الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاذبية مدينة فاس

محمد بلمزيان

2019 / 7 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بعد أكثر من ثلاثين سنة تشاء الصدف أن تتاح لي فرصة المقارنة والجولان بين ذاكرة الماضي والحاضر، من أجل استعادة جزء من مرحلة الشباب الطافح بالحيوية والعنفوان المعتق بنبرة القفز نحو الغد المشرق الآتي، حينما انطلقت في جولة شفقسفر عبر سيارتي المتواضعة قاطعا ما يربو ثلاثمائة كلمترا، حاملا معي أفرادا من عائلتي نحو مدينة فاس المغربية، التي كنت سنة 1988 تلميذا مسجلا في ثانوية ابن حزم بحي لا فياط، وهي الثانوية التي اتخدت موقعها على أنقاض بناية كانت مقرا لمهام عسكرية فرنسية خلال الفترة الإستعمارية، قادما اليها من ثانوية إمزورن بعد طرد تعسفي وتنقيل قسري من قبل طاقم إداري فاسد كان وراء قرار طائش ومزاجي لم يخل من جهل مطبق بمفهوم الإدارة الحكيمة والرشيدة لقطاع التعليم والتربية،وانتهاج أساليب عقابية قاسية في حق كل الأصوات التلاميذية المناضلة التي كانت تحمل مشغل المبادرة واقتحام الأسئلة الحارقة التي كان التعليم يئن تحت وطأتها. كانت زيارة ليست كمثيلاتها الى مدينة فاس التي عرفتها ووطأت قدمي لأول مرة سنة 1986،خلال زيارى خاطفة لبعض الأيام بمعية صديقين قادمين من مدينة وجدة على متن قطار،ونحن مفعمين بالحيوية لمعرفة مايجري في حلقيات الجامعة النهارية والمسائية ومحاولة متابعة ما يغور اسسفي الجسد المجتمعي من آهات ومعاناة تعكسها الساحة الجامعية من خلال حلقياتها المفتوحة التي كانت بالنسبة لنا دافعا ومحركا لمزيد من الحماس والتشجيع باعتناق الفكر اليساري التقدمي كسبيل لمعرفة الحاضر وسبر اغوار الماضي القريب والسحيق، من خلال استلهام التجارب النضالية للشعوب عبر القارات الخمس التي كنا نعشقها ونقدس طقوسها في رسم معالم طريق الحرية وبناء الديمقراطية والتحرر .زيارتي الى مدينة فاس هذه المرة وبعد ما يفوق عن ثلاثة عقود من الزمن الأغبر، اكتشفت خلالها حقائق صادمة كنت أتخيلها مع نفسي، وكنت الإجابة عنها فيما يشبه المونولوغ الداخلي حينما، واستمزاج آراء الآخرين حينا آخر، من مدينة مضيافة تحتضن الغريب وتدمج الضعيف وتستوي مع متطلبات كل الفئات الإجتماعية بغض الطرف عن انتمائها الطبقي ، الى مدينة حزينة وحركات بشرها على إيقاع سريع وغير عادي كحال عرباتها المتنقلة بسرعة فائقة غير آبهة بحركة الراجلين، خاصة في بعض الشوارع الشهيرة الضيقة كشارع محمد الخامس الذي يعرف اختناقا مروريا حادا أحيانا، هذا التذمر سرعان ما ينجلي بمجرد الإٌنعراج على شارع الحسن الثاني الفسيح الطويل ببساتينه وأشجار نخله الباسقة ونافواراته الباهرة وكارسيه الفسيحة وهوائه البهي في أوج حرارته المرتفعة التي تنعش النفوس المنقبضة من الطقس الحار التي تتميز بها مدينة فاس، بعد تنقلي للكثير من أحيائها التي اعتدت على زيارتها مثل الملاح والبطحاء والسعاذة والأدارسة والدكارات وبن سودة وواد فاس وليكاراك وسيدي ابراهيم ولابيطا والأطلس وباب الفتوح وباب ادريس ومونفلوري وعين قادوس السيء الذكر وبين الطلعة الكبرى والصغري ينكشف عبق التاريخ العريق لهذه المدينة كلما توغلت الى متاهات المديمة القديمة بتقاليدها وحرفها ونشاطها الذي يأبى الإنشطار على ماضيه بأسواره العريضة والعالية وأبراجه السامقة، انها مدينة فاس التي تحتضن الفقير والغني رغم التفاوت الطبقي الصارخ، ورغم الإنفلاتات الأمنية التي تقع بين الفينة والأخرى في بعض أحيائها الهامشية، لكنها متميزة بأسعار خضرواتها المنخفضة ومائها العذب الزلال النقي سايس فاس الذي ينطف أغلب خطايا بعض انحرافاتها ويعطي لها معنى خاص وطعم لا يفارق ماء حرازم وحمامات جبل يعقوب المسحور بضياء وسخونة مائه الدائم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في