الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الدين والعلم

هاني عبد الفتاح

2019 / 7 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الدين والعلم؛ لكل منهما ميدانه، ولا تناقض، ولا يأتي التناقض إلا تعدى أحد منهما على حدود الآخر، الدين ميدانه المحراب، والعلم ميدانه المعمل، لا يدخل الدين في المعمل، ولا يجلس العلم في المحراب. العلم مجاله الواقع والتجربة، والدين مجاله الغيب والوجدان. العلم متغير بحسب الكشف والاكتشاف والدين ثابت بحب الإيمان والاعتقاد. تجاوز الدين لحدود العلم محرج للدين ومفسد للعلم، وتجاوز العلم لحدود الدين مضر للدين وغير مقنع للعلم، وإن كان على مدى التاريخ لا نجد العلم يتجاوز حدوده بعكس الدين الذي يتجاوز حدوده أو قل يطلب أصحابه والمتحمسين له هذا التجاوز. وقد رأينا محاولات من جانب جماعة الإعجاز العلمي والعددي في القرآن بلغت حد الضحك والسخرية.
كل ذلك في المجال العام وبأحكام كلية، أما إذا أردنا بمثال ونموذج، فإليك مثلا هذا السؤال:
أين تذهب الشمس حينما تغيب؟
- الدين يجيب عن هذا السؤال بأن الشمس تذهب لتسجد تحت عرش الله!!. فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ : ( أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ ) ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا..)[الحديث] رواه مسلم وغيره.
- أما العلم فإجابته معلومة لدى الجميع..

وبالتالي في مثل هذه الحالات يبدو في التناقض، وهي حالات نادرة جدا. ولكن حفاظا على الدين والعلم معا، يمكن الجمع بين هذا التناقضات بآليتين: الأولى؛ التأويل، الثانية؛ إحالة الخطاب الديني إلى خطاب بلاغي يشتمل على الاستعارات والكنايات وبالتالي يكون المعنى مجازيا وليس على الحقيقة.

ما عدا ذلك يعتبر خلطا بين مجالين مختلفين. لكن قد يبقى اعتراض من المتحمسين للدين والمدافعين عنه بحمية انفعالية مأزومة، وهذا الاعتراض قد يصاغ في عبارة إنكارية تقول"إنكم بذلك تفصلون الدين عن الحياة" والحقيقة أن هذا ليس فصلا للدين عن الحياة، بل فصلا للدين عن العلم فقط، وعن ما لم يكن في برنامجه ولا رسالة من رسالته.

وقد يردف المعترض بسؤال آخر ويقول "فما هي رسالة الدين إذن؟" والجواب ليس من الصعب الإجابة عليه، لكن الصعب حقا هو تحقيق تلك الإجابة في الواقع النفسي والاجتماعي، فالدين في مجاله الروحي رسالته إصلاح الإنسان من الداخل حتى ينصلح الخارج بعد ذلك، وإذا كان الإنسان محور هذا الوجود، فليس ثمتها مهمة سهلة على عاتق الدين، بل هي رسالة أصعب بكثير من رسالة العلم. كان الله في عون الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كن صريحا وفي الصراحة راحة
سمير آل طوق البحراني ( 2019 / 7 / 14 - 04:57 )
الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان متدين وعالم يريدان الحقيقة ولا شئ غير ذالك هي ان الدين والعلم لا يتفقان وهناك آيات واحاديث واضحة المعنى وتحريفها بقصد المجاز هو تجن واضح واستهتار بعقول الناس. اخي الكريم الحديث الذي اوردته عن سجود الشمس واضح وصريح وكان الواجب عليك كـ مثقف ان تعترف بان الدين صنع بشري بامتياز وحاشا الله ان ياتي يشيء يخالف العلم وهو الخالق العليم. طبعا نحن نقدر تستركم وراء مبررات لا مسوغ لها اتقآءا للمصير الاسود ولكن الحق حق والباطل باطل. اخي الكريم العبادات كـ الصوم والصلاة والخج والتعاون بين المجتمع ومعاملة الانسان كـ انسان لا علاقة لها بتسيير الدولة والانسان في عصر التكنلوجيا ادرى يشئون حياته ولا يحتاج الى استفتآءآت وبحوث دينية تقيده وتسوقه كـ الكبش خدمة لاصحاب المصالح و العروش المالكين الغواني والقصور وهو ـ اي الانسان ـ يسكن القبور بحجة ان اصحاب الصولجانات هم الممثلين لله في الارض وان دهاقنة الدين هم الناطقون باسمه. اخي الكريم لا خير في امة تتبع العمامة في كل شئون حياتها وهي ترى بام عينها العلاقة الحميمة بينها وبين رجال الحكم والضحية هم المغفلون.

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية