الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الإسفيرية وتشتيت وعي الطوارق:

أحمد أغ أبو اليسر
(Ahmed Ag Aboulyousri)

2019 / 7 / 30
المجتمع المدني


في محاضرة شهيرة مسجلة على اليوتيوب جرت في أواخر الثمانينيات بين العالم البريطاني ستيفن هوكنج، وروائي الخيال العلمي آرثر كلارك، إضافة إلى الفلكي الأمريكي العظيم كارل سيجان، يقول ستيفن هوكنج متحدثا عن محدودية إدراكاتنا لماهية بعض الظواهر الكونية، والثقوب السوداء التي لم تلتقطها المسابير الفضائية حينها بعد: "إن ما يمثل الخطورة على وعينا البشري ليس الجهل، وإنما هو وهم المعرفة".. المقصود بوهم المعرفة هنا ليس ادعاء الجاهل المطلق، فالجاهل المطلق لا يستطيع أن يدعي المعرفة إلا خارج حدود المعرفة، وبالتالي لا يمثل أية خطورة لا على المتلقي ولا على المجتمع.. وهْمُ المعرفة هو ما نمارسه نحن هنا بصفتنا كُتابا غير منهجيين، وغير استقرائيين يمارسون التحليل اللغوي العنيف، الذي لا يترك مجالا للحقيقة المعرفية المفارقة حتى يصبح كل متلقٍّ هو نسخة ثانية من الكاتب، وهذا دجل ثقافي شديد الخطورة من ناحية تشتيته للتفكير الفينومنولوجي المتنوِّع لمجتمعٍ بالكاد يقترب من عتبة أميَّة القرن الواحد والعشرين كمجتمع الطوارق.. كلنا هنا نمارس نوعا خطيرا جدا وفاشلا جدا، من تفلسف ترانسندنتالي معكوس يهبط بوعي قراء مجتمعنا لدرجات خطيرة من الصفرية بدل الارتفاع به، وننشئ بذلك قطيعا من الخانعين والخاضعين لثقافاتنا الفردية ولمكبوتاتنا النفسية غير العلمية دون أن ندري بذلك أصلا؛ البعض يمارسه بشكل وصايا أو ترغيبات أو ترهيبات، والوصية لم تكن يوما علما، بقدر ما هي إرادة عاطفية للوصيِّ الذي يريدك أن تتمسك بها، والبعض الآخر يمارسه بدعوة الناس للعودة نحو التاريخ، والاستمساك بما صنعه الأسلاف من أعراف وتقاليد، وأمجاد، وترهات لا تساوي شيئا أمام الزحف الآلي للعالم نحو تسييل الوجود، وكذلك هناك من يمارس هذا التشتيت الدماغي والوجداني لمجتمع الطوارق الذي يُعتبَر كإحدى أضعف المجتمعات في العالم بتشجيع الانقسامات الطائفية الدينية فيه، وهو ينطلق من فهم تقليدي مهلهل ومتخلف جدا للنصوص، دون استخدامه في هذه النصوص لأية مناهج استقرائية أو إبستمولوجية، أو تفكيكية، أو بنيوية، يمكن أن تحول بينه وبين تعنيف المخالف في اللفظ أو الحوار، وهذا هو ما سيؤدي إلى صراعات طائفية دموية مستقبلا، لا قبل للطوارق بها تحت ذريعة "بدعة المخالف" و"ضلال المخالف الآخر"، ولا يستفيد المجتمع سوى التشتت والدمار الهيكلي والذهني معا، وهناك النوع الآخر والأكثر قبحا تقريبا، وهو الذي يتجرؤ على تتفيه معارف إنسانية متجذرة في العمق لا يعرف منها أي شيء كالفلسفة على سبيل المثال، التي رفعت أمما كاملة إلى الارتقاء الكامل في كل مجالات الحياة، بل ولا يمكن أصلا أن يتولد الوعي الوجودي الكافي لاستمرار البقاء في الحياة بقوة لدى أي مجتمع ما لم يتفلسف، أو ينجب فلاسفة حقيقيين، ولم يسبق في التاريخ البشري المتطور أيضا ذاك المجتمع حتى الآن، وبالتالي أي طارقي يحارب ميلاد الفلسفة في مجتمع الطوارق هو أكبر عدو لتماسك الدماغ الطارقي نحو إنتاجية الذات الطارقية المفارقة للذوات الأخرى، وينبغي أن يتم تجاهله فورا على الأقل، حتى لا ينتج لدينا فوبيا غبية تجاه أي معرفة من المعارف الإنسانية، فالإنترنت وسيلة تواصل بالعالم الآخر فقط، أو على الأقل هكذا يستخدمه مخترعوه وليس وسيلة لتجهيل الناس أو نشر استغباء الانتماءات كما نستخدمه نحن، وهذه هي كارثة استخدام منتجات دولٍ اكتمل لديها الوعي منذ قرون.. فحتى قبل اختراع الإنترنت كان الوعي الغربي المنتِج له وعيا مكتملا، لدرجةٍ جعلت كُتابا عالميين عظماء من أمثال عالم الاجتماع فرانسيس فوكايوما يتنبأ في كتابه: "نهاية التاريخ" أن الحضارة الغربية وصلت حد السقف والامتلاء، وبالتالي عليها أن تتراجع، وكذلك الكاتب الألماني الشهير اسفالد اشبينغلير في مجلداته الضخمة: "تدهور الحضارة الغربية" يتوقع الأمر ذاته، فحاوِلوا توليد الوعي العالمي لديكم رجاء قبل استخدام منتجاته للقضاء على وعيكم بأنفسكم بالمجان، فتلعنكم أحفادكم اللاحقة..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: طالبي اللجوء ا?لى سيرحلون إلى رواندا مهما حدث


.. أهالي الأسرى لدى حماس يتظاهرون في القدس من أجل سرعة إطلاق سر




.. هل تبدأ دول أوروبية ترحيل جميع طالبي اللجوء إلى رواندا؟ | ا


.. مراسلة الجزيرة ترصد إغلاق أهالي الأسرى شارعا قبالة مقر رئيس




.. إعلام إسرائيلي السماح بدخول وفدين من الأمم المتحدة والصليب ا