الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
براعة الاسنهلال في رواية - مصل الجمال -
صفاء الصالحي
(Safaa Alsalhi)
2019 / 7 / 9
الادب والفن
اولت الدراسات السردية الحديثة باالسنوات الاخيرة اهمية كبيرة لدراسة العتبات النصية ، ودلالاتها ووظائفها في النص الروائي ، لاسيما عتبة الاستهلال ، بأعتبارهامفتاح الرواية وأول خيوط نسيجها السردي ، وفرصة الإلتقاء الاول قبل الاندماج بين النص والمتلقي ، كما انه يشكل العنصر الاهم في بناء النص ، لذلك شكل الاستهلال هاجس عانى منه حتى كبار الروائيين في العلم عند شروعهم بكتابة رواية جديدة . وعن أهمية الاستهلال بالرواية يقول ماركيز " المشكلة الرئيسية تكمن في البداية ، الجملة الاولى في الرواية او القصة تحددان امتداد النص ، ونطاقه ، ونبرته ، وإيقاعه ، وأسلوبه ، وأصعب ما في الرواية الفقرة الاولى ، ما أن تتقن ذلك حتى تسير الامور بانسيابية وسهولة ، في الفقرة الاولى تحل كل المشاكل التي تواجهك في كتابة الرواية ، لقد بحثت عن الجملة الاولى المناسبة لرواية خريف البطريرك طوال ثلاث اشهر ،ولكن عندما وجدتها أدركت كيف تكون الرواية بأسرها() .
بلعبة سردية فنية مغايرة للسرود التقليدية ، وبقالب طبع عليه البعد الغرائبي والواقعي ، وعلى شكل مقاطع مرقمة تنتهي بالمقطع ( 28) منثورة على 184 صفحة بلسان سارد دائم الحضور ، يقدم الروائي عبد الزهر علي منجزه الروائي السادس بالعنوان الموسوم " مصل الجمال اولاد الكلب " ، والصادر عن دار لارسا للطباعة والنشر . الرواية تصور صراع بين طائفتان من البشر يحاول كل منهما ان يصرع الاخر ، طائفة تحمل الجينات الانسانية تشترك بمعاني نبيلة تشتعل فيهم جذوة الخير والحب والجمال والخير متمثلين في الرواية بشخصيات ( الراوي ، المهبول ، ثائر ، حسنة ، وكل من يشترك معهم بالمعاني النبيلة ) ، وطائفة أخرى مستكلبة تشتعل فيهم جذوة الطمع والقبح والخراب متمثلين في الرواية بشخصية( جلاب وكل من يهم في تخريب معالم الجمال والحب والخير ) ، تتسع دائرة الصراع في متن النص فيستولي جلاب على بعض الاراضي من خلال تقربه من النافذين الجدد في البلد ، ويصبح بعد بيعه هذه الاراضي من الأغنياء ، ويتكاثر نسله وما عاد يتوانى في محطات أنحطاطه ، لينشب مخالبه في اجساد ألآخرين ، وينتهي الصراع الى صنع مصل هو خليط من الثقافة والادب والوعي والتعاون الذي يكافح الآفات التي جاءت بها الطائفة المستكلبة وتحميهم من شراسة المستكلبين ( في دورق كبير جمع ثائر قصاصات الشعر وجمل النثر ، وقطع اشرطة الغناء ، واجزاء من لوحات فنية ، ثم اضاف اليها اوراق من شجرة السدر ، وازهار الحديقة العامة ، وسكب عليها ماء فاتر مذاباً فيه عسل النحل ، ثم قام بتسخين المواد كلها على نار هادئة .. بعدها بأ بتقطير المحلول الناتج منه ، حصل على مصل ذو لون بنفسجي لقد غطى لون الأحبار على لون العسل ، اسماه مصل الجمال ص173 ) ، تتجلى في البنية السردية تفاصيل فنطازية غرائبية مبنية على بؤر أشارية تتعدد فيها الدلالات والمعاني والرموز ، مزجت بين العالم الواقعي المحسوس بعالم آخر من انتاج الخيال ، لايقتصر على الوعي والفائدة والتعرف على حياة المتجاوزين القاطنين بالعشوائيات الجغرافية وإنما فيها من متعة المحاكاة التهكمية التي تتبنى ثيمة ذات طبيغة سياسية ، وكثيراً ما يتسلل السرد الغرائبي الى بعض البنيات السردية الاخرى ويلتحم معها محركاً الاحداث واضعاً اياها في بوتقة الحدث الفانتزي الغرائبي . في نقطة اللقاء الاول بين الكاتب والمتلقي يمسك الكاتب بتلابيب القارئ ويثير سلطته التأويلية ، وينقله من صورة مرئية بشعرية خاصة الى عالم الرواية التخيلي بكل ابعاده ، بأفتتاح الرواية بأستهلال نثري بارع يحاكي بتهكم الانسان المستكلب بتقديمه " الكلب الرمادي " الرمز الدال الى نمط معين من الانسان الكلب وبالتحديد الى الشخصية المحورية المستكلبة في الرواية " جلاب " الذي سيشكل لاحقاً بؤرة مركزية في الرواية ترتبط بها الاحداث ( وقد تناثرت السحب ، وتوقف المطر ، بدأ شعاع الشمس ينسل خجولاً الى الطرقات الموحلة ، في هذا الوقت عينه كان يركض بمفرده وحيداً بلونه الرمادي ، مر وقت طويل وهو يخوض في البرك والطين تتعثر قوائمه باغصان الأشجار الساقطة في الوحل .. ص5 ) . ثم يستمر نمط الاستهلال ويمتد بسعته ليشمل فصلاً كاملاً من الرواية ليؤسس الى متن حكائي للرواية ، مشحون بكثافة رمزية ، تلعب فيه الاشارات والرموز دورها للوصول الى دلالاتها العميقة في النص . وبالاضافة الى الاشارة الى الشخصية المحورية في الرواية تضمن الاستهلال مجموعة من المكونات تمثل بتقديم صور عن فضاء الرواية ، من خلالتعين الفضاء الزمني للرواية بعد التغير عام 2003 والاحتلال الامريكي وتداعياته المختلفة على الواقع من خلال الاشارة الى الواضحة ( حيث رأى رجالها يغادرون مواقعهم ، تاركين اسلحتهم ومعداتهم في اماكنهم ، يهربون وهم متخفون بين الادغال والاحراش ..ص5 ) ، ومن خلال الاشارة الجغرافية الى المكان ( أخذ من الحفرة العميقة التي احدثتها الحفارة عند بناء مشفى لمعوقين الحرب ملاذ له .. ص7 ) حد الفضاء الجغرافي للرواية كما فصلها لاحقاً في المقطع الثالث من النص ( ومن هيكل المشفى المتروك والذي كان مخصصاً بعد اكماله لمعالجة معوقي حرب الثمانيننات ، يقع على تقاطع الطريق بين الاعلام وحي الشرطة والمعالف في بغداد ..ص26 ) ، كما تجلى في الاستهلال تصوير رمزي لبعض الحيوانات كالقرود تقبلت اجتياح المزرعة المرموزة للعراق ، والكلاب التي رأت ان المائدة مدت وعليهم تقاسمها ، فكانت بمثابة تمهيداً لأحداث رئيسية تم تفصيلها ضمن اللاحق من الفصول . لقد حقق الاستهلال في رواية " مصل الجمال اولاد الكلب " وظيفة جذب انتباه القارئ الى عالم النص من خلال الكلمات المشحونة بالإيحاء والاسلوب المتميز الذي أحال المتلقي الى مدارات التأويل والتحليل والكشف ، وحقق ايضاً وظيفة التلميح لمضمون الرواية ، وقدم فكرة عن الشخصيات والأحداث في الرواية فكان بمثابة البداية البارعة التي كان لها الدور الحاسم في اثارة انتباه القارئ وتحفيزه لمواصلة التفاعل مع النص .
1
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح