الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الإسلاموية -و -الإنتفاضات العربية-

إيمان بوقردغة
شاعرة و كاتبة و باحثة تونسيّةـ فرنسيّة.

(Imen Boukordagha)

2019 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دأب التقليد السوسيولوجي على اعتبار أنه يتعذّر فهم الواقع خارج إطار طرح نظري يبحث في الأسباب العميقة للظواهر و تأسيسا على هذا الطرح النظري فإن الإحاطة بمسألة المواطنة في المجتمعات العربية قد تستفيد من الإرث النظري الذي طوّر المفهوم.
فأسّست أمهات الكتب السياسية و القانونية على غرار"السياسة" لأرسطو و " الأمير" لماكيافلي و "روح القوانين" لمونتسكيو و "العقد" لروسو لتأصيل فلسفي و فكري لمفهوم المواطنة ساهم في عقلنة و تطور الفكر السياسي.
و المفهوم الأهم للمواطنة هو المعنى القانوني لها الذي يترتب عليه التمتع بالحقوق المدنية و السياسية مثل المشاركة في الحياة السياسية عبر الترشح للمناصب العامة و الحريات الفردية كحرية المعتقد.
و مقابل هذا التمتع يلتزم "الكائن القانوني" باحترام قوانين "الكائن السياسي الجماعي".
و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتمتع المواطنون بحقوق المواطنة إلا في نظام ديمقراطي يرتكز على مبدا سلطة و سيادة الشعب من خلال مشاركة المواطنين في الحياة السياسية للدولة.
وتحقيقا لمطمح الديمقراطية السامق استعرت نيران "انتفاضات شعبية" في الوطن العربي تكريسا لقيمة النضال من أجل الكرامة و الحريات الأساسية المدنية و السياسية و الإقتصادية و التغيير السياسي عبر إرساء قيمة احترام المواطنين دون أي تمييز بينهم و إلغاء المجتمعات الموازية و احترام التعددية الدينية و الأقليات و الجماعات الإثنية و إنشاء مؤسسات قانونية و سياسية جديرة بتكريس حماية الدستورحيث تستند معظم النظم القانونية إلى هيكل هرمي من الصكوك القانونية يأتي الدستور في قمته
و ينبغي أن يكون مصدر التشريع الجديد في العالم العربي هو القيم العالمية و تأييد احترام حقوق الإنسان المشروعة خاصة و أنه يمتد على منطقة واسعة تشترك في عدد من العوامل إذ رزحت تحت وطأة الإستعمار لتحكمها إبان الإستقلال أنظمة شمولية و ديكتاتورية لكن على الرغم من ذلك فرضت المطالب الشعبية العربية فكرة الديمقراطية "كحتمية تاريخية و سياسية" لا محيص عنها لتحقيق "الخير الأسمى" لشعوب مقهورة أدمتها ندوب أنظمة كليانية قمعية فالتاحت إلى الإستظلال بفئ الحرية الوارف.
و ترتيبا على ذلك بحثت الجموع القانطة من رحمة السلطة المطلقة عن حل ممكن لفقرها الهيكلي و أسرها ب"سلاسل و أغلال و سعير " و خالت لوهلة أنها عثرت على ضالتها في الأحزاب "الإسلامية " لكن عمّقت "الإسلاموية" محنة العالم العربي الوجودية.
فإن أنتجت الثورة الفرنسية على سبيل المثال نظاما ثار ضد رجعية النظام الأرستوقراطي و السلطة الدينية للإكليروس فإن " الإنتفاضات العربية ارتاغت الرجوع إلى ما سلف فارتفع معدل البطالة و تعمّق التفاوت الإجتماعي واستشرى الإرهاب و تغذّت المخاوف حول مسار العملية الإنتقالية الديمقراطية الشهيدة مما ساهم في ارتفاع حالات الإكتئاب النفسي و القلق الوجودي.
فا"لإسلاموية" هى خطاب إيديولوجي قائم على المبالغة في ادعاء المحافظة كنمط مجتمعي استدرارا لعواطف البسطاء الحالمين بعودة أمجاد خلت و "تراث في فم التنين" على حد تعبير الشاعر إبراهيم أحمد الوافي فإن تسربل التاريخ العربي الإسلامي بسؤدد عظيم و مقام فخيم في حقبة زمانية معينة فمرد ذلك كان تشجيع الترضّب من مناهل العلوم و تعزيز ظاهرة التثاقف بدعم حركة الترجمة و الإبداع.
أما الإسلإموية فهي بدعة سياسية تفنّنت في إبداع الطرق الخبيثة لتشويه سمعة المعارضين و التنكيل بهم و الأصل أن " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار " فعمدت إلى استعمال تفسير نفعي براقماتي للدين خدمة لمآربها السياسية وهو تفسير محدد للإسلام و لكنه ليس الإسلام.
فالإسلاموية لاتبشّر ب "إحياء الدين" بل هي إعادة اختراع التقليد.
و من ناحية ثانية فإنها قامت على نظرة تآمرية للعالم فلها "عدو داخلي" و "عدو خارجي" ووظيفتها وفق هذه النظرة هي تطهير الأمة العربية المسلمة من "العناصر النجسة" في الداخل و خارج البلاد ,فلا سبيل إلى نزع (مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ) .
و مثل هذه اليوتوبيا الخبيثة تتعارض مع مفهوم الديمقراطية و مضامين حقوق الإنسان و تتآلف مع الفاشية و النظام الشمولي فهي في النهاية تحظر قيمة التعددية ولا تحترم الاختلافات الثقافية والدينية والأيديولوجية . وتزعم امتلاكها لناصية الحق المطلق لإحكام السيطرة على حياة الناس دون وجه حق و تدأب على إبادة أي بديل سياسيا كان أو ثقافيا أو اجتماعيا
فنخلص إذن إلى استمرارية خطية ونصية بين الفاشية الأوروبية القديمة والفاشية الإسلاموية الجديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س