الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-محدها تقاقي وهي تزيد في لبيض-

العياشي الدغمي

2019 / 8 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اليوم تأكدت مليار بالمئة -رغم- أني كنت متأكدا 100% أنو مكاينش معامن ..
أثناء عودتنا من الشاطئ بحثنا عن سيارة أجرة "TAXI" تقلنا مباشرة لوجهتنا بنسليمان .. إلا أننا لم نل ضالتنا .. فما كان أمامنا سوى أن نتكدس كالبطاطس داخل حافلة "طوبيس" تقل ما لا يقل عن ضعف الركاب الذين يمكنه الجلوس ... لقد كانت الأرجل تتداهس بعضها ببعض .. والروائح الزكية تتناثر أريجا في كل زاوية من زوايا "طوبيس" الممتلئ عن آخره .. لحد الآن لا يبدو هنالك من مشكل لأحد .. ما دامت هذه هي القاعدة التي تحكم واقع هؤلاء الناس .. بعد انطلاق الحافلة بصعوبة كبيرة تتمايل هنا وهناك .. كعجوز نال منها الزمن مناله .. بدأنا نتمايل معها كخليط متجانس لنفس المادة ... وإذاك بدأت الأصوات تتعالى وتزيد المكان جحيما وصخبا .. كان أغلب الركاب من الفتيان والمراهقين .. وبعض النساء والرجال .. وبعض الفتيات اللاتي يخطفن النظرات من هنا وهناك .. يبتسمن ثارة ويؤفئفن تارة أخرى ... تحركت غرائز المراهقين وبدأو في النهيق والصياح والتلفظ ببعض من المصطلحات "المقرفة-المقيتة" من قبيل :" واش آآ ... وفين آآ... وتشا ريح أساط " وما زاد الطين بلة هو تلك المناظر الجميلة لالتحام الأجساد :الطرية منها مع الخشنة، هنالك يتبادر لك الكم الهائل من الكبت الذي يعانيه هؤلاء الشباب والشابات والذي يعبر في آخر المطاف عن كبت مجتمعي ثقافي ضاربة جذوره في عقولهم وأثرت حتما عن عقولهم فجعلت منها مجرد أداة ثانوية ملغاة في قبضة الغريزة تفعل بها ما تشاء ... هنالك يلتصق جسد مراهق بمؤخرة فتاة يبدو أنها تكبره بسنوات عدة .. فتحال أن تتقدم لكن دون جدوى .. تلتفت إليه محاولة تحذيره من فعله الحيواني ذاك .. لكن من ردة فعل المراهق يتضح جليا أنه لم يفهم الرسالة .. تريد أن تتكلم لكن مبدأ "العار" يرغمها على الصمت .. فما كان لها من بد غير الدوران نصف دورة كاشفة فعلة المراهق .. الذي بدى قضيبه بارزا من تحت سرواله الصيفي القصير "شورط" الأمر الذي فجر ضحكات ساخبة من طرف كل من شاهد الحدث .. والأمر للأسف : كان يستحق العتاب بدل الضحك ...
يسير "طوبيس" متثاقلا .. وعند كل فرملة ولو خفيفة يزيد زخم السرعة مع وزن الحافلة من شدة التموج والتمايل الجسدي الذي أضحى يعبر عن تلاحم واحد لكثلة واحدة ... والأسوء أنها "الحافلة" كانت تقف عند كل محطة "بلاكة" لتجد مجموعة من الركاب الذين يبدو عليهم أنهم اكتووا بنار الانتظار ... "محدها تقاقي وهي تزيد في لبيض" هكذا قلت لصديقي حسنالغزوي في تعليق عما كان يفعله سائق الحافلة وهو يكدسنا تكديسا ... خرجنا من بوزنيقة .. فأخد الحافلة طريقها الغابوي متجهة لبنسليمان ... حينها انطلق صوت حاد جدا مؤذ لطبلة الأذن ناطقا " زدف ردف زدف ردف ؛ وهاي هاي جينا ولا تقولو ما جينا ، وليغيره صاحبه، ورا حنا كيما ها " فتعالت اصوات كل أفراد تلك الجماعة "لكليكة" ممن يجلسون بالكراسي الخلفية للحافلة والتي تقع فوق المحرك تماما مرددين مع تلك الأصداء التي كانت تنبعث من آلة موسيقية صفراء اللون يبدون أنها تتمتع باستقلالية طاقية مكنتها من تلويث صخب المكان وتزيده سوءا ... هكذا استمر الأمر لحوالي 15 دقيقة .. مرت علي كأنها دهر من الزمن ... فإذا بأحدهم يلكم الآخر لتتعالى الأصوات "عطي لمو ... أها آها هدا على خوك ..." فتدخلت فتاة تبدو في العشرينيات من عمرها محاولة فض الشجار قائلة لأحد المتصارعين وهو شاب في عقده الثاني : " حشوما اخويا شنو دار ليك باقي صغير " في حديث عن المراهق الآخر والذي بدا عليه الخوف نظرا لسنه الصغير في مواجهة العشريني ، فإذا به "الصغير" يردد "حمزة حمزة ؛ أرا ليا أخويا تعبئة باغيها ضروري " فما كان من حمزة صديقه يبدو، إلا أن مده هاتفه النقال الشخصي، أدخل الصغير رقم هاتف وما وبعد فتح الخط إذ به يقول " وخويا مصطفى، تسناني أخويا حدى جامع. ولبلاكة ديال جامع؛ راه بنادم "ربو" بدا يتصور عليا في طوبيس" مضيفا في صمت قاتل لباقي الركاب الذين أطلقوا العنان لآذانهم تتنصت على حوار "الصغير" مضيفا "وصافي امصطافى خويا تسناني .. بلاش ما تسولني فين كنت أنا جاي من لبحر في طوبيس" .. وبعدها ساد الصمت المطبق داخل الحافلة .. اللهم من نظرات جاحضة تصدر عن أعين تدور في جمجمة كل واحد واحدا ..
بعد حوالي النصف ساعة من السير .. وصلنا وأخيرا للوجهة بنسليمان .. الجميع يترقب ما سيحدث لاحقا ..
المحطة الأولى : نزل بعض الركاب فاسحين المجال لنسيم الريح الغابوي كي يطل علينا إطلالة العاشق الولهان ..
المحطة الثانية : تبعهم بعض الركاب الآخرين ..
المحطة الثالثة ؛ محطة جامع ... أحدهم ضخم البنية "صعصع" يرتدي قميسا رياضيا أبيض .. ينتظر عند المحطة كما أمر من طرف الصبي .. قبل وقوف الحافلة بلحظات يجري الصغير نحو الباب .. ليقفز منه والخافلة لم تتوقف بعد تماما ... يتوجه نحو "صعصع" ويشر إليه بإصبعه نحو الشاب العشريني الذي ضربه .. يتوجه نحوه "صعصع" ويمسكه من قميصه نحو العنق ... لاحظ سائق الحافلة الأمر فانطلق مسرعا ضاغطا عن دواسة الوقود إلى الأقصى ... فكانت تلك وجهتنا : المحطة الرابعة "لمارشي" ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست