الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الله - عند اسبينوزا..

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2019 / 7 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن السعي للفهم هو الأساس الأول والوحيد للفضيلة.

باروخ سبينوزا
فيلسوف (1632 - 1677)
باروخ اسبينوزا فيلسوف هولندي ، حاول تأسيس عقيدة جديدة ، أراد من خلالها استبدال العقائد المبنية من الخرافة ، وفكرة التدخل الإلهي المباشر في ضبط الذات ، بعقيدة جديدة غير شخصية ، شبه علمية ، ومتوافقة مع الزمن ..
باروخ : كلمة تعني ( مبارك ) باللغة العبرية . وقد ولد في الوسط اليهودي في أمستردام ، بينما انحدر أسلافه من اليهود الشرقيين الذين فروا من شبه الجزيرة الاسبانية 1462.
نبغ هذا الفيلسوف منذ صغره ، حيث كان مولعاً بالمعرفة جداً، وعُرفَ بذكائه الحاد ، وتلقى تعليما دينيا مكثفاً ، حيث اتبع كل الطقوس والعبادات والأعياد الدينية اليهودية المختلفة ، ولكن تدريجياً بدأ يعزل نفسه عن إيمان ذويه ، ويبتعد عن أفكار أسلافه شيئاً فشيئاً .
لكونه شعر بأنه " قد أصبح مقيداً بوجهات نظر وأفكار الآخرين" .على حد تعبيره.
ثم أخذ يُبين أفكاره الخاصة ،
والتي بدأها في كتابه الهام " الأخلاق " الذي ألفه باللاتينة ونشر عام 1677 .
وفيه تحدى اسبينوزا بشكل مباشر أفكار العقيدة اليهودية بخاصة والعقائد الأخرى بعامة .
قائلاً فيه : انّ الله ليس ذاتاً مفارقة، تقع خارج هذا العالم ، وليس هناك من يسمع صلواتنا ، أو يصنع المعجزات لنا ، أو يعاقبنا على آثامنا ".
" ليس هناك حياة أخروية ، والانسان ليس هو المخلوق المفضل على العالمين عند الله ، والكتب السماوية (التوراة وسواها) كتبها أناسٌ قدماء.".
" والله ليس حرفياً أو محارباً يدعو المؤمنين به لحمل السيف المقدس و راية الجهاد والدفاع عنه . وهو لايطلق الاحكام ، ولا يكافئ الأطهار ولا يعاقب الأشرار .
وكل تصور أو تمثيل عن ذات الله هو مُجرّد خيالات ، وكل الطقوس التقليدية في العبادات له هي أساطير الاولين ومحض خرافة .
لكن و بالرغم من كل مما سبق، لم يعتبر اسبينوزا نفسه ملحداً ، بل كان يُصر بشدة على أنه هو المدافع المخلص والحقيقي عن الله .
لقد أخذ مفهوم " الله " دوراً جوهرياً في فلسفة اسبينوزا ، لكن الله لديه لا يشبه بتاتاً " الله " المُحدث عنه في التوراة أو الكتب السماوية الأخرى .
اله اسبينوزا هو اله ليس شخصاً ، أو هو ليس ذاتاً مفارقة ، يمكن فصلها عن الطبيعة أو عن الوجود أو روح متعالية بعيدا عن العالم .
الله لديه هو الكون و قوانينه ، هو المُسبب ، وهو الحقيقة ، وهو القوة الفعالة ، في كل موجود وفي كل ما سيوجد .
الله لديه ليس فيما وراء الزمان ، ولا يمكن تجسيده ، ولهذا عبر عن ذلك بقوله :
" أياً ما كان فهو من الله ، و لا وجود أو تصور من دون الله . "
من خلال كتاباته المتعددة حاول اسبينوزا أن يدحض فكرة الصلوات ، ورأى أنه في الصلاة كثيراً ما يدعو الانسان الله كي يُغير له نظام الكون حسب رغباته ومصالحه أو مشاعره، ولكنها طريقة خاطئة تماماً ، لأنه على الانسان انْ يسعى لفهم هذا الكون ونظامه ومن ثم تقبله ، بدلا ً من الاحتجاج عليه والتذمر منه عبر ارسال رسائل متتالية الى السماء.
وقد عبر اسبينوزا عن ذلك بقوله :" لا يجب ان يتوقع من يُحب الله ، أن يُحبه الله بالمقابل " .
بمعنى انه - فقط - ذاك الشخص المؤمن النرجسي والمشوه، هو الذي يتخيل ان الله سيهتم بتنحية قوانين الكون جانباً لأجله ، أوتعطيلها كلياً من أجل رغبة من رغباته ، أو ليُحسّن من حياته بطريقة ما .
هنا نلاحظ تأثر اسبينوزا البالغ بفلاسفة المذهب الرواقي الاغريقي ، الذين رأوا أيضاً ، أنّ الحكمة، تكون في تقبل الأشياء والخضوع بسلام للضرورة وفهمها ، بدلاً من الاحتجاج على كيفية سيرها .
لكن كيف نظر اسبينوزا للحياة .. ؟ّ!
للحديث بقية ..


- راجع كتاب الاخلاق اسبينوزا ترجمة جلال الدين سعيد للاستزادة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على سيارتين في منطقة الشها


.. نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: الوضع بغزة صعب للغاية




.. وصول وفد أردني إلى غزة


.. قراءة عسكرية.. رشقات صاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف




.. لصحتك.. أعط ظهرك وامش للخلف!