الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جن وأشياء أخرى ..مقاربات وتأملات في الوعي والانسان .. !

مسَلم الكساسبة

2019 / 8 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مقاربة أولى :
لست هنا في معرض أن أقرر أو أؤكد هذا الذي سيرد هنا .. لكن بنفس الوقت فلا يوجد ما ينفي أن ما يجري على مسرح الحياة ليس صدفة او وليد ساعته بل مبرمج ومخطط له وجزء من هندسة اجتماعية مبنية على علوم السلوك وسواها .. تتذكرون فيلم جن إياه .

يعرف المتخصصون بعلوم السلوك "الاجتماع والنفس" ان كل نسق اجتماعي اقتصادي يفرز جملة من القيم والأعراف والعادات والتقاليد التي تخدمه وتتناغم معه فتسهل مهمة ووظيفة النسق في المجتمع وتسهل على المجتمع التعاطي مع النسق ذاته بالمقابل ..

فإذا أردنا أن نغير في نسق من الأنساق الاجتماعية الاقتصادية آو حتى إذا فرضت ظروف معينة تغيرات دراماتيكية في الأنساق الاجتماعية الاقتصادية فيتحتم هنا بدوره العبث بـ آو التغيير أو تسريع وتيرة التغيير في القيم التي كانت تخدم النسق المراد تغييره او الذي تغير فعلا بفعل بفعل عوامل أخرى لا إرادية مثلا .. والتي - أي تلك القيم - هي مثل الحجارة الصغيرة التي تسند الحائط (السنايد ) ، فإذا نزعناها من بين حجارة الحائط مال ثم تداعى ..

لكن وبنفس الوقت وبالتبادل فإذا كان الحائط قد تغير آو بدأ بالتغير فعلا بينما بقيت نفس السنايد متموضعة بأماكنها فإنها لاتعود تخدم الحائط الجديد ولا تقدم له التعزيز المرجو .. وأنا هنا لا أقرر أو ادعم بل اصف كيف يمكن أن يفكر من يهدفون لتلك الهندسة الاجتماعية ربما ..

بمعنى ؛ التغيرات الاجتماعية الاقتصادية عادة تحدث بشكل أسرع من التغيرات في الأنساق القيمية المرافقة لها ، لأن الأولى هي شؤون موضوعية تتغير بمعطيات وشروط موضوعية مثلها .. بينما الثانية شؤون نفسيه وجدانية تتغير ببطء شديد ، ما كان قابلا منها للتغير .. في حين بعضها الآخر ربما يرفض ولا يقبل التغير ، ما كان منها متعلقا بالأخلاق الجوهرية للإنسان كانسان ..

فالانتقال من النسق البدوي أو الريفي للمدني مثلا ..ومن العمل في الرعي والماشية أو الزراعة للعمل في التجارة والصناعة مثلا أيضا قد يحصل بقرار يتخذ بين عشية وضحاها ..

لكن الانتقال من الطابع والتقاليد البدوية أو الريفية للتقاليد المدنية لا يحصل بنفس السرعة .. لان الأمر هنا مرتبط بالسيكولوجيا أو الأمور النفسية الوجدانية بخلاف نمط الحياة المرتبط بمحددات موضوعية ..

فقد يقرر بدوي أن يبيع الماشية ويترك بيت الشعر او يقرر ريفي ان يبيع المزرعة ويترك العمل في الارض .. ويشتري شقة بالمدينة العاصمة بجزء من ثمنها ويشتغل بالتجارة بالباقي ..لكنه لا يستطيع أن يقرر بنفس السرعة أن يتخلي عن القيم البدوية بداخله حتى وان لم يعد اجتماعيا واقتصاديا بدوي ، حيث سكن المدينة واشتغل بالتجارة .. حتى وان كانت تلك القيم لا تواكب ولا تخدم حياته الجديدة .

بالتالي سواء كان ترويج أو محاولة للتطبيع مع بعض السلوكيات والتسامح بشأنها .. وسواء باتت تظهر وتتجلى بشكل صدف أو بوضعها الطبيعي في ظروفها وبنت لحظتها .. أو يتم ترويجها بشكل مخطط .. فلا يمنع من انه ربما يكون نوعا من التسريع في الانتقال لقيم تخدم نمطا اجتماعيا اقتصاديا يراد فرضه أو التسريع بالانتقال له أو التمهيد للانتقال له.. نمط قيمي أخلاقي ربما يكون مرسوما او متصورا سلفا .. مناسبا لمجتمع في ضائقة اقتصادية مثلا أو اقتصاده هش أو يتعرض لتحولات دراماتيكية في بناه وأنساقه الأساسية كما وضحنا سابقا .. ربما ؟ وربما بالتالي لمثل هذا يهدف من يمررون هكذا مشاهد .. وربما يريد من يمثل دور المخرج في الكواليس أن يقول أشياء ابعد من المشهد أو الموقف ذاته .. أقول ربما ..

جن وأشياء أخرى ..
------------

عن جن والفن كأحد أذرع وميكانيزمات هندسة التحول والتغيير الاجتماعي السياسي ومجساته .

قراءة مختلفة بمعالجة ومقاربة مختلفة .. مقاربة اولى .

التفكير 💭 بالمادة ومحاكمتها كفن وكفلم ترويج سياحي غير موفق هو تفكير "سذاجي" مسطح .. هكذا بصراحة ومن الآخر .

هندسة التغيير الاجتماعي الاقتصادي وربما السياسي تشتغل بالتوازي معا و بميكانيزمات واذرع وروافع عديدة .. بعضها تفحص بدقة أين وصل الشغل على الناس وما تم تمهيده من الأرض .. فترسل مجسات وقرون استشعار تشتغل إضافة لكونها مجسات أيضا كمعاول تغيير.. وهناك اذرع وأدوات تعي جيدا ما تصنع وما الخطوة التالية ومتى يطلق هذا البالون أو المجس أو ذاك.

تأتي بعدها مجسات تفحص هل مازال المجتمع يملك ، ليس فقط روحه الجمعية وحيويته وديناميكيته ومنابع مقدراته المعنوية والمادية وروافدها ومَصابّها.. والى أي حد هي بعد مهيوبة ومصانة .. ومعها بنفس القدر مفاهيمه وطريقة حياته ..الخ.. بل ما هو ابعد وأعمق ، ما الخطوة التالية والزرع لقادم وفقا لتحولات التربة المشتَغَل عليها أصلا .

ومن تلك الميكايزمات الخطيرة والمهمة هي الجوانب المعاشية الاقتصادية التي تنهنه الناس وتمهدهم لتأتي تراكتورات من أنواع شتى فتزرع ما تريد في ارض تكون ربما ملت تماسكها وزادت ملوحتها أو تسطحت وتشققت وبات همها من نوع آخر غير رفض النباتات الغريبة.

ما يجري لا يستبعد أن يكون جزء من هندسة تفكيكية بنائية بينما نحن نعالجه علي مستويات سطحية ساذجة و كمجرد فيلم خايب 🎦 أو عبث صبياني .. بينما هو يعالجنا ويطبخنا على مهل بشكل مختلف ويعرف جيدا ماذا يريد ولماذا يهدف .. والى أين يأخذنا..

وليس بالضرورة أن يعي ذلك ويقصده ـ بشكل تآمري مثلا ـ حتى الهيئة الملكية للأفلام أو سواها من فلاتر ..أو الفتيان الممثلين أنفسهم وأهاليهم .. أو حتى كثير ممن تناولوا الموضوع بشكل ساذج مُسَلّمين مسبقا انه مجرد فن ويُناقَشُ فقط من هذه الزاوية لا أبعد .. و كمجرد فلم وصفوه بالمُسِف ليس غير .. وانتهت الحكاية.. وهو فخ وقع الغالبية فيه أو أوقِعوا فيه . وهذا الكلام ليس مجازفة أو تهويل .. بل هو عين الحيطة والعمق في الطرح والتناول .

خذوا بعض أشكال التناول التسطيحي للمسألة كمثال :

يحتج البعض أننا نستخدم تلك الألفاظ البذيئة في أحاديثنا كل يوم وفي صفحاتنا فلماذا هذا التناقض والفصام برفضها في المادة المعروضة المسماة فيلما. .. يتساءل البعض ؟ أو يحتج البعض الآخر أن مشاهد اللز عـ الطور أو الجدار أو الشجرة تحصل كل يوم .. وكأن حصولها يعني تحويلها لفيلم وفن ..أو يستدعيه بالضرورة.

لكن ثمة أمر مهم هنا غاب عن البال .. أننا قد نستخدم كلمات ممجوجة في ظروف ضاغطة ونحن لها كارهون .. ولأنفسنا ولغيرنا ممن يستخدموها مُدينون .. ويبقى هو بمثابة ذم لتك الألفاظ التي نضطر لها في ظروف غير عادية وللتعبير عن السخط من ظروف سيئة .. ووفقا للاقتران الشرطي مثلا .. فاستخدامها وتوظيفها بهذا الشكل وفي تلك ظروف هو إشارة 📍 لسوئها وتنفير منها لا ترويج لها . حين أن توظيفها في الفن بالذات وبهذا الشكل مرتبطا بالقبل والمشاهد الساخنة فهو شان مختلف وله تأثير مختلف هنا ..انه أكثر من مجرد ترويج لها وتطبيع معها .

ويبقي كل احتمال وارد ما دمنا لا نعرف كيف ولا متى ولا لأي غرض تم تأليف هكذا مواد ولِمَ تروج بهذا الشكل وما الغرض أصلا من العمل كله ما دام لا يمكن تصنيفه كفلم آو فن فعلا
.. وكيف تسرب من فلاتر كثيرة .. ومن أمرها أن تصمت وتغرش ولا تفلتر ؟.وأسئلة كثيرة.
الخلاصة .. لا يوجد ما يمنع أن المسألة ابعد من مجرد كونها فنا لم يعجبكم ولا شي غير.
I
لست هنا في وارد ذم آو مدح توظيف الحب في الفن ..
ما أتحدث عنه شي آخر .. هو طريقة التوظيف والأهداف ومستوى التوظيف وأسلوبه وغموض المعنى والملابسات .. وغربة المحتوى عن الواقع .. وأصحاب المصلحة في الإنتاج والبث والتوقيت ودواعيه… الخ.


عن جن من جديد.. !
------------

من انتقدوا الفيلم الأخير "جن" .. لكل منهم فهمه ودوافعه المختلفة ولا يوضعون أو توضع آراءهم وموقفهم في سلة أو كفة واحدة .

أن يحتوي فيلم ما على مشاهد حب هو أمر ، لا أقول فقط لا اعتراض عليه .. بل جميل ومحبب .. نحن أصلا نعترض ونقاتل ضد الكراهية لا ضد الحب..

لكن هو السياق الذي يرد ويوظف ضمنه و به الحدث وليس الحدث ذاته .. ومن ثم شكل التوظيف .. وعلاقة المشهد الغرامي بالقصة والسياق ودلالاته … والأسلوب لذي يقدم به الحب بحيث إما يعطيه معنى الحب الذي هو ضد الكراهية .. أو هو يوظف ويستغل الحب كرشوة ليقدم لنا فكرة وصورة قميئة وسطحية منه هي مما يثير الغرائز ويعزف على وترها ..وفصده تمرير أفكار أخرى غير الحب لا تمت له بصِلة ؟ الخ

ربما أيضا ، من وجهة نظر أخرى ، انه إذا كان الحب نبل ورقة وتهذيب ورقي .. فمعناها أن الناس يتوقعون ممن يحبوا أن يكونوا مهذبين ويترفعوا عن كلمات أو حركات وسلوكيات من مثل التي وردت في السيناريو و السياق.

أيضا الهجوم المباغت للفيلم بهذا الشكل المباغت منتجا من شركة عالمية دون سابق معرفة أو تمهيد أو مناسبة .. وعدم توافقه كما بدا لهم .. أي للنظارة .. مع الأسباب المعلنة لإنتاجه وهو الترويج السياحي..

ويبقى النقاش والقبول والرفض والنقد حول أي عمل فني أو فكري أو أدبي من شأنه أن يؤثر بالمجتمع (أي العمل ) ، والأهم يقدم صورة ونموذجا قد لا يصف بشفافية واقع ذلك المجتمع ..هو أمر صحي وطبيعي بل واجب.

وأخيرا .. ( اللي بده يعمل جمّال بده يعلّي البوابة ..).

-------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ