الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القومية العربية والفينيقية في لبنان والدور الفرنسي لإسقاط الخلافة العثمانية لتقسيم المقسم

مصطفى صامت

2019 / 7 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


كانت لبنان وسوريا وكل بلدان الشرق الاوسط مجرد امارات تابعة للخلافة العثمانية و في حوالي نهاية القرن التاسع عشر ظهر توجه داخل الحكومة العثمانية وبين النخب في المجتمع التركي يدعوا الى تتريك مختلف رعايا السلطنة العثمانية. أي فرض اللغة التركية على جميع الشعوب الخاضعة تحت حكم الاتراك وكانت الفكرة هي في جعل القومية داخل السلطنة هي القومية التركية وبالتالي جعل اللغة التركية هي اللغة القومية لكل رعايا السلطنة.

ولأن مواجهة الافكار القومية كانت حديثة النشأة وموضة ذلك العصر فقد ظهرت قوميات آخرى كردة فعل طبيعية على القومية التركية وسياسية التتريك ومن بين هذه القوميات نجد القومية الفينيقية في لبنان والقومية السورية في سوريا والقومية العربية وكلها كانت تحارب التتريك والمركزية العثمانية وتدعوا الى الخصوصية واللامركزية . تطورت هذه الافكار خاصة فكرة القومية العربية التي حاربت التتريك بالتعريب واسس المثقفين العرب ،الذين سيتحولون لاحقا الى قوميين عرب ، أسسوا في باريس " جمعية العربية الفتاة " سنة 1911 كرد فعل لجمعة " تركيا الفتاة " حيث كانت جمعية العربية الفتاة اللبنة الاولى التي مهدت ونظمت المؤتمر العربي في باريس عام 1913. وساهمت في التخابر والتحالف مع فرنسا وبريطانيا لتسليح وتفجير الثورة العربية التي انطلقت في الحجاز عام 1916م لإسقاط آخر خلافة اسلامية (الخلافة العثمانية) .

دعونا نعود الى القومية الفينيقية ثم نظهر لاحقا مشكلتها مع القومية العربية,

ظهرت القومية اللبنانية كما قلنا كردة فعل طبيعية لسياسية التتريك التي كان القصد منها تذويب ثقافة الشعوب الخاضعة للإمبراطورية العثمانية وقاد هذه النزعة مثقفون لبنانيين أغلبيتهم الساحقة من موارنة جبل لبنان المسيحيين تلقت الفكر القومي من المدارس الفرنسية في لبنان وقد تأثرت من القومية الفرنسية التي ظهرت في فرنسا بعد هزيمتها امام المانيا سنة 1870 .

كما ساهمت التجمعات اللبنانية المسيحية في المهجر خاصة في الاسكندرية و نيويورك وباريس في بلورة الفكر القومي اللبناني حيث نشط فيها مثقفين لبنانيين سيصبحون لاحقا من مؤسسي القومية الفينيقية أمثال بيير الجميل ويوسف السودا و ميشيل شيحا ، بولس نجيم ، شكري غانم ، جاك ثابت ، هكتور خلاط ، جورج سمنه ... حيث تتلخص أفكارهم في ان لبنان امة قائمة بذاتها ومتميزة عن غيرها ، لها أصول وجذور تاريخية متصلة مع الحضارة الفينيقية وليس مع الحضارة العربية ، وان اللبنانيين ليسوا ساميين .

و يعتبر اللبناني الماروني المطران نيقولا مراد أول المنظريين لفكرة القومية اللبنانية لما دعى الى وحدة سياسية لكل جبل لبنان تحت حكم الإمارة اللبنانية لكن الافكار تطورت اكثر بعد صدور كتاب باسم مستعار يعود الى اللبناني بولس نجيم ذو الميولات الفرنسية وكان عنوان كتابه La Qusstion de Liban الذي صدر في باريس سنة 1908 يدعو في الكتاب الى توسيع رقعة المتصرفية اللبنانية ليشمل مساحة أكبر من جبل لبنان بل وتشمل حتى بيروت ومرج عيون جنوبا وعكار شمالا ، فأستعملت مطالب الكتاب في لائحة المطالب التي قدمها الوفد اللبناني المشارك في مؤتمر السلام بفرساي 1919 حيث تم المطالبة بالاعتراف بلبنان الكبير .

ساعدت الجالية اللبنانية في المهجر على بلورة فكرة النزعة الفينيقية القومية اللبنانية في مصر حيث كانت الجالية بزعامة اللبناني يوسف السودا، تؤكد وجوب منح لبنان استقلاليته ضمن حدوده الطبيعية ، وكذلك في الولايات المتحدة الامريكية بزعامة نعوم مكرزل . حتى اعلن الجنرال غورو عن قيام دولة لبنان الكبير تحت الانتداب الفرنسي سنة 1920.

أما عن أفكار القوميين الفينيقين فتظهر اكثر في مؤلفاتهم ، فنجد كتاب للشاعر اللبناني موريس عواد يسمى" الأنطولوجيا اللبناني" ، كتبه باللهجة العامية اللبنانية واورد في ذلك الكتاب أن العامية اللبنانية ليست لهجة عربية بل يسميها اللغة اللبنانية ، كما يؤكد على فينيقية لبنان وينفي صفة العروبة له .

كتاب آخر للمؤرخ اللبناني يوسف الحوراني بعنوان " لبنان في قيم تاريخ ، بحث في فلسفة تاريخ لبنان : العهد الفينيقي " مجد فيه التاريخ الفينيقي ورفض البعد العروبي للبنان .

كما أسس شارل قرم مجلة La Revue Phenicienne ودار نشر بنفس الاسم سنة 1919 و كانت تنشر بالفرنسية وكنت اهداف المجلة هو ربط لبنان بالعالم الغربي وابعاده عن المحيط العربي وكذلك تمجيد فرنسا التي خلصت وساعدت لبنان على الانفصال وكانت المجلة بالفرنسية فقط .

كذلك في أشعار شعراء لبنان امثال سعيد عقل الذي يلقب بالشاعر الفينيقي ويعرف عنه كذلك دعوته إلى التخلي عن العربية كلغة للبنان واستبدال الحرف العربي بالحرف اللاتيني فمن أقواله "أنا فينيقي لا عربي، ووجهته نحو الغرب كما كان الفينيقيين قديما لا نحو الشرق، أو نحو الصحراء ومن واجب لبنان هذا إحياء الحقبة الفينيقية واستلهامها، وربما التوقف عندها، لأن الحقب التي تلتها، ومنها الحقبة العربية، قد أفقدت لبنان هويته" .

ولقد واجهت القومية الفينيقية اللبنانية أفكار القومية العربية العلمانية وأتهمتها بمحاربة الخصوصية اللبنانية والتستر وراء العلمانية ، وقد عملت القومية العربية على تذويب كل الخصوصيات الثقافية واللغوية المنتشرة في الشرق الاوسط وحتى في شمال افريقيا لاحقا وحاولت ان تحل محل سياسية التتريك التي كانت تحاربها بإسم الحفاظ على خصوصية العرب والمعربين.وهذا من اجل مشروعها الرامي إلى إنشاء وطني عروبي من الخليج الى المحيط لمىء الفراغ الذي تركته الخلافة العثمانية ومن أجل تحقيق ذلك ظهرت فكرة تعريب الشعوب ، إلا العبرانيين اليهود منهم (!) رغم انهم قاموا بتعريب الاكاديين والبابليين وبهذه الطريقة يكون الشعب الذي خلفه ابراهيم الذي قدم من مدينة أور الكلدانية الى كنعان عربيا حسبهم دون ان يفصحوا بذلك ، مما يعطي الاسبقية والاحقية لليهود في ارض فلسطين حاليا على الفلسطنيين .

ففي هذه الجزئية نجد ان التاريخ قد سجل لنا ان القبائل العبرانية كانت مقيمة في ارض كنعان قبل أن يستدعيها النبي يوسف الى مصر في أعوام القحط ، كما تقول الاسطورة ، ثم خرجت القبائل العبرانية الاسرائلية من مصر حوالي سنة 1230 ق.م بقيادة موسى نحو "الارض الموعودة" بفلسطين ، أما الشعب الفلسطيني فهو ليس عربي الاصول تاريخيا بل ظهر في فلسطين مباشرة بعد فشل غزوة شعوب البحر في احتلال مصر سنة 1200 ق.م ، فأستقر جزء من هذه الشعوب الهندو-أوربية في فلسطين والذي كان يسمى بالشعب البولاستي ومنه ظهر اسم الفلسطنيون وفلسطين .
لكن رغم ذلك فالقوميين العرب عربوا شعب البولاستي الذي هو من شعوب الهندو-اوربية وتركوا العبرانيين اليهود السامي رغم انهم عربوا الكلدانيين الذين جاء منهم إبراهيم ؟

وصول أفكار القومية العربية الى بلدان شمال افريقيا، وتأثر بعض رواد الحركة الوطنية لبلدانها بأفكارها أمثال مصالي الحاج وشيوخ جمعية العلماء المسلمين جعل عملية الفعل (القوية التركية وسياسية التتريك) وردة الفعل(القومية العربية والقومية الفينيقية والسورية) التي حدثت في الشرق الأوسط تتكرر في شمال افريقيا حيث ظهرت النزعة البربرية/الأمازيغية كردة فعل طبيعية على شفونية القومية العربية وسياسيتها الاقصائية الشمولية التي لا تعترف بالتعدد. فإذا كان من حق العرب واللبنانيين الدفاع عن ثقافتهم وخصوصيتهم من سياسية التتريك التركية حتى بالتحالف مع فرنسا وبريطانيا فلما تقام الدنيا على التيار الأمازيغي في شمال إفريقيا لما ظهر هو كذلك كردة فعل طبيعية للدفاع عن خصوصيته ووجوده أمام سياسة التعريب العروبية ؟











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجذورلاكتشاف الجريمة 1
محمد البدري ( 2019 / 7 / 11 - 06:42 )
منذ غزو بدو قريش ومن استاجروهم علي طريقة المؤلفة قلوبهم لم يكن هناك شئ اسمه عروبة، بل ولم يحمل احدا من الغزاة نسخة مما يسمي القرآن ليعرضه علي احد بقدر ما كان السيف والقتل والنهب والسلب اسلوب اقناع بالاسلام. فما يسمي تعريب ليس سوي ارهابمن اجل الاسلام.
فلماذا لم تتعرب دولا كثيرة في المنطقة كبلاد الشام والعراق ومصر وشمال افريقيا رغم ان الاسلام بات سائدا؟
قام الاتراك باحتلال كل ما احتله العرب قديما وهو امر طبيعي لا غبار عليه من وجهه نظر اسلامية لان الحكم اسلاميا يتولاه المتغلب بالسيف وتصبح الطاعة له واجبة.
فكرة القومية العربية لم تظهر الا لضعف السلطنة العثمانية لكنها تحمل عوارها لان التخلص من العروبة والتتريك هو الضمانة الحقيقة للاستقلال.
فقر الرؤية التاريخية لمروجي القومية العربية جعل الاسلام يعود ثانية بقوة وبشكل يتفق وصورته الارهابية الاولي تاريخيا.
وهنا لا بد ان نعيد النظر في تاريخ الصهيونية، فالعرب كانوا صهاينة تحت راية الاسلام، والاموين كذلك تحت راية القرشية الاموية وكذلك الفاطميين والايوبيين والمماليك والعثمانيين، كل حسب نظرته الايديلوجية من داخل ... يستكمل


2 - الجذورلاكتشاف الجريمة 2
محمد البدري ( 2019 / 7 / 11 - 06:42 )
... الاسلام. فجميع بلدان الشرق الاوسط مثل البنانيين أغلبيتهم الساحقة ليست عربية فهناك موارنة بلبنان واقباط بمصر وامازيغ بشمال افريقيا وكلدانيين واشوريين وسريان وأكراد في الشام والعراق كل منها امة قائمة بذاتها ومتميزة عن غيرها ، لها أصول وجذور تاريخية متصلة مع الحضارات القديمة بل ولغة كل منها تكتلأ بما كانوا يتحدثون به قبل العرب والعثمانيين.
ويبقي السؤال الاكثر وجعا ما قيمة ما قام علي مدي 1400 عام من الغزو العربي مقارنة بما سبق وما بعد سقزك الخلافة العثمانية؟
تحياتي

اخر الافلام

.. حزب الله ينفذ هجوما جويا -بمسيّرات انقضاضية- على شمال إسرائي


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يغلقون جسرا في سان فرانسيسكو




.. الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي: -لن أتولى أكثر من


.. رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما




.. ارتفاع ضحايا السيول في سلطنة عمان إلى 18 شخصا