الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الحاجة الى مقاربة جديدة لتدبير الشأن المحلي .

محمد بلمزيان

2019 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تتعاقب التجارب الإنتخابية وتكرر على مسامعنا نفس الأسطوانة ونفس الكلام، وتشاهد نفس الأشخاص يتزاحمون في الساحات ويتبادلون السباب في المهرجانات، وتذهب النوجسية وحب الذات بل والوقاحة بالبعض الى كيل المديح لأنفسهم ومحاولة تبييض مسارهم الملوث، وتقديم أنفسهم في مدة انتدابهم على أنها المثال ما فوقه مثال آخر، وهم يحاولون أن يستعرضوا ما قدموه للمصوتين عليهم وكتلهم الإنتخابية من جليل الخدمات وعظيم الجزاء مع اِلإيهام بالمزيد فيث بيع الأحلام والوعود المدسوسة بالسم القاتل، والحال أن غالبيتهم يكونون عادة خارج دائرة اهتمام ومعاناة هؤلاء الناخبين الذين استغفلوهم في ظروف معينة، مستغلين أوضاعهم الإقتصادية من أجل انتزاع أصواتهم لشرعنة وجودهم المزيف في تلك المؤسسات التمثيلية، وخاصة الشان الجماعي الذي أصبح مرتعا خصبا لانتعاش هذه الظواهر المرفوضة، والتي بقدرما تساهم في تلميع صورتها فإنها تساهم في تشويه العمل السياسي.
ولعل متابعة حثيثة لما يجري في العديد من المجالس المحلية ستكشف حجم هذه المضاعفات الخطيرة التي تتعاظم بفعل غياب حس المسؤولية وغياب شبه كلي لمفاهيم القيم والضمير، وحضور مظاهر استغلال المرفق العمومي لأغراض شخصية وسيادة الإنتهازية والزبونية، وهي كلها وليدة انحطاط ثقافة هؤلاء الممثلين الذين فرضتهم الأصوات الإنتخابية التي عبرت الى صناديقها بكيفية غير سليمة، ولم تعبر عن قناعات أصحابها، وهي تشكل ظواهر تستحكم في مصائر الناس وترهن تطورها الى أزمنة غير معروفة، بل تقوض الأسس الحقوقية للفرد في الدفاع عن مطالبه بكيفية ديمقراطية ونزيهة، بل وتشبع الفضاء العام بمظاهر التعفن وتزيد الأوضاع الإجتماعية أكثر قتامة، بفضل كهربة العلاقات الإجتماعية والضغط على أزرار التوتر بين المكونات التي تتبارى في الساحة الإنتخابية. الشيء الذي تولد مع مرور الزمن الى انبلاج ظواهر أصبحت قواعد متوارثة في المجتمع، وثقافة مغروسة في أذهان الناس، ما انفكت تتعاظم باستمرار مع كل لحظة انتخاية، فمن خلال محاولة استمزاج رأي بعض الأشخاص الذين يكونون ملتصقين بهذه الكائنات، تخرج بانطباع يتضمن مفارقات حقيقية، فبقدرما تستشعر حجم الإمتعاض من أقوالهم بل وسخطهم أحيانا على ما تفرزه الإنتخابات من مجالس هجينة لا تخدم سوى مصالح مكوناتها، بقدرما تتابع انخراطهم في هذه اللعبة ومشاركتهم في الترشيح وبالتالي رسم معالم خريطة وهم يعلمون بأن مجرد لحظة عابرة ولن تقدم أي قيمة مضافة للمشهد العام، ولم تخرج عن التجارب السابقة، بل وستزيد من مظاهر التعفن والفساد،والبحث عن أحسن السبل للإغتناء الفاحش ومراكمة الأموال، بعيدا عن خدمة المواطن والوطن. والغريب في الأمر أن هذه الهستيريا العامة التي تصيب بعضهم خلال الإستحقاقات الإنتخابية، يحاولون استغلال جميع الوسائل لإستجداء أصوات الناس حينا،ومحاولة الإيقاع بالبعص الآخر وإيهامهم لاختطاف ثقتهم في فترات عادة ما تكون مشحونة بالصراعات الحزبية التي تحاول أن تكتسح الساحات، وتحشد أكبر عدد ممكن من قواعدها المستغفلة في خياراتها ، أو التي ليس في وسعها أصلا إمكانية عقد مقارنة بين هذا اللون الإنتخابي أو ذاك، وهنا يطرح سؤال عنصر الوعي باللحظة وحضور الأمية وعدم القدرة على فك شفرة الخطاب المرسل من قبل المتزاحمين على الكراسي والمناصب الموجودة. الشيء الذي يولد انطباع سيء لدى فئات واسعة من المجتمع واستهجان مقبول من قبلها، لبقاء هذه الكائنات الإنتخابية تصول وتجول في كل فترة ،بل وتجد في كل مناسبة أرضية خصبة لانتعاشها وتكاثرها وهو ما يجعلها تزهو بنفسها أكثر،وهي تعي بأنها سائرة في طريق تحصين ذاتها ومراكمة مصالحها الشخصية، في غياب سلطة رقابية قادرة على ردع خطواتها المفلسة والمخربة للشأن الجماعي من جهة، والمولدة لانطباع التنفير والتبخيس للعمل السياسي، مع استحضار دور المجالس الحسابات كسلطة رقابية بدأت تشتغل ضد منطق التبذير والفساد، ويجب أن يتوسع مجال تدخلها لمتابعة الإختلالات الموجودة والتقصير في النهوض بالمهام الإنتدابية وتفويت فرص التنمية المجالية للجماعات أو الجهات ، والتي غالبا ما تكون ضحية هذه المقاربات العشوائية في التدبير للشأن المحلي، وضحية الصراعات الساسوية الضيقة، التي تنتعش من انتشار عقلية الذوذ عن المصالح الفردية واستبعاد الشأن العام ومصالح المواطنين في شتى تجليات حقوقهم اليومية، سواء تعلق الأمر بوثائقهم السخصية او البنيات التحتية أو البيئية والثقافية والترفيهية ، وهي مطالب غالبا ما تكون حاضرة خلا ل الحملات الإنتخابية وبشكل مبالغ فيها، لكنها للآسف تغيب بشكل شبه كلي من الممارسات اليومية أثناء تدبير الشأن المحلي، وهي مفارقة تستوجب المقاربة الجديدة، بدءا من وضع مدونة و تحيين قوانين انتخابية واضحة ومرورا بمعاقبة الأعضاء الفاسدة والتي ثبت في حقها استغلال الفرص للإنتفاع الشخصي، وانتهاءا بالقطع مع ثقافة استغفال الناس واتخاذها مطية للركوب لقضاء الحاجات والمصالح الشخصية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار