الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر اللبننة في الغرب: من حوادث التخريب في الشانزليزيه الى احتلال البانثيون

فارس إيغو

2019 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تميز الأسبوع الماضي في فرنسا بحادثتين تعبران عن الوضع الإنفلاتي الذي وصلت اليه الأمور في المجتمع الفرنسي خصوصاً والمجتمعات الغربية عموماً مع تنامي ظاهرة الإفلات من العقاب، ومخاطر النزعة الفردانية المنفلتة من كل قاعدة ومنطق جماعي ومجتمعي.
مساء الخميس الماضي، انتصرت الجزائر على ساحل العاج بفارق ركلات الجزاء في الربع النهائي من كأس إفريقيا للأمم، تم تحويله الى يوم أسود بسبب إنفلات العنف ومشاهد السلب والنهب في العديد المدن في فرنسا، وخصوصاً مارسيليا وباريس وليون.
في اليوم الثاني، طالعتنا وسائل الإعلام الفرنسية بخبر إحتلال مئات من الأفارقة الغير شرعيين للبانثيون أو مقبرة العظماء في وسط باريس، مطالبين بتسوية أوضاعهم، مدعومين بعدد من الجمعيات التي تلعب بالنار في قضايا لا تمت بأي صلة للمجتمع المدني ولا بقضاياه، بل على العكس من ذلك، تجعل مفهوم المجتمع المدني مطية للتلاعب والاستثمار من قبل البعض لغايات لا علاقة لها بالسياسة والمواطن.
في الجزائر، من ناحية أخرى، كانت المظاهرات الأخيرة ضد الرئيس بوتفليقة سلمية بشكل ملحوظ. حيث تجري يوم كل جمعة مظاهرات حاشدة في كل أنحاء الجزائر، وتدور في معظم الأوقات بطريقة سلمية حضارية، حتى يقال بأن التظاهرات عندما تمر أمام أحد المشافي فإن الحناجر تصمت عن الهتاف احتراماً للمرضى والجهاز الطبي. بين حضارية ومدنية التظاهرات الحاشدة منذ أحد وعشرين أسبوعاً وهمجية الجمهور "الجزائري" الذي نزل الى الشانزليزيه والعديد من الساحات في المدن الاخرى، علينا التساؤل حول ما وصلت اليه المجتمعات الغربية الحديثة في الغرب في القبول بمظاهر الفوضى والتكسير وإساءة الأدب وتحقير رموز الوطن والدولة دون أن يخضع هؤلاء الفاعلون للعقاب اللازم والحازم لمنع الآخرين من ركوب هذه الموجة من الفوضى والتكسير وإنتهاك الآداب العامة.
بالتأكيد، لم يكن هناك عنف في الجزائر منذ الأسبوع الأول لإندلاع الإنتفاضة الجزائرية المباركة، لقد ظل المتظاهرون دائمًا مثاليين، لاحظوا الصمت عندما كانوا يمرون أمام المستشفيات. لكن في فرنسا، قبلت الدولة وجزء كبير من المجتمع هذا الجنوح منذ فترة طويلة. ندع الأمور تمر دون عقاب ولا رادع لتلك العناصر الإجرامية ـ ولا أتكلم هنا فقط عن هذه الحادثة فقط ـ ويجري في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي المسيطر عليه من قبل الصوابية السياسية تبرير تلك الأفعال الشائنة بالشروط الاقتصادية والتهميش الاجتماعي، وبأن هؤلاء ناس معذبون على الفور. إنه خطاب الضحية الذي يمنع أي تظاهر للسلطة من قبل الدولة والمسؤولين عنها، هذا إن لم يتواجد حتى داخل جهاز الدولة والحكومة من يتبنى هذه النظرة التبريرية في كل مرة تحدث أعمال عنف ومظاهر شائنة في الشارع. إن ما يحدث في الشارع الفرنسي وبقاء الدولة ومن يتحكم بها من النخب عاجزة عن فعل أي شيئ تشكل وصمة عار. وأنها ليست جديدة، وطالما بقيت هذه الدولة عاجزة، والإفلات من العقاب هو القاعدة، فلن يتغير شيء.
من ناحية يصرخون وينظرون إلى أنفسهم كضحايا، ومن ناحية أخرى يعطون جميع المكونات للحفاظ على الشك في هذا الخطاب. وحتى لو كنا في داخلنا نشعر بالظلم، لا يكون اعتراضنا على الظلم بالفوضى والكراهية. وبعد ذلك، فإن هؤلاء الذين نزلوا ليحتفلوا بطريقة سوداء هويتهم الجزائرية كان عليهم لو كانوا بالفعل صادقين أن يذهبوا الى الجزائر ليساهمو في الحراك السلمي الرائع الذي يجري هناك كل يوم جمعة، إنهم يعتمدون دائمًا على الهوية التي تناسبهم: يوم هم فرنسيون، وفي اليوم التالي هم جزائريين حتى التكسير، وفي يوم آخر يصبحوا فجأة مسلمين، لا بل إسلاميين يزاودون على المسلمين العاديين بإسلامهم.
يجب أن يتوقف كل هذا العنف المنفلت في الشارع الفرنسي، وعلى الدولة والحكومة في فرنسا بالخصوص، وكل الدول والحكومات الغربية بالعموم مسؤولية تاريخية، فقد وصل الأمر الى درجة قريبة من حرب الشوارع، ليست بهذه الطريقة تبنى مجتمعات التعايش الوطنية، إن العنف في الشارع والإساءة الى الأدب والمدنية غير مقبولة، والمساواة بين المواطنين أمام القانون غير قابلة للتفاوض، لكنها لوحدها غير كافية للوصول الى مجتمعات مطمئنة، يجب قمع الجنوح بنفس الخطورة، بغض النظر عن مصدره، سواء أكان مرتدياً سترة صفراء أو سوداء أو خضراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر