الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انضمام حكمت سليمان إلى جماعة الأهالي ج 2

سعد سوسه

2019 / 7 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وهكذا وافق حكمت سليمان على الانضمام الى جماعة الاهالي معبرا عن رغبته الشديدة بالعمل مع جعفر ابو التمن وقد طلبت الجماعة منه بألحاح الا يقوم باخبار ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني فوعد بذلك وان كان المعتقد انه من غير المحتمل في ظاهر الحال ان يتمكن حكمت سليمان من قطع علاقاته مع ماضية السياسي ليحتضن مبدأ جديداً .
اما جماعة الاهالي انفسهم فقد كانوا يعيرون اهتماما ً خاصا لان يكون حكمت سليمان في صفوفهم وكانوا يتابعون عن كثب ما آل اليه التآخي بين الحزب الوطني العراقي وحزب الإخاء الوطني وما حدث من اختلافات وانقسامات بينهما كأنهم كانوا يتوقعون ان ينفض حكمت سليمان يده من هذه الجماعة ويأملون استمالته اليهم ومردّ هذا الاهتمام يعود الى تقديرهم له في موقفه الثابت في ضرب حركة الاثوريين ، عندما كان وزيرا للداخلية في حكومة الكيلاني الاولى فضلاً عن ان جعفر ابو التمن كان على معرفة تامة بحكمت سليمان وعلى استعداد للعمل معهفكان يشجع الجماعة على ضمه لانه كان مقاربا ً له في العمر اولاً ( كان حكمت سليمان أصغر سناً من ابو التمن بأربع سنوات ) ، ولرغبته في ضم عناصر اقل تطرفاً ويسارية . كذلك كانت رغبة كامل الجادرجي في انضمام حكمت سليمان الى جماعة الاهالي والذي عمل معه في اللجنة التنفيذية في ، حزب الاخاء الوطني تعود الى اعتقاد الاخير وابو التمن ( بأن شهرته ستكون عونا ً للجماعة عند خروجها الى العلن وقد شجعها على مفاتحته شخصيته الدالة ،على أنه ليبرالي معارض لمناورات السياسيين التقليديين وكانا على معرفة جيدة به في الحركة الوطنية وعلى يقين بأنه سوف يكون من المتعاطفين مع أهداف الاهالي ) .
وهكذا لقي انتماء حكمت سليمان ، الى جماعة الأهالي استحسانا ً كبيرا ً لديهم باعتباره سياسياً محترفاً وهم دخلوا الى ميدان السياسة حديثا ً فهم يشعرون بالحاجة الى شخصية معروفة يلتفون حولها لذلك اعتبروا انضمامه اليهم بمثابة، " صيدا ً ثميناً " على الرغم من ان عبد الفتاح إبراهيم وهو احد المؤسسين للجماعة ، لم يخف قلقه من هذا الامر ورأى ان ذلك قد يؤدي الى فتح الأبواب أمام محترفي السياسة لاستغلال هذا التنظيم لإغراضهم السياسية وفي مقابلة للباحث معه قال إبراهيم ما نصه : ان الغاية من انضمام حكمت سليمان الى جماعة الأهالي هي لمساومة الحكام والاستفادة من التنظيم الجديد الذي جذب اليه الكثير من العناصر المثقفة الشابة … أقول لك بصراحة … لم تكن هناك جذور فكرية بين حكمت سليمان ، وجماعة الاهالي … ان ، حكمت سليمان ، بانضمامه الى الجماعة يحاول الوصول عن طريقهم الى اشباع طموحه السياسي والجلوس على الكرسي ) ، ولعل حرص عبد الفتاح ابراهيم ، على ان تبقى جماعة الاهالي اتجاها ً فكريا ً جعله يميل الى هذا الموقف وهو تخوف مشروع فهو لم يكن يثق بحكمت سليمان ولم يكن راضيا عن الاحترام ، الذي كان يعطى له لذلك عد انتماءه انحرافاً في مسار جماعة الاهالي ، وان كان عمل شخص معهم من عياره يبدو بطبيعة الحال ، جذابا ً للغاية وهو رأي اثبتت الايام صحته في الوقت الذي عبّر فيه ، محمد حديد ، وهو أحد الاعضاء المهمين في الجماعة عن رغبته في انضمام حكمت سليمان اليهم كونه شخصية متقبلة للإصلاحات يقول الاستاذ محمد حديد : رغم النقد الموجه الى حكمت سليمان على انه بخلاف جعفر ابو التمن من المتعاونين مع العهود المواكبة للحكم أي من المتعاونين مع الانكليز فانه ولو كان بشكل غير منظم ودون ايديولوجية شخصية متقبلة للاصلاحات ولهذا كان تعاونه مع الجماعة ضمن هذه الحدود معقولاً .
اما دوافع انضمام حكمت سليمان لجماعة الأهالي فكانت موضوعا ً لتقديرات تاريخية متعددة ففي الوقت الذي عده مجيد خدوري ناجما ً عن موقف انتهازي صرف بين في الوقت نفسه انه لم يشارك الجماعة نزعاتها الاشتراكية ولكن كان يعد نفسه مصلحا ً على ، نمط مصطفى كمال وهو لهذا ، أيّد الإصلاحات العديدة التي طالبت بها الجماعة . بينما اعتبر بطاطو بأن انضمامه يُعد كسبا ً مشكوكا ً فيه ، كونه وزير داخلية سابق وسياسي محترف في حين عدّه آخرون من الظواهر السياسية الهامة لان سخر امكانيات الجماعة فيما بعد في التمردات العشائرية واسقاط الوزارات الحكومية كما انه لعب دورا في ايجاد التقارب بين جماعة الاهالي وبكر صدقي .
ومهما يكن الامر فأن انضمام حكمت سليمان الى جماعة الاهالي لا يدل على رغبة صادقة في الإصلاح بقدر ما كان تعبيرا عن محاولته لإشباع طموحاته السياسية لذلك كانت النتائج وخيمة لم يتضرر منها بعدئذ من بين الجماعة قدر تضرر هذا البعض .
وقد وضعت الجمعية صيغتين للقسم : الأولى ، للأعضاء القيادين وهم كل من جعفر ابو التمن وحكمت سليمان وكامل الجادرجي ومحمد حديد وعبد الفتاح إبراهيم وقد تكونت اللجنة المركزية منهم وتكونت اللجنة المركزية برئاسة جعفر ابو التمن وأصبح عبد الفتاح ابراهيم سكرتيراً ومحمد حديد محاسباً والثانية وهي اكثر اختصارا ً للأعضاء المنتمين والقسمان يعبران عن الولاء للجمعية والمبادئ التي تقوم عليها يقسم بثانيهما العضو المنتمي امام العضو القيادي الذي يكسبه دون ان تجتمع اللجنة المركزية للجمعية ، من اجل ذلك كل مرة . وبعد تأليف اللجنة المركزية للجمعية بدأ الاعضاء القياديون اتصالاتهم بقصد كسب واجتذاب عناصر جديدة اليها فقسّموا العمل بينهم على ثلاثة محاور :
( 1 ) المحور الاول : وهو الاتصال بالشباب المثقف وبالموظفين ولا سيما عن طريق نادي بغداد كانت مهمة النادي توسيع اتصال جماعة الاهالي بالشباب المثقف اجازته وزارة الداخلية في 25 تشرين الثاني 1933 على اساس انه نادٍ اجتماعي ثقافي وقد أغلقته الحكومة بعد فترة قصيرة وجمعية السعي لمكافحة الامية ، وأنيط ذلك بكل من كامل الجادرجي ، ومحمد حديد وعبد الفتاح ابراهيم .
( 2 ) المحور الثاني : الاتصال بجماعة خاصة من اعضاء الحزب الوطني العراقي المتوقف النشاط وتولاه جعفر ابو التمن .
( 3 ) المحور الثالث : المتعلق بـ ( التنظيم العسكري ) للجمعية وقد أخذه حكمت سليمان على عاتقه على ان يقوم بتشكيل منظمة داخل القوات المسلحة ( جناح عسكري ) حيث جعل نقطة اتصاله ببكر صدقي قائد الفرقة الثانية الذي اخذ بدوره بمحادثة من يعتمد عليهم ، من الضباط كشاكر الوادي ومحمد علي جواد وبهاء الدين نوري ثم عبد اللطيف نوري وغيرهم ، الا ان التنظيم العسكري او ( الجناح العسكري ) للجمعية كان سريا ً للغاية فلم تلتق اللجنة المركزية للجمعية بالأعضاء العسكريين ولم تكن تعرف اسمائهم لكنها ، أعلمت عن طريق حكمت سليمان بأن أولئك الأعضاء قد أقسموا جميعا ً اليمين المقررة .
ان ضم العسكريين الى التنظيملم يكن مخططا ً له من قبل الجماعة وانه من بناة افكار حكمت سليمان على الأرجح لذلك يعتبر هذا العمل دعوة مفتوحة للجيش للتدخل في السياسة وهذا يتنافى مع المفاهيم الديمقراطية التي تنادي بها جماعة الاهالي ولا شك انه يمثل انحرافا ً خطيرا ً في مسار الاهالي يتحمل حكمت سليمان نتائجه .
مهما يكن الامر فقد عد البعض انضمام جعفر ابو التمن وكامل الجادرجي وحكمت سليمان بمثابة نقله نوعية في حياة جماعة الاهالي فتحولت من مرحلة المثالية الى الواقعية اذ استطاع هؤلاء وبخاصة كامل الجادرجي ولكونهم اكثر خبرة وتجربة واكبر سنا واكثر معرفة بأمور السياسة الارتقاء بجماعة الاهالي الى قوة سياسية بعد ان كان تأثيرها محدودا ً في السياسة العراقية ، على الرغم من انها ، كانت تصدر جريدة شعبية حيث اسهم هؤلاء بثقلهم وتاريخهم السياسي بأسناد جريدة الاهالي فكان لكل واحد منهم امتياز جريدة يضعه تحت تصرف الجماعة ، عندما تتعرض الجريدة الام الى التعطيل فعندما عطلت ( الأهالي ) في 12 / آذار / 1934 صدرت بدلا ً عنها ( صوت الأهالي ) لكامل الجادرجي في 14 آذار من العام نفسه وعندما عطلت ( صوت الأهالي ) حلت محلها جريدة ( المبدأ ) في 26 كانون الثاني 1935 لصاحبها محمد جعفر ابو التمن وعندما اغلقت ( المبدأ ) طلعت بدلا عنها جريدة ( البيان ) لصاحبها ، حكمت سليمان في 12 / آذار 1935
الا انه ومن ناحية أخرى بدأ الترابط يضعف بين جماعة الأهالي الأوائل والذين انظموا فيما بعد ، فقد كانت الغلبة قبل انضمام ، كامل الجادرجي للتيار الأكثر راديكالية الذي يتزعمه عبد الفتاح إبراهيم وبعد دخول الجادرجي بدأ الصراع بينه وبين، عبد الفتاح إبراهيم ، ثم اخذ يشتد بدخول، جعفر ابو التمن وحكمت سليمان ، حيث شكل الاخير تياراً محافظا ًما لبث ان أصبح المؤثر في الجماعة ، بينما مال عبد القادر اسماعيل الى الحلقات اليسارية التي أخذت تثير انتباهه، وترضي طموحه الفكري اكثر من جماعته السياسيين المخضرمين الذين آل اليهم الامر في جماعة الأهالي وأصبحت كلمتهم هي الغالبة .
ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان وفاة الملك فيصل الاول في الثامن من ايلول 1933 قد احدثت فراغاً سياسيا كبيرا لم يستطع الملك غازي الشاب ان يسده لاسباب مر ذكرها بحيث يؤدي دور والده في التعامل بصورة خاصة مع رؤساء العشائر ، وهذا انعكس بشكل واضح على سيطرة الحكومة على العشائر واضطراب الاوضاع السياسية في البلاد ولم تكن جماعة الاهالي بمعزل عن تلك التطورات التي وصفت بـ ( فترة الاضطراب السياسي ) نتيجة التمردات العشائرية التي اصبحت احدى ظواهر الحياة السياسية في العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل