الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كنائس في الهرطقة و غنوصية النقولاويين

محمد برازي
(Mohamed Brazi)

2019 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أقحم يوحنا الرسائل السبع بين خبرين يوردان رؤيتين. طابعها طابع تعليمي، وهدفها قريب من هدف الكتابات النبوية: مواجهة الحالة الحاضرة. أما الأسلوب فهو أسلوب الرسائل في هذا الشرق. بعد أن تذكر الرسالة الجهة واسم المرسل، تشير إلى إيمان الكنيسة وتدعوها إلى التوبة مهدّدة إياها بالعقاب. وفي النهاية تأتي المواعيد ماذا يقول المسيح للكنائس؟ كيف يبدو تصّرفه تجاهها؟ الآن فنلقي نظرة إجمالية على النصوص عينها فنكتشف وضع هذه الكنائس التي توجّهت إليها الرسائل.
إذا توقّفنا عند الأسلوب واللغة، رأينا أن الذي كتبها هو الذي كتب سائر سفر الرؤويا. كما نفهم أنها ألِّفت لتكوّن مجموعة تامة. ليست رسائل منعزلة جُمعت فيما بعد، بل كانت واحدة منذ البداية. توجّهت كل رسالة إلى كنيسة خاصة، إلى أفسس، سميرنة... ولكنها تعني في الواقع مجمل الكنائس. وهذا ما تدلّ عليه نهاية كل رسالة: "إسمعوا ما يقول الروح للكنائس" . يدعو يوحنا جميع الكنائس لكي تستنتج درساً من العقاب الذي أصاب إيزابيل النبية الكذّابة في تياتيرة: "فتعرف الكنائس كلّها أني أفحص الأكباد والقلوب.
الوضع العام
ما هو الوضع الذي تشير إليه هذه الرسائل؟ قد نظنّ أن يوحنا يطبّق على جماعات خاصة التعليم العام. فالتعليم يؤكّد حضور القائم من الموت ومجيئه القريب، ويحتفل بشكل مسبق بانتصار المسيح على القوى الشيطانية الظاهرة في واقع العالم الروماني ودياناته. وهو يحرّض المسيحيين ليسلكوا سلوك الغالبين دون أن يساوموا مع عدوّ آخرته الفناء. لا شكّ في أن الرسائل تتحدّث عن اضطهادات نادرة ومحليّة. ونجد فيها أيضاً تلميحات إلى مسائل تطرحها الديانات الوثنية وعبادة الامبراطور. ولكن مرمى الرسائل ليس هنا.
إذا أعدنا قراءة الرسائل السبع متسائلين عن الوضع الذي كان السبب في كتابتها، يبدو الجواب واضحاً. فالكاتب يتوجّه إلى كنائس يهدّدها خطر خاص. فالتوبيخات أو التهاني التي تنالها ترتبط بموقفها من هذا الخطر الذي هو الهرطقة. فالتهديد لا يأتي فقط من الخارج، بل من داخل الكنيسة. وتهديد الشيطان يختفي وراء سمات مسيحية في ظاهرها. فالصراع الذي يصوّره ليس فقط بين الكنيسة والعالم الوثني. فالمجابهة بين الله والشيطان تتمّ داخل الجماعات نفسها. فالعدوّ ليس فقط لدى "الآخرين". هو فينا نحن. ودينونة المسيح تصيبنا نحن قبل أي شخص آخر.
وهكذا تتوزّع الكنائس في أربع فئات. تلك التي لا تتعامل مع الهرطقة. إنها ضحيتها: سميرنة ، فيلادلفية. تلك التي كشفت الهرطقة ودحرتها: أفسس. تلك التي تقبل بالهرطقة ولا تقاومها: برغامس ، تياتيرة. تلك التي غرِقت في الهرطقة فصعب عليها التخلّص منها: سارديس، لاودكية.
كنائس في الهرطقة
يبدو أنها هرطقة واحدة لا هرطقات عديدة تشير النصوص إلى جموعتين: النقولاويون في أفسس أو برغامس. هم قريبون من أصحاب بلعام في برغامس وأصحاب إيزابيل في تياتيرة. والمجموعة الثانية تبدو مرتبطة بالعالم اليهودي. إسمهم مجمع الشيطان في سميرنة وفي فيلادلفية. والهرطقتان هما من عمل شخص واحد هو الشيطان. هذه الإشارات القليلة تجد ما يكمّلها في معلومات تتضمّنها رسائل اغناطيوس الانطاكي، أو ردود قدّمها كتاب في القرن الثاني. فإذا عدنا إلى الملفّ كله وجدنا أننا أمام هرطقة واحدة نحن أمام تيار في مسيحية ذلك العصر تتواجد فيه إيرادات من التقاليد اليهودية (ظلَّ للديانة اليهودية وهجُها تجاه المسيحية الفتية) وتأكيدات غنوصية. وهكذا نكون أمام ثنائية غنوصية تفصل فصلاً جذرياً بين الروح والمادة، وتيار متهوّد. هنا نتذكّر في عصرنا بدعة ترتبط بالمسيح عبر كتاب منحول (هو ليس بموجود. وأصحاب الشيعة يكذبون حين يتحدّثون عن وجوده) دوّنه يوحنا في الأرامية. هو إنجيل سلام يسوع المسيح الذيمما يخفيه الفاتيكان إخفاء تاماً عن المسيحيين المساكين!!!
غنوصية النقولاويين
هي تعتبر أن لا نفع من الشهادة المسيحية. نحن أمام مسيحيّين سحرتهم الغنوصية، فظنوا، إنطلاقاً من الثنائية التي فيها، أن سلوك الإنسان في هذا الكون المادي ليس بذي بال. ما يهمّ هو الروح والمعرفة. فالعالم المادي هو شرير، وحياتنا على الأرض ليست مهمة للخلاص. في هذه الظروف، كل ما نعمله في هذا العالم الرديء وفي الجسد ليس له تأثير حقيقي. إذن، نستطيع أن نتعامل مع عبادة الأصنام ونأكل من اللحوم المذبوحة للأوثان. كما نستسلم للزنى والفجور (في ظل المعابد الوثنية) أي لعبادة الأوثان كما يقول هوشع، إرميا. لماذا نخاطر بنفوسنا فنتعرّض للسجن والعذابات والموت ساعة لا شيء على الأرض يلزمنا بذلك؟ فالحياة الدينية هي قضية ضميرية خاصة. ولا علاقة لها بالحياة العاطفية والوظيفية والسياسية. فالديانة والحياة هما شيئان متميزان، ولا أثر للديانة في الحياة وإذا سرنا في امتداد هذه الهرطقة نصل إلى الإستنتاجات التالية: إذا كان الجسد (اللحم والدم) ليس الموضع الذي فيه يتحقق الخلاص، إذن فالمسيح لم يتجسّد حقاً. ولم يأتِ إلى العالم إلاّ في الظاهر. وموته كان تشبيهاً كاذباً (شبّه به). نكتشف هنا الظاهرية وهي هرطقة حاربها يوحنا (يعترف بيسوع المسيح أنه جاء بالجسد)؛ و(لا يعترفون بمجيء يسوع بالجسد)..
قام يوحنا بقساوة ضد هذه الميول القريبة من الهرطقة. فالعالم ليس مسرحاً تمثّل فيه مهزلة. فعلى الأرض مات المسيح، وعلى الذين يريدون أن يتبعوه أن يلتزموا في أمانة قد تكلّفهم حياتهم. ليس الخلاص فقط في الآخرة. ونحن لا نستطيع أن نعيش كما نشاء على الأرض. هناك سلوك لا يتوافق مع الإيمان.
وتدعونا الرسائل إلى مجابهة المحنة بثبات، إلى السير حتى النهاية من غلب وثابر على خدمتي حتى النهاية)، إلى التجرؤ على الاعتراف بالمسي. هناك مخاطرة في الشهادة للمسيح، فهل نحن مستعدّون؟
لا، ليس رؤ كتاب الأحلام والمخيلة والتهرّب من هذا العالم. نحن مدعوون منذ الآن لنختار أن نكون وراء الحمل أو وراء الوحش في هذه المعركة العظمى التي تصوّرها لنا رساله افسس في خطوطها الكبرى بعد رؤية ابن الإنسان في بهائه المجيد، أدخلتنا هذه الرسائل السبع في العلاقات الحميمهّ التي تربط الكنائس (أو الكنيسة) برئها. هناك خطر الهرطقة الذي يميل بالمسيحيين لكي يعيشوا كالوثنيين. ولكن يسوع يسهر على كنائسه، على كنيسته. إنه الشاهد الأمين والحقيقي. لقد نال من الآب نصراً خلاصياً من أجل البشر. وها هو يحدّث كل كنيسة فيقول لها الكلمة التي تحتاج إليها بشكل نبوءة فيها الدينونة وفيها الوعد بالخلاص.
تتضمّن كلاماً يوجّهه المسيح المجيد إلى كنيسة محلّية. نجد هنا عنواناً واحداً: إلى ملاك كنيسة... كتب. ثمّ، تقديم المسيح بعبارة ثابتة: "هذا ما يقول" (نجد العبارة نفسها في أقوال الأنبياء: هذا ما يقول الرب. هذا يعني أن يسوع هو الرب).
وتأتي الصفات مختلفة مع كل رسالة، وقد أخذت من رؤية إبن الإنسان أو من المطلع (الذي له الأرواح السبعة، الشاهد الأمين الحقيقي). يستعيد النص تقريباً الرؤية كلها عبارة عبارة. والصفة المختارة ترتبط بمضمون الرسالة بشكل واضح: المنارة (رسالة 1)، الموت والحياة (رسالة 2)، السبق (رسالة 3)، الذي يفتح (رسالة 6). وقد ترتبط بشكل خفي. في 2: 18 (رسالة 4)، العينان اللتان. مثل شعلة ملتهبة تقابلان ذاك الذي يفحص الأكباد والقلوب. والقدمان الشبيهتان بالنحاس تشيران إلى سلطة المسيح الذي يدوسها برجليه. وهكذا نكتشف ما هو المسيح القائم من الموت وما الذي يعمله من أجل كنيسته. إنه يمسك بيده هذه الكنائس (علامة الاهتمام) ويسير بينها (علامة دوره الفاعل).
ويتفحّص يسوع أعمال هذه الكنائس. نحن أمام فحص ضمير فيه السلبي والإيجابي. ونقرأ فعل "أعرف"، فيدلّ على علم تام، ناجز، إجمالي. أما الأفعال فهي في الحاضر. ويرد تحريض على التوبة أو الثبات، على الارتداد أو الأمانة. كانت الأفعال في الحاضر، فصارت في الأمر: "تب". يرد في الرسائل، ويغيب في رسالتين. ويتكرّر ثلاث مرّات في الرسالة 4 التي هي قلب الرسائل السبع. "كن أميناً" في رسالة 2. "أثبت" في رسالة 4، 6. وفي النهاية، نظرة إلى المستقبل (مع أفعال في صيغة المضارع). هناك تهديد بالعقاب. وهناك وغد بمكافأة المنتصر (في كل الرسائل). النصر أكيد ونهائي. أما العقاب فمشروط (إن كنت) إلاّ إذا كنا أمام هراطقة (رسالة 3) أو أشخاص يرفضون التوبة (رسالة 4).
هذه النظرة إلى المستقبل ترتبط بمجيء المسيح (ما عدا رسالة 2) بما فيه من تهديد أو تعزية. هو مجيء مقلق في رسالة 1، 3، 5: "إن كنت لا تسهر جئتك كاللصّ". وهو يحمل العذوبة في رسالة 4، 6: "سأجيء في القريب العاجل". وانتظرنا في رسالة 7 أن يكون المجيء مريعاً (أتقيأك) للخاطىء، فإذا هو وديع متواضع: "ها أنا واقف على الباب أدقّ".
تستعمل الرسائل لفظة "الغالب" (المنتصر). ونجد توسيعاً لها في رسالة 4: الغالب هو الذي يحفظ أعمالي إلى المنتهى. لسنا أمام محارب منعزل. بل ذاك الذي يسلك كما سلك المسيح. إذا كان هناك من غالب، فالمسيح قد سبق له ونال الغلبة. نقرأ في "كما غلبت أنا فجلست على عرش أبي". هنا نذكر"هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا". "تعرفون الضيق في العالم. لكن تقوّوا أنا غلبت العالم".
هناك كنائس حية رغم هجمات الهرطقة ومحاولات الوثنية، ولكنها كنائس تحمل خميرة الموت المتنامية: كنيسة أفسس، كنيسة برغامس. وهناك كنائس تسير في طريق الموت رغم صيتها الظاهر ورضاها على نفسها. ففيها خميرة حياة تسير إلى الزوال: كنيسة سارديس، كنيسة لاودكية. وهناك كنائس سارت في الطريق الصحيح فصارت شبيهة بالمسيح في موته لتصل إلى قيامته من بين الأموات: كنيسة سميرنة. كنيسة فيلادلفية. وني النهاية، كنيسة تياتيرة التي يُشرف عليها الديّان السامي.
1- رسالة إلى كنيسة أفسس
سمّيت أفسس في الدرجة الأولى. فهي أهمّ الجماعات المسيحية السبع. إشتهرت هذه المدينة بالفيلسوف هيراكليتس (540- 480 ق. م.) وبهيكل أرطاميس "إحدى عجائب الكون السبع". مارس بولس رسالته في هذه المدينة. ويقول التقليد إن يوحنا عاش في أفسس. كما تقول إن تيموتاوس أقام في أفسس وكأنه "أسقف" المدينة كان مرفأ أفسس ملتقى حضارة وثقافة، ونقطة لقاء بين العبادات والتيارات الفكرية الآتية من الغرب والشرق، ومسرحاً فيه تتصادم الإيديولوجيات المتعارضة. وجد بولس نفسه هنا تجاه معتقدات تسود في أفسس: المتشيّعون ليوحنا. وديمتريوس صانع التماثيل الصغيرة وعبّاد أرطاميس العظمى
وإذا تذكّرنا الصراع المعارض ليوحنا (نجد آثاره في يوحنا)، قد نبحث عن مغتصبي لقب "رسول" عند المتشيّعين ليوحنا المعمدان الذين اعتبروا معلّمهم المسيح والمخلّص. والنقولاويون المذكورون في الرؤويا هم بعض هؤلاء الأنبياء الكذبة وكنيسة برغامس. عرف بولس بوضوح صعوبات الجماعة المسيحية في أفسس. وهذا ما يظهر من خطبته إلى الشيوخ: "أعلم أنه بعد ذهابي، سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على القطيع. ومنكم أنفسكم سيقوم رجال يحاولون بأقوالهم الفاسدة أن يجتذبوا التلاميذ وراءهم. فاسهروا إذن". وتشير رساله يوحنا الاولى إلى تكاثر الأنبياء الكذبة. أخيراً، كانت أفسس مركزاً للغنوصيين ، وفيها تصدّى يوحنا للهرطوقي قرنتيس كما يقول إيريناوس الذي يمسك بيمينه... إن المسيح. الذي يتوجّه إلى كنيسة أفسس يعلن أنه يمارس سلطانه على مجمل الكنائس. هي كلها في يده. يمسك الكواكب ، يمشي بين المنائر (1
اعرف أعمالك. هي أهل للمديح وأهل للذمّ. ترد العبارة في خمس رسائل (1، 4، 5، 6، 7). وجهدك (تعبك) وصبرك. الجهد يمثل الحياة المسيحية التي هـي التزام يجنّد القوى الحيّة في الإنسان. والصبر ليس فقط قبول المحنة، بل موقف من يتحمّل الإضطهادات والتجارب بشجاعة الإيمان. نلاحظ أنّ الكلمات الأولى التي تصوّر الحياة المسيحية في أولى الكنائس السبع، تتحدّث عن الإلتزام والشجاعة في الطاعة المسيحية. كما تتحدّث عن الصعوبات التي تلاقيها الكنيسة في ممارستها لهذه الأمانة. هي كنيسة "معترفة". نلاحظ: أنت لا تطيق (لا تحتمل) الأشرار. ثم في جاهدت (إحتملت) من أجل إسمي. الأشرار هم الرسل الكذبة والمرسلون المتجوّلون الذين لا نستطيع أن نعرف نواياهم. قد يكونون النقولاويين أنفسهم المذكورين. يسمّون نفوسهم رسلاً مرتكزين على العالم اليهودي. شدّد النصّ على الشجاعة والجهاد، فدلّ على أن المحنة كانت في أن هؤلاء الناس رفضوا أن يخاطروا براحتهم (أو بحياتهم) ليعترفوا لإيمانهم.

عرف أغناطيوس الأنطاكي أن واعظين هراطقة زاروا كنيسة أفسس فرفضت أن تسمع تعليمهم. إنهم يزعمون أنهم رسل، كما سمّت إيزابيل نفسها نبيّة ، وفي سميرنة زعم بعضهم أنهم يهود. نحن أمام موقف واحد: أناس يرتبطون بالعالم المسيحي المتهوّد ويقدّمون نفوسهم كمرسلين مفوّضين!
إمتحنتَهم. كيف امتحنهم، وكيف عرف نواياهم؟ هذا ما لا يقوله النصّ. ولكن السياق يقدّم لنا بعض المعلومات في هذا المجال: بعد أن هُنئت الجماعة لشجاعتها في التزامها المسيحي يذكر الرسل الكذبة. ثم تذكر الشجاعة في احتمال الآلام من أجل الإيمان. إذن نظن أن المحنة التي تكشف الرسول الحقيقي ليست بعيدة عن هذا الوضع. لاحظ "الملاك" أن هؤلاء يرفضون المخاطرة بأي شيء ليعترفوا بإيمانهم. وهكذا عرف معدنهم. عرفهم أنهم كاذبون.
تركت محبتك الأبد . أهذا هو الجواب على الذي أحبّنا ؟ قال إرميا "هذا ما قال الرب: أذكر مودتك في صباك، وحبّك يوم خطبتك. سرتِ ورائي في البرّية". في يوحنا وفي رساله يوحنا الاولى، الحب هو جوهر الوحي المسيحي. ووحده حبّ الله للبشر يدلّ على دافع الخلاص الفصحي. هذا الحب الذي كشفه المسيح يحرّك الحب فينا. ما هي نوعيّة حبّنا التي تدفعنا إلى تحدّي الموت ؟ تركتَ حبّك الأول، إيمانك الأول. لم يعد تكرّسك تاماً، بل صار إيمانك مقسوماً وأمانتك مزعزعة. بدأت تساوم بعد معاشرتك لهؤلاء "الكاذبين". أجل، إن تأثير المحيط وانقسامات المسيحيين الداخلية أضعفت حماساً عرفته الكنيسة يوم عادت إلى الرب. لقد حلّت ديانة روتينية محلّ زهرات الإيمان الأولى. فالمسيح لا يكتفي بهذا الموقف "الحيادي". والفتور في وقت الإضطهاد هو خطيئة كبيرة.
أذكر . بعد اضطهاد داقيوس في القرن الثالث، عاد قبريانس، أسقف قرطاجة إلى هذه الآية يتحدث عن توبة الذين أنكروا إيمانهم. أنكون هنا أمام وضع مماثل؟ الأمر ممكن. أذكر خطيئتك وتب، وعد إلى ما كنت عليه من محبة. فإني آتيك. المسيح هو الآتي (المجيء) في يو ورؤ. نجد هنا وعد القائم من الموت بأن يكون مع أخصائه. كما نجد وعداً اسكاتولوجياً. فمجيء المسيح يعني للكنيسة "غير الأمينة" إعادة نظر في وضعها كشعب الله: فالمنارة (رمز الكنيسة) قد تُزاح من محلّها الذي هو بقرب المسيح. في هذا المجال، لا نستطيع أن ننام على "أمجادنا". غير أنّ نعمة التوبة والإرتداد مقدّمة لنا. كما تقدّم لنا موهبة الحياة الجديدة مشاركة مع المسيح. فهو قبل كل شيء ذاك الذي يأتي إلى البشر تمقت أعمال النقولاويين. جاء هذا الموقف يخفّف من قساوة العبارة: إن جماعة المسيحيين تستبعد النقولاويين. يبدو أن النقولاويين يرتبطون بالشمّاس نقولا الذي كان ناسكاً متزهداً، فلم يحتفظ تلاميذه من مثله إلا بثنائية غنوصية سيدينها المسيح من له أذنان. إن هذا التحريض الإحتفالي الذي ينهى الرسائل السبع يعني شيئين. الأول: إن فهم الكلام النبوي يفترض إستنارة الإلهام. فالآذان البشرية لا تعرف بطبيعتها أن تستمع إلى صوت الله. الثاني: ما قيل لكنيسة أفسس يُقال أيضاً لسائر الجماعات. والمشاكل التي تعرفها كنيسة واحدة تعرفها أيضاً سائر الكنائس.
من يقاوم بشجاعة وصبر كل هجمات الضلالة، مجدّداً حماسه الأول وسخاءه من أجل المسيح، ينال جزاء الغالبين. وكلمة "غلب" (إنتصر) كلمة محبوبة في رؤ. تستعمل 17 مرة. لسنا أمام غلبة بالقوة والسيف، بل غلبة الكرازة والإستشهاد، غلبة الإحتمال والإيمان. فعلى الجماعة المسيحية المضطهدة أن تتقبّل الغلبة بفشل الموت شجرة الحياة أو شجرة الفردوس كما في التكوبن. إن فكرة العودة إلى الفردوس الذي سيفتح بابه واسعاً أمام المختارين (بفضل المسيح) تواترت في العالم اليهودي المتأخر. وقيل أن شجرة الحياة تقدّم ثمارها التي مُنعت عنا منذ السقطة. طُرد آدم، وقد "تُعاقب" كنيسة أفسس. وإن عادت، إستعادت شجرة الحياة.
معنى الصورة هو اسكاتولوجي. حيث المسيح فهناك الحياة في الزمن الحاضر وفي الأبدية. فمن اتحّد بالمسيح وعاش من الإيمان به، لا يموت أبداً. بسّر المعمودية قد قهر المسيحي الموت مثلما قال بولس الرسول في رساله روميه، لأن فيه قد بدأت الحياة الأبدية. لا شكّ في أنه يعيش على الأرض، ولكنه منذ الآن في فردوس الله: لقد تحقّق فيه شكل آخر من الوجود بالفداء والإيمان. كل هذا يشكّل تعزية عميقة للجماعات المسيحية التي يترصّدها الموت.

2- رسالة إلى كنيسة سميرنة (إزمير)
سميرنة هي مرفأ يقع شمالي أفسس، وكانت تتوق أن تسيطر على سائر مدن آسية الصغرى. وإذ أراد السكان أن يربحوا ودّ الإمبراطور الروماني، بنوا سنة 26 ب. م. هيكلاً عظيماً إكراماً لإمبراطور طيباريوس، لزوجته ليفي، ولمجلس الشيوخ الروماني. وأقامت في سميرنة أيضاً جماعة يهودية ستلعب دوراً هاماً في الحياة العامة وُجد على رأس كنيسة سميرنة (إسمها اليوم إزمير) بوليكربوس (+ 156) تلميذ يوحنا الحبيب. أتُرى الرسالة وُجّهت إليه؟ دوّن أوسابيوس في التاريخ الكنسي خبر استشهاده الذي يعتبر من أقدم "أعمال الشهداء"
الموضوع الأساسي في هذه الرسالة: الموت والحياة. فالمسيح هو الذي يحيا بعد أن عرف الموت. وحدها الأمانة حتى الموت تحصل لنا على إكليل الحياة. وأخيراً، لا يخاف الغالب من الموت الثاني الذي يتبع الدينونة الأخيرة.
الأول والآخر. الذي كان ميتا. بعد أن تحدّث عن أزلية المسيح وتعاليه، ها هو يقول إن هذا المسيح هو الذي صُلب وقام. فالرب هو حقاً ذاك الذي تألّم على الصليب ومات. غير أن القبر لم يحتفظ به. هل توجّه هذا الكلام إلى مسيحيين يجادلون حول آلام المسيح وقيامته؟
أنا عالم بضيقك (الشدة). هذا ما يعود بنا إلى الإضطهاد. وعالم بفقرك. فقرك ظاهر وهو يقابل الغنى الحقيقي وإن كان خفياً. فالجماعة مؤلّفة من صغار القوم الذين لا "إسم" لهم في نظر العالم. ولكن الله يعرف كنوزهم الروحية. مثل هذا "الغنى" يعطي الشهادة والثقة والغلبة حتى على الموت الذي قهره المسيح بصليبه.
من يزعمون أنهم جهود. كانت جدالات حامية بين جماعة المسيحيين الأولين والمجمع اليهودي الذي يسمّي نفسه مفتخراً "مجمع الله". ويبدو أن اليهود افتروا على المسيحيين أمام الرومان، فأشعل افتراؤهم إضطهاداً قصيراً (10 أيام) ضدّ المسيحيين: "عشرة أيام من الضيق".
حين هاجم اليهود المسيحيين، هاجموا نسل إبراهيم الحقيقي، وشعب الله الجديد. نجد هنا فكرة توسّع فيها بولس في رسالته إلى رومة: "فما كل بني إسرائيل هم إسرائيل، ولا كل الذين من نسل إبراهيم هم أبناء إبراهيم". فحين عارض اليهود مخطّط الله، "جهلوا البرّ الذي من الله" ، وأخرجوا نفوسهم من كنيسة الله، وجعلوا حياتهم في خدمة مجمع الشيطان. قال لهم يسوع: "أبوكم هو إبليس". وعبارة "مجمع الشيطان" تفهمنا أننا أمام جماعة يهودية متعصّبة حاربت المسيحيين بعنف.
قد يكون من تهاجم الرسالة يهوداً أو مسيحيين تأثّروا بالتيارات اليهودية الباطنية، فما عادوا شعب الله ومجمعه. صاروا شعب الشيطان ومجمع الشيطان.
لا تخف... لا تستطيع أن تكون مسيحياً إن رفضت أن تتبع المسيح في طريق المحنة. لسنا هنا أمام اضطهاد معمّم، بل أمام إجراءات معادية ومحدودة. لهذا تُطلب الأمانة حتى الموت.
عشرة أيام. هذا ما يدلّ على اضطهاد محدود في الزمن. ولكن نجد في ان رقم 10 يشير إلى مرار كثيرة. ويبقى أننا أمام اقتداء بما في دانيال إمتنع العبرانيون من أكل اللحوم النجسة، فاستجاب الله لأمانتهم. إحتملوا بشكل عجائبي محنة هذا الصوم دون أن ينالهم أذى.
كن أميناً. فالأمانة حتى النهاية قد تقود إلى الموت على مثال المسيح، الشاهد الأمين. فالإكليل ينتظرك. إكليل الغالب، إكليل العريس... والإكليل هو خاصة صورة عن الخلاص. وبما أن اللفظة ترد في إطار عمادي، نربط هذا الإكليل بالعماد. يعطى لنا إكليل رمزي، فيصبح حقيقة وواقعاً حين نعيش الأمانة حتى النهاية.
الغالب ينجو من الموت الثاني. الموت الأول هو الموت الطبيعي (موت الجسد) الذي ينتظر المعترفين.. مثل هذا الموت لا يخافه المسيحي. فالحياة الحقيقية التي يعطيها المسيح منذ الآن هي أقوى من فناء الجسد: هي الحياة الأبدية والخلاص والمشاركة مع الرب. هي واقع اسكاتولوجي تبرزه الدينونة الأخيرة. الغالب سيحيا إلى الأبد مع المسيح فلا يصيبه هلاك النفس والجسد في جهنّم.

3- رسالة إلى كنيسة برغامس
تقع برغامس شمالي المدن السبع وهي تشرف على وادي كايكوس. زاحمت أفسس مطالبة بالمركز الأول في المنطقة. منذ سنة 29 ق. م، هي عاصمة مقاطعة آسية. وفيها بُنيت المعابد الوثنية التي تشرف على المدينة: مذبح زوش بالرخام الأبيض، معبد اسكولابوس الذي يؤمّه المرضى طلباً للشفاء.
صاحب السيف المسنون. ستعود الصورة في ايضا. سيف كلمة الله.
تسكن حيث عرش الشيطان. بشكل عام، تدلّ هذه العبارة على العالم الوثني. وبشكل خاص على اسكولابوس الذي يدلّ على الشيطان عبر رمز الحيّة. إذن، اسكولابوس يزاحم يسوع الشافي الحقيقي للمرضى.
تُهنّأ كنيسة برغامس لأنها ظلّت متعلّقة، باسم يسوع وبالإيمان المسيحي مع أن الشيطان تدخّل فنجح في "قتل" أنتيباس. إن هذه المحاولات الشيطانية كانت تهدف إلى جعل المسيحيين يُنكرون إيمانهم مهدّدينهم حتى بالموت. وهكذا صارت برغامس الموضع الذي فيه يملك الشيطان.
ما أنكرت إيمانك. تهنّأ كنيسة فيلادلفية لأنها رفضت أن تنكر إسم المسيح. الإطار هو هو. الإيمان بيسوع وباسم يسوع. أما أنتيباس فيُقال انه تلميذ يوحنا (شأنه شأن بوليكربوس) وأسقف برغامس. ويروى استشهاده في القرن الخامس: جاء "وحي سماوي" يدعو الشعب الوثني في المدينة إلى المطالبة لإزالة أنتيباس الذي ما عادت الالهة تتحمّل مسيحيته. جُرّ إمام المحاكم فرفض أن ينكر إيمانه، فجُعل داخل ثور من النحاس المحميّ ومات. إستُشهد لأنه أعلن المسيح، وحين مات إتحّد بالرب أعمق اتحّاد.
ولكن (آ 14). إن الكنيسة التي كانت أمينة بوجه التهديدات الخارجية، تقبل أن يكون في وسطها أناس يرفضون مثل هذه الأمانة.
تعاليم بلعام. عاد الكاتب إلى تفسير لنصّ التوراة كما قدّمه العالمي اليهودي: إن بلعام نصح بالاق، ملك موآب، بأن يجتذب بني إسرائيل إلى جحود ربّهم فيعرض عليهم الزنى ووليمة من اللحوم المذبوحة للأصنام. عاد الكاتب إلى هذا التفسير وطبّقه على مجموعة من المسيحيين يعلنون الإنفلات الأخلاقي لأنهم لم يفهموا الحرّية الحقّة. لا شركة بين البرّ والإثم. لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس الشياطين، ولا أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة الشياطين. فكيف يستطيع الواحد أن يكون مسيحياً ويشارك في الوقت عينه في الإحتفالات الوثنية من زنى وكل لحوم إكراماً للأصنام.
عندك من يتبعون. إختلفت جماعة برغامس عن جماعة أفسس فلم "تحرم" النقولاويين. إذن، خطأ جسيم. تأخّرت الكنيسة عن استبعادهم السريع خوفاً من أن لا يُسمع صوتها. أقاتلهم بسيف فمي. إن تهديد الدينونة مسلّط فوق جماعة برغامس حيث المسيحيون منقسمون.
المنّ الخفي. حُفظ المنّ في السماء للمختارين، كما تقول التقاليد اليهودية. وسيُعطى لهم كطعام عجائبي في العهد المسيحاني.
المسيحيين: منذ اليوم هم ينالون هذا الطعام الموعود به للأزمنة الأخيرة. فلا نتعجّب من ذلك: فمنذ مجيء المسيح دخل العالم في حقبته الأخيرة. هذا لا يعني أن الرسائل لا تتحدّث عن المستقبل. ولكنها تقول إن هذا المستقبل يتجذّر في حاضر حياة الكنيسة.
حصاة بيضاء. كان الغالب يتسلّم لويحة بيضاء حفر اسمه عليها، فتدلّ على انتصاره. وهناك أيضاً حصاة الدعوة إلى الوليمة (إشارة إلى الوليمة السماوية). المهم اللون الأبيض الذي يدلّ على الواقع الإلهي، على المجد الذي يتبع انتصار المسيح. وترتبط الحصاة البيضاء بالإسم الجديد فتنتمي إلى عالم متجدّد، إلى الخليقة الجديدة.

4- رسالة إلى كنيسة تاتيرة
تياتيرة هي مرفأ هام في الشرق القديم، بين برغامس وسارديس. وإن ليدية، بائعة الأرجوان المذكورة في سفر الاعمال هي من تياتيرة.
عيناه كشعلة لهيب. المتكلّم هو ابن الله (هي المرة الوحيدة يرد فيها هذا اللقب في رؤ). فالمسيح المعلّم يتكلّم بسلطة الله. أما لقب كيريوس (الرب) فيستعمل في النصوص الليتورجية.
ما عندك من محبة. تُذكر المحبة في البداية، وهذا ما يجعلنا في جوّ اللاهوت اليوحناوي. وإيمان يرافق الصبر. والإيمان يدل على الأمانة والثبات في الحياة المسيحية اليومية. أعمالك الأخيرة أكثر من الأولى. نحن في وضع معاكس لما في حيث تركت الكنيسة محبتها الأولى.
ولكن. إن كنيسة تياتيرة تقبل بوجود هراطقة يعلّمون ما يعلّمه النقولاويون. كان النقولاويون في برغامس النسل الروحي لبلعام. أما تياتيرة فترتبط بإيزابيل. هي في العهد زوجة أحاب، ملك إسرائيل (873- 854). هي فينيقية الأصل فارتبط إسمها بعبادة البعل التي نشرتها رغم احتجاجات إيليا وميخا. وإذ يتحدّث عنها يوحنا، فهو يشير إلى نبيّة تضع البلبلة في تياتيرة. إعتبرت نفسها أنها ملهمة فتبعها الناس في هذا الإطار الغنوصى الذي يجمع "المعرفة" إلى انفلات أخلاقي على المستوى الجنسي. هنا نتذكّر أن تياتيرة ستكون مركز المتشيّعين لمونتانوس الذي شهد على إلهام الروح القدس ضدّ كل تقليد أو تعليم كنسي.
أمهلتها. هذا يعني أن الحالة دامت طويلاً. وهناك دعوة إلى التوبة. أما الزنى فيدلّ على عبادة الأصنام وما يرافقها من أعمال إباحية. أولاد النبية يقاسمونها عقابها، ونسلها سيزول. هذا يعني أن الهرطقة ضُربت ضربة قاتلة، ودعيت الكنيسة إلى الامانة لكي لثبت خلال وقت الألم ووقت القيامة.
تعرف بيع الكنائس. ما يصيب كنيسة هو درس لجميع الكنائس التي تعرف الصعوبات نفسها. إني أفحص الأكباد. يعني عواطف الإنسان وأفكاره. وأعطي كل واحد حسب أعماله في العهد القديم، الله هو من يمارس الدينونة. وهنا يمارسها يسوع نفسه. إذن، هو الله أما أنتم الآخرون لقد انقسمت الجماعة بالنسبة إلى إيزابيل وتعليمها. ما هي أعماق (أسرار) الشيطان؟ أسرار الهرطقة. يعتبرون أنهم أدركوا الأسرار بمعرفتهم الباطنية، أدركوا أسرار الله، فإذا هم يدركون أسرار الشيطان. وقد يكون هذا الإدراك على مستوى الحياة الأخلاقية بحيث يظنّ "الغنوصيون" أنه يحقّ لهم أن "يتعرّفوا" إلى أعماق الشّر. ولكن المتطلّبة الوحيدة تبقى الحب والإيمان والخدمة والصبر. هذا هو الكنز الحقيقي الذي يملكه المسيحيون في تياتيرة. ليس من أخلاقية أسمى من هذه، وليس من وحي أرفع، وليس من سلاح أفضل ضدّ الشيطان سوى انتظار مجيء المسيح.
من غلب. الغالب هو الذي يحفظ أعمال المسيح إلى النهاية. هذا التحديد يضمّ عبارتين يوحناويتين: حفظ الوصايا. عمل الأعمال. هنا نقرأ يوحنا "أنتم أحبائي إذا عملتم بما أوصيكم به". ويوحنا "إذا عملتم بوصاياي تثبتون في محبتي، كما عملت بوصايا أبي وأثبت في محبته". الآب والإبن واحد. والمشاركة تامة بين الإبن والمؤمن. وحين يعيش المؤمن في العالم كما عاش المسيح (ومات)، يغلب، ويثابر حتى النهاية، أي حتى الإستشهاد. أعطيه سلطاناً على الأمم على مثال المسيح. فما قيل ليسوع يقال للمسيحيين. فالمسيح لا يقاسم أحبّاءه آلامه فقط، بل مجده وسلطانه وذلك منذ الآن. لقد أعلن النبي لهذه الجماعة التي تحاول أن تساوم مع العالم الوثني الذي يحيط بها، أنّ أمانتها تجعلها تنعم بالنبوءة التي قيلت في المسيح. إن شهادة جماعة صغيرة وضعيفة هي انتصار على قوى الشّر في العالم كله. هي انتصار المسيح يؤوّن في حياة المسيحيين.
يرعاهم بعصا من حديد. لم نعد أمام عصا الراعي الصالح، بل أمام رمز الدينونة التي لا ترحم. فالإنسان الذي يهرب من يد الله، يعتبر أنه صار "إلهاً". ولكن حلمه ينتهي بألم متزايد في اليقظة، فحين تأتي دينونة الله سيعرف وضعه الحقيقي: إنه رجل حقير وأهل للشفقة كوكب الصبح.
حسب أشعياء، يشير كوكب الصبح إلى سقوط ملك بابل، وهناك مقاطع أخرى في دانيال تجعلنا نرى في عطية كوكب الصبح مشاركة في حياة المسيح ومجده. فيسوع يسمّي نفسه "كوكب الصبح" ففي المسيحي الأمين، بدأ وجه المسيح يشعّ منذ الآن من كان أميناً نال كوكب الصبح. هذا ما يحيلنا إلى مع النبوءة المسيحية عن كوكب يعقوب. فالمسيح هو النجمة الصباحية التي تعلن النور العظيم والنهائي. إن هذا الوعد يقابل عطية الإسم كما يترافق مع المشاركة في ملك ابن الله وسلطانه كديّان. فالوعود للغالب هي في النهاية مشاركة في كيان المسيح: نحمل إسماً جديداً. نتسلّط على الأمم، نجلس معه على عرشه.

المراجع:
1- Synoptic Gospels Jewish eschatology
2- McGrath
3- L. Niswonger, Richard (1993)
4- E. Peterson (1959)
5- Christianity: an introduction by Alister E. McGrath 2006
6- A theology of the New Testament by George Eldon Ladd 1993
7- Schreck, The Essential Catholic Catechism (1999)
8- Bultmann, Theology of the New Testament vol 1
9- McManners, Oxford Illustrated History of Christianity (2002)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى


.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة




.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا