الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهل والتجهيل

عبدالله عطية

2019 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الجهل هو نقيض العلم، والتجهيل هو تعمد قيام الفعل من الاسم الجهل، اليوم نعيش في واقع يمزج به بين الجهل والتجهيل، حيث لكل واحد منهم سبب وعلة من القيام بهذا الفعل، والامر المحير هنا الاستسلام والتسليم الاجتماعي دون المقاومة لهذا الفعل، فرجل الدين مقدس، والسياسي كائن الهي منقذ بعثت به السماء كما في الاساطير، والناس الجياع صامته مصدقة لما يملى عليهم بدون فهم او تفسير او نقاش، للاسف هذا حال شعباً يبلغ من العمر اكثر من 7000 عام، لكن هذا الواقع هو نتاج الكثير من السياسات والممارسات التي عاشها العراقي كمواطن في ظل الحكومات التي تحمل عقائد لا تمثل الا نفسها، وكالعادة الشعب هو الضحية، والارض هي المنهوبة، فالبعث والحكومات المتعاقبة خلال اربعة عقود او اكثر عملت بشكل قسري وعاطفي على استمالة هذا الشعب وإركاعه لرغباتها وسياساتها ومن لم يَفعل يُفعل به النظام ما يفعل، والنتيجة هو الواقع الذي نعيشه اليوم فقد ثُبتت اساسات الجهل في اللاوعي في الاغلبية من المجتمع.

اليوم الغالبية العظمى من المجتمع ولد وترعر في ظل نظام الفكرة الواحدة، القائد والرمز الواحد، وتعرض لهذه الفكرة لسنين طوال حتى تبنها لا شعورياً وزرعت له في اللاوعي، لذا نجد ان اليوم اغلب الناس في المجتمع يرفضون التنوع، والاخر في الرأي والفكرة، دائماً ما يفسر الاختلاف بالفكرة ليس لصالح العام او الجميع وانما تفسر وتؤخذ على انها شخصية، وبالنهاية تفرض بالقوة، وهذه الممارسة موجودة في اصغر مؤسسات المجتمع الا وهي الاسرة وصولاً الى المنظومة الحكومية التي تدعي انها ديموقراطية، صراحة هذه اكبر كذبة صدقها المجتمع بجهلة، فالديموقراطية تحتاج الى مجتمع مثقف واعي وإعلام حيادي الى حد ما، وقانون قوي، لكن السؤال الذي يطرح حاله هنا اين نحن من هذا؟، الجواب غير موجودين على خريطة هذه الامور، ولذلك هناك جهل، لان الاساس الاول وهو الوعي والثقافة غير موجودة بنسبة عالية، والمشكلة الفكرة المأخوذة عن المثقف.
اغلب الناس في مجتمعنا اليوم ينظرون الى حامل الشهادة على انه مثقف، وهذه كارثة بحد ذاتها، فما الرابط بين الثقافة والشهادة، لا اعتقد هناك رابط سوى الاطلاع في موضوع او علم معين، الى انه من جوانب اخرى جاهل، فمثلاً تجد شخصاً يحمل شهادة الدكتوراة في علم معين، وله الكثير طلبته ومنصبه وينظر اليه على انه مثقف وذا مكانة اجتماعية، الا انه والى حد الان لم يطور اسلوبه في القاء المحاضرة، لا يتابع اخر المستجدات في اختصاصة، ودائما عديم الجرأة في تقبل النقد او تبني فكرة جديدة، دائماً ما يحاول قولبة الطلابة على فكرته، ويخضع الجميع لارادته فهو لا يميز بين العلاقة المتبادلة مع الطلبة، وبين نفوذه وهيبته، دائماً هناك الانا طافية حتى في الاراء العلمية، وهذا كثيراً ما سبب لي المتاعب ايام الدراسة الجامعية، لان اغلب هؤلاء الاساتذة كانوا يعانون من هذه المشكلة، وما يعطيهم السلطة هو العرف لاجتماعي الذي يطغي على القانون من ناحية تنصيب الاستاذ كأب، لكن ليس كل استاذ يستحق هذا اللقب مع جل احترامي لهم جميعاً، لذا فأن الثقافة تختلف عن الشهادة لانها مجموعة من الممارسات الحياتية، بينما الشهادة ما تعطيك مكانه في مجتمع اغلبه ينظر للامور من جانب شخصي محدود وسطحي.
الجانب الاخر الذي يتجسد في سلطة الشعب على الحكومة، المعروف بالسلطة الرابعة، انه الإعلام، لكن يكفي التساؤل هنا عن المحتوى الإعلامي الذي تقدمه المئات من المؤسسات التي تدور برامجها حول فكرة ممولها وحزبة وتطلعاته، وتعمل بعضها بالابتزاز واخريات سرق من بعضها كسباً للمشاهدين، فاقدة السمات الاساسية للإعلام ودوره من الموضوعية والحيادية والشفافية والدقة وغيرها الى ابعد حدود، اضف الى جهل القائمين عليها بالتفريق بين نجوم التواصل واصحاب المشاهدات واللايكات والاعلام المهني والموضوعي المحترم، وكي لا ننسى ما تصرفه اجهزة مخابرات الدول المجاورة من اموال دعم لهذه المؤسسات، وهذا يعني انها بالاساس لا تمثل الشعب ولا تعنى به، بل العكس تريد ان تكون واجهة للاحزاب التي جاءت بها هذه المخابرات وتخضع الشعب لها، والامثلة كثيرة، والإعلام الحقيقي موجود لكن نادر جداً جداً.

اما سياسة التجهيل فللإعلام جزء منها وهذا معروف، فقد قلنا تعمل المؤسسة وفق ما يملي عليها صاحبها وحزبة، اما الجانب الاخر وهو رجال الدين والفتاوى، فهذه الفئة آفة تنهش جسد المجتمع وتفسد عقول ابناءه في قضايا لا اعتقد انها ضرورية، ولا اعتقد احد متابع لخطب الجمعة والفتوى انكار ذلك، لانه مهازل يندى لها جبين الانسانية، لذا انا مع فكرة النائب فائق الشيخ بترك صلاة الجمعة والاضراب عنها والالتفات الى الوضع العام وحل مشاكله، لكن لست معه شخصياً حتى لا اتهم بالترويج له، لاني لا اثق بأي رجل سياسة مثله مثل رجل الدين يملك راتبين ورتل من المصفحات ويوصي الناس بالصبر، فهما وجهان لعملة واحدة في ما يعانيه المجتمع.
ما اردت ان اقوله ان الجهل هي الأفة الافتك في مجتمعنا، ويجب علينا تجريم فعل التجهيل ايضاً، كي نتمكن من العودة ووضع اساس مجتمع متقدم، والا سوف يستمر الإنهيار، وهذا ما لا يحب احد سماعة، لذا علينا البدأ بالقانون ومن ثم التعليم من اجل مستقبل افضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلتنا: مقتل شخص في غارة استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأسود ج


.. مشاهد جديدة من مكان الغارة التي استهدفت سيارة بمنطقة أبو الأ




.. صحفي إسرائيلي يدعو إلى مذبحة في غزة بسبب استمتاع سكانها على


.. هجوم واسع لحزب الله على قاعدة عين زيتيم بالجليل وصفارات الإن




.. شمس الكويتية تسب سياسيي العراق بسبب إشاعة زواجها من أحدهم