الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انضمام حكمت سليمان إلى جماعة الأهالي ج 1

سعد سوسه

2019 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


اعداد د . سعد سوسه
بدأ منشأ ( جماعة الأهالي ) في اوساط الطلاب العراقيين في العشرينات ، وكان مؤسسوها قد التقوا وعملوا معا أثناء أيام الدراسة في المدارس والكليات في بغداد وبيروت وبريطانيا وتمتد جذور هذه الجماعة الى أوائل العشرينات وقد انبثقت من مصدرين متمايزين كان الأول يتألف من عبد الفتاح إبراهيم ومحمد حديد وعلي حيدر سليمان وجميل توما ودرويش الحيدري ونوري روفائيل الذين قاموا بتنظيم سري وأسسوا جمعية للطلبة العراقيين وناديا عراقيا ً في بيروت اما المصدر الثاني فيتألف من حسين جميل وعبد القادر إسماعيل وأصدقاء دراستهم ومنهم عزيز شريف وجميل عبد الوهاب وخليل كنه وإسماعيل الغانم وحسن الطالباني وهؤلاء درسوا في بغداد وساهموا في أحداث الطلبة في أواخر العشرينات كحادثة النصولي وزيارة الفريد موند ، وقد حدث ، لقاء بين المجموعتين في بغداد ، فتعرف ، عبد الفتاح إبراهيم ، بواسطة أقاربه ( عبد القادر إسماعيل ) بكل من حسين جميل وخليل كنه وقام عبد الفتاح إبراهيم بدوره بتعريفهم بـ ( محمد حديد ) الذي كان عائدا ً لتوه من بريطانيا متخرجاً من جامعة لندن مختصا ً بالاقتصاد ، وكانوا جميعا ً من العرب السنة الا اسماعيل ، غير انهم كانوا بعيدين جداً عن ، التعصب والطائفية بل كانوا على العموم ، علمانيين في توجهاتهم
ادرك جماعة الاهالي ان الوطنية لا تقتصر على المطالبة بالاستقلال بالاساليب التي درج عليها الساسة القدامى دون الاهتمام ، بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية لذا فأنهم نادوا بالاصلاح مركزين اهتمامهم على الديمقراطية والليبرالية ولما وجد هؤلاء آراءهم متقاربة في الشؤون العامة فكروا في القيام بتنظيم بينهم ، كما أنهم اتفقوا على اصدار جريدة تكون أداة مهمة للتعبيرعن معتقداتهم .
أوكلت الجماعة الى حسين جميل مهمة ، التقدم بالطلب الى وزارة الداخلية لأصدار جريدة يومية باسم ( الاهالي ) فوافقت الوزارة في 2 تموز 1931 على منح الامتياز، وصدر العدد الاول منها في 2 كانون الثاني 1932 لم تتمكن الجماعة ، من اصدار الجريدة الا بعد مدة سبعة أشهر تقريباً على اجازتها لامور تتعلق بشراء المطبعة وتهيئة مستلزمات اصدارها اما تسميتها بالاهالي فذكر حسين جميل قائلاً : اننا اردنا ان نختار اسماً مشتقاً من معنى الشعب … وكذلك لاننا كنا متأثرين بكفاح الصحافة الوفدية في مصر وكانت جريدة الاهالي ابرز الصحف التي كنا نقرأها ونحن طلبة . يحمل عبارة ( يصدرها فريق من الشباب ) ، وكتبت مقالاً افتتاحيا ً بعنوان ( منفعة الشباب فوق كل المنافع ) أوضحت فيه أهدافها وخطتها العامة .
اتخذت الجماعة من جريدة الأهالي وسيلة لعرض معتقداتهم السياسية ومفاهيمهم الجديدة على المجتمع العراقي ولذلك صاروا يعرفون ، بجماعة الأهالي نسبة الى صحيفتهم .
أصبحت ، لجماعة الأهالي بعد مدة قصيرة خطوط عامة أطلق عليها اسم ( الشعبية ) طبعت في كراس من ثمان صفحات عام 1933 بعنوان ( الشعبية المبدأ الذي تسعى الأهالي لتحقيقه ) . ومن استقرائنا لبرنامج الجماعة المسمى ( الشعبية ) والذي تضمن ، التأكيد على أربع نقاط أساسية جاء في النقطة الاولى ، التأكيد على وجهة نظر الشعبية ، تجاه المشاكل التي تجابه المجتمع ، وضرورة حلها بالشكل الذي يكفل للمجتمع الاطمئنان والرفاه والتقدم ، بينما ركزت النقطة الثانية على ، المبادئ الشعبية السياسية ، التي اشارت الى ضرورة وجود الدولة وسيادتها وضرورة ان تكون علاقة الافراد بها دستورية ديمقراطية ، في حين أشارت النقطة الثالثة الى المبادئ الاقتصادية والتي جاء فيها ضرورة سيطرة الدولة على الاقتصاد والخدمات العامة وتوزيع الاراضي على الفلاحين وتشجيع الجمعيات التعاونية اما النقطة الرابعة فأكدت على المبادئ الاجتماعية وناقشت اوضاع التربية والصحة والعلاقات الشخصية والنظام العائلي نجدها تقترب من الاشتراكية باعتدال حين تؤكد ، على قيام الدولة بوضع خطة اقتصادية تنسجم مع وضع البلاد الاقتصادي وحاجات الشعب لتأمين إصلاحات اجتماعية وسياسية ، متأثرة بالمبادئ الاشتراكية والديمقراطية ، كما انها اكدت السيطرة على الصناعات المهمة ، وتشجيع الجماعات التعاونية وتقريب الفروق الاقتصادية واعترفت بالدين وحرية الفرد في مزاولة عقائده ، ودعت للسعي للاحتفاظ بالنظام العائلي واقتربت من الفكر الليبرالي من خلال تأكيدها على حق الملكية وعلى النظام البرلماني للحكم .
وقد عد البعض جماعة الاهالي أول حزب يساري في العراق في مرحلة الثلاثينات ، ووصفت بأنها " تجمع للعناصر الاشتراكية والاصلاحية الاحرار " ، في حين أشار البعض الآخر الى أن هذه الجماعة وعلى الرغم من اصدارها جريدة تعبر عن آرائها لا يمكن عدها حزبا ً سياسيا لأفتقارها الى الشروط التي ينبغي توفرها في الحزب كالايدولوجية والقاعدة الشعبية والشكل التنظيمي والالتزام ووصفها آخرون بأنها ، مجموعة من الشباب المتحمس المتأثرين بالافكار الحرة ، والتي تبنت مبادئ الثورة الفرنسية ، والديمقراطية ، كأساس لاقامة الحكومة وان افكارهم مزيج من المبادئ الثورة الفرنسية الحرة والآراء الاشتراكية على اختلاف انواعها .
بينما اعتبرهم القوميون ماركسيين سيفككون بنهجهم عرى النظام الاجتماعي العربي . واطلق عليهم الشيوعيون اسم ( المنشفيك ) لأنهم كانوا يدعون الى اصلاحات اجتماعية شاملة بالطرق البرلمانية ، دون الالتجاء الى ثورة عنيفة ، ولم يدعوا الى الصراع الطبقي انقسم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الروسي ، قبل ثورة اكتوبر 1917 ، الى قسمين ( منشفيك ) يدعو الى تحقيق الاشتراكية بالطرق البرلمانية ، و ( بولشفيك ) الذي يؤمن بتحقيقها عن طريق الثورة .
وفي ضوء ما مر يمكن اعتبار جماعة الأهالي ، تجمعا ً لعناصر وطنية تهدف الى القيام بإصلاحات اجتماعية او سياسية ، متأثرة بالمبادئ الاشتراكية ، والديمقراطية ، ويحوي هذا التجمع عناصر متطرفة واخرى معتدلة تشترك في اعتقادها بضرورة القيام بتلك الإصلاحات ، ومهما يكن من أمر ، فأن الذي يعنينا من جماعة الأهالي التي تناولتها الكثير من الدراسات المتخصصة هو توضيح الكيفية التي انضم بها ، حكمت سليمان الى تلك الجماعة ومدى اسهامه في نشاطاتها . أنضم ، حكمت سليمان، الى جماعة الاهالي في أوائل العام 1934 وهو لم يزل عضوا ً في حزب الإخاء الوطني ، وهذه الحقيقة أكدها هو نفسه ، وجماعة الأهالي . حيث سعى كامل الجادرجي وهو عضو بارز في الجماعة لإدخال شخصيات جديدة الى الجمعية السرية التي شكلتها جماعة الأهالي على أساس الشعبية وذلك لأنه كان يعتقد بضرورة ان تكون اللجنة المركزية تحوي بالإضافة الى الشباب بعض الشخصيات البارزة بينما كان هناك رأي بأن تكون اللجنة المذكورة من الشباب فقط وكان يدور في ذهن الجادرجي من الشخصيات جعفر ابو التمن ونصرت الفارسي وحكمت سليمان وكان نصرت الفارسي قد جذب الى الجماعة بواسطة جمعية السعي لمكافحة الامية فأتجه كامل الجادرجي مستعينا بجعفر ابو التمن من اجل ضم حكمت سليمان الى الجمعية قررت الجماعة الاتصال بحكمت سليمان فقط وتجنبوا نصرة الفارسي لعلاقاته الحميمة مع نوري السعيد وقد كانت علاقة الاخير بجعفر ابو التمن جيدة عن بعد حيث أيدّ جعفر ابو التمن إجراءاته في ضرب حركة الاثوريين كما ان جماعة الاهالي، ومن خلال جريدتهم ( الاهالي ) أيدت سياسة الوزارة الكيلانية الاولى شكلت في 20 آذار 1933 واستقالت في 9 أيلول 1933 تجاه تلك القضية وكان هذا حافزاً لتقرب حكمت سليمان من الجماعة اولاً ثم الانضمام اليها ثانيا دافعت صحيفة الاهالي عن اجراءات الوزارة بصدد المشكلة الاثورية فأيدتها وساندتها بكل قوة وهاجمت الانكليز وهذا الموقف كسبت به الجريدة بصورة خاصة عطف وتأييد وزير الداخلية حكمت سليمان الذي وجد في موقفها هذا ولاشك تأييدا ً شخصيا ً له .
ذكر ، كامل الجادرجي كيفية مفاتحة حكمت سليمان ودور جعفر ابو التمن في الموضوع بما نصه : كان ، حكمت سليمان قد أنسحب الى زاوية نائية من بغداد في داره في الصليخ وقد كانت تصرفات وزارة المدفعي الثانية سنة 1934 سيئة جدا والاستياء منها عظيماً ولم يكن في البلد حزبٌ يقاومها وكان حكمت مثل غيره محطم الامال لا يختلط بأحد ولا يفكر بعمل سياسي مؤثر وبعد امعان النظر قررنا ترك نصرت الفارسي وادخال حكمت سليمان فقد زرت حكمت ذات ليلة في داره وتحدثنا مليّاً عن الوضع السيئ السائد في البلاد وعن لزوم مقاومته ومع انه وافقني كل الموافقة لم أجد أملاً قويا ً في نجاح المسعى ولم يكن يعلم شيئا عن اعمالنا السرية وعن اعتزامنا تأليف جمعية باسم الشعبية كما لم يعلم بعلاقتنا بجعفر ابو التمن وقد ذكرت له اسم جعفر وقلت له انه مستاء جداً من الوضع الراهن ولا يستبعد ان يوافق على العمل اذا وجد سبيلا ً الى ذلك فتغيرت أسارير حكمت سليمان وظهرت عليه بوارق الامل وقال: وهل يرضى جعفر ان يشتغل معي ؟ لا أظن انه يثق بي كثيرا ، وقد كان سؤالاً ذا خطورة وحكما غريباً على جعفر ابو التمن مما جعلني افكر برهة في جواب مناسب ولم أرد ان اعلمه بما عندنا في تلك الجلسة وكان يجب علّي ان اكون على حذر منه لعلمي بعلاقته القوية برشيد عالي الكيلاني الذي لم يوافق أحد منا على الاشتغال معه او الاتصال به بأية طريقة كانت مباشرة او غير مباشرة ، وبأي ظرف من الظروف وكانجعفر ابو التمن ايضا ً من انصار هذا الرأي قد سبق ان بين ان من محاذير العمل مع حكمت سليمان اتصاله برشيد عالي الكيلاني وذلك عندما وضعت قضية التعاون مع حكمت سليمان على بساط البحث .
وهكذا فبعد ان جس الجادرجي نبض حكمت سليمانحول موقفه من الاوضاع الراهنة وجد عنده الرغبة في العمل اولا ً والتعاون مع جعفر ابو التمن ثانيا فأخذ بالتمهيد للقاء بينهما أستمد ضرورته مما عبر عنه حكمت من شكوك ازاء استعداد ابو التمن للعمل معه شكوك تعود في اغلب الظن ، الى أيام خروج حزب الاخاء الوطني ، على وثيقة التآخي وكون حكمت ذاته من بين الذين تألفت منهم الوزارة التي كانت مثار النقد عموماً ونقد جعفر ابو التمن وحزبه الوطني العراقي خصوصا ً وبالتالي فلم يكن حكم حكمت على جعفر ابو التمن الذي اعرب عنه للجادرجي حكما ً غريبا ً كما ذكر الاخير . وقد ذكر هذا أيضاً : سألت حكمت عما اذا كان يتصل بجعفر ابو التمن في بعض الاحيان وما اذا كان قد باحثه في الوضع الراهن ؟ فأجاب سلبا واضاف ان كلاً منهما معتزل العمل السياسي ، وبائس فسألته عما اذا كان لديه مانع من الاجتماع به فأجاب بأنه سيكون مسروراً وانه يجد ذلك ضرورياً ثم تكلم بعد ذلك بحماسة وقال : انه يثق ، بجعفر ابو التمن كل الثقة وهو لم ينس معاضدته الادبية له في قضية الاثوريين وانه كثيرا ً ما حاول ان تستفيد البلاد من اخلاص جعفر ابو التمن وشخصيته الفذة في مواقف ايجابية وفي مواقع مهمة فقد حاول ان يجعله رئيساً لمجلس الاعيان ولم يجد رغبة قطعية من جعفر لكنه ايضا لم يجد مخالفة شديدة واضاف ان الذي عرقل مساعيه في هذا الشأن ياسين الهاشمي واخذ يهاجم ياسين وأضاف الجادرجي : انه بعد مدة قصيرة اجتمع حكمت سليمان بجعفر ابو التمن في داريوتكلمنا كثير اً حول الوضع الراهن آنئذ واستعرضنا الماضي والحاضر وتم الاتفاق فيما بيننا على وجوب تأليف جمعية سرية من أناس جدد وعلى اساس جديد على ان لا يدخل فيها من رجال العهد الماضي الذين خانوا العهود وضربوا المبادئ عرض الحائط وعلى ان يكون جل اعتمادنا على الشباب المثقف وقد شرحنا لحكمت مبادئ ( الشعبية ) المنوي تأليف الجمعية السريةعلى اساسها فابدى استعداده للانضمام وكان ذلك في مطلع العام 1934 ، ان انضمام حكمت سليمان الى جماعة الاهالي كان في العام 1935 وهذا غير صحيح ، وسيتأكد بعد حين وبطبيعة الحال كل من اخذ عنه وما أكثرهم كتب الشيء نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م