الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانقلاب الوظيفي والقيمي لاثداء النساء!.(6)

ماجد الشمري

2019 / 8 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


وهناك طرحا او تفسيرا نوعيا اخر ينهض على سيكولوجيا اللاشعور،يستلهم نوستاليجيا ارتدادية جارفة،بتداعي نفسي متقهقر،وعودة الذكر الى عالم طفولته،وهو في ذروة استمتاعه بثدي الانثى،يستدعي حنينا رومانسيا لاواعيا لصدر الام،واحتضان ثديها،وامتصاص ماءه.اي:ان ذكر"نا "الناضج الرشيد،وهو يتعامل بتفاعل جنسي مع ثدي انثاه،يستحضر او يسقط صورا مضببة من اغوار سحيقة في لاشعوره ولزمن طفليته،وهو يلامس لحم امه الدافيء الحاني،فيتماهى مختلطا هنا الجنسي بالسايكولوجي،والذكرى الغائمة بالمخيلة النشطة الحاضرة،والمتمفصلة بتلك اللذة المشتركة للرجل الطفل،لذة الرضاعة واللمس والمص بين الشعور واللاشعور،فتتنافذ الازمنة وتتداخل ويسهل العبور بين الماضي والحاضر.وتتماهى او تتقارب صورة الام بصورة الشريكة الجنسية،وتنهار السدود بين التابو والمشروع،بين اللذة البايوسيكولوجية،وبين اللذة الجنسية الغريزية.هذا التفسير السايكو صوفي بين الانسلاخ والحلول، مظهر ومخبر هذه النشوة المزدوجة والمتداخلة هي فكرة ذكورية ،ومقتصرة على الذكر دون الانثى!.فنحن لانجد حنينا نوستاليجيا لاشعوريا عند الانثى لصدر امها،وثديها!.ولاتلك الرغبة المبهمة للعودة الى عالم الرضاعة المنطوي..فهل تلك الحالة خاصة بالذكر ولاتشمل الانثى؟!.الجواب هو:نعم-ان صح هذا التفسير النفسي-وهذا يثبت هشاشة هذا التعليل في تفسير مركزية الاثداء في جنسانية الرجل المعاصر.فلماذا الذكر وحده يملك تلك القابلية للارتداد والتداعي اللاشعوري النوستاليجي نحو تلك العلاقة الحميمة بالام وثديها،والانثى:لا اوعديمة وصماء عن ذلك التكوين او الميل النفسي المفترض؟!.
وايضا نجد تفسيرا اخر ينهض على نوع من مورفولوجية-شكلانية،-جماليةتربط اهتمام الذكر بالثدي الانثوي،وهذه المرة بهيئته وشكله الهندسي الدائري،فهو:كروي،واحيانا بيضوي،او محدب،مندلق،نافر،مندفع،صلب في لين،ولين بصلابة،هيكل متناسق من الجمال والاثارة-على العكس من الثديات التي تكون اثدائها قريبة من جهازها التناسلي،نجد اثداء الاناث البشرية في اعلى الصدر تزينه كرتان مميزتان كعنوان دال على الانثوية والنضوج والاستعداد للاخصاب او الفعل الجنسي-،ومن هناتلك السمة الراقية لشكل وجمالية الاثداء كمولد اساسي للرغبة الجنسية وتفعيل الشبق بحساسية بالغة التوتر والاستجابة.هذه الاثداء التي تبرز بتمرد ووقاحة خارج صدر الانثى متحدية،وباصرار تخاطب عيون الذكر بلغة الغريزة والحس الجمالي بشكلها الجاذب والمدهش،وبتلك النتوءات-الحلمات المتوفزة المنتصبة كبظر اخر اكبر،وكأنها عيون تشع بالرغبة،ومغناطيس ايروتيكي جاذب و مترع بالنداء والدعوة والترحيب!.ولكن هذا التفسير ايضا هو متهافت و غير كاف لتفسير هذه الظاهرة.لان الاثداء هي موجودة لدى الانثى البشرية المتطورة،وهي نفسها اليوم وقبل قرون لم تتغير او يتبدل شكلها ومظهرها الكروي البارز،فلم لم تفعل فعلها وتؤثر في غريزة وولع رجل الماضي،واثارت اهتمام،وهيجت رجلنا الحديث والمعاصر؟!.
لسنا في وارد استعراض اوعرض كل سرديات التفسيرات واسباب تعلق الرجل بالاثداء،،ولكننا نلاحظ مع ذلك عدم الالتفات او الاقتراب في التفسيرات من الاصل او السبب الرئيسي،والاكثر منطقية وصواب،وهو التفسير الثقافي لرجل الاثداء المعاصر، بالمعنى الواسع والذي يضم كل مظاهر الحداثة البرجوازية،واشكال التعبير في العلاقات الحميمة بين الجنسين،وانماط العيش المتقدمة والمختلفة عن عصور الرق والاقطاع البطرياركية.فدخول الاثداء الى العالم او المجال الجنسي هو حدث ثقافي صميم وفريد، وهو سلوكي واخلاقي وسايكولوجي واستهلاكي في ماهيته مرتبط بنمط النظام الرأسمالي،والتسليع والتشيء الذي شمل كل شيء،حتى العلاقات الجنسية الاكثر خصوصية،وتم ترويج الجسد الانثوي كسلعة في سوق الجنس المزدحم بالعرض والطلب المتصاعد،ودارت معها عجلة التنويع والابتكار في الاوضاع والاشكال والاستخدام لكل اعضاء جسد الانثى، وفي مقدمتها(الاثداء)كعنصر جديد مضاف ومنتقى في تضاريس ومراكز الاثارة في الجسد الانثوي لتوليد الغلمة والطلب!.فالثدي اذن هو عنصر مهيج للجنس،ولكنه مستحدث وليس قديم، عرضي وليس بنيوي، لذلك هو ظاهرة ثقافية حديثة وخالصة جدا،رافقت المدنية المدينية،وتحضر المجتمعات الصناعية المتطورة،والجنسانية البرجوازية الذكورية التي استغلت وامتهنت ووظفت جسد الانثى جنسيا وثقافيا،وسلعت الايروتيكا الشبقية كمصدر للربح وامتاع الرجل-الذكر البر جوازي باقصى مايمكن من تنويع ومضاعفة وتركيز واشباع الغرائز عبر الدعاية والاعلان والترويج البورني المستعر،وجعل الجسد الانثوي للمرأة عالم ودائرة كاملة من الجنس المتضخم-ولاشيء سواه-نحو آفاق وخيالات واوضاع وممارسات-غير مسبوقة-شاذه وغريبة ومدهشة في ابتداعاتها واضافاتها،وصلت لمستوى تصنيع اعضاء ودمى ونماذج واشكال بديلة عجيبة تجد لها سوقا واقبالا رائجا،والدخول لحقول غير مطروقة في الممارسات الجنسية -الصناعية وغير البايولوجية المنفلتة،والتي سأمت من كلاسيكيات الممارسات التقليدية المضجرة،وتطرفت حتى باستغلال الحيوانات الاليفة كبعد مسرف في التنويع والجدة لكسر الرتابة والملل من الجنس التقليدي،بتهتك برجوازي شنيع غير عقلاني ولا انساني في علاقة هي الاكثر عاطفية ورقة بين الجنسين.والسؤال:هل يمكن ان يكون هذا الانتفاخ المدور،هذا البروز النافر للثدي،وانتعاض الحلمات الوردية-القاتمة،هذا الانتصاب والصلابة للاثداء القضيبية هو الباعث المبهر والحديث للذكر،والذي يشد ويوتر غريزته وعقله ومخيلته ليخلق تلك الصورة الجنسية-الثقافية المهولة،والمغوية لجنسانية تتطلع لتوليد خيالات مبتكرة لاتنضب ولاتكف عن انتاج مزيدا من التداعيات والارتباطات الايروسية،وهي تجوس عبر الحواس المتلاطمة مخترقة الخيال الجنسي الهوامي،لتضع بصمتها في كل جغرافيا الجسد الانثوي؟!.لست داعية اخلاقيا ولاواعظا اومنافحا عن الفضيلة،ولابروكست صارم احدد مقاييس وابعاد وفق سريري النفسي- السلوكي،ولاادعو لمصادرة حق الجنسانية في بلوغ اقصى اشباع للرغبات والغرائز والحاجات الجنسية-النفسية للجنسين.فكل شيء مباح ومتاح للرجل والمرأة لبلوغ اعلى درجات وذرى الاوركازم دون عوائق او تابوات.ولكن لاعلى حساب حقوق الطفولة طبعا،فكرد فعل لاهتمام الرجل بالاثداء،كانت استجابة المرأة-الانثى الفورية لرجلها،واهملت دورها كأم مرضعة،واستعاضت عنه بالحليب الصناعي!.-من الطريف ان نذكر ان الاصابة بسرطان الثدي هو اندر عند المرضعات منه عند غير المرضعات،وكأن الطبيعة تنتقم من خرق سننها وانتهاك نظامها فتثأر لنفسها بامراض فتاكة!-.وماكان لدى الحيوانات قاطبة كغاية جينية طبيعية من ممارسة التناسل لاستمرار البقاء وخلق النوع المتجدد،وكانت اللذة عارضا ثانويا-فالغريزة هي محفز للجنس،وتمرير وتخليد للجين لااكثر-.انقلب لدى الانسان المتطور الى العكس!.فقد اصبحت الممارسة الجنسية هي الغاية والمبتغى والاصل،وامسى الانجاب ثانويا او عارضا هامشيا يحدث سهوا او باختيار!.فالجنس بات من اجل الجنس!.اما الحمل و الانجاب فقد استحدثت وسائل وطرق عديدة لمنعه او تجنبه ومنعه وحتى الغاءه بأستئصال اعضاءه،وتم نسيانه بحضور وجبروت وأثرة ونرجسية الجنس،كهدف اوحد مكرس لاشباع لايشبع!.ليس من غاية لهذا المقال سوى اثارة موضوع غير مفكر فيه وتسليط الضوء على ظاهرة محتجبة لايجري درسها او فهمها او كشفها وعرضها للتداول.اننا نبتعد عن حقيقتنا وجوهرنا الانساني بابتعادنا وانفصالنا عن طبيعتنا وفطرتنا واصولنا البايولوجية ككائنات حيوانية يحركها ويتحكم بها جيننا الاناني الساعي للخلود،ومن اجل ان يستمر خالدا يجب ان ننتجه ونغيد انتاجه ونمرره عبر الاجيال من الاجنة المخلقة.هذا هو الهدف الوحيد لوجودنا البايولوجي وصيرورتنا،اما ماخلا ذلك ،فكله ثقافة وافكار وخيال واوهام واساطير وابتكار غايات وخلق معنى يرضي نرجسيتنا ويدفع السأم او الملل ونسيان الاعتباطية في تلك الآلية البايولوجية العمياء-المبصرة،واضفاء معنى على مالامعنى له،وتجميل تاريخنا الطبيعي بخرافة تاريخنا الميتافيزيقي المفتعل والصاخب،يخلق احساسا بالراحة والطمأنينة،لاننا بشر مختارون ومتفوقون وانتاج الهي روحي-جسدي، واسياد على باقي الاحياء من الكائنات في كوكب قميء تافه صنعت منه الصدفة الكونيةالاعتباطية المجنونة جرما معتدا بنفسه ،وتصميم انسانه المغرور كمخلوق مقدس زعم انه خليفه ووكيل لمبدعه الاسمى!!!..
........................................................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس