الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إدارة المحارق وحروب الفناء

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2019 / 7 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في عالم السياسة والاستراتيجيا، لا مكان للصدف والتكهنات، والعبث والولدنات، وكل ما يدور من أحداث، قد تم تدبيره بعلم ومعرفة خبير قادر محنك عليم، خاصة في ما يتعلق بوضع ومصير فضاء حيوي هام يعتبر قلب العالم، ومع تشابه أنظمة الإدارة والحكم والتسلط، وفساد وإفساد وعملية التخريب المتعمد للمجتمعات في المنظومة العربونية والصلعومية هذه، وبلوغها حد التطابق في الكثير من المفاصل والمنعطفات، رغم التباين الظاهري والشكلي، وأحياناً الخلافات الظرفية فيما بينها، يدلل بما لا يدع أي مجال للشك قكلها تخدم استراتيجيا واحدة وتقول أن المرجعية و"المرشد" و"البروشور" (الكتالوغ) الذي تشتغل به هذه المنظومة، ومن يديرها بالخفاء هو واحد.

ونظراً للأهمية الكبرى للموارد والعامل البشري والإنساني في تلك الاستراتيجيات، تأتي سياسات إضعاف الدول وتجويفها من الداخل واستنزافها وتفريغها من الطاقة البشرية المبدعة والخلّاقة وتحطيم القيم والروح الوطنية والإيجابية في صلب وفي أولويات تلك الاستراتيجيات الشريرة التي فعلت الأفاعيل بالمنظومة الصلعومية والعربونية وحولتها لعصف مأكول ينازع بين الموت والحياة وهي بذلك تخدم مصالحها بطريقتين الأولى كما قلنا تجويف وتفريغ المنظومة الصلعومية العربونية من نخبها المبدعة وتراها وقد تحولت بعد ذلك لزرائب وحظائر تعج بالمتطرفين والمتشددين وقطعان الجهلة وأدعياء المعرفة المهلوسين وهؤلاء هم الخزان البشري الافتراضي لجيل الحروب الرابعة الذين تتم تربيتهم داخل تلكم المجتمعات وبرعاية وميزانية وإشراف الحكومات الصلعومية حيث سيتحلون لاحقاً لقنابل موقوتة وألغام مزروعة في قلب مجتمعاتهم يجري التحكم بها من ذات "المرجعية" المشار إليها سابقاً خدمة للفوضى الخلاقة، وثاني مغانم ومكاسب هذه الاستراتيجيات هو ربح تلك النخب التكنوقراطية والمبدعين والمفكرين واستقبالهم وتقديم كافة الإغراءات لهم وتوطينهم وتجنيسهم بالدول التي تنفذ تلك السيناريوهات وتقوى وتستقوي بهم وتستفيد من خبراتهم وأدمغتهم وتحرم بلدانهم الأصلية من الاستفادة من طاقتها البشرية الخلاقة التي كانت السياسات الصلعومية والعربونية الكارثية المدمرة قد أجبرتها على الفرار والرحيل.

وفي هذا السياق، وضمن مشروع الشرق الأوسط الصهيوني، طاردت الدول الصلعومية والعربونية المقكرين والفلاسفة والكتاب وأقصت المبدعين والشرفاء والشعراء الأحرار والتكنوقراط والعلماء الأصلاء وشنت عليهم بلا هوداة حروب الاستهداف والإقصاء الممنهج وتطفيش النخب المتنورة وإرهابها وإرعابها، ونكـّلت بهم وشردتهم بالمنافي والشولرع والأصقاع وهجـّرتهم وضيّقت عليهم الخناق وجوعتهم ولم تسمح لهم بالعيش بكراماتهم وسلطت عليهم حثالات القوم وسفلتهم من المخبرين والطراطير والإمعات والأجراء ورمتهم بشتى التهم والادعاءات حتى خلت منهم، ولم يبق في هذه المنظومة الصلعومية العربونية المتخلفة الشريرة سوى الجهلة الأميين يتحكمون برقاب البشر وأطلقت، بالمقابل، يد التيوس الشراشيح المساطيل المعاقين والمعاتيه المهرجين أدعياء المعرفة وأشباه المتعلمين من حملة الشهادات المزورة والرعاع سقط المتاع فضاعت وضعفت وتفككت الأوطان وانشرخت المجتمعات وتمزقت النسج الوطنية وانفرطت عرى الوحدة الوطنية وصارت المنظومية في الحضيض تكابد أرذل وأحط الظروف والأوضاع..

لم يعد بالإمكان، والحال، تفادي أو منع الانهيارات الكبرى وما نشهده من انزياحات وخلخلة بنيوية خطيرة عصقت بمعظم الأنظمة الصلعومية المتردية منها والنطيحة والمذبوحة وما أكل السبع والضبع و"الربع"، والتي ترفع رايات التقوى والورع والإيمان والزهد والدروشة و"البهللة" ظاهراً (وهو يقع طبعاً ضمن إدارة تلكم الاستراتيجيات)، لكنها تعيش داخلاً أعلى حالات الانفصام والسقوط الأخلاقي الفظيع والشنيع والمريع عبر ممارسة فجور وفسق وعهر وفساد وانحلال الدولة الممنهج والمنظم)، هو نتيجة مباشرة لتلكم الاستراتيجيات الممنهجة والمخطط لها بدقة وخبرة متأنية يشرف عليها مخططون ومحللون استراتيجيون وخبراء كبار في إدارة الحروب المتنقلة والمحارق في معاهد غربية وبحثية تصرف عليها المليارات، ومن المفارقات الكبرى، أن أبناء مهجرين ومهاجرين يساهمون ويشتغلون في تدوير وتشغيل عجلات وماكينات تلك المعاهد ومراكز الأبحاث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى