الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسؤولية الدولية لإسرائيل عن الانتهاكات التي ترتكبها بحق الأسرى الفلسطينيين

عبد الرحمن علي غنيم
كاتب وباحث

(Abdulrahman Ali Ghunaim)

2019 / 8 / 8
دراسات وابحاث قانونية


توصف إسرائيل بأنها قوة احتلال حربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م، لذلك يترتب عليها المسؤولية بشقيها المدني والجنائي؛ حيث تقع عليها المسؤولية المدنية من خلال التعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن عدوانها المستمر، أما المسؤولية الجنائية فتتحقق من خلال محاكمة الأشخاص المسئولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من أفراد قواتها المسلحة والمستوطنين .
كما أن أساس المسؤولية الدولية لإسرائيل تنشأ عن عدم التزامها بقرار التقسيم رقم( 181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974م، والذي يعد قراراً باطلاً من جهة الشعب الفلسطيني على اعتبار أنه صادر من طرف لا يملك الحق في السيادة على فلسطين، كما أنه يتناقض مع نصوص ميثاق الأمم المتحدة التي أكدت على منع التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، إلا أن هذا القرار يعتبر سنداً أساسياً لإقرار المسؤولية الدولية لإسرائيل حيث أنها قبلت القرار وأعلنت عن قيام دولتها بموجبه .
لذلك فإن محاسبة إسرائيل على الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها بحق الشعب الفلسطيني بشكل عام، والأسرى الفلسطينيين بشكل خاص، تكون من خلال التوجه للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تشير المادة( 75) من النظام الأساسي للمحكمة إلى إصدار أحكام ضد الجناة تتعلق بجبر الأضرار التي تلحق بالمجني عليهم بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار، كما حددت المحكمة نطاق ومدى الأضرار ، كما نص النظام الأساسي للمحكمة من خلال المادة( 79) على إنشاء صندوق استئماني لصالح المجني عليهم وأسرهم من الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة، كما ويعتمد هذا الصندوق على مساهمات الدول الأعضاء وعلى الأموال التي تحصل عن طريق المحكمة في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاصاتها .
ومن الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية تختص بالنظر في الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين على اعتبار أن هذه الجرائم جرائم حرب حتى وإن لم تكن إسرائيل طرفاً في هذه المحكمة ومصادقة على النظام الأساسي لها، ويكون ذلك في حال قام مجلس الأمن الدولي بإحالة هذه الجرائم للمحكمة على اعتبار أنها تمس الأمن والسلم الدوليين؛ حيث توجه الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية عدة مرات بهدف فتح تحقيق في جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضدهم وتحديداً في الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت في قطاع غزة عامي 2008م- 2009م، إلا أن الفلسطينيين قوبلوا بالرفض على اعتبار أن السلطة الفلسطينية آنذاك لم تكن دولة معترف بها لذلك لا يحق لها التقدم بهذا الطلب .
يرى الباحث أنه وبعد أن أصبحت فلسطين دولة معترف بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012م، أصبح باستطاعتها التوجه بتقديم طلب رسمي للمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبتها على الانتهاكات الجسمية التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، إلا أنها ما زالت ضعيفة وذلك لسببين؛ حيث أن المحكمة الجنائية الدولية لا تترافع عن القضايا بأثر رجعي، بمعنى أن جميع الانتهاكات التي قامت بها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في مرحلة ما قبل الدولة لن يتم النظر فيها ومن ضمنها الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة عام 2008م- 2009م هذا من جهة، ومن جهة أخرى تتعرض دولة فلسطين للعديد من التهديدات والضغوطات بسبب توجهها للمحكمة الجنائية الدولية من قبل الدول العظمى وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية التي تهدد القيادة الفلسطينية بقطع المساعدات والمعونات عنها، مما يجعلها تتراجع عن قرار التوجه للمحكمة في كل مرة.
ومن هنا يمكننا القول إن عملية ملاحقة الجرائم الإسرائيلية تواجهها العديد من العقبات والتحديات، سواء كانت جنائية أو مدنية، ومن هذه العقبات ما يلي :
1. عدم وجود قانون موحد لملاحقة الجرائم الدولية: وذلك بسبب الانقسام التشريعي وصدور قانون خاص في قطاع غزة غير مطبق في الضفة الغربية، وبدون قانون موحد صادر عن المجلس التشريعي موقع من رئيس السلطة الوطنية يحدد قواعدها وأحكامها.
2. الانقسام الداخلي الفلسطيني يعيق قدرة النظام القانوني على التدخل: حيث أن محاكمة قادة إسرائيل عن جرائمهم لا مستقبل لها في ظل الانقسام الذي أثر سلباً على وحدة الجهاز القضائي وعطل عمل المجلس التشريعي الفلسطيني.
3. ضعف القدرة القانونية والقضائية: فقلة الخبرة القانونية والقضائية تعتبر معيق داخل لا يمكن الاستهانة به؛ حيث أن العمل في مجال ملاحقة المهتمين بارتكاب جرائم دولية تحتاج إلى خبرات قانونية متعددة في مجال القانون الجنائي الدولي والقانون الدولي الإنساني، وغيرها.
4. ضعف القدرة المالية: تتطلب طبيعة التحقيق القضائي في الجرائم الدولية تعيين مختصين في هذا المجال واستقدام خبراء لتقديم الاستشارات المختلفة، كما تتطلب انتقال السلطات القضائية إلى مكان ارتكاب الجريمة لأجل إجراء الكشف والمعاينة وجمع المعلومات والدلائل وسماع الشهود، ويحتاج هذا الأمر إلى توفير مبالغ مالي طائلة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
5. نقص الوعي لدى ضحايا الجرائم الدولية: بدون معرفة الناس بحقوقهم يفقدون أصواتهم التي تمكنهم بالمطالبة بحقوقهم ومواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، فإدراك الحقوق تعتبر أداة مؤثرة للغاية يفتقر إليها ضحايا الجرائم الإسرائيلية.
ومن العقبات أيضاً ما يلي :
1. ضعف تنظيم التعاون القضائي الدولي: فغياب التعاون القضائي بين سلطات الدولة مكان ارتكاب الجريمة والدولة القائمة بالمتابعة برفض استقبالها للجان التحقيق خاصة عندما يتعلق التحقيق بالشخصيات الرسمية في أعلى مستويات الدولة.
2. تحكم الدول العظمى في مجلس الأمن: يعتبر التواطؤ العالمي والإقليمي على عدم استعمال الفلسطينيين حق الملاحقة الجنائية الدولية من الدول والمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن من أهم الأسباب التي تعرقل الفلسطينيين من الوصول إلى العدالة القضائية الجنائية الدولية، وتحديداً صلاحية مجلس الأمن في وقف التحقيق أو المحاكمة بدون سقف زمني بالإضافة إلى الهيمنة الإسرائيلية على صناع القرار على المستوى الدولي.


قائمة المصادر والمراجع

• د. عامر غسان فاخوري و د. عبد الله محمد أحجيلة. المسؤولية الدولية الناجمة عن انتهاك أحكام معاملة الأسرى" دراسة تطبيقية للحالة الفلسطينية الإسرائيلية"، مجلة الدراسات القضائية، عدد(5)، 2015.
• د. عبد القادر صابر جرادة وسامر موسى وآخرون، الولاية القضائية الفلسطينية الواقع وآفاق ملاحقة المجرمين الدوليين، مؤسسة الضمير، رام الله، 2013، ص12- 13.
• د. عبد القادر صابر جرادة، الإشكاليات القانونية لدى ملاحقة إسرائيل عن جرائمها في فلسطين، مجلة الإدارة والسياسية، عدد(1)، 2016، ص621.
• سامح خليل الوادية، المسؤولية الدولية عن جرائم الحرب الإسرائيلية، الطبعة الأولى، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، 2009، ص23.
• النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا