الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 تموز قراءة محايدة

كامل الدلفي

2019 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية




الاحداث والمفارق الكبرى ومحاولة تناولها وتحليلها بعدسة الفيس بوك امر ساذج يسهم في تسطيح الوعي العام وأبعاده عن حقائق التاريخ .
هناك كم هائل من المنشورات المعادية للحدث ، ولم تجد من بينها ماينطوي على نقد موضوعي أو سرد تحليلي لكينونة الأحداث.انما هناك سباب وقذع و شتائم و كل النقد يدور حول محورين هما:
١ مقتل العائلة المالكة.كمشهد بربري لقادة الثورة .
٢ان التاريخ السياسي الدموي اللاحق ابتدأ من هذا الحدث والى الان.
لا يوجد غير ذلك.في جميع منشورات أعداء ثورة 14 تموز.
لا أحد له أن ينكر أن العراق كان في قلب الصراع الدولي فهو بالإضافة إلى مصر مثلا قاعدتي بريطانيا العظمى في الشرق الاوسط .والتي انهكت قواها في الحرب العالمية الثانية وبدأت تفقد سيطرتها على مستعمراتها وتتخلى عنها واحد من بعد واحد وفي ظل صعود قوة جديدة نشيطة في النظام العالمي هي أميركا.التي وجدت في الحرب العالمية الثانية نافذة عريضة لاستعراض عضلاتها ، القنبلة النووية على اليابان ، و مشاركتها الفعلية في رسم مستقبل العالم الجديد، إلى جانب عدوها القوة المنتصرة الأخرى وهي الاتحاد السوفياتي وبهذا صارت الأنظمة التابعة لبريطانيا في مهب رياح التغيير التي تطلقها القوتان الصاعدتان أميركا والاتحاد السوفياتي ، فصار من الصعب على النظام الملكي في العراق في ظل الحرب الباردة بين القوتين أن يحافظ على وجوده الناعم و الترف فهو مجرد محمية بريطانية وليس دولة قوية راسخة الجذور أمنيا وعسكريا ، اما سياسيا فهو نظام فوقي لمجموعة من المترفين ورجال الأعمال والارستقراطيين والإقطاعيين وكبار الضباط ، لا تمت به صلة للقواعد الشعبية وعموم الشعب المكتوي بالفقر والجهل والأمية والمرض ، كانت البلهارزيا والسل تفتك كل عام بالاف الناس ، ناهيك عن العدم الأسطوري العام ، يقابله ترف فاحش خاص، ..
تحول العراق والشرق الاوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى ساحة عمليات لمخابرات الاتحاد السوفيتي ومخابرات أميركا.و تم تنشيط العناصر العسكرية والسياسية التابعة لهذا الطرف أو ذاك ، وقد حضت المخابرات الدولية بأول نجاح وفتح ثغرة هائلة في جدار الاستعمار البريطاني بإسقاط النظام الملكي المصري في يونيو 1952 على يد مجموعة الضباط الأحرار بما يشكل اعلان صريح ببداية انتصار النظام العالمي الجديد على الشيخ القديم.
وصار العمل مركزا على نظام بغداد الملكي بنسخ تجربة مصر في موضوع الضباط الأحرار و بادارة مباشرة من جمال عبد الناصر. و توسيع دائرة المد السياسي القومي و الوطني واليساري بمناسيب عالية ..جعلت من النظام الملكي نظاما معزولا عن حمايته الدولية /بريطانيا .وحدث يوم الإزالة ببساطة وسهولة وبدون اية مقاومة ، بل وبمشاركة أغلب فصائل العسكريين المقربين من الحكومة.
ان الصراع التاريخي بين الملكية والثورات الجمهورية عالميا انتهى بمذابح الملكيين منذ الثورة الفرنسية في 14 تموز قبل 150 عاما من الحدث وما تلاه من أحداث انقلابية جمهورية في تصفية العروش النبيلة والملكية ..فهذا أمر احتاج الى وقت طويل و أدوات معرفية ومناهج فكرية لتحليل مركباته وعزله عن المشاعر العامة في أوروبا و العالم ، لكنه يتفاقم بالعراق حاليا باعتباره موقف سايكلوجي وليس معرفي أو سياسي ، في ظل دائرة شعورية عبثية انعكاسية مستعدة لرفض كل شيء. ضمن مشروع الفوضى الكبير الذي جاء بعد العام 2003.
النظام الملكي امتلك بذور انهياره في بنيته المأزومة، وليس من الحقيقة بشيء القول بأنه لولا 14 تموز لكان العراق دولة ديمقراطية زاخرة..ذلك فيه جفاء كبير للواقعية.
لان السعادة والحرية والجمال كانت ضيقة بحدود 10% من الشعب ، وحدها التي لمست خيرات النظام اما العموم فكان معدما بشكل مطلق.لذا وجد في مشاريع قوى الحرب الباردة فرصة للتحرر والخلاص المعيشي من البؤس والمرض والجهل ، فكانت ردة الفعل قاسية ضد رموز النظام ،
الحرمان والجوع والرثاثة هي التي حملت السكين إلى اعناق الملوك.
لذا أن النظام السياسي الذي قدم في 14تموز مثل مطالب العامة على حساب الخاصة، بكل ما في هذه الكلمة من معان، خاصة في قراراته الثورية قرار رقم 80 عن شركات النفط، وقانون الإصلاح الزراعي، وقوانين الاسكان، والخدمات العامة، لم تمر فترة سياسية تكون فيها اعمال الحكومة العراقية لصالح الطبقات العامة أكثر من فترة ثورة14 تموز 1958-1963. الا ان العقل السياسي للثورة كان مفرطا في سذاجته بما يتخيله بأن القوة الدافعة للثورة هي المشغل الوحيد الأساس لديمومة الفعل السياسي، ناسيا أن الثورة جيء بها على اساس تغيرات النظام العالمي الجديد وليس على اساس الأحلام الشعبية، فاندحرت الثورة في شباط 1963 على يد القوميين والبعثيين الذين جاءوا بقطار أميركي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظام كان سيزول حتى بدون ثورة
سليم عيسى ( 2019 / 7 / 14 - 15:18 )
تحية للسيد الكاتب, قتل العائلة المالكة جريمة ولكن قاتلهم لم يكن اصلا من ضباط الثورة. سؤالي: قتل مئات المتظاهرين والعمال المضربين وقلاحي الازيرج, اعدام قادة الحزب الشيوعي فقط لانهم يحملون فكرة, ابادة خمسة الاف اثوري في سميل لم يكن بينهم مسلحا واحدا, تهجير اكثر من مئة الف يهودي وتجريدهم من ممتلكاتهم, فصل الموظفين وتجويع عوائلهم, فصل الطلاب وتسويقهم للخدمة العسكرية وتدمير مستقبلهم.... اليست كل هذه جرائم؟ مشكلة النظام الملكي انه لم يدرك ان العالم بعد الحرب العالمية الثانية قد تغير! مع التقدير

اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟