الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشكيل الوعي وإبراز الهوية الوطنية

عبدالله عطية

2019 / 7 / 27
المجتمع المدني


ان مفهوم الوعي بشكل عام يعني اليقضة، اي إدراك الإنسان نفسة وعلاقاته في كل مكان وزمان ومن حوله من أشخاص تجعله يستجيب أستجابة صحيحة للمؤثرات التي تحيط به، وهو على أبعاد مختلفة مثل البعد النفسي الاجتماعي للوعي والبعد العلمي والبعد الأيدولوجي، وكل ما زاد الوعي عند الفرد زادة معه دائرة تأثيره في محيطة، وحظيَ بمكانة إجتماعية ارفع، اما بقية الأنواع من الوعي فهي ترتبط بالاول لكن تكسب من الجماعة اي ان الوعي العلمي لابد وان يكتسب من بيئة علمية ذات اسس ومفاهيم ثابتة لا تقبل التغيير الا بالتجربة والخطأ، وهذا يعني أنها نتاج مدة طويلة من البحث والدراسة والإستكشاف في اي جانب من الجوانب او الأصح في كل الجوانب العلمية من الحياة، حيث يظهر هذا النوع من الوعي على شكل طبقات ولا يكون شامل للمجتمع الا ما ندر، بينما النوع الثالث وهو الوعي الإيدولوجي دائماً ما تتبنى الحكومات نشره، حيث تستغل الالات الدعاية الخاصة بها من أجل التبشير به و يتطلب جهد ووقت طويلين من أجل ترسيخه إجتماعياً، وغالباً ما يوجد هذا النوع من الوعي في الحكومات الاشتراكية وخصوصاً عند قادتها ومن يدير الدعاية بها، فالوعي الإيدولوجي يشكل على شكل هرم في تلك المجتمعات، تبلغ ذروته في الهرم وكلما نَزلَ وإتسع قل هذا الوعي.
إما قضية إبراز الهوية الوطنية فهي معضلة حقيقية جداً، خصوصاً في المجتمعات التي يكون فيها التنوع والإختلاف السمة الرئيسية، لكن ليست مستحيلة، التخطيط والتنفيذ أمر مهم جداً في هذا النوع من القضايا الحساسة إجتماعياً، لكن قبل البدأ بالتخطيط علينا دراسة الواقع دراسة فعلية ودقيقة جداً من شأنها تقديم فهم دقيق وعميق لمخرجات هذا الواقع، ففي كل مشكلة مهما كانت كبيرة او صغيرة حينما تعرف السبب، تصل الى نصف الحل، ولا أعتقد ان مجتمع عمره اكثر من 7000 سنة لا يملك أُناس مؤثرة اجتماعياً وفكرياً تقود المجتمع الى بر الأمان، بعيداً عن التوجهات السياسية والفكرية للسلطة الحاكمة، او تلك القوى التي تدير الواقع المجتمعي بالخفاء.
بصراحة المجتمع العراقي مجتمع منقاد، تتجلى المشكلة الاساسية فيه كمجتمع انه غير واعي لما يريد، منقسم على نفسة الى لا نهاية، وان الفرد فيه لا يعرف نفسه كمواطن تجمعه بغيره المواطنة والانتماء للوطن، وانما مجموعة من الهويات الفرعية المتصارعة سراً وعلانية تسهم في زراعة التطرف والجهل والإنقسام والاستمرار به الى درجة التفتت، وهذا لا يتحمل ذنبه المواطن فقط، بل هو نتاج الحكومات والادارات التي مرت على المجتمع التي أسهمت في زراعة هذا الإنقسام في اللاوعي الفردي والجماعي وبالتالي أصبحت ثقافة عامة، ولا ننسى الدعاية السلبية والسنوات الدامية من الحرب الطائفية التي فهمها المجتمع بعد مدة الا انها يعمل بها الى الان حكومة وشعباً.
إجتماعياً هناك أمرين مهمين يساهمان في تشكل الوعي هما الدعاية والقانون، وهذان قد يبدوان للوهلة الاولى إنهما لا يتشابهان بالمضمون ولا بالفكرة، لذا فأن سؤال يطرح نفسه ببساطة كيف؟، الامر المهم اولاً هو تأسيس قاعدة للدعاية الوطنية عن طريق مجموعة من المختصين ذوي الخبرة والمهارة اللازمة من أجل قيادة هذا المفصل الحساس في طريق الإصلاح الوطني، تعمل الالات الدعائية وبشكل متكرر على القضايا المشتركة بين ابناء المجتمع، وتظهر المشتركات والروابط التي تحكم العلاقات الاجتماعية بين ابناء هذه الفئات، حيث تعيد كتابة الماضي بالحاضر عن طريق إعادة ربط الجسور بين ابناء المجتمع، وهذا ليس فقط ما يشكل وسائل الإعلام وانما في الواقع الاجتماعي ايضاً، عن طريق الندوات والورش ومراكز التنمية الاجتماعية وحتى المناهج والكتب الدراسية، صحيح ان الشفاء من هذا الواقع امر يحتاج الى وقت، الا ان نتائجه تظهر بصورة سريعة وطلك لان العلة نفسها العلاج، انا اعني بذلك قلة الوعي الاجتماعي، فالقلة في الوعي سلاح ذو حدين، فهو مشكلة وحل في الوقت ذاته، لكن يجب أن نعرف كيف نستخدمه.
الامر الاخر المكمل لألة الدعاية هو القانون، أن أكثر ما نعاني منه كشعب هو غياب تنفيذ القانون، وقد كتبت ذلك في مقال سابق بعنوان القانون وإشكالية تطبيقة، ووضعت أهم الاسباب التي تؤدي الى عدم تنفيذ القانون، لكن هنا المشكلة لا تكمن فقط في تنفيذ القانون فقط، وانما في وضع قوانين تتماشى مع الواقع الذي نعيشه اليوم، وابرز هذه القوانين هي قانون تجريم الطائفية، وقانون حماية الاسرة، اصدار قانون يحد من تدخلات رجال الدين في المجتمع والزامهم بعدم التحريض، والاهم من ذلك العمل على انشاء مرجعية وطنية تتقاضى راتباً من الحكومة حالها حال اي موظف، وتكون ملزمة بالقانون، يواليها جميع العراقيين بدلاً من مجموعة من المراجع التي تكون ساحة للصراعات الفكرية والاجتماعية وحتى المسلحة، والاهم من ذلك تطبيق القانون بصورة عادلة وما له من تأثير ايجابي على الواقع من حيث جعل المواطنين جميعاً متساوين امام القانون، والذي بدوره يجعل الفرد يشعر بدوره كمواطن ويعزز انتمائه لوطنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا