الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاج التعصب عند طلبة العلوم الدينية

أيمن عبد الخالق

2019 / 8 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


علاج التعصب عند طلبة العلوم الدينية
" حين نعلم الإنسان التفكير فإننا نحرره، وحين نلقنه فإننا نضمه للقطيع"
لايعني التعصب أبدا أن يتمسك الإنسان بمنهجه أورؤيته في الحياة، أو أن يلتزم بمبادئه وقيمه التي يؤمن بها ويناضل من أجلها، فهذا أمر طبيعي عندما يكون الإنسان صادقًا مع نفسه ومقتنعا برأيه، بل التعصب يعني فقدان الموضوعية وعدم مراعاة الإنصاف في التفكير والحوار، وعدم الإنصات إلى الرأي الاخر المؤدي إلى ازدراء الاخرين ونبذ المخالفين، بل قد يتصاعد الأمر إلى استعمال سائر أشكال العنف اللفظي والفيزيائي ضدهم، الأمر الذي يؤجج الفتن والصراعات، ويهدد الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي داخل المجتمع الواحد.
وليس منشأ التعصب هو مجرد الاعتقاد اليقيني كما يتوهم البعض من دعاة النسبية المطلقة والسفسطة، كما أنه ليس منشؤه الاعتقادات الغيبية غير المحسوسة كما يظن"أوجست كونت" الأب الروحي للوضعية المنطقية، ويطالبنا بأن نسد باب التفكير الفلسفي الإنساني، ونجعل عقولنا في أعيننا....بل المنشأ الحقيقي للتعصب ـ من وجهة نظري ـ هو الاعتقاد اليقيني اللاعقلاني غير القائم على التفكير العقلي المنطقي، بل القائم إما على التقليد العرفي للموروثات، أو التقليد الشخصي للأكابر داخل المجتمع، أو بعبارة أخرى هو اليقين الناشئ من العادات والتقاليد والأنس النفسي، لا من التفكير العقلي الحر.
وهذا هو السبب نفسه الذي أوقع أكثر طلبة العلوم الدينية من مختلف الأديان والمذاهب في مستنقع التعصب الديني، حيث إنهم قد توارثوا كغيرهم معتقداتهم الدينية من مجتمعاتهم المختلفة التي نشؤوا وترعرعوا فيها، وتأثروا بآراء علمائهم ومشايخهم، ثم التحقوا بمدارسهم الدينية، لا من أجل التحقيق والبحث العلمي الموضوعي عن الحقيقة، بل لكي يتعلموا أساليب البيان والجدل والاستدلال الصوري؛ من أجل الدفاع المستميت عما ورثوه من أفكار ومعتقدات بنحو تلقيني، فيكون حالهم كحال المحامي الذي لايدافع عن الحق، بل عن مصلحة موكله لاغير.
وقد كانت النتيجة دوما هي تعميق فجوة الاختلافات الدينية والمذهبية، وتمهيد الأرضية لظهور الخرافات والتطرف الديني، وتوسيع رقعة الصراعات الطائفية.
ومن أجل علاج هذه المشكلة العميقة من الجذور، ينبغي تصحيح المسار التعليمي والتربوي في الدراسات الدينية علي ضوء هذه الخطوط الكلية:
1. حسن اختيار العناصر الطلابية الصالحة للتعليم الديني من الناحيتين الذهنية والنفسية، بنحو يستبعد دخول العناصر البليدة أو المتطرفة أو المخرفة
2. عقلنة النظام التعليمي الديني، بتأصيل حاكمية العقل الإنساني على أجزاء المنهج الدراسي الديني
3. تقديم دراسة العلوم العقلية على النقلية
4. تطوير النظام الدراسي بإدخال العلوم الإنسانية الحديثة كعلمي النفس والاجتماع والانثربولوجيا وعلم الأديان والتاريخ المقارن، بالإضافة إلى علم اللسانيات والسيمانطيقا
5. تقوية وتطوير النظرة النقدية للتراث الديني الباعثة على الابداع والتجديد، بدلامن النظرة التقديسية الباعثة على التلقيد والتكرار والاجترار
6. الاهتمام بتنمية الجانب الأخلاقي والمعنوي والاجتماعي عند طلبة العلوم الدينية، بنحو يخرجهم من حالة الانغلاق الفكري والانزواء النفسي الى حالة الموضوعية والانفتاح على الاخرين
وهذه كلها بطبيعة الحال مجرد رؤوس أقلام على طريق إصلاح نظام التعليم الديني، وتحتاج إلى المزيد من التفاصيل وتكاتف الجهود الجادة والمخلصة من أجل تحقيق هذه الخطوة الإنسانية الحضارية الكبيرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة