الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحاجة الى مؤسسات الثورة السورية

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2019 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة قناعة لدى الرأي العام اليوم، بأن الحديث عن مؤسسات الثورة السورية، مثل الإئتلاف الوطني، والحكومة المؤقتة، وهيئة التفاوض، أضحى مضيعة للوقت، وفرصة للتندر والحديث السلبي عنها، دون أن نذهب الى التفكير جديّاً بأحوال وظروف تلك المؤسسات وغيرها. غير أن أحداً في الواقع لا يتجنى عليها، فقد أهدرت الوقت والمال، والتضحيات الجسام التي بذلها السوريون على طريق الحرية، دون أن نتلمس أي تأثير للائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة، ومن قبلهما المجلس الوطني. وإن أردنا أن نكون منصفين بعض الشئ، وموضوعيين، فيجب أن نشير الى أن شلل هذه المؤسسات، نابع - بدرجة اساسية - من مواقف وإجراءات دولية وتجاذبات إقليمية حادة. ولكن، ثمة أسباب اخرى أيضاُ يتوجب علينا عدم إغفالها، منها ما تتصل بالمسألة التنظيمية والإدارية، ومنها ما يتعلق بالاستراتيجيات التي يُفترض أن تلك المؤسسات، قد وضعتها وعملت على تطبيقها، بما يخدم أهداف السوريين المعارضين للنظام السوري.
بعد قرابة سبعة اعوام على تأسيس الإئتلاف (2012) كضرورة لبناء مؤسسة تؤطر نضال قوى الثورة السورية، وفي الوقت نفسه، يقود الى الخروج من أزمة المجلس الوطني، ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة ذاتها: فإشكاليات " التنظيم والإدارة " لم تزل قائمة، يضاف إليها غياب أسس العمل الجماعي، عبر مختلف فرق " الرئاسات " التي تولت إدارة المؤسسة العليا " الجامعة " لقوى الثورة السورية. فمسيرة الائتلاف الوطني منذ التأسيس وحتى اليوم، وعلى الرغم من وجود محطات إيجابية، إلا أن المحصلة العامة من وجهة نظري، ليست إيجابية، إذ ليس ثمة ما يمكن أن يُشار إليه بالبنان، كسِمَةٍ إيجابيةٍ دالّة على قيمته وعمله.
ومنذ مايزيد على ثلاث سنوات، لعبت عدّة عوامل رئيسة، دوراً مهماً في إضعاف الائتلاف الوطني، من أهمها التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، والخلاف البيني الخليجي، والخلاف السعودي – التركي، وأخيراً وصول ترامب الى البيت الأبيض، والذي تعزز معه استحواذ موسكو على الملف الروسي، على حساب صيغة جنيف. فقد أضحى مجرد جهاز إداري غير ذي فاعلية على أيٍّ من مسارات المعارضة السورية. وشهدت هذه المرحلة انتفاء دوره كمرجعية سياسية موحدة للمعارضة السورية، خاصة بعد تشكيل هيئة المفاوضات، والتقلبات التي شهدتها إثر مؤتمرها الثاني في الرياض/ نوفمبر2017 لتشهد الفترة اللاحقة، تنازعاً غير خفي في اختصاص تمثيل المعارضة السورية، واختلافات في شأن مسألة الإشراف والتبعية فيما بينهما. أدى ذلك إلى شلل الإئتلاف، وتالياً إصابة الهيئة العليا للمفاوضات بالضعف والهزال، الذي نشهده اليوم.
في مؤتمر الرياض 2 كانت هناك فرصة هامة لتدارك الإشكاليات، والإنطلاق نحو عمل مؤسساتي جديد للمعارضة السورية، عبر دراسات وأفكار وأوراق عمل قُدمت إلى المؤتمر، لكن انقلاباً داخلياً، أفسد كل شئ!
مسألتان أخريتان، شكلتا عقبة كأداء أمام قيام مؤسسات المعارضة بمهامها، كما يجب، أو يُفترض. هما تبعية وولاء مكونات الائتلاف الوطني " مستقلين وقوى وتيارات" وبالتالي تعطل مؤسسة الائتلاف عن العمل، نتيجة للتقاطعات في المصالح، والتجاذبات السياسية المتباينة، وارتباط ذلك، بعلاقات الدول الاقليمية والدولية، سيما منها دور الولايات المتحدة، وتأثيرات البيت الأبيض المباشرة، على سياسات الدول الإقليمية، المنخرطة بالقضية السورية، وهو العامل الثاني، الذي يمكن اختصاره بالقول: إن موقف واشنطن من التعامل مع مؤسسات المعارضة السورية، كان ولا يزال خارج أولوياتها بشكل أو بآخر، حتى اليوم. ونضيف بأن سياسات ترامب تكرّس ذلك، بما تقدمه من دعم للدور الروسي، من ناحية، ولعدم وجود استراتيجية واضحة ومحددة حيال الوضع السوري، بصورة متكاملة.
على صعيد مجتمع الثورة، فإن مشكلات الائتلاف الوطني الداخليه، كانت عاملاً جوهرياً في هشاشته، وفي موته السريري، إن جاز التعبير. خلافات على كل المستويات، ظاهرة للعلن، مترافقة مع تفش فسادٍ إداري ومالي، وغياب لآليات المساءلة والمحاسبة، والمراجعة. وكذلك العجز عن اتخاذ المواقف الملائمة في الأوقات المناسبة، فيما يتصل بتطورات الاوضاع على الأرض، وفي ملفات التفاوض واللاجئين والمعتقلين، ومقاضاة نظام الأسد.
ينسحب ذلك القول، على جملة المؤسسات المرتبطة بالإئتلاف الوطني، الحكومة المؤقتة بصورة أساسية. فهي لم تستطع بسط سلطاتها على أية منطقة إدارية من المناطق المحررة، مردّ ذلك، الى أمرين هما سلطة الفصائل والقوى المسلحة، وغياب الخبرة، فذهبت كل مشروعاتها وبرامجها، وقدراتها المادية، أدراج الرياح.
يمكننا أن نطرح سؤالاً في غاية الأهمية، ليكن في معرض استطلاع للرأي العام، والإجابة عليه سوف تكون بالغة الدلالة، في كل الأحوال: ماذا لو ألغي الإئتلاف، والحكومة المؤقتة، والمجلس الوطني، وهيئة التفاوض، فهل سيترك ذلك فراغاً في الحياة السورية، وأي تأثيرات سوف تطال السوريين في الداخل والشتات، وما مدى انعكاس ذلك على الثورة السورية؟!
بلا شك، لا زلنا نؤمن بأهمية وجود مؤسسات المعارضة، ولكن إحداث التغيير الجوهري شرط واجبٌ للنهوض بها، ويبدأ ذلك في إعادة النظر في مؤسستي الائتلاف وهيئة التفاوض، وإدماجهما معاً، وإلغاء المجلس الوطني، وفي إلغاء الحكومة المؤقتة، وإسناد ماتبقى من مهامها، الى هيئة تنفيذية، محددة المهام والمسؤوليات، لا تُستنزف فيها الموارد المالية المحدودة، كما يحدث اليوم. وأن يطال التغيير، إعادة اختيار أعضاء جدد. وقد وصل حال الائتلاف الى درجة يستحيل فيها الاصلاح، مع إعادة تدوير الهيئة السياسية، ورئاسة الائتلاف، في صورة تعكس إخفاقاً شاملاً، وجدباً عميماً في عدم المقدرة على انتاج قيادة حقيقية ونوعية للمعارضة السورية، تكتسب احترام السوريين، قبل القوى الدولية.
إن وضع العطالة، كحالة مرضية، تنسجم تماماً مع اشتداد الهجمة الروسية – الأسدية –الإيرانية، بمباركة دولية، ليس أدلّ على ذلك سوى تهميش المعارضة السورية، في اللقاءات والملتقيات والمباحثات الدولية التي تجري، حول الوضع السوري.
ما دام الوضع كذلك، منذ سنوات عدة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يقبل أعضاء الإئتلاف على أنفسهم، أن يكونوا جزءاً من هذه العطالة، وأدوات في صناعة هذا الفشل المريع.. وإذا كانت المراجعة والمحاسبة غير موجودة، فأين هي مسؤولياتهم أمام تضحيات السوريين ؟!
إن استمرار الحال، كما هو عليه: حرب إبادة منظمة، في ظل عجز " النخبة " السياسية والثقافية السورية، عن إحداث التغيير النوعي، على صعيد مؤسسات المعارضة، فإن الأمر لا يبشر باقتراب فجر الخلاص!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا