الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين في المنظمات الدولية

عاصم البرقان
(Asem Al-burgan)

2019 / 8 / 18
السياسة والعلاقات الدولية


منذ حصول الصين (جمهورية الصين الشعبية) على عضويتها في الأمم المتحدة عام 1971 وحلولها مكان الجمهورية الصينية "تايوان"، اخذت المشاركة في المنظمات الدولية تحتل مكانة مهمة في سياستها الخارجية، حيث أنظمت الصين بعد ذلك إلى العديد من المنظمات الدولية وخاصة المنظمات الدولية المتخصصة في نظام الأمم المتحدة ومنها؛ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية. ‏وأزداد نشاط الصين في المنظمات الدولية منذ تولي الرئيس شي جين بينغ سلطاته عام 2013، حيث رفعت من مساهماتها المالية في تمويل نشاط العديد من المنظمات حتى أصبحت ثاني ممول للأمم المتحدة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وثالث ممول لمنظمة التجارة العالمية بعد الولايات المتحدة وألمانيا. وزادت كذلك من مساهمتها في رأس المال التأسيسي لصندوق النقد الدولي مما أنعكس على حجم أصواتها في الصندوق، وتشارك بنشاط في النقاش حول إصلاح منظمة التجارة العالمية، وتستخدم بشكل متزايد حق النقض في مجلس الأمن؛ ففي الفترة من 2011 وحتى 2019 استخدمته سبع مرات . كما وزادت من عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
‏وبالإضافة الى المنظمات الدولية العالمية يحتل نشاط المنظمات الدولية الإقليمية اهتمام خاص في السياسة الصينية، من مثل "منظمة شنغهاي للتعاون"، و"مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا"، ويتضح ذلك من خلال قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي عُقدت عام 2018 في تشينغداو، حيث عملت الصين على الترويج لها كبديل عن مجموعة السبعة، إضافة إلى المكانة التي حظي بها اجتماع "مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة" في شنغهاي عام 2014 والذي اقترح خلاله الرئيس الصيني بناء المنظومة الأمنية الآسيوية .
وفي الوقت نفسه عملت الصين على إنشاء مؤسسات دولية جديدة موازية للمنظمات التي اسستها الولايات المتحدة وبمشاركة الدول الصناعية المتقدمة الأخرى؛ ففي عام 2014 شرعت في أنشاء "البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية" لتمويل المشاريع في آسيا، والذي أنظم إليه العديد من دول الاتحاد الأوروبي وروسيا ودول جنوب شرق آسيا كأعضاء مؤسسين. وفي عام 2015 بادرت الصين لإنشاء "بنك التنمية الجديد" تحت اشراف دول البركس.
وتعتقد الصين أن منظمات النظام العالمي التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية كالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكذلك منظمة التجارة العالمية تتماها مع سياسات الولايات المتحدة والدول الغربية، وتؤكد على أنها غير ممثلة كما يجب في هذه المنظمات وبما يتناسب مع حجمها وإمكانيتها. وتعتقد كذلك أن قواعد عمل هذه المنظمات مثل اخضاع المساعدات المالية للمشروطية المتمثلة بالتغييرات السياسية، تحد من تطورها وتشكل عائقا أمام تنفيذ برنامج المئوية الذي أعلنه الرئيس الصيني والمتمثل في مضاعفة دخل الفرد من مستوى عام 2010 بحلول عام 2021، والوصل بالصين إلى مستوى الدول المتقدمة بحلول عام 2049.
وتستغل الصين مشاركتها في المنظمات الدولية لتوسيع دائرة حلفائها على المسرح الدولي بهدف تنفيذ اهداف سياستها الخارجية. وتعمل الصين وبعكس الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز التعاون متعدد الأطراف القائم على احترام تنوع الدول وعدم فرض حلول سياسية عليها. وتهدف هذه الأنشطة ليس فقط لدعم التنمية الاقتصادية في الصين، وإنما أيضا لتعزيز ونشر موقفها، على سبيل المثال بشأن تنظيم الإنترنت. وبفضل الدعم المقدم من قبل بعض الدول مثل روسيا وبعض الدول الإفريقية ودول جنوب شرق آسيا وكذلك نشاطاتها وبشكل رئيسي في الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، اصبح من السهل على الصين تجنب عواقب استخدامها للممارسات المثيرة للجدل مثل دعم المؤسسات الصناعية ‏في النقاشات الدائرة حول مستقبل منظمة التجارة العالمية. ويمكنها أيضا التخفيف من حدة الاتهامات الموجهة إليها بانتهاك حقوق الإنسان ويدل على ذلك التصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي مقره جنيف، ففي عام 2017 قدمت الصين مقترح قرار تم إقراره من قبل المجلس ربط التزام الدولة باحترام حقوق الإنسان بمستوى التنمية الاقتصادية حيث من بين الدول التي صوتت لصالح القرار السعودية ومصر والهند.
واكبر مثال على استغلال الصين لعضويتها في المنظمات الدولية يأتي موقفها في تقييد حرية العمل الدولية لتايوان منطلقة من مفهوم الصين الواحدة، ورفضها لأي تقارب لتايوان مع المنظمات الدولية كرفضها قبولها عضواً مراقباً في منظمات دولية مثل منظمة اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية حتى تحت تسمية تايبيه الصينية.
‏الصينيون في قيادة المنظمات الدولية
يقود مواطنو الصين العديد من المنظمات الدولية حيث يترأس الاتحاد الدولي للاتصالات هولين تشاو والدكتورة فانغ ليو تشغل منصب الأمين العام لمنظمة الطيران المدني الدولي ويقود المنظمة الدولية للمعايير تشانج شياو قانغ، وفي 23 حزيران 2019 تم انتخاب تشو دونغ يو مديراً عاما لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنذ عام 2013 يقود لي يونغ منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
ويمكن مقارنة عدد مواطني الصين بعدد مواطني الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة المنظمات الدولية . ‏ومن الصين تم اختيار نائب الأمين العام للأمم المتحدة، ووكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ليو زنمين اعتبارا من 26‏/7‏/2017، ونائب رئيس محكمة العدل الدولية (شوية هانكين). ووصل الصينيون إلى مناصب عليا في منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الجديد التابع الى مجموعة البركس وفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبالرغم من أن الموظفين الدوليين ملزمون بالحيادية إلا أنهم في الواقع يدعمون تنفيذ السياسة الخارجية الصينية. ويمكن القول أنه يتم التعامل مع الترشيح لمنصب دولي من قبل الدولة الصينية كموقع ورتبة أعلى في السلم الوظيفي الذي يتحكم به الحزب الشيوعي الصيني. والدليل على ما ذهبنا إليه أعلان (وو هونغ بو) وكيل الأمين العام للامم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الفترة من 2012 الى 2017 بأنه إعطى أولوية لمصالح الصين، وأنه منع ممثل عن مؤتمر الأيغور العالمي المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة.ومتحدث (تشاو هلين) مرارا و بشكل إيجابي على إمكانيات البنية التحتية لشركة هواوي في مجال الجيل الخامس وأتهم الولايات المتحدة الامريكية بالدوافع السياسية في أستهداف هذه الشركة. وبعد فترة وجيزة من تولية (فانغ ليو) إدارة منظمة الطيران المدني الدولي في عام 2015 وافقت المنظمة على خطوط جوية دولية جديدة فوق مضيق تايوان وهو ما كانت قد طالبت به الصين سابقا واحتجت عليه تايوان بحجة تهديدها لأمنها وانتهىكها لسيادتها. ويدل مثل (مينغ هونغوي) والذي جمع منصب رئيس الانتربول ونائب وزير الأمن العام للصين، ‏أن فقدان الثقة من جانب السلطات الصينية تم أقالته فورا ومن ثم اعتقاله واتهامه بالفساد وعصيان الحزب.
ان أحجام الولايات المتحدة عن المشاركة الفعالة في الدبلوماسية متعددة الأطراف كما هي المنظمات الدولية من خلال انسحابها من بعضها؛ مثل انسحابها من الشراكة العابرة للمحيط الهادي، وكذلك من اليونيسكو يقود إلى أن الصين تحاول أن تملئ الفراغ، وستقوم بعض البلدان التي ترى في الدبلوماسية متعددة الأطراف مصلحة وطنية بدعم المبادرات الصينية كمصر او باكستان او كمبوديا. ومن المتوقع أن تتطور اكثر وتنمو مشاركة الصين في المنظمات الدولية وينمو معها تأثيرها على هذه المنظمات، ويعود ذلك في المقام الأول إلى أن المنظمات الدولية تشكل منتدى للتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكن الصين وبدعم من شركائها الى الترويج لسياساتها ومصالحها، ومن هنا ستواصل الصين تعزيز تولي مواطنيها مناصب دولية، وستطالبهم في تحقيق مصالح الدولة الصينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة