة للقبائل الغالبة، على أساس الرؤوس.
وضريبة "العشر" هي ضريبة معروفة بين الجاهليين، فقد كانت الحكومات تتقاضى عشر ما حصل عليه التاجر من ربح في البيع والشراء، وكان المتولون أمور الأسواق يتقاضون العشر كذلك. وقد أشير اليها في كتابة قتبانية، حيث كانت حكومة قتبان تتقاضى هذه الضريبة من المعاملين في البيع والشراء، إذ كانت تأخذ عشر الأموال، وتوسعت في ذلك حتى عمت هذه الضريبة على كل ربح أو وارد يصيبه الرجل سواء أكان ذلك من البيع والشراء أم من الإجازة والإرث.
وقد كانت لعرب ما قبل الإسلام عقوبات معروفة تُطبق على المجرمين.
ومن العقوبات التي جاءت بها الشريعة الجاهلية عقوبة: إقامة الحدود على الجناة، وذلك بالتعزير، وهو الجلد، جلد المخالف الذي لا تكون مخالفته جناية، بل مخالفة بسيطة في مثل مخالفة أوامر الوالدين أو الولي الشرعي وفي الاعتداء على الغير بالشتم و السباب والتحرش بالناس وماشاكل ذلك من أمور. وعقوبة دفع الغرامات وتعويض الضرر، وعقوبة السجن على الجنايات المهمة، وعقوبة الطرد من البيت أو من المدينة أو من أرض القبيلة والخلع والتبري من الشخص، والحبس في البيت (جواد علي، ج 2، ص 838). ولما كان محمد على علم بعقوبة الحبس في البيت، أتى بآية في قرآنه عن حبس المرأة التي تأتي الفاحشة، فقال (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّـهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) (النساء، 15). مع أن المعروف في الإسلام هو إذا أتت المرأة المتزوجة بالفاحشة فعقابها الرجم، وإن لم تكن متزوجة فعقابها الجلد.

والتغريب: النفي عن البلد أو الأرض، وكانوا يستعملون هذه العقوبة في حق من يستهتر بعرف القبيلة ويقوم بأعمال منكرة ولا يصلح نفسه فكانوا يحكمون عليه بالجلاء عن أرض القبيلة والابتعاد عنها مدة تحدد وتعين. وقد لا تحدد. فهو نفي وإجلاء. وقد بقيت هذه العقوبة في الإسلام فأمر الرسول بالتغريب وأمر الخلفاء به كذلك. وقد نفى الخليفة عثمان أبا ذر إلى الربذة لأنه اتهم عثمان بأكل مال المسلمين. ونفى الخليفة عمر بن الخطاب رجلاً يقال له عمرو لأنه كان جميلاً للغاية وكان نساء المدينة يخرجن من بيوتهن لرؤيته إذا دخل المدينة، فنفاه عمر. فقال الشاعر في ذلك:
جنى الجمال على عمروٍفغربه ***** عن المدينة تبكيه ويبكيها
وزهرة الروض لولا حسن رونقها **** لما استطالت إليها كف جانيها

الدية:.
كان عرب ما قبل الإسلام يأخذون الدية من القاتل ويدفعونها إلى أهل القتيل. والأصل في الدية أخذها من القاتل إن كان قادراً، فإن لم يكن قادرأَ على حملها، وقع حملها على ذوي "العصبة"، أي على أقربائه وذوي رحمه حسب رابطة ألدم. لذلك تكون "العصبة" في الديات، كما تكون في الإرث.
ونختلف الدية باختلاف درجات القبائل ومنازل الناس، فقد تكون عشرة من الإبل، وقد تبلغ ألفاً. فإذا كان القتيل من سواد الناس ومن القبائل الصغيرة الضعيفة كانت ديته قليلة. أما إذا كان من أشراف القبيلة زادت ديته عن ذاك تبعاً لمنزلة القتيل ولمكانته. وإذا كان القتيل ملكاً، كانت ديته ألفاً من الإبل، وتسمى هذه الدية "دية الملوك". (جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج 2، ص 842). محمد أخذ هذا التشريع من عرب ما قبل الإسلام وجعله جزءاً من إسلامه.



الخلاصة
من الواضح أن تاريخ ظهور الإسلام، ومكان ميلاد محمد، وتاريخ ميلاده، وكل القصص التي حكاها لنا شيوخ الإسلام في كتب التراث لا يمكن الاعتماد عليها لأنها كُتبت بعد حوالي مائتي سنة من التاريخ المزمع لوفاة محمد. وحتى مكة، المدينة المقدسة للمسلمين، لم تكن موجودة في الفترة المزمعة لظهور الإسلام حيث تدور أغلب الأحداث التي جاءت في كتب التراث في البتراء بالأردن، وليس في مكة الحالية.
ثم أن محمداً لم يأتِ بأي شيء جديد في رسالته لم يكن معروفاً لعرب ما قبل الإسلام. محمد سافر كثيراً وتعرف على الأديان الأخرى ونقل محتواها، وترك كل التفاصيل التي تخص الجغرافيا أو تاريخ حدوث القصص التي ذكرها في قرآنه لأنه لم يكن يعرف التفاصيل. والقصص التي أتى بها عن الأنبياء السابقين وأقوامهم كلها منقولة من مصادر عبرانية، أو ميثولوجيا بابلية أو سومرية أو مانوية أو زرادشتية.
أما التشريع الإسلامي فكله منقول من اليهودية، أو المسيحية، أو المانوية، أو الديانة الزرادشتية.، أو من ممارسات عرب ما قبل الإسلام. محمد وأتباعه زعموا أن الفترة التي سبقت الإسلام كانت فترة جاهلية، فإذا كان الأمر كذلك فالإسلام نفسه جاهلية لأنه أخذ من عرب الجاهلية الحج والطواف بمنى ومزدلفة، والزواج، والطلاق، وزواج المحلل للذي طلق زوجته ثلاث مرات، وعدة المتوفي زوجها، وتقبيل الأصنام (الجدر الأسود)، والعشور والخراج، ودية القتيل، وكثيراً من الشعر الجاهلي. وللمزيد عن التشريع الذي استعاره من اليهودية يمكن للقاري أن يرجع إلى سلسلة المقالات التي كنت قد نشرتها بالحوار المتمدن تحت عنوان "الإسلام نسخة منحولة من اليهودية" على هذا الرابط:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406715
فمحمد لم يكن رسولاً، ولم يأت بأي قصة أو تشريع لم يكن معروفاً للعرب. وبالتالي لم يكن هناك أي سبب للإله أن يبعث رسولاً جديداً. المراجع:
(67) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج 2، ص 688
(68) نفس المصدر، ص 830
(69) جواد علي، المفصل في تاريخ العرب، ج 3، ص 779
(70) نفس المصدر، ج 2، ص 738








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها المنابع لكن هناك ما هو اكثر
محمد البدري ( 2019 / 7 / 4 - 15:04 )
ما احزنني هو لفظ الاخيرة في عنوان المقال،
فليس هناك اخيرة في موضع ايديولوجيا الاسلام الا عندما يكون هناك تطهر تام مع وعي عميق لدي كل فرد ساقه الحظ التاريخي التعس بما في هذا الفكر من جهالة وجاهلية.
ربما تكون هذه هي الحلقة الاخيرة عن منابعه لكن هناك الكثير من السلوك المتراكم عبر تاريخه بالحكم المسمي الخلافة الاسلامية يمكن ان يشكل موقفا عقليا صارما ازاء ما يسمي تضليلا خير أمة، لاننا ازاء دين يستبعد حضارات وانجازات شعوب قدمت الاساس الحضاري للانسانية لصالح بداوة بدائية وبربرية عمياء لا تعرف سوي استنزاف كل مورد دون اي تنمية او تقدم، بل وتمارس صهيونية عربية اسلامية علي كل ارض وصلت اليها.

تحية وتقدير واعتزاز للعزيز الفاضل د. كامل النجار


2 - محمد البدري
كامل النجار ( 2019 / 7 / 4 - 17:17 )
ألف شكر على مرورك الكريم أخي محمد. لقد تألمت أنا كذلك عندما وصلت الحلقة الأخيرة من المنابع، ولكن ما زال لدي الكثير لأكتب عنه. ربما أزور الخلفاء -الراشدين- كما يزعمون لفضح ممارساتهم غير الرشيدة
تحياتي لك


3 - جهد كبير
سمير ( 2019 / 7 / 4 - 18:46 )
تحية وتقدير للفاضل كامل النجار, انت لست مسيحيا او يهوديا لتدافع عن دينك بل رجل عاقل تبذل الجهود والوقت الطويل فقط لتفتح عيون المسلمين. كل الاديان فيها خرافات وامور غير معقولة ولكن المشكلة في الاسلام انه يحوي الكثير من العنف والجنس والاستعباد ويشجع على نشر الكراهية بحق المخالف والمراة . استمر رجاء وشكرا


4 - لم تتكلم عن العبودية والسبي والإغتصاب 1
عماد ضو ( 2019 / 7 / 4 - 18:47 )
تحية د كامل، من المؤسف فعلا ان تكون هي الحلقة الأخيرة كما قال الأستاذ البدري واتمنى ان تستمر كما تفضلت عن الخلافة
لم تتكلم في هذه الحلقات عن العبودية . قبل الإسلام لم تكن العبودية منتشرة كما انتشرت بعد ان قننها ابن آمنة .
بل وفتح لها ابواب الغزو وأسواق النخاسة التي بقيت على مدى التاريخ الإسلامي كله حتى داس حذاء الدول العظمى على اخر سوق عبيد عام 1964 في السعودية
كل الخلفاء العباسيين ما عجا ثلاثة هم اولاد زنى من جاريات تركيات وصقالبة وفرس وافارقة ومن عشرات الجنسيات والدول التي كان يستقدم المسلمون عذراواتهم إلى كرخانة امير المؤمنين.
قبل الإسلام أعتق عبد الله بن جدعان التيمي عبده صهيب بن سنان لما رأى من ذكائه بل وشاركه في تجارته.
أي ان العتق كان قبل الإسلام، بينما محمد غضب على مسلم كتب في وصيته اعتاق عبده لما شكا اولاده فقرهم من
بعده فأتى بالعبد وباعه واعطى ثمنه لورثة الرجل. محمد غضب على احدى زوجاته لم اعتقت عبدا وقال لها كنت وهبتيه لأهلك بدل اهدار قيمته. ابن آمنة نفق ولديه الكثير من العبيد والإماء، ما فعله بتحريض العبيد على أسيادهم في اول غزواته هو ما يسمى اليوم حصار اقتصادي،


5 - لم تتكلم عن العبودية والسبي والإغتصاب 2
عماد ضو ( 2019 / 7 / 4 - 19:00 )
حصار اقتصادي بمعنى هو يحرم أعداءه من الأيدي العاملة فما يتمردون على أسيادهم ويأتون اليه يضطر أسيادهم تحت الضغط للإنضواء تحت لوائه. وهو اسلوب مافيوي نجح بشكل كبير,
فعندما حاصر محمد الطائف في الثامنة للهجرة للقضاء على ثقيف وهوازن الذين تحصنوا فيها بعد غزوة حنين. قام بحرق كروم الطائف ونخيلها التي تقع خارج الأسوار كما فعل بنخيل بني النضير. وهذا تكتيك اخر بالحصار الإقتصادي حتى الخنق.
ورمى الطائف بالمنجنيق وحرض العبيد على النزول إليه فتدلى 23 منهم عن جدران السور ونزلوا إليه، فعرف منهم ان لدى اهل الطائف داخل الحصن من المؤؤنة ما يكفيهم سنة ففك الخصار وانسحب إلى وادي الجعرانة،
أهل الطائف أسلموا فيما بعد لما رأوا شراسة محمد ولكن العجيب في الأمر انهم لما أسلموا أعاد إليهم العبيد الفارين وأعادهم تحت إمرتهم وولائهم. هذا هو ابن أبو كبشة، المستعبد رقم واحد الذي ضمن قرآنه ايات عن العبودية وترك لنا فقهه مجلدات بالأطنان أحياها داعش بالأيزيديات على سنة رسولهم


6 - لم تتكلم عن العبودية والسبي والإغتصاب 3
عماد ضو ( 2019 / 7 / 4 - 19:06 )
أما عن ملك اليمين فان قريشا تركت الغزو كراهة بالسبي كما ثبت عن الجاحظ وضمنه جواد العلي في المجلدات التي
كانت احد مرجع بحثك القيم هذا
يقول الجاحظ
وقريش من بين جميع العرب دانوا بالتحمس، وتشددوا في الدين، فتركوا الغزو كراهة للسبي واستحلال الأموال واستحسان الغصب؛ فلما تركوا الغزو لم تبق مكسبة سوى التجارة، فضربوا في البلاد إلى قيصر بالروم، وإلى النجاشي بالحبشة، وإلى المقوقس بمصر، وصاروا بأجمعهم تجاراً وتركت قريش الغزو بتة

ولكن محمد اراد جيشا من الغزاة السارقين وليس هناك ما يحرض أجلافه على الغزو والسلب أكثر من وهبهم أعراض النساء المسبيات ليفضوها على بركته
في غزوة اوطاس شبى المسلمين نساء من أشراف العرب لهن أزواج وأزواجهن من الأسرى او من غير الأسرى ولكنهم أحياء في كلتا الحالتين. واشتدت العزبة على عسكر محمد فأرادوا نكح السبايا ولكن اخلاقهم الجاهلية منعتهم من اغتصاب نساء متزوجات وأزواجهن أحياء. فقرأ عليهم سورة النساء أية 24 (حرمت عليكم المحصنات من النساء إلا ما ملك أيمانكم ) فاغتصبوا النساء على سنة محمد ورب محمد


7 - سمير
كامل النجار ( 2019 / 7 / 4 - 20:29 )
شكراً لك على المرور والتعقيب. أنا لا ديني لكني ولدت مسلماً بالوراثة. ولا شك عندي بعد أن درست أغلب الأديان أن الإسلام أكثر دين همجي، صحراوي، بدوي، لا يتسق وحقوق الإنسان. لذلك أنتقده أكثر من نقدي للأديان الأخرى
تحياتي لك


8 - عماد ضو
كامل النجار ( 2019 / 7 / 4 - 20:32 )
ألف شكر على مرورك وتعقيبك الذي لمس أغلب جوانب الإسلام. لا يسعني إلا أن أتفق معك وأشكرك جزيل الشكر
تحياتي


9 - الصحابه
على سالم ( 2019 / 7 / 4 - 22:47 )
شكرا استاذ كامل على جهدك الرائع والسخى وتسليط الضوء على خزعبلات الاسلام الشرسه الهمجيه واكاذيب البدو العربان المقملين الجربانيين , ارجو ان تحضر من وقت الى اخر وتزيدنا معرفه بقبيله ابن كلاب وشريعه البدو والقرأن الذى اصبح كارثه مروعه للعالم اجمع , ربما انت لم تركز كثيرا على مايسمى بالصحابه , يعنى بصراحه الصحابه دول كانوا عصابه من الصعاليك والقتله المجرمين واللصوص المتوحشين والبرابره الدمويين , من المؤكد ان المدعو صلعم كان دائما يسميهم بأسماء قدسيه , معظمهم ان لم يكن كلهم فهم من المبشرين بالجنه ؟ وهم( رضى الله عنهم وارضاهم ) نسبه كبيره منهم تم نحرهم وقتلهم ونسبه اخرى كانوا نتاج زنا محارم وغالبيتهم كانوا يعانوا من التشقق فى اقدامهم وذلك لاانهم لم يرتدوا النعال فى حياتهم البائسه, شكرا لمجهودك وكشفك للحقيقه واخراج الكوارث المسكوت عنها


10 - رسائل البطاركة بدأت ب(بشم ألوهو رحمانو رحيمو)
ليندا كبرييل ( 2019 / 7 / 5 - 08:36 )
نقف لحضرتك احتراما وتقديرا

هل ذكْر(الحلقة الأخيرة) تمهيد لانقطاع طويل كما حدث في مرات سابقة؟
أستودعك المحبة والسلام قبل أن تودعنا وأشكرك على جهدك الكبير
أرجو أخذ طلبات الإخوة المشاركين بعين الرعاية لتكون محطتك التالية

ولي تعليق استلهمتُه من فقرة الصلاة قبل مقالين
درسنا أن البتاركة السريان كانت رسائلهم تبتدئ عادة وكما المعروف بعبارة
بْشِمْ ألوهو رحمانو رحيمو
ولو دققنا قليلا في اللفظ لاستطعنا التوصّل إلى مطابقته مع العبارة
بسم الله الرحمن الرحيم
وكلمة رحمانو السريانية تعني بيت الرحم وتشير إلى الروح المتجسِّدة في رحم العذراء
وكلمة رحيمو هي الروح القدس
فالبسملة الأنطاكية السريانية تمجِّد الثالوث المقدس

محمد قبل زواجه خرج بمال السيدة خديجة إلى الشام متاجرا، والمعروف أن لغة أهل الشام والأمصار حولها كانت قبل الإسلام والفتوحات، الآرامية السريانية وليست العربية
كتاجر متفوِّق ناجح كان يسيّر الفوافل التجارية التابعة للسيدة خديجة يُفترَض أن يكون متمكنا بامتياز من اللغة السريانية المنتشرة بين أهل الشام
فهل كان النبي يتكلم السريانية ؟

المقال الأخير لكنه ليس الحضور الأخير بإذنك
احترامي


11 - علي سالم
كامل النجار ( 2019 / 7 / 5 - 09:09 )
كل الشكر والتقدير على مرورك الكريم وتعقيبك أرجو أن أكون عند حسن ظنك وأرجع لكم بسلسلة من المقالات عن الصحابة إذا سمحت ظروفي
تحياتي لك .


12 - ليندا كبرييل
كامل النجار ( 2019 / 7 / 5 - 11:44 )
العزيزة ليندا
لك الشكر والتقدير على المرور والتعقيب. بما أن المسيحية كانت منتشرة في الجزيرة العربية وخاصة في اليمن، فقد كانت عبارة بْشِمْ ألوهو رحمانو رحيم منحوتة بالخط المسماري على عدة معابد في سبأ ومملكة حضرموت. وبما أن اللغة السريانية كانت اللغة الشائعة في كل الجزيرة العربية وبيزنطة فلا بد أن محمداً كان يعرف هذه اللغة، حتى وإن لم يكتبها. وقد ظهرت غدة عبارات وكلمات سريانية في قرآنه
أتمنى أن أعود إلى الحوار المتمدن بسلسلة جديدة عن الإسلام أو الخلفاء -الراشدين-. تخياتي لك


13 - يولد الانسان على الفطرة
بلبل ( 2019 / 7 / 16 - 15:49 )
يولد الانسان على الفطرة كما قال الصادق الامين وخير خلق الله بمافيهم الانبياء والرسل وحتى ابوه ادم صلى الله وملائكته عليه وسلم فان شاء اهله يهدوه او مسحوه او او او ويبقى هذا الكلام صحيح فالانسان ابن بيئته لكن اذا استخدم الانسان عقله وحلل الامور بنفسه يمكنه ان يتحرر من الموروث ويكسر اغلال التبعية

اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو